تتباين رؤى مسؤولين أمنيين إسرائيليين سابقين بشأن كيفية معالجة الفوضى المتزايدة في شمال قطاع غزة، غير أن كثيرين، يتفقون على أن افتقار رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، إلى خطة عملية لكيفية حكم القطاع يجعل من المستحيل رسم طريق نحو مستقبل أكثر استقرارا، وفقا لتقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".

وذكرت الصحيفة الأميركية، أن نتانياهو وضع خطة غامضة تدعو إلى السيطرة الأمنية الإسرائيلية على غزة بعد الحرب، كما رفض بشكل قاطع الدعوات الأميركية لإقامة سلطة فلسطينية شاملة – والتي تتمتع الآن بسلطات حكم محدودة في الضفة الغربية – من أجل إدارة  القطاع.

ودعا بعض السياسيين والمسؤولين العسكريين الإسرائيليين المتقاعدين سلطات بلادهم إلى احتلال غزة بشكل مؤقت على الأقل، إلا أن هذا الإجراء يلقى معارضة واسعة من المجتمع الدولي، ومن شأنه أن يضع قيودا هائلة على حريات الفلسطينيين، كما أن كيفية مواجهة حماس والفصائل الأخرى لهذا الاحتلال، قد تشكل أيضا تحديا أمنيا كبيرا للقوات الإسرائيلية.

"خطأ فادح"

ويقول مسؤولون سابقون في إسرائيل، إن على نتانياهو أن يشكل  الآن هيئة حكم في المناطق التي انسحب منها الجيش "من أجل منع حماس من إعادة تشكيل نفسها ومنع الفوضى من الانتشار".

كما يؤكدون في تصريحاتهم للصحيفة، أن "من المرجح أن تستمر إسرائيل في العودة إلى الأجزاء التي تركتها في غزة لمحاربة نشطاء حماس المنبعثين من جديد في تلك المناطق"، لكنهم قالوا إنه بـ"دون خطة أكثر شمولاً، سيُترك الجنود الإسرائيليون يخوضون حرب استنزاف طويلة الأمد".

وقال الجنرال غادي شامني، القائد السابق لـ"فرقة غزة" بالجيش الإسرائيلي، "إنه خطأ فادح" عدم وجود خطة لحكم القطاع الآن.

وأضاف "قد يستغرق الأمر أشهرا أو حتى سنوات لإيجاد بديل ناجح، لكننا بحاجة إلى البدء في تحريك الأمور في هذا الاتجاه"، مشيرا "سنواصل القيام بهذه العمليات ذهابا وإيابا لفترة أطول بكثير من اللازم".

وفي فبراير  الماضي، دعا نتانياهو إلى فرض سيطرة عسكرية إسرائيلية على غزة، وإلى اعتماد "إدارة الشؤون المدنية وإنفاذ النظام العام" على "مسؤوليين محليين ذوي خبرة إدارية".

وفسر العديد من الخبراء الخطة على أنها محاولة للمماطلة عوض اتخاذ إجراءات جدية.

وقال الجنرال شامني، إن موقف رئيس الوزراء يعكس عدم رغبته في السماح للسلطة الفلسطينية بتولي الحكم في غزة، في ظل ائتلافه الحكومي الذي يضم أعضاء متشددين يعارضون تطلعات السلطة لإقامة دولة فلسطينية.

واعتبر الجنرال الإسرائيلي، أن "الأهم بالنسبة لنتانياهو هو نجاته سياسيا".

"الحل الصعب"

وجادل مسؤولون إسرائيليون متقاعدون آخرون بأن السلطة الفلسطينية "أضعف من أن تحكم غزة"، لكنهم اتفقوا في المقابل على أن الوضع الراهن المتمثل في ترك المناطق غير الخاضعة للحكم لا ينبغي أن يستمر.

وتحدث بعضهم، بأن على إسرائيل أن تحتل غزة بالكامل أولا ثم تحاول بعد ذلك تقديم هيئة حكم بديلة.

وقال مايكل ميلشتين، ضابط المخابرات العسكرية الإسرائيلية السابق، إن العملية العسكرية الإسرائيلية الجديدة على مستشفى الشفاء هذا الأسبوع، أظهرت الحاجة إلى وجود أمني إسرائيلي أكبر في الشمال.

وتابع: "الناس يتساءلون: ألم نقم بتنظيف الشفاء بالفعل؟، مشيرا أن الجواب هو "أننا لم نفعل ذلك كما يجب.. إذا لم تبقوا هناك، في غضون خمس دقائق، سيعودون"، في إشارة إلى حماس.

وقد أدانت وزارة الصحة في غزة الغارة الإسرائيلية ووصفتها بأنها "جريمة ضد المؤسسات الصحية".

وأعربت المنظمات الإنسانية عن قلقها بشأن الوضع في المجمع، الذي كان، إلى جانب المنطقة المحيطة به، يؤوي 30 ألف مريض وعامل طبي ومدنيين نازحين. ووصف شهود عيان مشاهد مرعبة خلال المداهمة.

وقالت إسرائيل، إنها اعتقلت عشرات الأشخاص وقتلت العشرات من المسلحين، في حين زعمت حماس أنها تسببت في "قتلى وجرحى" للقوات الإسرائيلية.

وذكرت الصحيفة، أن احتلال غزة بشكل كامل سيتطلب من إسرائيل زيادة قواتها في غزة وتخصيص المزيد من الموارد لتقديم الخدمات للفلسطينيين. كما أنه سيتحدى الدعوات الدولية لها، بما في ذلك الدعوات التي وجهها الرئيس بايدن، بعدم اتخاذ مثل هذا الإجراء.

وبالنسبة للفلسطينيين، فإن ذلك يعني أن الجيش الإسرائيلي سيظل مسيطرا بشكل كامل على مدن غزة ونقاط الدخول والخروج.

ومن المرجح أن تعاني حماس في ظل هذا السيناريو مع وجود مجال أقل للمناورة لأن الجنود الإسرائيليين سيكونون قادرين على تضييق الخناق على المجموعة بسهولة أكبر، ولكن الصحيفة ترجح أيضا أن تقوم الحركة بتمرد في ظل هذا السيناريو.

وقال ميلشتين، إن بسط السيطرة الإسرائيلية الكاملة على غزة "هو السبيل الوحيد لتمهيد الطريق أمام كيان آخر لتولي المسؤولية".

وتابع: "لا نحتاج إلى المزيد والمزيد من العمليات المحدودة في غزة، نحن بحاجة إلى احتلال المنطقة بأكملها، وبعد ذلك فقط يمكننا بناء ترتيب جديد".

واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر عقب هجوم شنته حماس على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1160 شخصا، معظمهم مدنيون، وبينهم أطفال ونساء، حسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

وتقدر إسرائيل أن نحو 130 رهينة ما زالوا مختطفين في غزة، من بينهم 33 يعتقد أنهم لقوا حتفهم، من بين نحو 250 شخصا اختطفوا في هجوم حماس.

وردت إسرائيل بحملة قصف مركز أتبعتها بهجوم بري واسع، ما أسفر عن مقتل 31923 شخصا وإصابة 74096 بجروح، غالبيتهم من المدنيين وبينهم أطفال ونساء، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.

وبعد مرور أكثر من خمسة أشهر على اندلاع الحرب، لا تتوقف هيئات الإغاثة والأمم المتحدة عن تكرار تحذيراتها من خطر المجاعة في قطاع وصفه مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، بأنه "مقبرة مفتوحة".

وقالت الأمم المتحدة، الثلاثاء، إن القيود الصارمة جدا التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات إلى القطاع واحتمال استخدامها التجويع كسلاح، "يمكن أن تشكل جريمة حرب".

 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی غزة

إقرأ أيضاً:

تقرير: إسرائيل ستنتقل للمرحلة الثالثة من حربها على غزة خلال شهر يوليو

قالت هيئة البث الإسرائيلية إن القيادة السياسية في تل أبيب أعطت ضوءا أخضر للقيادة العسكرية لإنهاء المرحلة الحالية من الحرب على غزة والانتقال تدريجيا خلال هذا الشهر للمرحلة الثالثة.

وأفادت القناة العبرية بأن الجيش الإسرائيلي يعتزم الإبقاء على قواته منتشرة في محور فيلادلفيا في المنطقة الحدودية الفلسطينية المصرية جنوبي قطاع غزة، وكذلك في "ممر نتساريم" الذي يفصل الجيش من خلاله المناطق الشمالية من قطاع غزة عن المناطق الجنوبية.

إقرأ المزيد "بيلد": إسرائيل قد تشن حربا ضد حزب الله في جنوب لبنان خلال الشهر الجاري

وسبق أن أشارت القوات الإسرائيلية إلى أن عمليتها في رفح التي تهدف إلى القضاء على حماس تقترب من نهايتها.

وذكرت القناة أن المسؤولين أكدوا أنه بعد انتهاء المرحلة المكثفة من الحرب ستركز القوات على عمليات أصغر نطاقا تهدف إلى منع حماس من إعادة ترتيب صفوفها وذلك عبر شن عمليات اقتحام ومداهمة وانتشار مركزة مصحوبة بهجمات جوية.

وأشارت "كان 11"، نقلا عن مصادر مطلعة على المداولات بين المستويين السياسي والعسكري، إلى أن القيادة السياسية في إسرائيل صادقت على "الانتقال تدريجيا إلى المرحلة الثالثة من الحرب خلال شهر يوليو الجاري"، موضحة أن العملية الانتقالية نفسها ستكون مرتبطة بالمفاوضات لإطلاق سراح الرهائن والمفاوضات مع حزب الله في لبنان.

وفي وقت سابق صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن الجيش يتقدم نحو نهاية مرحلة القضاء على جيش حماس في تعبير عن قرب القضاء على القدرات العسكرية لـ"كتائب القسام" الجناح العسكرية للحركة.

المصدر: هيئة البث الإسرائيلية

مقالات مشابهة

  • مسؤول إسرائيلي: حماس تواصل إصرارها على بند أساسي في مقترح الصفقة
  • رفض عشائري لإدارة قطاع غزة.. وعجز إسرائيلي عن إيجاد بديل لحماس
  • NYT: المقاومة في الضفة الغربية تسعى إلى محاكاة حماس في غزة
  • كبار جنرالات إسرائيل يريدون وقف حرب غزة حتى لو بقيت حماس
  • صحيفة أمريكية: قطاع غزة يشهد حالة من الفوضى بعد مرور تسعة أشهر من الحرب الإسرائيلية
  • تقرير: إسرائيل ستنتقل للمرحلة الثالثة من حربها على غزة خلال شهر يوليو
  • سموتريتش: الحكم العسكري الحل الوحيد لاحتلال غزة ومنع عودة حماس
  • إسرائيل تطلق سراح مدير مستشفى الشفاء وآخرين اعتقلوا أثناء الحرب
  • إسرائيل تطلق سراح مدير مستشفى الشفاء وعددا من المعتقلين أثناء الحرب
  • الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض 20 مقذوفا أُطلقت من غزة