هل ترغب مصر في إعادة أخوان السودان للمشهد مرة أخرى؟
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
هل أصبحت عودة الإخوان المسلمين للسودان حتمية، وهل ستكون عودتهم أحد السيناريوهات المطروحة في ظل التطورات السياسية والظروف التي أفرزها واقع حرب الخامس عشر من أبريل بين الجيش والدعم السريع، وهل هناك مؤشرات إقليمية أو دولية لقبول التطبيع مع إسلامي السودان؟
التغيير: كمبالا: سارة تاج لسر
فتحت تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال لقائه مبعوث واشنطن الخاص للسودان توم بيرييلو، باب الأسئلة الأكثر إلحاحاً بشأن، احتمالية عودة الإخوان المسلمين إلى المشهد السياسي، بعد اقتلاع نظام حكمهم الشمولي الذي استمر 30 عاماً، بثورة شعبية تفجرت في ديسمبر 2018.
فقد تحدث الرجل الذي استقبلت بلاده أكثر من 450 ألف سوداني، منذ بداية الحرب، عن أهمية التعامل مع النزاع في السودان باعتباره شأناً سودانياً خالصاً، وعدم تدخل أي أطراف خارجية في الأزمة بشكل يعيق جهود احتوائها، قبل أن يؤكد أهمية أن تشمل أي عملية سياسية مستقبلية كافة الأطراف الوطنية الفاعلة على الساحة الداخلية السودانية.
وعلى ما يبدو، فإن “كافة الأطراف” التي يقصدها المسؤول المصري، ربما تشمل إسلامي السودان، وحلفاءهم، رغم أن هذا الاتجاه يتقاطع مع توجه البيت الأبيض، حيث أشار، مبعوثه الخاص في مقابلة مع الإذاعة الوطنية الأميركية، إلى أن “جنرالات الحرب” وداعميهم من المتشددين يقودون السودان وسكانه إلى مصير “مروع” ستكون له تأثيرات بالغة الخطورة على المنطقة ككل.
وأضاف: “نشهد عودة الفصائل المتشددة التي رأينا السودان يقضي وقتاً طويلاً في القضاء عليها لاستعادة نوع الديمقراطية التي أرادها الناس”.
الفصائل المتشددة أو الإخوان المعارضون لعملية الانتقال، تلاحقهم الاتهامات بإشعال حرب السودان التي اقتربت مع عامها الأول، وما يعزز تلك المزاعم، هو مقاطع الفيديو التي تظهر، مشاركة منسوبي الحركة الإسلامية في القتال مع الجيش أبرزهم “كتيبة البراء” و”قوات العمل الخاص”. فضلاً عن تصريحات أمين الحركة الإسلامية على كرتي (المدرج في قائمة العقوبات الأمريكية)، الرافضة لهدنة مجلس الأمن الدولي في شهر رمضان التي تقطع الشك بتغلغل الإخوان في القوات المسلحة والتحكم في مفاصل قرارها.
ما أفصح عنه مساعد قائد الجيش، ياسر العطا، قبل أيام، عن رفض المؤسسة العسكرية، تسليم السلطة، للقوى المدنية دون انتخابات، وأن الفترة الانتقالية التي تعقب الحرب ستكون تحت إشراف البرهان، يعبر بوضوح وصراحة بأن اللجنة الأمنية السابقة في نظام البشير والمحسوبة على الإسلاميين لن توقف الحرب، ولن تسلم السلطة، إلا بعد ضمان مشاركتهم في التسوية القادمة، كما يقول الخبير والمحلل السياسي خالد محي الدين.
سقوط الأقنعة
ويوضح في تسجيل صوتي، إلى أن إن ما ذكره العطا من الوضوح بمكان. ويقول: “لا أظن أن القوى السياسية غافلة عن هذه الحقائق” وتابع ” لقد تكشف الصراع ، عساكر الحركة الإسلامية سيعرقلون إنهاء القتال، ولن يدخلوا في تفاوض لا يضمن أمنهم وسلامتهم ومكتسابتهم، وبمعنى آخر، لا حل سياسي يتجاوزهم.
عساكر الحركة الإسلامية سيعرقلون إنهاء القتال، ولن يدخلوا في تفاوض لا يضمن أمنهم وسلامتهم ومكتسابتهم، وبمعنى آخر، لا حل سياسي يتجاوزهم
ويشير محي الدين، إلى ما يتردد بشأن صفقات تجري وتطبخ وحلول وطلب حضور لرئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” عبدالله حمدوك، للقاهرة وحضور نائب قائد الجيش الفريق شمس الدين كباشي، ونائب قائد الدعم السريع عبدالرحيم دقلو، لاستكمال ما اُتفق عليه في العاصمة البحرينية_ المنامة_ يوحي بأن مصر السيسي، تقف على مسافة واحدة من الأطراف جميعهم، وأن الخيار المطروح والصفقة التي تتبناها القاهرة -إن صحت_ هي محاولة، مصالحة العسكر واعتبار الإخوان جزءا لا يتجزأ من المستقبل السياسي.
ويؤكد المحلل السياسي، أن هذا التيار ليس مطروحاً في الجارة الشمالية فقط، وإنما مطروح كذلك حتى داخل القوى المدنية، دون أن يسميها.
ويشير إلى أن المدنيين أمام خيارين فقط، إما التطبيع مع الإخوان أو كسر بندقية الحركة الإسلامية، لا سيما وأن السودان أصبح الآن ساحة لتصفية الحسابات والمعارك الدولية، فالإسلاميون هم من أخرج البرهان من القيادة العامة بالخرطوم، وهم المشرفون على المسيرات الإيرانية، والحرس الثوري في قاعدة وادي سيدنا العسكرية على حد قوله.
المستشار السياسي لحركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي سيف الدين عيسى، في حديثه مع «التغيير» يرى من المنطق أن تشمل العملية السياسية كل القوى السياسية الرافضة للحرب والداعية إلى بناء دولة ديمقراطية يتساوى فيه كل الشعب السوداني، باستثناء، المتورطين في إشعالها، ويؤكد عيسى رفضهم القاطع لأي خطوة في هذا الصدد، وقال” لا مكان للمؤتمر الوطني المحلول في أي عملية سياسية قادمة، وعلى الوزير المصري أن يفهم جيدا، كما أن الإسلاميين في مصر غير مرغوب، فيهم، هم أيضا غير مقبول بهم في السودان، ومكانهم السجون تحقيقا للعدالة بسبب جرمهم.
ووفقاً لرأي القيادي بحزب المؤتمر السوداني، مهدي رابح، فإن مصر، تبدو، متنازعة بين خطها الاستراتيجي الثابت منذ تجاه السودان القدم وهو الإبقاء على سودان ضعيف يحكمه جنرال تحت سيطرتها يضمن لها حماية حصتها في مياه النيل، ويوفر لها فرصة لتحقيق مصالح اقتصادية كبيرة بما يمتلكه من موارد مهولة وعصية على الحصر، وبين فقدانها للثقة بقدرة البرهان، تحقيق ذلك، لأسباب عديدة على رأسها فشله العسكري، وضعفه تجاه نفوذ الإسلامويين.
وتابع: إلى جانب خطورة انهيار الوضع على استقرار مصر وراجحية أن يؤدي تطاول أمد الحرب إلى ظهور بؤر للجماعات الإسلامية العابرة للحدود، والتي تهدد أمنها الداخلي واستقرارها السياسي والإقليمي بصورة مباشرة، الإقليمي، فضلاً عن علاقاتها الاستراتيجية بتل أبيب.
مصر تسعى لإغراق الصف المدني بوكلاء يمكن السيطرة عليهم واستخدامهم في رسم مستقبل البلاد بعد الحرب
ويشير رابح، إلى أن الخيار أصبح أمام مصر، ليس دعماً للمؤتمر الوطني، برغم ما قدمته بعض عناصره المؤثرة من خدمات، على رأسهم مدير جهاز الأمن الأسبق في نظام البشير، صلاح قوش، لكن إغراق الصف المدني بوكلاء يمكن السيطرة عليهم واستخدامهم في تشكيل مستقبل البلاد ما بعد الحرب، وتشكيل جيش جديد تابع يقوده جنرالات جدد أو “قدامي” حاكمين، ويمكن السيطرة عليهم كما تشاء القاهرة.
وأكد رابح أن مصر دولة مؤثرة جداً على اتجاه الأحداث في السودان، لكن لن تجد مخرجاً آمناً من الأزمة الراهنة، ما لم تستوعب أن نجاحها وتقدمها من نجاح جارها الجنوبي واستقراره.
وأشار إلى أن السودان بكل التناقضات التي يحتويها وتاريخه الدامي وهشاشة نسيجه المجتمعي لا يمكن أن يستقر بإعادة إنتاج نظام الحكم في مصر أو عبر جنرالات تابعين لها، بل بترسيخ دعائم نظام حكم مدني ديموقراطي يعبر عن الجميع.
الوسومآثار الحرب في السودان الأخوان المسلمون الجيش الدعم السريع حرب الجيش والدعم السريع عبد الفتاح السيسي مصرالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان الأخوان المسلمون الجيش الدعم السريع حرب الجيش والدعم السريع عبد الفتاح السيسي مصر الحرکة الإسلامیة فی السودان إلى أن
إقرأ أيضاً:
حرب السودان.. جهود دولية إنسانية دون حل في الأفق
مع استمرار الحرب في السودان تزداد معاناة ملايين المدنيين من انعدام الأمن الغذائي، بينما لا تلوح في الأفق أي مؤشرات لحل سياسي ينهي القتال الدائر في البلاد منذ 15 أبريل 2023.
التغيير ــ وكالات
الدبلوماسي الأميركي السابق ومدير الشؤون الأفريقية الأسبق في مجلس الأمن القومي، كاميرون هدسون أكد أنه لا يوجد مؤشرات تلوح في الآفق بشأن اتفاق للتهدئة في السودان.
ويرى أن تركيز الجهود الدولية حاليا يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية، ولا جهود تتعلق بالعملية السياسية في السودان، مشيرا إلى أن مساعي واشنطن في جمع الأطراف المتحاربة في السودان لم تنجح.
أوضح هدسون أنه تم فرض عقوبات على بعض الأفراد في قوات الدعم السريع، والتي لم تكن فعالة لتغيير سلوكيات هذه القوات، وفي الوقت الذي ظهرت فيه دلائل على تقديم دولة الإمارات لأسلحة في السودان إلا أن واشنطن لم تتحدث بصرامة معها بهذا الشأن، تم الاكتفاء بنفي أبو ظبي إرسال أسلحة، وهذا يعني أن الولايات المتحدة تفضل علاقاتها مع الإمارات وإن كان ذلك على حساب مقتل العديد من المدنيين في السودان.
وقال هدسون إن رد وكالات الأمم المتحدة لم يكن كافيا في السودان، وهذا يعود للتمويل وللأولويات التي تفرضها الدول الأعضاء على المشهد، إذ أنها لا تحظى بذات الأولوية مثل ما يحدث في حرب أوكرانيا، أو حرب إسرائيل في غزة.
وتسيطر قوات الدعم السريع بشكل شبه كامل على إقليم دارفور ومساحات واسعة من منطقة جنوب كردفان ومعظم وسط السودان، بينما يسيطر الجيش النظامي على شمال وشرق البلاد.
وحتى الآن، لم يتمكن أي من المعسكرين من السيطرة على كامل العاصمة الخرطوم التي تبعد ألف كيلومتر شرق مدينة الفاشر.
وأودت الحرب بحياة عشرات الآلاف وشردت أكثر من 11 مليون شخص وتسببت بما تعتبره الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في الذاكرة الحديثة.
ويتهم الجيش وقوات الدعم السريع باستهداف المدنيين والمرافق الطبية بشكل عشوائي، وبقصف مناطق سكنية عمدا.
ملايين السودانيين اضطروا للنزوح بسبب القتال الجاري في البلاد منذ أبريل 2023
مع استمرار الحرب في السودان تزداد معاناة ملايين المدنيين من انعدام الأمن الغذائي، بينما لا تلوح في الأفق أي مؤشرات لحل سياسي ينهي القتال الدائر في البلاد منذ 15 أبريل 2023.
الدبلوماسي الأميركي السابق ومدير الشؤون الأفريقية الأسبق في مجلس الأمن القومي، كاميرون هدسون أكد أنه لا يوجد مؤشرات تلوح في الآفق بشأن اتفاق للتهدئة في السودان.
ويرى أن تركيز الجهود الدولية حاليا يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية، ولا جهود تتعلق بالعملية السياسية في السودان، مشيرا إلى أن مساعي واشنطن في جمع الأطراف المتحاربة في السودان لم تنجح.
وأعلنت واشنطن الخميس عن تخصيصها مبلغا إضافيا بقيمة 200 مليون دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان، ليرتفع بذلك إجمالي المساعدات الأميركية إلى 2.3 مليار دولار.
وأضاف هدسون أن واشنطن أيضا لم تنجح في وضع حدود للقوى الدولية التي تغذي الصراع في السودان، لافتا إلى أن الولايات المتحدة “في وضع صعب” فيما يتعلق بالتعامل مع الأزمة في السودان، خاصة مع تبقي شهر واحد لإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن.
ولا يعتقد أن الأزمة في السودان تتصدر أولويات إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب.
منذ أبريل 2023، يشهد السودان حربا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب حميدتي.
وقال هدسون إن تقديم المساعدات لوحدها للسودان غير كافية، ولكن ما نحتاج إليه هناك هو حل سياسي للأزمة، مشيرا إلى أن واشنطن لم تستخدم كل الأدوات المتاحة لها للضغط في هذا الإطار، إذ لم تفرض عقوبات، ولم يتم إيقاف تغذية الصراع من قوى إقليمية.
والخميس، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن السودان قد يشهد أكبر مجاعة في التاريخ الحديث، مع 1.7 مليون شخص في البلد إما يعانون الجوع أو هم معرضون له، إضافة إلى ذلك، يعاني حوالي 26 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي في البلد.
الوسومأزمة إنسانية الحرب جهود دولية حل سياسي