الحرب الحالية هي حرب الجيش السوداني اولا وليس الحركة الإسلامية: مسببات وتداعيات تحميل بقايا المؤتمر الوطني الوزر الرئيسي للحرب
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
د. عبد المنعم مختار
استاذ جامعي متخصص في السياسات الصحية القائمة على الأدلة العلمية
القراءة المدققة للماضي والحاضر تؤكد ان الجيش السوداني لم يكن يوما شريك اصغر في أي انقلاب عسكري أو حكم شمولي او حكم انتقالي. هذا الجيش، كمؤسسة وكقيادات، له مصالح وطموحات سياسية وهو أقوى واقدم مؤسسة وقادته ليسوا تبع ولا سذج.
عمد الجيش السوداني وقادة الانقلابات من جنرالاته عدة مرات على تغيير المدنيين المتحالفين معهم أثناء حكمهم وذلك عند تضارب مصالح الجيش مع مصالح الواجهات والرافعات المدنية لحكم الجيش. وقد حدث ذلك إبان حكم النميري عدة مرات كما وازيح تيار الترابي من قبل الجيش إبان حكم البشير، ولم يكن لتيار علي عثمان قوة كافية لفعل ذلك.
بل إن البعض يذهب إلى أن الجيش، وليس فقط عنف الانصار السياسي، كان وراء تغيير حكومة سر الختم الخليفة الاولى وذلك كردة فعل من الجيش على محاولة التجمع النقابي آنذاك النكوص عن اتفاق العفو عن مديري انقلاب نوفمبر 1958. ومعلوم سيطرة الجيش على انتقال سوار الدهب في 1985 وهيمنته على انتقال البرهان 2019.
اذن يمكننا أن نخلص إلى أن العسكري كان هو الحاكم والمدني هو التابع الأضعف بكثير طوال العهود الشمولية وفي كل فترات الانتقال السابقة والحالية.
من ناحية أخرى لا تقل أهمية، وجب التأكيد على أن قيادات الجيش أضعف بكثير من الجيش كمؤسسة ويقوم الجيش بتغيير جنرالاته إذا هدد وجودهم تماسك المؤسسة لأن الجيش عندئذ سيحارب نفسه. وقد كان هذا هو السبب الرئيسي لما يسمى بإنحيازات الجيش لانتفاضات الشعب في 1958و 1985 و2019. الجيش انحاز في المقام الاول لوحدته وفي المقام الثاني لمصالحه ثم اخيرا للشعب.
اما الحرب الحالية فهي حرب الجيش ضد الدعم السريع، منافسه القوي في الجاه والمال. والكيزان مستفيدين من قرار الجيش بخوض الحرب ويساهمون بنفوذهم داخله وخارجه في استمرارها، فقط لا غير.
إن تبرئة الجيش من قرار إشعال الحرب خطأ وله مسببات وتداعيات. المسببات ترجع في تقديري لتجنب القوى المدنية وخوفهم من المواجهة مع الجيش. تحميل الكيزان وزر اشعال الحرب هو المهرب.
استعدادات الجيش للحرب مع الدعم السريع بدأت يوم انشاء الاخير وظهرت للعيان عند بناء الساتر الخرساني أمام مقرات الجيش الرئيسية في قلب العاصمة. وكثر يعلمون حدة الصراع خلف الكواليس بين المتنافسين المدججين بالمال والسلاح.
لم يواجه الجيش السوداني في تاريخه الممتد منذ ما يقارب المائة عام منافس قوي الا في حرب الجنوب وفي شكل مليشيا الدعم السريع. وقد بتر الجيش الجنوب ويعمل الان على بتر دارفور.
أما أجهزة الأمن، شامل هيئة العمليات، فهي ضعيفة العدد والعتاد ولم ولن تشكل اي تهديد للجيش. لذا لا اتفق مع أولوية حلها. الاولوية عندي هي لإعادة بناء هذا الجيش المضاد للحكم المدني والمجرم في حق المدنيين وفطمه من ثدي الثروة ونزعه من قرن السلطة وتقليم أظافره ونزع أنيابه الموجهة ضد الديمقراطية وعاجلا وبلا هوادة.
من أهم تداعيات تضخيم دور الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني في إشعال وفي استمرار الحرب هو تضخيم حجم ونفوذ الحركة الإسلامية وفلول المؤتمر الوطني. وهذا خطأ يقود لشرعنة الدعوة لإشراك الحزب المحلول والحركة البائدة في وقف الحرب وفي الانتقال التالي لها. نعم للإسلاميين السودانيين دور ونفوذ في هذه الحرب ولكن قرار الحرب وقرار استمرارها هو قرار الجيش كمؤسسة، لا ترضى باي شريك مدني ولا عسكري في حكمها المتطاول.
moniem.mukhtar@googlemail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الجیش السودانی
إقرأ أيضاً:
السفارة في رواندا تعقد مؤتمرا صحفيا حول التطورات في السودان وانتهاكات الدعم السريع
عقدت سفارة السودان في رواندا مؤتمرا صحفيا عن تطورات الاوضاع في السودان وانتهاكات مليشيا الدعم السريع حضره تسع وعشرين صحفيا يمثلون عشرين مؤسسة صحفية وإعلامية من قنوات وصحف وإذاعات اضافة لهيئة الاذاعة والتلفزيون الوطني الرواندي. وقدم السفير خالد موسي سردا لإنتهاكات الدعم السريع و ما أرتكبته من جرائم تشمل التطهير العرقي و جرائم حرب وجرائم الإنسانية معددا ما ارتكبته من انتهاكات في كل أنحاء السودان آخرها في شرق الجزيرة. وقال إن ما أفرزته الحرب من أزمة إنسانية تعد الأكبر على مستوى العالم محفزا الصحافة الافريقية لكسر حاجز الصمت ازاء ما يسمى الحرب المنسية في السودان لأنها تمثل وخزة للضمير الأفريقي وتجعل من مقولة الحلول الافريقية للمشاكل الافريقية مجرد شعار . و أكد ان تورط بعض القوى الاقليمية و دول الجوار في دعم المليشيا المتمردة يعد ابرز اسباب استمرار الحرب و الجرائم المرتكبة ضد المدنيين خاصة تجنيد المرتزقة و تزويد المليشيا بالأسلحة والمعدات العسكرية، داعيا هذه الدول الإستماع لصوت العقل ووقف تمرير الدعم العسكري عبر اراضيها للمليشيا في السودان مؤكدا ان استمرار الحرب لن يتوقف تأثيرها عند حدود السودان بل ستهدد مجمل الإستقرار الإقليمي. وذكر ان السودان منفتح على كل مبادرات السلام لكن يمثل اتفاق إعلان جدة الاساس و القاعدة لتحقيق السلام شريطة التزام المليشيا المتمردة بشروطه خاصة إخلاء الاعيان المدنية وتجميع قوات المليشيا في معسكرات متفق عليها. و قال إن تكوين الجيش الوطني الواحد بدمج جميع الفصائل هو ضمانة الوحدة الوطنية واقوى عناصر إستقرار الدولة السودانية. وفي رده على أسئلة الصحفيين اشاد بدور رواندا لمشاركتها التاريخية في قوات حفظ السلام في دارفور في العام ٢٠٠٣ مشيرا إلى ان السودان في اطار الصداقة والعلاقات المتطورة بين البلدين سينظر بعين الاعتبار لمشاركة رواندا في جهود السلام والاستقرار ضمن اي مبادرات افريقية يتم التوافق عليها لتحقيق السلام الدائم كما نوه ايضا بالقيادة الحكيمة للرئيس كاغامي في فض النزاعات الافريقية مشيدا بالتفاهمات السياسية التي تمت بين رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن الفتاح البرهان و الرئيس كاغامي. كما اوضح السفير خالد موسى في اطار مداولات المؤتمر الصحفي عن الدور الامريكي المتوقع بعد فوز ترامب لتحقيق السلام في السودان قال ان ادارة بايدن تقاعست عن القيام بالجهود اللازمة لوقف الحرب خاصة بالضغط على الامارات الداعم الرئيس للمليشيا منوها إلى ضرورة ان تقوم الادارة المنتخبة بما تقتضيه الوقائع الموضوعية لوقف الحرب لحفظ الاستقرار في القرن الافريقي وليس تضمين قضية السودان في إطار التسوية الجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط التي تقتضي مساومات معلومة. و اشاد السفير بالتضحيات التي ظل يقدمها الشعب السوداني في إسناد القوات المسلحة معددا أداء الدولة في مجال المساعدات الإنسانية والخدمات الصحية ومجابهة التحديات خاصة إدارة اقتصاد الحرب و استعادة الخدمات الاساسية في بعض المناطق و إستمرار العملية التعليمية. و طالب السفير خالد موسى المجتمع الدولي بضرورة تصنيف المليشيا منظمة ارهابية و انفاذ مسئولية المحاسبة الجنائية على الانتهاكات والجرائم ضد المدنيين. سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب