د. حسن حميدة – ألمانيا
يسعى الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة لمنظمة الأمم المتحدة وحتى العام 2030 إلى تحقيق السلام والعدالة والمؤسسات القوية على نطاق عالمي. ويبني هذا الهدف على الوصول إلى العدالة بتحقيق مجتمعات سلمية وشاملة للجميع، وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وعلي جميع المستويات. ومن متطلبات تحقيق هذا الهدف، بناء مؤسسات عدلية ومؤسسات قضائية ذات وزن وقوة وشأن في تنفيذ القوانين، وهذا من أجل إقامة مجتمعات متوازنة يسودها السلم والعدل.

ويعمل الهدف السادس عشر، والقبل الأخير لأهداف التنمية المستدامة على الحد من العنف بمختلف أنواعه، وتقليل نسبة الوفيات التي ترتبط به بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

يأتي في هذا الخصوص أهمية تحقيق هذا الهدف عبر وضع حد لإساءة معاملة الأفراد والأقليات من الشعوب، ومنع الاستغلال الشخصي، والقمع والإرهاب والاتجار بالبشر، والعنف الموجه، خصوصا ضد الأطفال والنساء والفتيات والشباب. كما يسعى هذا الهدف إلى تعريف الهوية للمواليد الجدد في كل دول العالم مباشرة بعد الولادة، وتسهيل أمر الوصول للمعلومات الضرورية وعلى المستوى الشخصي والمؤسسي، وهذا مع مرعاه المحافظة على حماية المعلومات الشخصية لكل شخص من التجسس، وحماية المعلومات المؤسسية من القرصنة وفقا للتشريعات المحلية، والقوانين الدولية.

ومن ضمن توصيات هذا الهدف، وضع أسس للشفافية بإنشاء مؤسسات تخضع للمساءلة القانونية وعلي جميع المستويات، وطنيا وعالميا، وهذا للحد من الرشوة والمحسوبية والفساد، وتقوية الأجهزة العدلية لاسترداد الأموال المنهوبة والمهربة ومكافحة غسيل الأموال المحلي والعالمي بشتى أشكاله. وعليه تأتي في مقدمة تنفيذ هذا الهدف في مكافحة الجريمة المنظمة، المبنية على التهريب وتجارة المخدرات والعقارات الطبية ذات الصلة بتدمير الثروة البشرية العالمية وفي مقتبل العمر، والاتجار بالبشر التي تتصل بالشرائح العمرية الأقل حماية. كما يعمل هذا الهدف أيضا على الحد من العنف الخفي أو العنف المستتر، الذي ينطلق من باطن الأسرة ضد أفرادها، الذين يعجزون في الغالب عن حماية أنفسهم بأنفسهم من مثل أنواع هذا العنف، الذي يعتبر في بعض المجتمعات المتخلفة اجتماعيا، عنفا مبررا من قبل الأسرة ومجتمعاتها.

زيادة على ذلك يسعى هذا الهدف إلى تعزيز القوانين وتسهيل سبل الوصول إلى الأجهزة العدلية على الصعيدين المحلى والدولي. ويعمل هذا الهدف على دعم المؤسسات القومية عبر التعاون الدولي، لتعزيز القدرات المحلية للعمل المستدام وعلى جميع المستويات. ويضع هذا الهدف مشاركة البلدان النامية، خصوصا الفقيرة منها في الاعتبار، وفي المقدمة دعم الحوكمة والشراكة وصياغة واتخاذ وتنفيذ القرار القائم على تحقيق الاستدامة العالمية على مبدأ الحكم الديمقراطي الرشيد والسلام والعدل، حتى تواكب هذه الدول ولا تفوت قطار التنمية والتطور، لتنهض بمجتمعاتها من براثن الفقر والجوع والمرض والتخلف، وتحت مظلة تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول العام 2030.

فيما يخص الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة "تحقيق السلام والعدالة والمؤسسات القوية" وموقع السودان منه، نرى أن هناك مسافة بعيدة تفصل ما بين هذا الهدف وسبل تحقيقه في غضون الستة سنوات المقبلة، بغياب السلام ومنذ الخامس عشر من شهر أبريل من العام المنصرم. اليوم الذي بدأت فيه نيران الحرب تشتعل، وتدق لها طبول الحرب من قبل دول ودويلات دخيلة على أمن وسلامة السودان، دول ودويلات بعيدة كل البعد عن هموم المواطن السوداني. الدول والدويلات التي أججت نيران الحرب في أرجاء السودان بمد المتحاربين بالسلاح ليفتك بين أبناء الوطن الواحد. وبالحرب ينتج غياب السلام الدائم في السودان، ولا فائدة في أخوة إسلامية زائفة، ولا فائدة من أخوة عربية كاذبة، ولا فائدة من أخوة أفريقانية منافقة، ولا فائدة من ديمقراطية مغشوشة. الديمقراطية التي يتم تسويقها للمواطن المكلوم ليرتضي بها بعد أن شرد وعذب، واحتلت دياره ونهبت أمواله وأملاكه، واغتصبت نساءه بأبشع الصور وفي وضح النهار.

فيما يخص السلام والعدالة والمؤسسات القوية في ظل حرب السودان: لقد غاب سوق العمل في السودان بحضور الحرب التي عطلت العمل والإنتاج والتعليم والصحة، وأفقرت المواطن السوداني، ومن كان ميسور حال، وزادت فقر من كان فقيرا من قبل. ومن هو يعمل الآن في السودان من ثروته البشرية (محاربين محترفين وقناصين من شباب وصغار، كلهم يعملون ضد الوطن)، يعمل على قتل الآخرين من المدنيين والأبرياء في المنازل والمؤسسات والشوارع. هذه القوة الدفاعية الممولة من دم المواطن، كان أفضل لها أن تحفظ كينونة الوطن وأمان حدوده مع دول الجوار، وأن تصون أمن وسلامة المواطن والوطن كما عاهدت على ذلك. ولكنها صارت الآن وللأسف هاجسا مؤرقا لنوم الوطن والمواطن، والتي كان ينبغي لها أن توجه جهودها لنهضة البلد كثروة بشرية لا يستهان بها وكما تبرهن لنا الآن في ساحات الإقتتال. وإذا كانت أرواح الضحايا لا تلعب دورا في الحسبان عند الأطراف المتحاربة، فالنلقي نظرة تمعن في شكل أسئلة على أنفسنا: كمْ عدد الضحايا الذين يسقطون يوميا، كمْ عدد المنازل والمؤسسات التي تحرق في كل يوم، كمْ عدد صناديق الزخيرة التي تنفد يوميا، وكمْ عدد المدافع والدبابات والطائرات التي تحترق يوميا، من يقوم بشرائها، ومن يدفع ثمنها للجهات المصنعة والمسوقة لها، وبمال من الناس؟

عن موضوع العدالة: لقد صار السودان وطنا تغيب فيه شمس العدالة، منذ أن غابت محاسبة جرائم التطهير العرقي فيه، ثم محاكمة رموز النظام البائد وفلوله، التي اتخذت من الخارج مواطن آمنة بعد تهريب أموال السودان وذهبه لخارج البلاد. وهنا نقول لرموز النظام البائد: كان الأفضل لكم أن تقدموا أنفسكم للعدالة بكل شجاعة بدلا من سكن المستشفيات أو الهروب للخارج. وإن هذا الشعب المفضال لعفا عنكم يوم كما عفا عن رموز النظام المايوي، الذين عاشوا ثم رحلوا، وقبروا بكرامة في تراب بلادهم.؟؟ فما لشعب أن يفعل بناس بلغوا من العمر عتيا، وها هم الآن فوق الثمانين من العمر؟؟. ثم لحق ذلك مجزرة اعتصام القيادة العامة، والتي أحرق فيه مئات من الشباب والشابات عمدا، وانتهى هذا الحادث الكبير والمحزن والمخزي من دون محاسبة الجهات الجانية على أرواح الضحايا وأسرهم. ولحق من بعد ذلك إلقاء أعمال لجنة تفكيك الفساد في البلاد، بعد طول روح الحكومة الانقلابية على الفترة الانتقالية، لتنتهي باختلاف بين قيادة الجيش السوداني، وقيادة قوات الدعم السريع. ثم أتت الحرب بين يوم وليلة وزادت الطين بلة، وكانت نتيجتها هو ما نراه الآن وفي كل يوم أمام أعيننا. العدالة تبدأ بالنظر لهذا الهدف بمحاسبة المعتدين على المواطنين في ديارهم، أن تعاد إليهم ممللكاتهم المنهوبة، وأن يخضع المغتصبون لحرمات الأسر والقاتلون للشعب السوداني للمحاكمة العادلة والمنصفة بعد نهاية هذه الحرب العبثية.

المؤسسات القوية لا تعني أن ينتج المواطن من عرق جبينه لكي تهرب أمواله وأموال الدولة من مجموعات موالية لخارج البلاد، ولا تعني التنقيب عن المعادن النفيسة كالذهب لكي تشترى بها الأسلحة لتدمير ما بني من ديار ومؤسسات وبنية تحتية. المؤسسات القوية لا تعني السماح لكل من هب ودب من البشر لشراء الهوية السودانية بأبخس الأثمان من سلطات البلاد، لكي توظف هذه الهوية السودانية "المجهولة الهوية" من بعض الشعوب في عمليات التهريب وغسيل الأموال والاتجار بالبشر وتنفيذ الأعمال الإرهابية في بلدان أخرى آمنة وعلى حساب سمعة السودان، وسمعة المواطن السوداني. المؤسسات القوية لا تعني أن يشعر المغترب المعذب طول عمره بأنه غريب في بلده السودان وبين أهله عندما يأتي في زيارة قصيرة. عندما يستغل القانون ضد المغترب في إجراءات الدخول والخروج. عندما يدخل، تخرج روحه مرة، وعندما يخرج، تخرج روحه مرات، وهنا خصوصا إذا كان الزائر ذا توجه سياسي آخر وغير المرغوب فيه من السلطات. المؤسسات القوية لا تعني أن تدخل مطار الخرطوم الذي كان، وتجد متاع سفرك مفتوحا أو ناقصا، أو تفقده كليا، أو تفقد أوراقك الشخصية، ولا أحد يدري بما حصل، ولا أحد كان مسؤول. المؤسسات القوية لا تعني أن تجد تجار العملات الأجنبية جالسين في صالات المطار صفوف، يسألون المسافر عن من معه شيء من العملات. والمؤسسات القوية لا تعني أن تكون حتى منظمات العون الإنساني العالمية العاملة في البلاد على أتم العلم، أين لها أن تبيع عملاتها الصعبة في بقالات ومكاتب السوق السوداء للعملات، تأتي لها، تحل بها، وعلى سياراتها دباجات تحمل أسماء هذه المنظمات، التي تأتي بقصد مساعدة السودان في سبل التنمية والتقدم، وباسم منظمات المجتمع الدولي لمساعدة الإنسان في دول أفريقيا المغلوب عل أمره كما هو عليه الأمر في السودان.

(نواصل في الهدف السابع عشر:عقد الشراكات لتحقيق الأهداف...)

E-Mail: hassan_humeida@yahoo.de

المصدر: ترجمة معدلة من أوراق ومحاضرات للكاتب.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: أهداف التنمیة المستدامة فی السودان هذا الهدف

إقرأ أيضاً:

البرهان في القاهرة… دلالة الزيارة ومآلاتها والرسائل التي تعكسها

زار رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان القاهرة اليوم (الأثنين) وسط جملة من التحديات المحلية والإقليمية، مايؤكد ضرورة تنسيق الرؤى بين البلدين وضرورة توحيدها، لمجابهة أي عواصف عكسية قد تعكر صفو أمن واستقرار المنطقة.

العلاقات الثنائية
الرئيس السيسي استقبل الفريق البرهان بمطار القاهرة، وعقد الطرفان جلسة مباحثات مشتركة بقصر الاتحادية، واستعرضت المباحثات، آفاق التعاون المشترك بين البلدين في كافة المجالات، وسبل تعزيز العلاقات الثنائية القائمة بينهما والإرتقاء بها، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين.

مواقف مصر
من جانبه عبر الفريق البرهان عن تقديره لمستوى العلاقات السودانية المصرية، والتي وصفها باالإستراتيجية، مبيناً أنها علاقات تاريخية راسخة وذات خصوصية. مؤكداً حرصه على تعزيزها وتطويرها لخدمة مصالح الشعبين، وتحقيق التعاون الاستراتيجي المشترك بين البلدين، مشيدا بمواقف مصر وقيادتها الحكيمة، الداعمة للسودان في المحافل الإقليمية والدولية، ودعمها لمؤسسات الدولة السودانية، ووقوفها بجانب الشعب السوداني، وحرصها على سلامة وأمن وإستقرار السودان وسيادته، مشيرا إلى الدور الكبير الذي تضطلع به القيادة المصرية تجاه قضايا المنطقة.

دعم الإعمار
من جهته جدد الرئيس السيسي موقف مصر الداعم والثابت تجاه قضايا السودان ، مؤكداً وقوف بلاده مع مؤسسات الدولة السودانية ، وسعيها الدائم لتحقيق الأمن والاستقرار ووحدة الأراضي السودانية ، ودعم عملية إعادة الإعمار والبناء في السودان، مشيداً بمستوي التعاون المشترك بين البلدين ، مؤكداً حرصه على توطيد وتمتين روابط الإخوة ودعم وتعزيز علاقات التعاون الثنائي، بما يحقق تطلعات الشعبين، معرباً عن إعتزاز مصر الكبير بما يربطها بالسودان من علاقات استراتيجية قوية على المستويين الرسمي والشعبي.

مشروعات مشتركة
وتناولت المباحثات سبل تعزيز التعاون الثنائي، والمساهمة المصرية الفعالة في جهود إعادة إعمار وإعادة تأهيل ما أتلفته الحرب بالسودان، بجانب مواصلة المشروعات المشتركة في عدد من المجالات الحيوية مثل الربط الكهربائي، والسكك الحديدية، والتبادل التجاري، والثقافي، والعلمي، والتعاون في مجالات الصحة، والزراعة، والصناعة، والتعدين، وغيرها من المجالات، بما يحقق هدف التكامل المنشود بين البلدين. فضلاً عن الإستغلال الأمثل للإمكانات الضخمة للبلدين وشعبيهما.

التطورات الميدانية
كما تطرقت المباحثات أيضاً للتطورات الميدانية الأخيرة في السودان، والتقدم الميداني الذي حققته القوات المسلحة السودانية باستعادة السيطرة على العاصمة الخرطوم، حيث اتفق الجانبان على ضرورة تكثيف الجهود لتوفير الدعم والمساعدة اللازمين للسودانيين المقيمين في مناطق الحرب، وشهدت المباحثات كذلك، تبادلاً لوجهات النظر حول الأوضاع الإقليمية الراهنة، لاسيما بحوض نهر النيل والقرن الأفريقي، حيث تطابقت رؤى البلدين في ظل الإرتباط الوثيق للأمن القومي لكلا البلدين، وتم الاتفاق على مواصلة التنسيق والعمل المشترك لحفظ الأمن المائي للدولتين.

ضرورة التشاور
تأتي الزيارة في وقت دقيق ومفصلي يمر به السودان، وبدعوة من الرئيس السيسي، مايؤكد متانة العلاقة بين البلدين، وتجديد المواقف المصرية الثابتة تجاه السودان، والتنسيق العالي بينهما في القضايا الإقليمية والدولية ذات الإهتمام المشترك، إضافة إلى رمزية استقبال الرئيس السيسي للفريق البرهان بالمطار، مايؤكد اعتراف مصر بشكل عملي للحكومة الشرعية بالسودان، وتنسحب هذه الرسالة أيضاً على مليشيا الدعم السريع وأعوانها، بأن مصر لا يمكن أن تعترف بأي حكومة في السودان سوى الحكومة الشرعية في بورتسودان، أيضا الزيارة تأتي بعد انتصارات كبيرة للجيش السوداني على أرض الميدان، وانحسار المليشيا في أماكن بسيطة في دارفور، إلا أنها مازالت تمارس سياسية الأرض المحروقة، برد فعل انتقامي للهزائم الكبيرة التي تكبدتها في الميدان، وتدميرها للمنشآت المدنية والبنى التحتية بالبلاد، وضرب وقتل المواطنين العزل بطريقة وحشية، مايستدعي ضرورة التشاور مع مصر واطلاعها بآخر مستجدات الأوضاع في السودان… فماهي دلالات زيارة البرهان للقاهرة في هذا التوقيت، وماهي الرسائل التي ترسلها، ومآلات التنسيق العالي بين البلدين.

مشاكل الجالية
وكشف مصدر دبلوماسي سوداني أن مباحثات الرئيسين السيسي والبرهان، تطرقت إلى مشاكل الجالية السودانية في مصر في التعليم والإقامات والتأشيرات. وقال المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته لـ “المحقق” إن الجانب السوداني طرح هذه المشاكل على الجانب المصري، مضيفا أن هناك تعاون كبير من الجانب المصري في هذه الملفات، مبينا أنه كانت هناك توجيهات من الرئيس السيسي بتذليل أي عقبات أمام السودانين بمصر، وكذلك استمرار الرعاية المصرية للوجود السوداني بها، وقال إن هناك أيضا تسهيلات كبيرة من الجانب المصري للسودانيين العائدين من مصر، بعدم تكليفهم أي غرامات من انتهاء الإقامات أو من الدخول إلى مصر عن طريق التهريب.

توقيت مهم
من جهته أكد مساعد وزير الخارجية المصري ومسؤول إدارة السودان وجنوب السودان بالخارجية المصرية السابق السفير حسام عيسى أن زيارة البرهان للقاهرة تأتي في توقيت مهم، بعد أن أحرز الجيش السوداني إنتصارات كبيرة على أرض المعركة. وقال عيسى لـ “المحقق” إن الجيش السوداني بعد تحريره لمدن وسط وشرق السودان، بدأ يتوجه إلى دارفور، بعد التطورات الأخيرة بها من هجوم المليشيا على معسكرات النزوح في زمزم وأبوشوك وغيرها، إضافة إلى هجمات الدعم السريع على المنشآت الحيوية والبنى التحتية ومحطات الكهرباء، مؤكدا أن مصر هي الداعم الأول للدولة السودانية والقوات المسلحة، وقال إن الزيارة مهمة لنقاش هذه التطورات المتسارعة بالسودان مع الجانب المصري الذي يدعم الحفاظ على أمن واستقرار السودان بقوة.

الدعم المصري
وأوضح عيسى سفير مصر السابق بالخرطوم أن هناك مشروعات مصرية بالسودان يمكن استئنافها بعد الحرب، وبعد انتفاء خطر المليشيا، وقال إن من هذه المشروعات مشروع إعادة تطوير ميناء وادي حلفا، والربط الكهربائي، وزيادته من 70 ميجاوات حتى 300 ميجاوات، وكذلك المدينة الصناعية، وعدد من المشروعات الزراعية، إضافة إلى إعادة إعمار البنى التحتية التي دمرتها الحرب، بإعادة تأهيل جسر شمبات بالخرطوم وغيره من المشروعات، مشدداً على الدعم المصري الكامل للسودان في هذه الفترة الحرجة، وقال إن مصر تدعم السودان سياسيا وتنمويا ودبلوماسيا وفي المحافل الدولية.

رسالة عملية
ولفت عيسى إلى أن أهمية الزيارة تأتي من منطلق الدعم المصري وإلى دراسة بداية مرحلة إعادة الإعمار في السودان، منوها إلى أن استقبال البرهان في هذا التوقيت وهذه الطريقة، يؤكد موقف مصر من الشرعية في السودان، وقال إنها رسالة مصرية بطريقة عملية بأن مصر لن تعترف بأي حكومة أخرى في السودان، وأنها تعترف فقط بمجلس السيادة والحكومة في بورتسودان، مشيرا إلى تطابق الرؤى بين البلدين في ملف المياه، وقضايا القرن الأفريقي، وقال إن مصر والسودان لديهما رؤية مشتركة وتنسيق عال في هذين الملفين باعتبارهما من الملفات المشتركة والمهمة والتي تهم الأمن القومي بهما.

عنوان الزيارة
بدوره وضع الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوداني الدكتور خالد التيجاني عنوانين لزيارة البرهان للقاهرة. وقال التيجاني لـ “المحقق” إن العنوان الأول هو تتويج للموقف المصري الحاسم في الوقوف إلى جانب السودان والحفاظ على مؤسساته، مضيفاً أنه موقف تفوقت فيه مصر ولعبت دورا كبيرا في تثبيت شرعية الدولة السودانية والحفاظ عليه، وتابع أنه كان موقفا استراتيجيا يعبر عن الوعي المصري بمدى الارتباط العضوي بين الأمن القومي والاستراتيجي للبلدين، لافتا إلى أن الموقف المصري أثبت أنه غير متعلق بنظام بعينه بل أنه مبنى على رؤية استراتيجية للعلاقة بين البلدين.

أجندة مستقبلية
ورأى التيجاني أن العنوان الثاني للزيارة هو أن هذه الوقفة المصرية القوية ساعدت على صمود الدولة السودانية وتعزيز قدراتها سياسيا ودبلوماسيا، واستعادة الجيش السوداني لزمام المبادرة في الحرب وأخذ خطوات كبيرة في عملية الحسم العسكري، وقال إن دعوة السيسي للبرهان تخاطب أجندة مستقبلية، وإن هذا تأكيد على أن الدولة السودانية استردت عافيتها، وترتب أوضاعها الآن مع الأخذ الإعتبار التحديات التي فرضتها الحرب، مضيفا أنه يتطلب من السودان الآن إعادة النظر في مفهوم الأمن القومي، بعد أن وجد نفسه وحيدا في هذه الحرب، باستثناء مصر التي دعمته على كل المستويات، مشددا على ضرورة التأكيد أن العلاقة مع مصر ذات خصوصية وأن لديها مؤشرات حيوية، مشيرا إلى جملة من المحاولات للتقارب بين البلدين كانت تتأثر بطبيعة الأنظمة السياسية في السودان، وقال أنه الآن جاء الوقت أن تبرمج هذه العلاقات إلى واقع عملي.

المسؤولية الأكبر
وأكد التيجاني أن مصر عملت مايليها في هذا الجانب، وأن على السودان أن يبني على هذه الشراكة، وعلى ارتباط الأمن القومي بالبلدين، مضيفا يجب أن تكون هناك شراكة حقيقية على كافة المستويات وعلى مستويات أعلى، وتابع أن الزيارة لذلك وضعت لبنات لمخاطبة أجندة مستقبلية، ورأى ضرورة ترتيب المواقف السودانية وفقا للمصالح الحقيقية من إعادة إعمار وشراكات اقتصادية، وقال إن الجانب السوداني يتحمل المسؤولية الأكبر من أجل تعزيز هذه العلاقات في الفترة المقبلة، مضيفا أن مصر لديها قدرات وامكانات كبيرة يمكن أن تساعد السودان بطاقات جديدة وتكامل اقتصادي حقيقي يعود بالمصلحة لشعبي البلدين.

القاهرة – المحقق – صباح موسى

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الفتح يتغلّب على الشباب 3-1
  • من أجل السلام والعدالة.. مئات الآلاف يتظاهرون في عيد العمال بفرنسا
  • العروبة يُمطر شباك الرياض برباعية
  • ملخص أهداف مباراة النصر وفرونتال كاواساكي في دوري أبطال آسيا للنخبة
  • مساعد رئيس حزب العدل: مصر تقود مشروعات التنمية المستدامة في القارة الأفريقية
  • بنك أبوظبي الأول مصر وجمعية الأورمان يوسعان شراكتهما ‏لتعزيز التنمية المستدامة بالبحيرة
  • هل تجلب المسيرات السلام الى السودان؟
  • نيوم يتوج بطلاً لدوري يلو
  • وزيرة التنمية المستدامة: 7 بالمائة من الشواطئ المغربية غير صالحة للسباحة ويجب بذل مجهودات أكبر
  • البرهان في القاهرة… دلالة الزيارة ومآلاتها والرسائل التي تعكسها