مؤسسة كلمات في شهر القراءة… هكذا غيرت الكتب العربية حياة الأطفال اللاجئين والمكفوفين
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
ليس من باب الصدفة أن تختار دولة الإمارات العربية المتحدة شهر مارس شهراً للقراءة، فهذا التزامن يحمل الكثير من الجماليات والمعاني المشتركة بين مارس من ناحية والقراءة من ناحية أخرى؛ فقد وُصِف مارس في ثقافات العالم أجمع بأنه موسم التجدد وولادة الجمال، واكتساب الأرض حلة بديعة متنوعة بألوانها ووظائفها. وليست القراءة بشيء غير ذلك، إنها تجديد للنفس والحياة، وثراء وتنوع بديع للفكر والرؤى، وكما وصفها الأديب والمفكر عباس محمود العقاد بقوله: “القراءة وحدها هي التي تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة”.
وفي رحلة التجدد هذه، يبرز دور “مؤسسة كلمات” كمثال حي على الأثر الذي يمكن أن تحدثه القراءة في حياة الناس؛ ففي أحد مخيمات اللجوء بهولندا، يعيش ساهر عبد الله مع عائلته؛ لاجئ هو، مثل مئات الأشخاص العرب الذين يبحثون عن ملاذٍ آمن. ولكن هذا اليوم ليس عادياً بالنسبة لساهر وعائلته، فقد سمع بوصول دفعة جديدة من الكتب عبر مبادرتها العالمية “تَبَنَّ مكتبة”.
وتماماً كما يعلن شهر مارس عن بداية فصل جديد، فتح ساهر وعائلته فصلاً جديداً عندما وصلت المكتبة إلى المخيم، لم يستطع الانتظار لحظة، اصطحب ابنته ماسة وابنه أحمد لأخذ روائع الكتب باللغة العربية التي تعزز تواصلهم مع هويتهم ولغتهم الأم، حيث قال: “لا يمكننا التعبير عن فرحتنا بالكتب العربية التي تجعلنا نشعر بأننا أقرب إلى وطننا، حتى وإن كنا بعيدين عنه جغرافياً”.
ليس ماسة وأحمد وحدهم من استفادوا من هذه المبادرة؛ فالأطفال العرب في الكثير من مخيمات اللجوء في العالم، وكذلك الأطفال الذين يعانون ظروفاً صحية خاصة من المكفوفين وضعاف البصر، وجدوا في “مؤسسة كلمات” ملاذاً لهم، من خلال مبادرة “أرى”، التي مكّنتهم من قراءة الكتب الميسرة التي تناسب حالاتهم، ووصلتهم بالمعارف، وعزّزت شغفهم بالقراءة. وهكذا، تترابط أهداف مبادرتي “تَبَنَّ مكتبة” و”أرى” مع غايات شهر القراءة؛ فكما يعطي مارس الأرض حياة جديدة، تعطي مبادرات “كلمات” الأمل للباحثين عن النور في ظلمات الغربة أو فقد البصر.
“أرى”… المعرفة تكسر حدود الإعاقة
تؤمن “مؤسسة كلمات” بأن المعرفة لا حدود لها، وأنها من أهم وسائل بث الفرح والثقة في نفوس الأطفال المكفوفين وضعاف البصر، وأن الإعاقة لم تكن يوماً لتقف حاجزاً دون نيل المعارف والاستمتاع بلذة الاطلاع على كل ما هو جديد. وهذا ما عبر عنه الطفل “بلال” من مدرسة عبدالله ابن أم مكتوم للمكفوفين في الأردن، إذ يقول: “هذه المرة الأولى التي أستطيع فيها قراءة القصص، وأنا سعيد جداً بوجود الكتب بطريقة برايل الآن، وأحب الكتب لأنها تطلق خيالي وتعلمني أشياء لم أكن أعرفها من قبل، شكراً لمؤسسة كلمات لتوفير هذه الكتب لنا”.
ومع الاحتفاء بشهر القراءة، تتجلى روح العطاء الذي توفره مبادرات “مؤسسة كلمات” على مدار العام دون انقطاع، حيث أضاءت المؤسسة شعلة الأمل في قلوب الأطفال المكفوفين وضعاف البصر، مانحةً إياهم فرصة الإبحار في عالم الكتب، وذلك بتبرعها من خلال مبادرة “أرى” بـ30 ألف كتاب ميسر في 11 دولة، مؤكدةً أن القراءة لا تعترف بالإعاقات، وتأتي هذه الخطوة تماشياً مع “اتفاقية مراكش”، التي تعزز من حق الوصول إلى المعرفة للجميع.
“تَبَنَّ مكتبة”… طريق الأطفال اللاجئين لمستقبل أفضل
وفي سياق متصل، تبرز مبادرة “تَبَنَّ مكتبة” في شهر القراءة مثالاً يحتذى به في دعم الأطفال اللاجئين والنازحين، حيث تمكّنت من توزيع نحو 16,700 كتاب في 24 دولة، لتصبح المعارف باللغة العربية وطناً يأوي إليه الأطفال في غربتهم، وتصبح المعرفة سبيلهم لبناء مستقبل أفضل، وهكذا تجسد هذه المبادرة الرؤية الإنسانية لـ”مؤسسة كلمات”، التي تبرعت بموجبها بمكتبات متنقلة تحوي كل منها على 100 كتاب باللغة العربية، مما يعكس التزامها بنشر الثقافة والمعرفة.
القراءة شرط نمو المجتمعات ونهضتها
وفي هذا الإطار، تبين آمنة المازمي، مديرة مؤسسة كلمات أن هذه الاستراتيجية هي تأكيد على أن القراءة ليست ترفاً، بل هي شرط أساسي لنمو المجتمعات ونهضتها واستقرارها، وأنها حق طبيعي أساسي، كالحق في الغذاء والمسكن والأمن واحترام الكرامة، مشيرة إلى أن المؤسسة أخذت على عاتقها ضمان هذا الحق للأطفال المحرومين والنازحين في بلدانهم واللاجئين خارجها، انطلاقاً من اهتمام الشارقة ودولة الإمارات بالقراءة كعنصر حضاري يتجاوز نشره حدودها الجغرافية، ويصل إلى المجتمعات المحيطة تجسيداً لرؤيتها حول أهمية القراءة والمعرفة.
وتقول المازمي: “بهذه الرؤية أضحت مؤسسة كلمات من أبرز المنصات العالمية التي جمعت بين الكثير من أطراف العمل التنموي، لتصبح نموذجاً رائداً في تسهيل وصول الأطفال لمصادر المعرفة، وفي توحيد جهود والمساعي خلف هذه الغاية النبيلة، وهذه المكانة المبنية على منهج عمل مخلص ومؤمن بأهدافه، أهلت المؤسسة في العام 2023، للفوز بجائزة فئة الإشادة الخاصة من (اتحاد الكتب الميسرة) ABC”.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: مؤسسة کلمات شهر القراءة
إقرأ أيضاً:
كيف غيرت 11 يوما تاريخ سوريا وأنهت حكم عائلة الأسد؟
واستعرض برنامج "للقصة بقية" الذي يبث على منصة "الجزيرة 360" في حلقة 6-1-2025 التفاصيل العسكرية والميدانية للأيام الأخيرة من حكم نظام الأسد، موثقا كيف أدت العمليات العسكرية المنسقة للثوار إلى انهيار سريع للنظام السوري خلال 11 يوما فقط، منهية بذلك أكثر من نصف قرن من حكم عائلة الأسد.
وقدمت مقدمة البرنامج فيروز زياني استعراضا لمسار الثورة السورية على مدى 14 عاما، مستذكرة كيف ردد السوريون قول الشاعر أحمد شوقي "وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق"، في إشارة إلى التضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب السوري في سبيل الحرية، وأوضحت كيف واجه السوريون القمع والتهجير والقصف والتعذيب، لكنهم واصلوا نضالهم حتى تحرير المدن السورية واحدة تلو الأخرى.
وعرض البرنامج تصويرا حصريا لمسار العمليات العسكرية وتطورها من مدينة إلى أخرى، بدءا من حلب وإدلب وحماة وحمص، وصولا إلى تطويق دمشق وتحريرها في أقل من أسبوعين.
كما تضمن البرنامج شهادة حصرية لأحد عناصر جيش النظام كشف خلالها تفاصيل انهيار القوات النظامية وانسحابها المتتالي أمام تقدم الثوار.
وفي مقابلات مع قادة ميدانيين من غرفة عمليات "ردع العدوان"، تم الكشف عن تفاصيل الاستعداد والتخطيط للعملية العسكرية الأخيرة، وأوضح القادة أن الأهداف الرئيسية تمثلت في توسيع المناطق الآمنة، وإعادة المهجرين إلى ديارهم، ومنع قوات النظام وحلفائه من إعادة الانتشار في مناطق الشمال السوري.
إعلان
تحديات مقبلة
وأظهر البرنامج كيف أدى التنسيق العالي بين مختلف فصائل الثوار، إلى جانب الدعم الشعبي الواسع، إلى تسارع انهيار النظام وهروب بشار الأسد من دمشق، وقد مثل هذا النجاح نقطة تحول تاريخية في مسار الثورة السورية، منهيا عقودا من الحكم الاستبدادي وفاتحا الباب أمام مرحلة جديدة في تاريخ سوريا.
وبعد الانتصار تحولت دمشق، التي كانت معقل النظام الرئيسي، إلى وجهة للوفود الدولية التي تتوافد للقاء القائد العام للإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، للاطلاع على رؤية الإدارة للمرحلة الانتقالية، وقد تعهدت الإدارة بحل جميع الفصائل المسلحة ودمجها في جيش وطني موحد، إلى جانب حل الأجهزة الأمنية القديمة وضمان التعايش بين مختلف مكونات المجتمع السوري وحماية الأقليات.
واستضاف البرنامج قائد شرطة حلب، العميد أحمد لطوف، والدكتور الكاتب والباحث السياسي، مؤيد غزان قبلاوي، لمناقشة أولويات الإدارة السورية الجديدة، وتناول النقاش خطط تحقيق الاستقرار في عموم البلاد، والتحضيرات لمؤتمر الحوار الوطني المرتقب الذي سيمثل كافة الأطياف السورية، مع التركيز على آليات وضمانات تنفيذ مقرراته.
وتطرق النقاش إلى التحدي الأبرز الذي يواجه الإدارة الجديدة، وهو تحقيق التوازن بين محاسبة قادة النظام السابق وشبيحته على جرائمهم، وبين تحقيق المصالحة الوطنية وضمان التعايش السلمي بين مختلف مكونات المجتمع السوري.
كما أعلنت الإدارة الجديدة عن خطط لتنظيم انتخابات عامة في غضون 4 سنوات، كخطوة نحو إرساء نظام ديمقراطي.
وختم البرنامج بالتأكيد على التحديات الكبيرة التي تنتظر سوريا في المرحلة المقبلة، خاصة في مجالات إعادة الإعمار، وعودة اللاجئين، وتحقيق المصالحة الوطنية، وبناء مؤسسات الدولة على أسس ديمقراطية، غير أن النجاح في إسقاط النظام والوحدة الوطنية التي تجلت في المرحلة الأخيرة تمثل مؤشرا إيجابيا على قدرة السوريين على تجاوز هذه التحديات.
إعلان 6/1/2025