رئيس فرنسي: "سنتمكن من سحق بنزرت وموسكو في وقت واحد"!
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
بعد مرور يومين على استقلال تونس في 20 مارس عام 1956، أعلن الزعيم الحبيب بورقيبة قائلا: "بعد نهاية الفترة الانتقالية، يجب إجلاء جميع القوات الفرنسية من تونس، بما في ذلك بنزرت".
إقرأ المزيدالمفاوضات مع فرنسا كانت أفضت إلى إبرام الطرفين في 3 يونيو 1955 اتفاقا قضى باستقلال تونس على أن تحتفظ فرنسا بمنطقتين بهما قواعد عسكرية، هما مدينة بنزرت وأراض مجاوزة في شمال البلاد، علاوة على إقليم في الجنوب.
في بنزرت كان للفرنسيين قاعدة بحرية منذ عام 1882، وكانت تعد نقطة استراتيجية للجيش الفرنسي وأيضا بالنسبة لحلف شمال الأطلسي، باعتبارها قاعدة بحرية هامة على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط.
كانت الجزائر المجاورة تخوض كفاحا مسلحا بقيادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية ضد الاستعمار الاستيطاني الفرنسي، وقد أعرب بورقيبة عن دعمه للكفاح الجزائري من أجل الاستقلال عن فرنسا.
الحبيب بورقيبة الذي قاد حركة النضال الوطني التونسي ضد الاستعمار الفرنسي، ترأس في البداية حكومة بلاده بعد الاستقلال في 20 مارس 1956، ثم تولى رئاسة الجمهورية بعد خلع الباي محمد الأمين وإنهاء النظام الملكي في 25 يوليو 1957.
احتضنت تونس المقاومة الجزائرية على أراضيها وكانت مقرا للحكومة الجزائرية المؤقتة في عام 1958.
وجه المقاتلون الجزائريون ضربتين موجعتين للقوات الفرنسية داخل الجزائر انطلاقا من الأراضي التونسية، حدثت الأولى في 2 يناير 1958 وأسفرت عن أسر 4 جنود فرنسيين، نقلوا على داخل الأراضي التونسية، وأسفر هجوم جزائري استهدف نقطة حدودية للفرنسين في الجزائر في 11 يناير عن مقتل 14 جنديا فرنسيا وإصابة 2 آخرين وأسر 4.
زعمت سلطات الاحتلال الفرنسية أن الهجوم الأخير انطلق من معسكر قرب قرية ساقية سيدي بوسف التونسية، وردت في 8 فبراير 1958 بشن غارة جوية ضخمة على البلدة التونسية ومحيطها خلفت العديد من الضحايا من المواطنين التونسيين اللاجئين الجزائريين أغلبهم من التلاميذ، إضافة إلى تدمير شاحنتين للصليب الأحمر ومدرسة.
توترت العلاقات بين تونس وفرنسا بشدة، واستدعت تونس سفيرها من باريس وقامت بطرد خمسة قناصل فرنسيين من أراضيها، وفرضت حصارا على ثكنات الجيش الفرنسي المتبقية على أراضيها، وجدد بورقيبة المطالبة بجلاء القوات الفرنسية بالكامل من أراضي بلاده.
بالمقابل واصلت فرنسا تعنتها ورفضت بشدة التخلي عن قاعدتها البحرية الاستراتيجية في بنزرت. كان الفرنسيون يعتقدون أن هذه القاعدة العسكرية مهمة للغاية وهي الضمانة "الوحيدة" في المنطقة لمواجهة الاتحاد السوفيتي وحمايتها أيضا من المد العربي المتمثل في جمال عبد الناصر.
يقول الخبير الفرنسي سيباستيان أبيس في كتاب بعنوان " قضية بنزرت.. أزمة جيوسياسية غير معروفة" بهذا الشأن:" منذ اندلاع الثورة الجزائرية في نوفمبر 1954، سيكون من غير الحكمة إنكار الدور الواضح أحيانا الذي لعبته قاعدة بنزرت في العمليات العسكرية الفرنسية في الجزائر. تعمل بنزرت كمنصة لوجستية ونقطة للتزود بالوقود ومركز لإعادة تجميع القوات الفرنسية. لا يمكننا أن نفهم الاحتفاظ الفرنسي ببنزرت من دون النظر إلى ارتباطه الوثيق بالحرب الجزائرية. في أكتوبر 1958، في ذروة القتال، بلغ عدد القوات الفرنسية المتمركزة في بنزرت 13000 رجل آخر.
التطور الخطير في وقت تمثل في إعلان الأدميرال الفرنسي موريس أمان الذي كان يقود قاعدة بنزرت في 4 مايو 1961 بدء العمل في توسيع المدرج في القاعدة، وانطلق العمل بالفعل من طرف واحد، وبتجاهل تام للسيادة التونسية، في 15 أبريل.
تطورت الأحداث بعد ذلك بسرعة، وأعلنت السلطات التونسية رسميا فرضها حصارا على القاعدة الفرنسية في بنزرت، وتمركزت في 19 يوليو، ثلاث كتائب تونسية مدعومة بالمدفعية في مواقع تمنع بشكل تام المركبات العسكرية الفرنسية من حرية الحركة، كما جرى اعتقال 30 عسكريا و22 مدنيا فرنسيا في سوسة، وفي ظهر ذلك اليوم أعلن الراديو المحلي إغلاق المجال الجوي فوق بنزرت وجنوب تونس، وتلقت القوات التونسية أمرا بفتح النار على جميع الطائرات الفرنسية التي تنتهك المجال الجوي التونسي.
فجر اليوم التالي 20 يوليو تعرضت مواقع عسكرية فرنسية في بنزرت لهجمات بالقنابل الحارقة وبقذائف الهاون، وفي الساعة السادسة من الصباح أعلن الأدميرال الفرنسي موريس أمان قائلا لم يعد للمصالحة مكان، وقد "أمرت باتخاذ إجراءات انتقامية ضد المواقع التونسية حول بنزرت، وبدأت الطائرات من مستوى منخفض بتسويتها بالأرض".
بورقيبة رد في الساعة 09:30 بتوجيه نداء إلى قوات بلاده المسلحة دعاها فيه وفقا للدستور إلى مقاومة احتلال القوات الفرنسية لمدينة بنزرت بشجاعة وبكل والوسائل.
القتال حول بنزرت تواصل لمدة ثلاثة أيام باستخدام المدفعية والدبابات والطائرات، وتقدر الخسائر البشرية في صفوف الفرنسيين ما بين 20 إلى 30 قتيلا ومئات الجرحى، فيما بلغت خسائر التونسيين حوالي 600 قتيل إضافة إلى 500 جريح.
بعد مفاوضات انطلقت بين الطرفين 17 سبتمبر 1961 تم بنهاية المطاف في 29 سبتمبر الاتفاق على جلاء الفرنسيين من مدينة بنزرت بشكل تدريجي.
العلم الفرنسي أنزل من سارية القاعدة البحرية في بنزرت في 15 أكتوبر 1963، ورحل آخر جندي فرنسي من القاعدة في نفس اليوم، واكتملت بذلك حرية تونس وسيادتها الوطنية.
اللافت أن الرئيس الفرنسي شارل ديغول كان صرّح بأسلوب ساخر قبل ذلك في أبريل 1963 قائلا: "سنترك بنزرت لأن بنزرت لن تكون ذات فائدة لنا بعد أن أصبح لدينا قوة نووية. وبمجرد أن يكون الأمر كذلك، سنقوم بالإخلاء... والآن لا يوجد ما يمنعنا من المغادرة. لقد بدأنا بامتلاك أسلحة نووية. سنتمكن من سحق بنزرت وموسكو في نفس الوقت".
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف الاتحاد السوفييتي موسكو القوات الفرنسیة فی بنزرت
إقرأ أيضاً:
الإدارة الأمريكية تعيد مهاجرين من غوانتانامو إلى لويزيانا.. ينتمون لعصابة ترين دي أراغوا
ذكرت وسائل إعلام أمريكية، الأربعاء الماضي، أن السلطات الأمريكية قامت "بشكل مفاجئ" بإخلاء مجموعة ثانية من المهاجرين الذين تم نقلهم سابقاً إلى القاعدة العسكرية في خليج غوانتانامو، حيث أعادت 40 رجلاً إلى ولاية لويزيانا بعد احتجازهم في القاعدة خلال الأسابيع الماضية.
ونقلت إذاعة "فويس أوف أميركا" عن مسؤولين دفاعيين قولهم إن المجموعة التي تم إخلاؤها تضم 23 مهاجراً "غير قانوني يشكلون تهديداً عالياً"، بالإضافة إلى آخرين، حيث تم نقلهم جميعاً إلى لويزيانا الثلاثاء الماضي عبر طائرة غير عسكرية، بناءً على توجيهات من مسؤولي وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية.
ولم تتمكن الإذاعة من الحصول على تعليق رسمي من الوكالة أو من وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، حيث أشارت إلى أن المتحدث باسم وكالة الهجرة والجمارك رفض التعليق الأسبوع الماضي بسبب وجود قضايا قانونية معلقة.
وكانت وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية، كريستي نوم، قد أكدت عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن العديد من المهاجرين الذين تم إرسالهم إلى غوانتانامو هم أعضاء في عصابة "ترين دي أراغوا" الفنزويلية، وقد تم توجيه تهم إليهم أو اعترفوا بارتكاب جرائم مثل القتل ومحاولة القتل، والاعتداء، وتهريب الأسلحة، والمخدرات.
يذكر أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كانت قد أعلنت في كانون الثاني/ يناير الماضي عن خطط لاستخدام قاعدة غوانتانامو لاستقبال المهاجرين المقرر ترحيلهم، حيث وصفت نوم المنشآت بأنها ستُستخدم لإيواء "أسوأ المجرمين".
وفي نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي، وصف وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسميث، مركز الاحتجاز في غوانتانامو بأنه "المكان المثالي" لاحتجاز "المجرمين" المقرر ترحيلهم، مشيراً إلى أن المركز سيُفتح أيضاً لاستقبال المهاجرين غير العنيفين الذين ينتظرون الترحيل.
وكانت أولى مجموعات المهاجرين قد وصلت إلى غوانتانامو في شباط/ فبراير الماضي على متن طائرات شحن عسكرية، حيث مكث بعضهم لأيام أو أسابيع قبل ترحيلهم.
وفي الشهر الماضي، قامت وكالة الهجرة والجمارك بترحيل 177 شخصاً من غوانتانامو إلى هندوراس، حيث كان من المقرر إعادتهم إلى فنزويلا، قبل أن يتم نقل مجموعات أخرى إلى القاعدة.