كيف وجهت النيجر ضربة أفريقية جديدة لأميركا والغرب؟
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
واشنطن– نيامي- تؤمن دوائر صنع القرار الأميركية أنه رغم إجراء 3 انتخابات ديمقراطية في النيجر منذ عام 2011، فإنها لا تزال تواجه تحديا يتمثل في سوء الحكم ووجود جماعات إرهابية متطرفة، وهي قضايا استخدمتها السلطات الانتقالية العسكرية لتبرير سيطرتها على مقاليد الحكم بعد انقلاب يوليو/تموز من العام الماضي.
ومنذ إعلان المجلس العسكري في النيجر قبل أيام إنهاءه الاتفاق الذي يسمح للقوات الأميركية بالعمل في البلاد، تحاول واشنطن فك طلاسم معضلة التعامل الأميركي في دول غرب أفريقيا.
وجاء إعلان حكومة النيجر بعد أيام قليلة فقط من زيارة وفد أميركي ضم قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا، الجنرال مايكل لانغلي، ومولي في، مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية، حيث تم انتقاد "تصرفات المجلس العسكري وافتقاره إلى الشفافية بشأن من سيشارك في منظومة الحكم".
ولم تدن الإدارة الأميركية انقلاب 26 يوليو/تموز الماضي في النيجر، ولم تصنفه علنا بوصفه انقلابا، بل دعت المجلس العسكري باعتباره سلطة الأمر الواقع للتعجيل بالعودة إلى المسار الديمقراطي، ولم تحاول القيام بأي وساطات بين الرئيس المحتجز بازوم، والسلطة الجديدة، بالمقابل لم يطلب الانقلابيون من الولايات المتحدة إخلاء قاعدتهم كما فعلوا مع فرنسا.
يذكر أنه بعد استيلاء جيش النيجر على السلطة وإطاحته بالرئيس محمد بازوم، طالب بخروج القوات الفرنسية من البلاد، لكن القوات الأميركية بقيت.
وتحاول واشنطن إيجاد سبل للعمل مع الحكومات العسكرية التي استولت على السلطة في النيجر وبوركينا فاسو ومالي لمحاربة من تصفهم بالمتشددين والمتطرفين في المنطقة.
لكن في الوقت نفسه، ضغطت إدارة جو بايدن على النيجر لوضع جدول زمني لاستعادة الحكم الديمقراطي، وأفادت تقارير بأنها دقت ناقوس الخطر من صفقة محتملة لبيع اليورانيوم إلى إيران، ومن تطور العلاقات العسكرية بين روسيا والنيجر، مما أدى للموقف الصارم من المجلس العسكري الحاكم في النيجر.
وفي الوقت الذي بدأت الأوضاع في النيجر تسير نحو الانفراج مع المجموعة الاقتصادية "إيكواس" برفع العقوبات المفروضة عليها، وإنهاء نيجيريا التي ترتبط بالنيجر بمصالح أكثر من غيرها من دول المنظومة قرارات المقاطعة، أعلنت الولايات المتحدة قبل أشهر عديدة إعادة الانخراط مع النيجر من أجل تسهيل العودة إلى المسار الديمقراطي.
وفي ظل التخوفات الأميركية من التقارب الروسي مع المجلس العسكري في النيجر، قررت الولايات المتحدة ابتعاث وفد كبير تترأسه مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية مولي في.
وبحسب بيان الخارجية الأميركية، فإن الوفد كان يضم إلى جانب في الجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة الأميركية في أفريقيا، وسيليست والاندر، وهي مسؤولة كبيرة في وزارة الدفاع، وكانت الأجندة التي أعلنت عنها الخارجية هي "عودة النيجر إلى المسار الديمقراطي ومستقبل الشراكة الأمنية والتنموية".
وبمجرد مغادرة الوفد الأميركي أرض مطار نيامي خرج الجنرال على القناة الرسمية معتليا قبعته الزرقاء ليعلن إنهاء التعاون العسكري بين النيجر والولايات المتحدة الأميركية، مما شكل مفاجأة للمراقبين.
يرى جوناثان وينر، نائب مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون إنفاذ القانون الدولي، للجزيرة نت، أن "انهيار النفوذ الفرنسي في غرب أفريقيا، وسط الانقلابات العسكرية وصعود الدكتاتوريات، وما صاحبها من انتشار نفوذ روسي سام، قدم فرصة لزيادة ترسيخ الحكم العسكري الاستبدادي ونظم الحكم المناهضة للديمقراطية في جميع أنحاء غرب ووسط أفريقيا".
وقال مسؤول دبلوماسي أفريقي، رفض أن يذكر اسمه، للجزيرة نت، إن ما تشهده النيجر وبوركينا فاسو ومالي، ما هو إلا إعلان رفض أفريقي ليس للنفوذ الأميركي أو الفرنسي فحسب، بل للنفوذ والنموذج الغربي بأكمله.
وفي حديثه للجزيرة نت، أشار الدبلوماسي الأفريقي، إلى أن "النيجر اعتبرت أميركا وريثا للنفوذ الفرنسي، ورأت أن تتعامل مع واشنطن التي قد توفر لها موارد وإمكانيات تسمح بتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية من دون التدخل في الشأن السياسي الداخلي".
وأردف "إلا أن واشنطن لم تكن تكترث إلا بمكافحة ما تعتبره إرهابا إسلاميا في النيجر وبقية دول الساحل. من هنا جاء انسحاب النيجر ومعها مالي وبوركينا فاسو من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) حيث اعتبرتها أداة في يد فرنسا والغرب للتحكم في الدول الأعضاء".
نفوذ إيراني
وعن النفوذ الإيراني في النيجر، وما يتردد في واشنطن حول اتفاق مد إيران باليورانيوم، رد الدبلوماسي الأفريقي بالقول "لا توجد وسيلة لتأكيد أو نفي هذه الاتهامات، وعلينا أن ندرك أن عددا من الدول متوسطة القوة، مثل تركيا والمغرب وإيران والهند، تتسابق للحصول على موطئ قدم في دول غرب أفريقيا مع تلاشي النفوذ الفرنسي وتراجعه. وذلك إضافة للسباق بين الدول الكبرى مثل فرنسا وأميركا وروسيا والصين".
وكان رئيس المجلس العسكري الحاكم في النيجر عبد الرحمن تياني قال في خطابه إن "حكومة النيجر ترفض الادعاءات الكاذبة لرئيس الوفد الأميركي بتأكيده أنها وقعت اتفاقا سريا بشأن اليورانيوم مع جمهورية إيران الإسلامية".
ولدى الولايات المتحدة تاريخ طويل مع المعلومات الاستخباراتية المتعلقة باحتياطيات اليورانيوم في النيجر. وفي حين كانت إدارة جورج دبليو بوش تدافع عن حجتها لغزو العراق، فقد استشهدت بمعلومات استخباراتية خاطئة حول سعي حكومة صدام حسين شراء اليورانيوم من النيجر لاستخدامه في برنامجها للأسلحة النووية.
بدوره، رأى ماثيو والين الرئيس التنفيذي لمشروع الأمن الأميركي -وهو مركز بحثي يركز على الشؤون العسكرية- في حديث للجزيرة نت أن قرار مجلس الحكم العسكري في النيجر "يبدو نتيجة مؤسفة، ودائما ما كانت جهود تحقيق التوازن بين مطالب عمليات مكافحة الإرهاب في بلد يديره مجلس عسكري وصل للحكم عن طريق انقلاب دائم محفوف بالمخاطر".
وأشار الدبلوماسي الأفريقي إلى أن واشنطن "أوقفت تمويل العديد من المشاريع التنموية، فقد علق صندوق تحدي الألفية التابع للخارجية الأميركية مساعدات للنيجر بعد استيلاء الجيش على السلطة قيمتها 442.6 مليون دولار بسبب حجج تتعلق بالفشل في تلبية معايير الحوكمة أو غيرها من المعايير".
من جهته، قال جوناثان وينر "اختار المجلس العسكري في النيجر بوضوح جعل روسيا شريكه العسكري الرئيسي والتخلي عن فوائد العمل مع الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب. ولن تكون النتائج سيئة بالنسبة للغرب فحسب، بل للاستقرار والأمن في أفريقيا".
واستدرك وينر قائلا "لا ينبغي لأحد أن يفاجأ. كانت روسيا تعد لذلك منذ سنوات. أما الولايات المتحدة، فكانت في وضع ضعيف لمواجهته نتيجة التزاماتها القانونية بالحد من المساعدات للحكومات التي تنتهك حقوق الإنسان".
محور النزاعليس من الواضح على الفور ما يعنيه قرار النيجر لمئات الجنود الأميركيين الذين يعملون حاليا داخلها. كانت القوات الأميركية توفر التدريب لقوات الأمن في البلاد قبل الانقلاب، وكانت تدير قاعدتين للطائرات دون طيار في النيجر.
القاعدة الجوية 101 في العاصمة نيامي، والقاعدة الجوية 201 بالقرب من أغاديز، هما مطاران يستخدمهما الجيش الأميركي في عمليات مكافحة الإرهاب ضد تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا. وبعد الانقلاب، نقلت الولايات المتحدة الكثير من أفرادها من القاعدة الجوية 101 إلى القاعدة الجوية 201.
ويبدو أن تكثيف التعاون العسكري بين روسيا والنيجر هو محور النزاع بين الولايات المتحدة والمجلس العسكري النيجري، حيث اتفقت روسيا والنيجر على تعزيز علاقاتهما العسكرية في يناير/كانون الثاني الماضي.
وأكد الدبلوماسي الأفريقي الذي تحدث للجزيرة نت أن "خروج الجنود الأميركيين من النيجر قد يترك فراغا سيحاول المسلحون الإسلاميون أو المرتزقة الروس، بما في ذلك ما تبقى من مجموعة فاغنر، استغلاله".
ويرى أن "روسيا يمكن أن تعرض بيع أسلحتها ومعداتها دون وجود شروط لاحترام حقوق الإنسان والالتزام بالقانون الدولي وهي قادرة على بيع أسلحتها بشكل أسرع بكثير من الولايات المتحدة. وفي المقابل، تستفيد روسيا من الموارد الطبيعية في المنطقة، منها مناجم الذهب في النيجر".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات المجلس العسکری فی النیجر الدبلوماسی الأفریقی الولایات المتحدة القاعدة الجویة وبورکینا فاسو غرب أفریقیا للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
هل ستتمكن إدارة ترامب من حل مشكلة الديون الأميركية؟
تتّجه أنظار المراقبين في العالم إلى القرارات السريعة والمثيرة للجدل التي أصدرها الرئيس الأميركي ترامب منذ دخوله البيت الأبيض، لتشمل نواحيَ عديدة في الحياة العامة الأميركية، مثل محاولة ترحيل المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة الأميركية.
وكذلك فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأميركية، مثل دعوات الاستيلاء على قناة بنما، وضم كندا لتصبح الولاية رقم 51، وكذلك رغبته في شراء جزيرة غرينلاند من الدانمارك، ورغبته في الحصول على المعادن الثمينة من أوكرانيا، والاستيلاء على قطاع غزة.
ولكن تظل هنالك قضية لم تهتم بها كثيرًا الدوائر الإعلامية، وهي قضية الديون الأميركية التي ستكون بلا شك هي القضية الهامة والحاسمة في تحديد مصير الولايات المتحدة على المدى البعيد.
ولقد اختار الرئيس الأميركي ترامب، إيلون ماسك -الذي يعتبر أغنى رجل في العالم حاليًا ومقرّبًا جدًّا من الرئيس ترامب – ليتولى منصبًا مستحدثًا لأول مرة في الحكومة الفدرالية الأميركية لتحقيق أهداف تقليص العجز في الموازنة الأميركية، ومن ثم تقليص الديون الخارجية الأميركية.
حذّر إيلون ماسك من أن خدمة الدين الأميركي – الفوائد الربوية – ستبلغ حوالي تريليون دولار أميركي سنويًا بما يمثّل حوالي ربع الميزانية العامة الأميركية.
إعلانويبلغ إجمالي الدين الأميركي العام حاليًا حوالي 36 تريليون دولار أميركي، بزيادة يومية تبلغ قرابة ستة مليارات دولار أميركي منذ العام الماضي. أعدّ بعض المهتمين بشأن الديون الأميركية موقعًا على الإنترنت اسمه ساعة الدين الأميركي؛ من أجل إعطاء تصوّر حول كيفية زيادة الديون الأميركية على مستوى الدقيقة الواحدة.
لم تكن مشكلة الديون الأميركية وليدة اللحظة بل هي مشكلة قديمة، ولكن ازدادت حدتها خلال العقود الأخيرة. عندما ترشّح الرئيس الأميركي رونالد ريغان للرئاسة الأميركية في عام 1980، رافعًا شعار "الحكومة ليست هي الحل لمشاكلنا بل هي المشكلة بعينها"، من خلال إنفاقها أموالًا لا تملكها مما سيشّكل عبئًا ماديًا ثقيلًا على الأجيال الأميركية القادمة.
ولكن حينما وصل رونالد ريغان إلى سدة الحكم، لم يكن الدين الأميركي حينئذ يتجاوز أكثر من تريليون دولار أميركي واحد، ولم تمضِ فترتا رونالد ريغان الرئاسيتان حتّى بلغ الدين الأميركي أكثر من تريليونَي دولار أميركي، ومن هنا بدأت عجلة الدين الأميركي تسير بوتيرة متسارعة تنذر بمخاطر كثيرة ليست فقط للاقتصاد، ولكن للعالم أجمع.
وخلال الخمس والعشرين سنة الماضية زادت الديون الأميركية زيادةً مخيفةً؛ نتيجةً لتعرّض أميركا لثلاث أزمات أمنية واقتصادية سنتناولها سريعًا في هذا المقال.
فاتورة حربَي أفغانستان والعراق الباهظةعندما كان جورج بوش الابن يتجادل مع آل غور نائب الرئيس الأميركي آنذاك والمرشح الديمقراطي في مناظرة رئاسية شهيرة قبيل انتخابات عام 2000 حول كيفية إنفاق فائض الميزانية الفدرالية لإدارة كلينتون، كانت تلك هي المرة الأخيرة لعقود خلت تحقّق فيها الولايات المتحدة الأميركية فائضًا في ميزانيتها.
تبنّى جورج دبليو بوش الابن آنذاك سياسة الاستفادة من هذا الفائض في خفض الضرائب الأميركية لمدة عشر سنوات، استمرّت حتى السنتين الأوليَين في عهد الرئيس باراك أوباما.
إعلانولكن ما إن تعرّضت الولايات المتحدة الأميركية لهجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول الإرهابية، حتّى وجد الرئيس جورج بوش الابن إدارته في حاجة ماسّة لزيادات الإنفاق في مجال الدفاع الوطني؛ لتغطية تكاليف حربين في فترة واحدة في أفغانستان والعراق دون اللجوء لرفع الضرائب المفروضة على المواطنين الأميركيين.
لقد أدّت هذه السياسة الخاطئة لنتائج كارثية تمثّلت في إضعاف نفوذ الولايات المتحدة وتورّطها لعقدين من الزمان في حربين لم تجنِ منهما سوى خسائر فادحة في المال والعتاد والأرواح.
لقد كلّفت حربا العراق وأفغانستان ما بين أربعة إلى ستة تريليونات دولار أميركي، مما زاد معدل الديون الخارجية للولايات المتحدة من بداية عهد جورج بوش الابن إلى نهاية عهده الذي مثّل بداية الانحدار السريع في مشكلة الديون الأميركية.
الكساد الاقتصادي العظيم 2008كانت أزمة ما يعرف بالكساد الاقتصادي العظيم عام 2008، هي الكارثة الثانية التي ساهمت إسهامًا كبيرًا في ارتفاع وتيرة الديون الأميركية. لم يجد جورج بوش الابن في نهاية فترته الرئاسية، وكذلك الرئيس أوباما في بداية عهده من مفر سوى ضخ أموال ضخمة عن طريق الاقتراض؛ لتحفيز الاقتصاد الأميركي، ووقف انهيار أسواق المال الأميركية، تجنبًا لكارثة مماثلة لكارثة الكساد الاقتصادي العظيم لسنة 1929، وما تلاها من نزاعات دولية انتهت إلى حرب عالمية ثانية طاحنة.
جاءت أزمة الكساد الاقتصادي العظيم عام 2008، نتيجةً لجشع البنوك الاستثمارية، وتطبيق سياسات مالية متساهلة في مجال الرهن العقاري، مما تسبّب في خسارة ملايين الأميركيين وظائفَهم وعقاراتهم السكنية.
لقد شعرت شريحة عريضة من المواطنين الأميركيين بالغضب الشديد تجاه الحكومة الفدرالية والرئيس أوباما، معترضةً على سياسة الإنقاذ المالي والدعم الفدرالي للبنوك والشركات الأميركية الكبرى.
إعلانمهّدت هذه الأصوات الشعبية الناقمة لظهور حركة احتجاجية محافظة تعرف بحركة حزب "الشاي" كان إحدى ثمارها انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في عامَي 2016 و2024.
وتقدّر بعض الدراسات الاقتصادية العريقة تكلفة الحزم الاقتصادية التحفيزية لسنة 2008، بحوالي أكثر من تريليونَي دولار أميركي، ولقد نجح الاقتصاد الأميركي في عهد الرئيس أوباما في تجاوز هذه المحنة الاقتصادية التي كادت أن تسبّب انهيارًا بأسواق المال الأميركية، وكذلك بالاقتصاد العالمي برمته، إلا أن هذه الأزمة أيضًا قد زادت من أعباء الديون الأميركية.
أزمة فيروس كورونا الصحيةكانت الأزمة الثالثة الطاحنة التي أثقلت كاهل الديون الأميركية هي أزمة فيروس كورونا الصحية، حيث عصفت بكثير من اقتصادات العالم، ومن ضمنها الولايات المتحدة الأميركية.
لقد كان لرد الفعل الأميركي آنذاك خلال رئاسة الرئيس ترامب الأولى تأثيره الكبير في الحفاظ على الاقتصاد الأميركي من الانهيار، وذلك بضخّ الكثير من الأموال لتحفيز الاقتصاد من خلال دعم الأعمال التجارية الصغرى والمتوسطة، وكذلك دعم الشركات الأميركية الكبرى.
وجاء كذلك الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بحزمة إنقاذ اقتصادية تحفيزية للاقتصاد الأميركي تقدر قيمتها بحوالي تريليونَي دولار أميركي، مما أثقل الدين الأميركي أكثر مما يحتمل، ولم تشفع سياسات بايدن الاقتصادية لمساعدة الفقراء الأميركيين في الحصول على تجديد العهد لحزبه الديمقراطي مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية عام 2024.
وفي تقرير أعده ديفيد كتلر، الأستاذ الجامعي بجامعة هارفارد، أوضح أن الآثار الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا تشتمل على ثلاثة أنواع من التكلفة الاقتصادية، منها ما يتعلق بتراجع نوعية الحياة، مما يكلف المجتمع الأميركي حوالي تريليونَي دولار أميركي، وتناقص الدخل نتيجة لفيروس كورونا بما يعادل تريليون دولار، وكذلك زيادة الإنفاق الطبي الذي سبّبته الجائحة بما يعادل نصف تريليون دولار، لتكون التكلفة الإجمالية أكثر من ثلاثة تريليونات دولار أميركي، علاوة على تكلفة الدعم المباشر، الذي قدّمه كل من الرئيسين: ترامب، وبايدن.
إعلانومن المتوقع أن تؤدي السياسات الاقتصادية للرئيس الأميركي الحالي – مثل سياسة تخفيض الضرائب الأميركية التي تتضمن تخفيضات كبيرة لضرائب الشركات الأميركية والأثرياء – إلى إضافة حوالي أربعة تريليونات دولار للدين الأميركي خلال السنوات القادمة، حسب بعض الدراسات الحالية.
سيكون لارتفاع الدين الأميركي العام تأثير عظيم على الاقتصاد الأميركي، وعلى قطاعات أساسية في المجتمع الأميركي، مثل استمرار الالتزامات الحكومية الأميركية حيال الضمان الاجتماعي، ودفع خدمة الدين العام نفسه، وكذلك على قدرات الولايات المتحدة الأميركية في الاستمرار في فرض هيمنتها السياسية والعسكرية على العالم، والدخول في حروب طويلة كالتي خاضتها في العراق وأفغانستان.
وربما لن تستطيع الولايات المتحدة الأميركية مواجهة أزمة اقتصادية قادمة مثل أزمة الكساد العظيم عام 2008، أو أزمة فيروس كورونا، ما لم تعالج قضية تراكم الدين العام معالجةً تحدّ من تفاقم المشكلة، وكذلك لا يبدو العالم مستعدًا أيضًا للبحث عن حلول تعالج مشكلة الديون التي تعاني منها الكثير من دول العالم المتطوّر.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline