الجزيرة:
2024-09-19@04:06:25 GMT

معركة جناق قلعة وعقدة العلمانيين الأتراك

تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT

معركة جناق قلعة وعقدة العلمانيين الأتراك

أحيت تركيا الرسميّة والشعبية كعادتها سنويًا الذكرى الـ 109 لانتصار الجيش العثماني على قوات الحلفاء: إنجلترا، وفرنسا، ونيوزيلندا، وأستراليا، خلال الحرب العالميّة الأولى، في واحدة من أكثر معارك التاريخ عنفًا ودموية.

وهي المعركة المعروفة باسم "جناق قلعة"، التي استمرّت قرابة العام، إذ بدأت من مطلع أغسطس/ آب 1914 حتى الثامن عشر من مارس/ آذار 1915، ودارت تحديدًا للدفاع عن مدينة إسطنبول، عاصمة دولة الخلافة العثمانية، وصد محاولات اختراقها، ومنع سقوطها.

جناق قلعة بين الاحتفاء والتجاهل

وبينما احتفت بهذه المناسبة العظيمة، وسائل الإعلام التركية ذات التوجّه القومي والإسلامي، وأفردت لها مساحات كبيرة من ساعات بثّها على مدى الأيام الماضية، لوحظ غياب تام لنظيرتها اليسارية والعلمانية – وما أكثرها – عن الحدث، متجاهلة الحدث تمامًا، وكأنه لم يكن.

وذلك رغم الدور البطولي لمصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية، فيها – حيث كان عليهم استغلاله، وتوظيفه لخدمتهم – خاصة أنه الدور الذي لا يستطيع منصف أن ينكره، أو يقلل من قيمته، حيث كان أتاتورك آنذاك برتبة نقيب، ويتولى قيادة الفرقة "التاسعة عشرة احتياط"، وهي الفرقة التي قادت المرحلة النهائية والحاسمة من المواجهة التاريخية لهذه الحرب، التي عرفت باسم "أنتفارتلار".

إذ تصدّرت صورته عقبها صدر الصحف التركيّة، التي أطلقت عليه لقبَي "حامي إسطنبول" و "بطل الدردنيل"، في أول ظهور له على الساحة السياسية والإعلامية، كما أقيم له تمثال كبير قرب تبّة "شونك بيري"، التي وقعت فيها آخر فصول هذه المعركة، وأول انتصارات أتاتورك العسكرية، وبداية مسيرته السياسية.

إضافة إلى أن معركة جناق قلعة – وهي مدينة تقع على مضيق الدردنيل الذي يقع بين البحر الأسود والبحر المتوسط – تُعد مصدرَ فخر لجميع الأتراك كإحدى أهم صفحات التاريخ المشرف للدولة، التي تبرز قدرتها على الصمود وتحقيق البطولات، وضمان حرية البلاد واستقلالها، وتعد نموذجًا مشرقًا لقوة الإرادة الوطنية في مواجهة العدوان عليها من جانب القوى الأجنبية التي احتشدت ضدها.

وأظهرت الإصرار وعدم التراجع عن تحقيق الهدف، رغم ارتفاع عدد الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداءً لاستقلال المدينة، والبالغ عددهم مئتين وخمسين ألف جندي من مجموع ثلاثمئة وخمسة عشر ألف جندي، هم مجموع جيش الإمبراطورية العثمانية.

العرب سبب التجاهل

تجاهل الإعلام العلماني واليساري، وعزوفه عن المشاركة في إحياء ذكرى انتصار معركة جناق قلعة، يعود على الأغلب إلى سبب وحيد، ألا وهو أن معظم جنود الفرقة التاسعة عشرة التي كان يقودها أتاتورك كانوا من العرب، الذين جاؤوا من فلسطين، ولبنان، وسوريا، والعراق، ومصر، ومختلف بلدان العالم الإسلامي للدفاع عن عاصمة الخلافة الإسلامية، ورفع راية الإسلام، ومنع سقوطها تحت ضربات قوات الحلفاء.

حيث تولى أتاتورك مهمة تدريبهم وتأهيلهم للقتال حتى أصبحوا من خيرة المقاتلين، وأكثرهم تفوقًا وتميزًا، وساهموا بحق في تحقيق هذا الانتصار التاريخي على جحافل قوات الحلفاء الذين بلغ عددهم أربعمئة وتسعين ألف جندي؛ سعوا إلى احتلال المدينة، وإسقاطها؛ دعمًا للجيش الروسي الذي كان يتلقى ضربات موجعة من الأسطول العثماني في البحر الأسود.

ولولا الدور العظيم الذي قام به هؤلاء، وهم ملتفون حول السنجق الشريف (وهي الراية التي يشير عدد من الروايات التاريخية إلى رفعها خلال هذه الحرب، ويعتقد كثير من المؤرخين أنها استخدمت من جانب الرسول – صلى الله عليه وسلم – في المعارك التي خاضها)، وتصديهم بأسلحتهم وأجسادهم للدفاع عن المدينة، ووقف زحف قوات الحلفاء لخسرت الدولة العثمانية المعركة، ولتغير الكثير مما تحويه صفحات التاريخ، وما تخطه خرائط الجغرافيا اليوم من حدود.

فسقوط إسطنبول – التي كانت تعد المرجعية الدينية للإسلام، ورمز الحكم لشعوب العالم الإسلامي – سيعني آنذاك إلحاق هزيمة لن تمحى من تاريخ الأمة الإسلامية وحضارتها ككل.

فضل العرب وتضحياتهم

لا يريد العلمانيون الأتراك ولا الكماليون الاعتراف بأن للعرب فضلًا عليهم، وبأنهم كانوا يومًا ما شركاء معهم في هذا الوطن، يتقاسمون جغرافيته، وينعمون بخيراته، ويهبون للدفاع عنه وقت محنه وشدته، وبأنهم سطروا بدمائهم – التي اختلطت بدماء الأتراك أنفسهم، مع دماء الأكراد، والشركس، والهنود، وغيرهم من أبناء الأمة الإسلامية – صفحات مشرقة ومشرفة في تاريخ هذه الأمة.

يرفض هؤلاء تقبّل فكرة أن العرب بدعمهم للدولة العثمانية قد حفروا أسماءهم بأحرف من نور، ليس فقط على الأحجار المنتشرة في كل مكان شهد فصلًا من فصول هذه الملحمة العسكرية، بل وفي كل صفحات التاريخ على اختلاف توجهات مؤرّخيها.

أكذوبة الخيانة العربية

إنهم يستمتعون فقط بترويج أكذوبة أن العرب خانوا الدولة العثمانية، بل وكانوا السبب في انهيارها، ويسعون إلى محو أي علامة تؤكّد كذب هذا الادعاء، أو تشير إلى حقيقة أن العرب كانوا إحدى الركائز التي اعتمدت عليها الإمبراطورية العثمانية في مسيرتها السياسية، والاقتصادية، وانتصاراتها العسكرية.

حتى لو كان الثمن تجاهل الدور الذي قام به مرشدهم ومعلمهم الأول مصطفى كمال أتاتورك في تحقيق هذا الانتصار التاريخي، ومعه فرقته من العرب والمسلمين، حتى تم دحر قوات الحلفاء، وحماية إسطنبول من هزيمة تاريخية، وضياع هيبة الحضارة الإسلامية.

كيف لهم أن يعترفوا أو يتقبلوا أيًا من هذه الحقائق وهم لا يطيقون وجود العرب بينهم، ويلاحقون الأحرف العربية في كل مكان تتواجد فيه، ولو على لافتة لأحد المحال التجارية، ويرفضون سماع اللغة العربية تتداول على الألسنة، ويبدون تأففًا واضحًا لا تخطئه الأعين من جرسه، بل ويطلقون في كل مناسبة انتخابية الوعود لمؤيديهم بنيتهم طرد العرب من البلاد، وإعادتهم من حيث أتوا، ويعلنون دومًا – ودون مواربة أو حياء – حربَهم على كل ما يمتّ لهم بصلة من قريب أو بعيد.

سنبقى ليوم القيامة

ورغم التجاهل واللامبالاة التي يبديها هؤلاء تجاه معركة جناق قلعة، وما تحقق فيها من انتصار، هو آخر انتصار للجيش الإسلامي الموحد تحت راية الإسلام، وقيادة دولة واحدة ضد جحافل التحالف الصليبي، فإن هذه المعركة ستظل حية في أذهان العرب والمسلمين، ولن ننسى – نحن أو الأجيال المقبلة – أسماء العديد ممن شاركوا فيها، ودفعوا أرواحهم؛ ثمنًا لتحقيق هذا النصر العظيم، وسنظل نفخر دومًا بما قدموه دفاعًا عن عاصمة الخلافة الإسلامية.

وهل يستطيع أحدٌ أن ينسى مشاركة سعيد حليم باشا المصري الصدر الأعظم للدولة العثمانية عند بدايات هذه المعركة، أو ما قدّمه الأمير فهد بن فرحان الأطرش الذي دافع بشراسة عن موقعه في ناحية " دميرجي" الكائنة غرب تركيا، ودحره جميع محاولات اقتحامها، ليقضي بقية حياته في المنفى والملاحقة من جانب الإنجليز، بعد أن رفض التعاون معهم، وخيانة الدولة العثمانية.

وغيرهم الآلاف من الشهداء من أبناء أمتنا، الذين تحتفظ أحجار المدينة ونُصُبها التذكاري بأسمائهم، كما تجد أن أسماءهم خطت بعناية فائقة على شواهد القبور في مقابر الشهداء سواء الموجودة في جناق قلعة، أو شانلي أورفة، أو إسطنبول، مصحوبة بمعلومات وافية عن كل شهيد منهم، عن عائلته، والبلد الذي أتى منه وفق التقسيم الجغرافي الحالي لبلدان وطننا العربي والإسلامي. شواهد قبور شاهدة على ما قدمه العرب للإمبراطورية العثمانية، من بطولات وتضحيات رغم أنف المضللين.

ولعل جملة الرئيس أردوغان التي قالها أثناء أحد الاحتفالات بهذه المناسبة التاريخية: " نحن هنا منذ ألف عام، وسنبقى إلى يوم القيامة إن شاء الله"، هي الرد الأمثل على أمثال هؤلاء الكارهين، والمتجاهلين، واللامبالين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات قوات الحلفاء للدفاع عن ة التی

إقرأ أيضاً:

مع اقتراب موعد القول الفصل.. تيك توك يخوض معركة مصيرية في أميركا

تواجه منصة تيك توك الشهيرة تحديا قانونيا حاسما في العاصمة واشنطن، حيث تخوض معركتها الأخيرة لتفادي قرار فرضته الإدارة الأميركية. ومع اقتراب الموعد النهائي في يناير 2025، تجد الشركة نفسها أمام خيارين صارمين: إما بيع عملياتها داخل الولايات المتحدة أو مواجهة حظر كامل.

وبوجود 170 مليون مستخدم في أميركا، أصبح تيك توك لاعبا رئيسيا في عالم وسائل التواصل الاجتماعي. إلا أن ارتباطه بالشركة الصينية "بايت دانس" يثير مخاوف كبيرة تتعلق بالأمن القومي الأميركي، الأمر الذي دفع السلطات إلى اتخاذ إجراءات قانونية قد تضع نهاية للتطبيق إذا لم تغير ملكيته بحلول الموعد المحدد.

وتسعى "بايت دانس" لإقناع القضاة في المحكمة الفيدرالية في واشنطن بأن الخيارات المفروضة عليها تتعارض مع مبادئ الدستور الأميركي.

ومع تصاعد الجدل، يبقى السؤال المثير: من يسيطر فعليا على خوارزميات تيك توك؟ وهو ما يسعى القضاة لمعرفته فعليا لاتخاذ قرار يوازن بين ضرورات الأمن القومي وحرية التعبير المكفولة بالتعديل الأول من الدستور الأميركي.

دفاع أساسه التعديل الأول

وتمحور دفاع تيك توك وحملته القانونية بشكل أساسي حول التعديل الأول للدستور الأميركي، حيث زعمت الشركة أن حظر التطبيق سينتهك حقوق حرية التعبير لملايين المستخدمين الأميركيين.

وفي جلسة الاستماع أمام المحكمة الفيدرالية في واشنطن العاصمة، الاثنين، جادل محامي تيك توك، أندرو بينكوس، بأن التطبيق منصة يستخدمها الأميركيون للتعبير عن أنفسهم والوصول إلى المعلومات.

وقال إن شركة "بايت دانس"، رغم أن مقرها في الصين، ليست شركة خاصة وليست مؤسسة حكومية.

وقارن المحامي بينكوس منصة تيك توك بوسائل إعلام مملوكة لأجانب مثل "بوليتيكو" و"بيزنس إنسايدر"، المملوكتين لشركات ألمانية، لكنهما تعملان بحرية في الولايات المتحدة من دون مواجهة قيود مماثلة.

"سر" الخوارزمية.. كيف تنتشر المعلومات المضللة على تيك توك؟ هل لديك حساب على تطبيق تيك توك؟ إذا كانت إجابتك "نعم"، فأنت واحد من بين نحو مليار شخص يقضون ساعات يوميا في استكشاف مقاطع فيديو قصيرة متدفقة بشكل يشعرك أن هذا التطبيق يفهم ما تريد.

لكن محامي وزارة العدل الأميركية، دانيال تيني، رد على تلك الحجج بالقول إن ملكية "بايت دانس" تشكل خطرا خاصا على الأمن القومي الأميركي.

وأعربت الحكومة الأميركية عن قلقها من أن الحكومة الصينية قد تستغل خوارزمية تيك توك للتأثير على الرأي العام الأميركي أو حتى التجسس.

وأشار تيني إلى أن شركة "بايت دانس"، الخاضعة للقوانين الاستخباراتية الصينية، قد تُجبر على تسليم بيانات المستخدمين الأميركيين، مما يجعلها تهديدا للأمن القومي.

وتنفي تيك توك هذه الادعاءات، مؤكدة أن بيانات المستخدمين مخزنة على خوادم في الولايات المتحدة كجزء من مبادرة "مشروع تكساس"، التي تهدف إلى فصل العمليات الأميركية عن "بايت دانس".

شكوك القضاة

ووسط هذا الجدل حول مخاوف الأمن القومي وحرية التعبير، يحاول قضاة المحكمة الفيدرالية الفصل في المسألة.

وأبدت هيئة القضاة الثلاثة في محكمة الاستئناف الأميركية في دائرة العاصمة، برئاسة القاضية، سري سرينيفاسان، شكوكا تجاه كلا الجانبين.

ففي حين أقر القضاة بجدية مخاوف الحكومة الأميركية المتعلقة بالأمن القومي، فإنهم تساءلوا أيضا عما إذا كانت حجج تيك توك بشأن حرية التعبير منطقية وأن إهمالها قد يضر يحق المستخدمين في التعبير.

وقالت القاضية، نعومي راو، إن عمليات تيك توك في الولايات المتحدة هي جزء أصيل من خطاب محمي بموجب التعديل الأول في الدستور الأميركي، مما يجعل القضية أكثر تعقيدا من مجرد مسألة أمن قومي.

وخلال هذا الجدل القانوني، أثار قضاة المحكمة أسئلة، مثل ما إذا كان بإمكان الولايات المتحدة تقييد وسيلة إعلامية مملوكة لعدو أجنبي خلال زمن الحرب. وهذه الأسئلة تعكس تعقيد قضية تيك توك، التي ترتبط ملكيتها بحكومة أجنبية بينما مستخدموها بشكل رئيسي من المواطنين الأميركيين الذين يمارسون حقوقهم في حرية التعبير.

لوحة إلكترونية تنشر إعلانا لمنصة تيك توك خلال مباراة كرة قدم في الدوري الأميركي لكرة القدم في ولاية كولورادو أيهما أجدر بالرعاية؟

تتمحور النقاشات داخل المحكمة حول سؤال أساسي يحاول القضاء الوصول إلى إجابة عنه: أيهما أجدر بالرعاية، الأمن القومي الأميركي أم حرية التعبير المكفولة في التعديل الأول؟ ويشتد تعقيد هذه المسألة لأن بين الخيارين خطا دقيقا قد يصعّب مهمة القضاة الذين سيجدون أنفسهم يقررون وفق أكثر المعطيات والمرافعات حجة ومنطقية.

فحجة الحكومة الأميركية أن ملكية "بايت دانس" لتيك توك يمكن أن تسمح للحكومة الصينية بالتلاعب بخوارزمية التطبيق لنشر حملات تضليل أو للتجسس، هذا يدخل في صلب الأمن القومي الأميركي، والحكومة مسؤولة عنه.

وقد زادت هذه المخاوف بسبب التنافس الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين، وكذلك سجل الصين في استخدام التكنولوجيا للمراقبة والسيطرة.

هل يشكل "تيك توك" خطرا على المراهقين؟ تشهد محاكم في الولايات المتحدة دعاوى قضائية ضد بعض شركات التواصل الاجتماعي، بحجة تورطها في تشجيع مراهقين على الانتحار، بينما طالب ناشطون بضرورة تعديل بعض القوانين التي تعفي شركات التواصل الاجتماعي من المسؤولية عن ما ينشر فيها بواسطة المستخدمين.

وتعمل "بايت دانس"، الشركة الأم لـ تيك توك، بموجب القوانين الاستخباراتية الصينية، التي تتطلب من الشركات التعاون مع الحكومة الصينية في الأمور المتعلقة بالأمن الوطني الصيني.

وبينما تدعي "بايت دانس" أنها لم تشارك بيانات مع الحكومة الصينية، فإن مجرد إمكانية أن تكون مجبرة على القيام بذلك يكفي لإثارة قلق المسؤولين في واشنطن.

لكن تيك توك كانت قد واجهت تحديا كبيرا نسف دفاعاتها بشأن حماية الخصوصية ومحاربة التضليل.  

ففي عام 202، نشرت وثيقة تحمل عنوان "TikTok Algo 101" كتبها فريق الشركة الهندسي في بكين، تكشف ما لم تكن الشركة ترغب في أن يعرفه الجمهور.

وقدمت الوثيقة مستوى جديدا من التفاصيل حول تطبيق الفيديو المهيمن، مما يوفر لمحة كاشفة للسر الذي يمتلكه التطبيق، ونظرة ثاقبة لفهم الشركة للطبيعة البشرية وكيفية التاثير على المستخدمين.

ورفعت الوثيقة الستار الستار عن طبيعة اتصال شركة تيك توك مع الشركة الأم الصينية "بايت دانس"، تزامنا مع تحركات الحكومة الأميركية للتحقق مما إذا كان تطبيق تيك توك يشكل خطرا أمنيا على الولايات المتحدة، قبل أن تشرع جهات حكومية أميركية في حظره في مرافقها.

وحينها، لم تجد المتحدثة باسم الشركة، هيلاري ماكوايد، خيارا سوى تأكيد صحة الوثيقة التي قالت إنها كتبت لتشرح للموظفين غير التقنيين كيفية عمل خوارزميات تيك توك.

تواجه شركة بايت دانس تحديات قانونية في الولايات المتحدة بسبب علاقتها بالحكومة الصينية

ولهذا فإن الحجة التي تبنتها تيك توك لإقناع القضاة بموقفها تستند إلى التعديل الأول للدستور الأميركي، إذ تجادل بأن الحظر يعد انتهاكا لحقوق الأميركيين في الوصول إلى المعلومات والتواصل والتعبير بحرية.

وتستند الشركة في حجتها على حقائق تشير إلى أن تطبيق تيك توك بات مصدرا رئيسيا للتعبير الإبداعي والأخبار والمشاركة السياسية، خاصة بين الأجيال الشابة في الولايات المتحدة.

ووفقا لاستطلاع أجراه مركز "بيو" للأبحاث في عام 2024، فإن 32 بالمئة من البالغين في الولايات المتحدة يؤيدون حظر تيك توك، مقارنة بـ 50 بالمئة في العام السابق.

فيما يجادل المدافعون عن التطبيق بأن القانون يستهدف تيك توك بشكل غير عادل بينما يتجاهل مشكلات الخصوصية ومراقبة المحتوى المماثلة الموجودة في منصات التواصل الاجتماعي الأخرى.

ماذا لو وقع الحظر؟

إذا انتصرت الحكومة الأميركية في هذه القضية، فسيتعين على تيك توك بيع حصته من "بايت دانس" بحلول 19 يناير 2024.

وإذا فشلت "بايت دانس" في بيع تيك توك لشركة غير صينية، فسيتم حظر التطبيق في الولايات المتحدة، وسيطلب من شركات التكنولوجيا الكبرى مثل آبل وغوغل إزالة تيك توك من متاجر التطبيقات، مما يجعله غير صالح للاستخدام مع مرور الوقت.

وسيكون للحظر عواقب واسعة النطاق، وفق خبراء، ليس فقط على مستخدمي تيك توك ولكن أيضا على الاقتصاد الأميركي.

فقد أسهم تيك توك في إنشاء اقتصاد للمحتوى يقدر بـ 24 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة.

كيف خسر "تيك توك" معركته في واشنطن؟ أمضت الشركة المالكة لتطبيق تيك توك السنوات الأربع الماضية في محاولة لدرء الحظر الأميركي، لكنها لم تنجح في ذلك "بسبب سلسلة من الحسابات الخاطئة" وفق صحيفة "وول ستريت جورنال".

بالإضافة إلى ذلك، أصبح التطبيق منصة مركزية للحملات السياسية، بما في ذلك تلك الخاصة بنائبة الرئيس، كمالا هاريس، والرئيس السابق، دونالد ترامب، اللذين استخدما تيك توك للوصول إلى الناخبين الشباب.

وقد يؤدي الحظر إلى نفور ملايين المستخدمين الذين يعتمدون على تيك توك لتحقيق دخل مالي أو للتواصل الاجتماعي.

ويمكن أن يخلق حظر تيك توك، أيضا، سابقة للإجراءات الحكومية المستقبلية ضد منصات التواصل الاجتماعي المملوكة لأجانب، مما قد يغير مشهد الخطاب الرقمي في الولايات المتحدة لسنوات قادمة، وفق خبراء.

مستقبل المعركة القانونية

ومن المتوقع أن تستمر قضية تيك توك حتى ديسمبر، مع احتمال استئناف القرار أمام المحكمة العليا إذا لم يكن الحكم في صالح الشركة.

ورغم أن لدى تيك توك فرصة ما للفوز بالقضية على أسس التعديل الأول، يقدر خبراء قانونيون أن الاحتمالات ليست في صالح الشركة.

ووفقا للخبير القانوني ماثيو شتينهيلم، فإن احتمال أن يتمكن تيك توك من إلغاء القانون لا يتجاوز الثلث، وفق تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست.

وتظل الحكومة الأميركية ثابتة في اعتقادها أن ملكية "بايت دانس" تشكل خطرا غير مقبول على الأمن القومي.

وقد أشارت إدارة بايدن إلى أن القانون لا يعد حظرا تقنيا، حيث يمكن لـ تيك توك تجنبه عن طريق بيع حصته لكيان غير صيني.

ومع ذلك، فإن إيجاد مشتر لشركة تقدر قيمتها بأكثر من 100 مليار دولار في فترة زمنية قصيرة يمثل تحديا كبيرا، خاصة مع وجود قيود تصدير البرامج التي تمنع تيك توك من بيع خوارزمية التوصيات الخاصة بها، وهي جوهر عملها.

وخوارزمية تيك توك عبارة عن نظام توصيات يحدد مقاطع الفيديو التي ستظهر على صفحتك الفريدة والمخصصة لك فقط "For You".

هذا يعني أنه لن يرى مستخدمان نفس مقاطع الفيديو على صفحة "For You" الخاصة بهما، وقد تتغير مقاطع الفيديو التي تشاهدها بمرور الوقت بناء على سلوكيات المستخدم على التطبيق، وحتى حالته الذهنية.

استطلاع: معظم الأميركيين يرون تيك توك أداة نفوذ صينية يعتقد معظم الناس في الولايات المتحدة أن الصين تستخدم منصة تيك توك لتشكيل الرأي العام الأميركي، وفقا لاستطلاع أجرته رويترز/إبسوس مع اقتراب واشنطن من احتمال حظر تطبيق الفيديو الشهير المملوك لشركة صينية.

وتجسد قضية تيك توك المعركة المستمرة بين حقوق حرية التعبير والمخاوف الأمنية الوطنية في العصر الرقمي.

ومع تعامل الحكومة الأميركية مع تأثير الشركات التكنولوجية المملوكة لأجانب، قد تكون لنتائج هذه القضية آثار دائمة على كيفية تفسير المحاكم للتعديل الأول للدستور الأميركي في ما يتعلق بالتكنولوجيا العالمية والمنصات الرقمية.

ومع اقتراب الموعد النهائي للقول الفصل في هذه القضية، تتوجه الأنظار إلى الإجراءات القانونية التي ستحدد ما إذا كان تيك توك سيظل جزءا من الحياة الأميركية أم سينضم إلى قائمة ضحايا الصراع التكنولوجي والأمني بين الولايات المتحدة والصين.

مقالات مشابهة

  • معركة بين مانشستر سيتي وريال مدريد شعارها رودري
  • كيت ميدلتون تستأنف عملها بعد انتهاء علاجها من السرطان: أول اجتماع حول الطفولة المبكرة في قلعة وندسور
  • وزير الخارجية المصري: حماس تؤكد لنا التزامها الكامل باقتراح وقف إطلاق النار الذي توصلنا إليه في 27 مايو والتعديلات التي أجريت عليه في 2 يوليو
  • جبريل أبراهيم أحد رموز معركة الكرامة الذي تجلى شموخه أمس على شاشة الجزيرة
  • السنوار يؤكد جاهزية حماس لـ"معركة استنزاف طويلة" مع إسرائيل في غزة
  • مع اقتراب موعد القول الفصل.. تيك توك يخوض معركة مصيرية في أميركا
  • محافظ جاوا الإندونيسية: نقدر عناية الإمام الأكبر بطلابنا الدارسين في قلعة الوسطية والاعتدال
  • محفوظ: التنازع في قضية المركزي يعد بمثابة معركة كسر عظم
  • إطلاق نار كثيف في أنفة وتلة العرب... ما الذي يحدث هناك؟
  • بعد معركة.. اعتقال أب يتعاطى المخدرات ويعتدي على أطفاله في بغداد