ما ضرَّ ود العطا ما فعل قبل معركة الكرامة ولا بعدها
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
????اقترن اسمه بالمعارك الكبرى والفاصلة ، لم تميزه الشجاعة والبسالة في وسط القوات المسلحة التي تفيض كوادرها بأمثاله من الشجعان البواسل ، ولكنه زاد على ذلك إذ امتاز بالتوفيق ، فحيثما حلَّ سار النصر في ركابه حتى صار فألاً للنصر ، محبوبٌ محفودٌ من قادته وزملائه وجنوده وكل الذين قاتلوا معه على تباينهم من زملائه في الجيش والقوات النظامية إلى المُنداري أو المجاهدين وحتى المُستنفرين والمقاومة الشعبية ، دمِثُ الأخلاق في لُطفٍ عفويٍّ ظاهر ، ولا يمنعه أن يعبر عن نفسه بوضوحٍ صارم ، كلما سمع هيعةً طار إليها ، قاتل في كل مسارح العمليات في الاستوائية والنيل الأزرق ودارفور وغرب النوير وجنوب كردفان وحتى الكرامة ، كنا والكثيرون من أصدقائه نُسمِّيه *الاستراتيجي* ، فما من معركةٍ كبرى إلا وابتدر نفسه لها أو انتدبته لها القيادة ، وما استعرت رحى الحرب في ركنٍ من البلاد إلا وكان جَذيلُها المُحَكِّك وعَذيقُها المُرَجِّب ، وسبق أن اختارته القيادة لقيادة كتيبة حفظ السلام مع الأمم المتحدة في بورندي فآثر مع كتيبته نُصرة زملائهم في الكرمك والميل أربعين في تجرُّدٍ وفداءٍ غير مسبوق ، لا تروقه المكاتب والقاعات والمترفات من الأسفار ، قد تعوَّد أن يُغبَّرَ في السرايا ويخرُجُ من قَتّامٍ في قَتَامِ ، وحيثما دارت رحى المعارك كان ذاك محرابه … واليوم لا نعجب أن أصبح ترجماناً صادقاً لنبض الشعب وقواته النظامية ومقاومته الشعبية وصوتهم الجهير ، فالحمدلله الذي حفظ للسودان الفريق الركن ياسر عبدالرحمن العطا فشفى به قلوب السودانيين.
????سيقول البعض بأن ياسر العطا ليس ملاكاً .. وربما يَصحُّ ذلك فمن ذا الذي تُرضى سجاياه كلها ، ولكن القليلون مثله الذين بذلوا مُهَجَهم لهذه البلاد بشكلٍ مستمرٍ لما يزيد عن الأربعة عقود ، وقد كان في وسعه أن يهرع إلى عاصمةٍ بديلة فيتابع العمليات ويُصدر من لدُنه التعليمات ، ويجتمع بفعاليةٍ وينبثق بأخرى ، ويُثَمِّن مبادرةً ويستهجن غيرها ، ولكنه آثر أن يكون حيث تختلط النار بالدماء وعزائم الرجال ، ليُهدي إلى السودان وأهله النصر تلو النصر ، وفيما اختار البعض مواطن الرِّيَب والظنون ميداناً لعملهم ، فقد اختار ود العطا الفتكةَ البِكرُ لاسترداد المهدور من الشرف والكرامة ، وقد أثبت للناس بأن قوة ما يُرسله من كلمات لا تقل فتكاً عن قوة الصواريخ والدانات ، وظنُّنا في الله أن الرجل قد أوجَبَ حتى ما يضرُّه ما فعل قبل اليوم أو بعده ، فسبحان من قدَّره لهذه الأيام ، ووفقه لهذه المواقف ، ويا سيدي قد عَرَفتَ فالزَم.
*لا يُدرِكُ المَجدَ إِلّا سَيِّدٌ فَطِنٌ*
*لِما يَشُقُّ عَلى الساداتِ فَعّالُ*
*كَياسِرٍ وَدُخولُ الكافِ مَنقَصَةٌ*
*كَالشَمسِ قُلتُ وَما لِلشَمسِ أَمثالُ*
*القائِدِ الأُسدَ غَذَّتها بَراثِنُهُ*
*بِمِثلِها مِن عِداهُ وَهيَ أَشبالُ*
*يُريكَ مَخبَرُهُ أَضعافَ مَنظَرِهِ*
*بَينَ الرِجالِ وَفيها الماءُ وَالآلُ*
*إِذا المُلوكُ تَحَلَّت كانَ حِليَتَهُ*
*مُهَنَّدٌ وَأَضَمُّ الكَعبِ عَسّالُ*
*أَبو شُجاعٍ أَبو الشُجعانِ قاطِبَةً*
*هَولٌ نَمَتهُ مِنَ الهَيجاءِ أَهوالُ*
*لَولا المَشَقَّةُ سادَ الناسُ كُلُّهُمُ*
*الجودُ يُفقِرُ وَالإِقدامُ قَتّالُ*
*إِنّا لَفي زَمَنٍ تَركُ القَبيحِ بِهِ*
*مِن أَكثَرِ الناسِ إِحسانٌ وَإِجمالُ*
اللواء (م) مازن محمد إسماعيل
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
مكتسباتُ معركة “طوفان الأقصى”
د. فؤاد عبد الوهَّـاب الشامي
مما لا شك فيه أن معركة “طوفان الأقصى” التي نفذتها المقاومة الفلسطينية بمختلف فصائلها في السابع من أُكتوبر من عام 2023م قد حقّقت مكتسباتٍ عديدةً على المستوى الفلسطيني والمستوى العربي وكذلك على المستوى الدولي.
فعلى المستوى الفلسطيني أعادت هذه المعركة للمقاومة المسلحة دورَها في الساحة وزخمها الشعبي.
وعلى المستوى العربي تمت عرقلة سير عجلة التطبيع التي كانت قد بدأت منذ التطبيع المصري مع الكيان الصهيوني وتوسعت في فترة ترمب السابقة واستمرت في عهد بايدن، وكانت كثيرٌ من الدول العربية تنتظر أن تلتحق السعوديّة بركب المطبِّعين فيلتحقون بها وكانت على وشك القيام بذلك.
وكذلك كشفت معركة “طوفان الأقصى” حجمَ التغلغل الصهيوني بين النخب السياسية والثقافية العربية والتي كانت تعمل على جَرِّ الأُمَّــة إلى جانب المطبِّعين، فقد كانت تصول وتجول في معظم القنوات العربية الرسمية وفي مواقع التواصل الاجتماعي للترويج للتطبيع وتقديم العدوّ الصهيوني كحَمَلٍ وديع يحب العرب وعلى العرب أن يتجاوبوا معه، وخلال الحرب انكشف كذبُ وتدليس تلك النخب بعد أن رأى العالم الجرائم الصهيونية في حق سكان غزة، وتم إعادة القضية الفلسطينية إلى أذهان الأُمَّــة العربية والإسلامية.
وأما على المستوى الدولي نجحت معركة “طوفان الأقصى” في التأثير على الرأي العام العالمي من خلال الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي وتفاعل الكثير من المؤثرين العالميين مع القضية الفلسطينية، ومن خلال مواكبة وسائل الإعلام للأحداث في غزة ونقلها لما يجري بشكل مباشر؛ ونتيجةً لتلك التأثيرات خرجت المظاهراتُ في معظم المدن الأُورُوبية والأمريكية؛ دعماً للفلسطينيين في غزة، وتحَرّك طلاب الجامعات الأمريكية والأُورُوبية في مظاهرات واعتصامات وقوفاً مع سكان غزة، واعتبر البعض تلك التحَرُّكات التي استمرت حتى توقفت الحرب بداية لتغيير الرأي العام العالمي نحو القضية الفلسطينية.
ولكن يجب أن نعيَ أن العدوّ الصهيوني -بدعم من أمريكا وأُورُوبا- يعمل منذ عشرات السنيين على تثبيت كيانه في الأراضي العربية الفلسطينية، ولن يسمح للفلسطينيين بالاستفادة من المكاسب التي حقّقتها معركة “طوفان الأقصى”، وسيعمل بكل إمْكَانياته وقدراته الفائقة على إعادة السردية الصهيونية إلى الأذهان؛ ولذلك على الشعوب العربية والإسلامية أن تقفَ إلى جوار المقاومة الفلسطينية للمحافظة على تلك المكاسب وتطويرها بكافة الطرق المتاحة، ولا تنتظر أيَّ تحَرّك من النظام العربي الرسمي الذي يقفُ إلى جانب العدوّ الصهيوني في هذه المرحلة رغم الإهانات التي يتلقاها.