لم يحاول "حزب الله" ومنذ اليوم الأول لعملية "طوفان الأقصى" الاختباء وراء إصبعه، وهو لا يخفي أمر مبادرته الى فتح جبهة الجنوب "إسنادًا لفلسطينيي غزة"، حتى قبل أن تبدأ إسرائيل بحربها البرّية. كان يعرف أن المعركة مكلفة، وقد سقط له حتى الساعة أكثر من مئتي شهيد "على طريق القدس"، وأن القرى الأمامية ستتعرّض للقصف والتهجير وتدمير المنازل وتخريب الأرزاق.

وعلى رغم ذلك لم يتردّد، ولو للحظة واحدة، في فتح النار على طول الجبهة المقابلة لمواقع العدو المتاخمة للحدود اللبنانية، إيمانًا منه بأن ما يقوم به نيابة عن كل لبنان إنما يهدف بالدرجة الأولى إلى تخفيف الضغط عن غزة، وبالتالي إنزال أكبر قدر من الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي، الذي بدأ يتعب ويتهاوى بحسب ما قاله السيد حسن نصرالله في آخر إطلالة له، وللحؤول دون استسهال قيام قوات العدو بأي مغامرة تجاه لبنان، وذلك من خلال ما سمي بـ "حرب استباقية" قامت بها "المقاومة الإسلامية" استنادًا إلى التجارب السابقة مع عدو يتحّين أي فرصة للانقضاض على لبنان واستفراده كما يفعل الآن في غزة.      ولأن الحرب في غزة طويلة حتى ولو تم التوصل إلى هدنة إنسانية مؤقتة فإن "حزب الله" يتصرّف على أساس أن المؤمن لن يلدغ من الجحر مرتين، وهو يحاول أن ينفخ على اللبن لأنه مكتوٍ من الحليب، وهو غير مستعد للدخول في أي تسوية سياسية، سواء على مستوى الحلّ المقترح من قِبل آموس هوكشتاين أو الفرنسيين بالنسبة إلى الوضع في الجنوب، أو على مستوى الحلّ الرئاسي في ضوء الحراك، الذي تقوم به "اللجنة الخماسية" وكتلة "الاعتدال الوطني" ما لم تقف الحرب على غزة نهائيًا ووفق شروط حركة "حماس"، وإن كان البعض يعتبر أنها "تعجيزية" أقّله بالنسبة إلى الاميركيين والأوروبيين قبل الإسرائيليين.   وفي رأي كل من "حزب الله" وحركة "حماس" أن ما يُسرّب عن أجواء تفاؤلية بقرب التوصل إلى اتفاق لوقف النار في القطاع ليس سوى المزيد من ذرّ الرماد في العيون، وهو يدخل في إطار المراهنة على الوقت في عملية تخديرية هي أشبه بمناورة سياسية منسّقة بين تل أبيب وواشنطن، في محاولة لفرض الحلّ الذي يضمن أمن إسرائيل، وذلك بعدم السماح بتكرار ما حصل في 7 تشرين الأول مرّة جديدة، وكذلك ضمان أمن المستوطنات الشمالية المحاذية للحدود اللبنانية. وهذا ما لا يمكن القبول به لا من قِبل "حزب الله" ولا من قِبل حركة "حماس"، اللذين يعتبران أن ما قُدّم من تضحيات خلال الأشهر الخمسة الماضية لا يسمح لهما بالتنازل عمّا يريانه حقًّا مكرّسًا في عمليات الدفاع عن النفس المشروعة.       ويحاذر "حزب الله" في أي خطوة يخطوها على أساس أن كلام الموفد الأميركي هوكشتاين وهو خارج من لقائه مع الرئيس نبيه بري في "عين التينة" لا يزال يتردّد صداه  في أروقة "حارة حريك"، وهو الذي ألمح إلى أن أي هدنة ممكنة في غزة من غير الضروري أن تسري مفاعيلها على الجبهة الشمالية – الجنوبية لكل من إسرائيل ولبنان. وهذا الكلام الذي أطلقه الموفد الأميركي لم يكن ابن ساعته، بل هو رسالة أميركية لـ "حزب الله" بأن ربطه الساحة اللبنانية بالساحة الفلسطينية كان خطًأ فادحًا، في محاولة من واشنطن لـ "تهبيط الحيطان" على "المقاومة" للتخفيف من حدّة التوتر والحيلولة دون توسّع المواجهات، مع العلم أن لـ "الحزب" حسابات أخرى، وهو الذي يعرف أكثر من غيره أن إسرائيل لأعجز من القيام بمغامرة ضد لبنان شبيهة بما قامت به في غزة.
وهكذا يتضح أن المطلوب من بيروت وصنعاء وطهران وضع القليل من الماء في الكؤوس العامرة، سواء اتجهت الأمور نحو التبريد أو التهدئة في غزة، أو سواء نفذت إسرائيل تهديداتها المتكررة بأن حسابها مع لبنان و"حزب الله" مختلف عن حسابها مع غزة.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله فی غزة

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تنسحب من قرى لبنانية.. وتبقي 5 مواقع تحت سيطرتها

انسحبت القوات الإسرائيلية، فجر الثلاثاء، من 9 قرى وأبقت وجودها في 5 نقاط رئيسية على طول الحدود في جنوب لبنان.

ووفق الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية: "انسحبت قوات العدو فجرا، من القرى والبلدات التي كانت تحتلها في الجنوب، وهي يارون، مارون الراس، بليدا، ميس الجبل، حولا، مركبا، العديسة، كفركلا زوالوزاني، فيما أبقت على وجودها في 5 نقاط رئيسية على طول الحدود".

وأشارت الوكالة إلى أنه "مع دخول الجيش إلى هذه القرى، استمر توافد الأهالي لتفقد منازلهم وأرزاقهم"، لافتة إلى أن "قوات الاحتلال، باشرت الانسحاب ليلا، وبدأ الجيش بالانتشار في قرى بليدا وميس الجبل ومركبا".

وطبقا للوكالة، "استكمل الجيش، منتصف الليلة الماضية، انتشاره في البلدات المحررة، وباشرت فرق من فوجَي الهندسة والأشغال بإزالة السواتر الترابية ومسح الطرق الرئيسية من الذخائر والقذائف غير المنفجرة".

 كما سيّرت القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) دوريات في هذه القرى، وأقامت نقاط عدة إلى جانب الجيش اللبناني.

ودعت بلديات الأهالي إلى التريث في الدخول إلى القرى، إفساحا المجال أمام الجيش للعمل على مسح الأراضي التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي حفاظا على سلامتهم.

وأشارت الوكالة إلى أنه "قبالة مواقع العدو الخمسة يوجد تجمعات استيطانية رئيسية هي تلال اللبونة في خراج الناقورة تقابلها أبرز مستوطنات الجليل الغربي من روش هانيكرا إلى شلومي ونهاريا، وجبل بلاط بين مروحين ورامية تقابله مستوطنات شتولا وزرعيت، فيما جل الدير وجبل الباط في خراج عيترون تقابلهما مستوطنات أفيفيم ويفتاح والمالكية.

وأوضحت أنه "في القطاع الشرقي، يقابل نقطة الدواوير على طريق مركبا – حولا وادي هونين ومستعمرة مرغليوت، فيما تقابل تلة الحمامص مستعمرة المطلة".

ودخل وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر الماضي، فيما وافقت الحكومة اللبنانية على استمرار العمل بموجب تفاهم وقف إطلاق حتى 18 فبراير الجاري.

وأكّد الجيش اللبناني انتشاره في مناطق حدودية في منطقة جنوب الليطاني بعد انسحاب القوات الإسرائيلية منها مع انتهاء مهلة تطبيق وقف إطلاق النار بين حزب الله واسرائيل.

وقال الجيش في بيان إن وحدات عسكرية انتشرت في حوالي 10 قرى بينها كفركلا والعديسة ومركبا وحولا وميس الجبل، و"مواقع حدودية أخرى في منطقة جنوب الليطاني، بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار وقوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان اليونيفيل، وذلك بعد انسحاب العدو الإسرائيلي".

إسرائيل ستتحرك بقوة ضد أي انتهاك

من جانبه، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنه ابتداء من اليوم سنبقى في منطقة عازلة في جنوبي لبنان مشكلة من 5 نقاط وذلك لضمان أمن مواطنينا في الشمال وردع التهديدات.

كما أقيمت مواقع عسكرية عديدة أخرى على الجانب الإسرائيلي من الحدود لنفس الهدف كما سنهاجم أي محاولات لحزب الله خرق الاتفاق وعلى حزب الله الانسحاب إلى شمال الليطاني وعلى الجيش اللبناني تنفيذ الاتفاق وضمان تفكيك سلاح حزب الله بمراقبة اللجنة التي أقامتها الولايات المتحدة.

وأضاف: "نحن عازمون على تعلم الدروس وعدم تكرار 7 أكتوبر".

مقالات مشابهة

  • فرنسا تشدّد على "ضرورة" انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان
  • إسرائيل بَقِيَت في 5 نقاط.. كيف سيكون ردّ حزب الله؟
  • تماطل وتحاول فرض شروطها.. من الذي تريده إسرائيل لإدارة غزة؟
  • إسرائيل تعلن بدأ المرحلة الثانية من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة
  • إسرائيل تستهدف أحد كوادر حركة حماس في لبنان
  • إسرائيل تنسحب من جنوب لبنان باستثناء 5 مواقع
  • إسرائيل تنسحب من قرى لبنانية.. وتبقي 5 مواقع تحت سيطرتها
  • إسرائيل تعلن تفاصيل اغتيال قيادي بارز من حماس في صيدا
  • إسرائيل: مقتل مسؤول عمليات حماس في لبنان خلال غارة جوية على صيدا
  • تعرف على محمد شاهين القائد القسامي الذي اغتالته إسرائيل في لبنان