حسابات إسرائيل مع حزب الله تختلف عن حساباتها مع حماس
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
لم يحاول "حزب الله" ومنذ اليوم الأول لعملية "طوفان الأقصى" الاختباء وراء إصبعه، وهو لا يخفي أمر مبادرته الى فتح جبهة الجنوب "إسنادًا لفلسطينيي غزة"، حتى قبل أن تبدأ إسرائيل بحربها البرّية. كان يعرف أن المعركة مكلفة، وقد سقط له حتى الساعة أكثر من مئتي شهيد "على طريق القدس"، وأن القرى الأمامية ستتعرّض للقصف والتهجير وتدمير المنازل وتخريب الأرزاق.
وعلى رغم ذلك لم يتردّد، ولو للحظة واحدة، في فتح النار على طول الجبهة المقابلة لمواقع العدو المتاخمة للحدود اللبنانية، إيمانًا منه بأن ما يقوم به نيابة عن كل لبنان إنما يهدف بالدرجة الأولى إلى تخفيف الضغط عن غزة، وبالتالي إنزال أكبر قدر من الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي، الذي بدأ يتعب ويتهاوى بحسب ما قاله السيد حسن نصرالله في آخر إطلالة له، وللحؤول دون استسهال قيام قوات العدو بأي مغامرة تجاه لبنان، وذلك من خلال ما سمي بـ "حرب استباقية" قامت بها "المقاومة الإسلامية" استنادًا إلى التجارب السابقة مع عدو يتحّين أي فرصة للانقضاض على لبنان واستفراده كما يفعل الآن في غزة. ولأن الحرب في غزة طويلة حتى ولو تم التوصل إلى هدنة إنسانية مؤقتة فإن "حزب الله" يتصرّف على أساس أن المؤمن لن يلدغ من الجحر مرتين، وهو يحاول أن ينفخ على اللبن لأنه مكتوٍ من الحليب، وهو غير مستعد للدخول في أي تسوية سياسية، سواء على مستوى الحلّ المقترح من قِبل آموس هوكشتاين أو الفرنسيين بالنسبة إلى الوضع في الجنوب، أو على مستوى الحلّ الرئاسي في ضوء الحراك، الذي تقوم به "اللجنة الخماسية" وكتلة "الاعتدال الوطني" ما لم تقف الحرب على غزة نهائيًا ووفق شروط حركة "حماس"، وإن كان البعض يعتبر أنها "تعجيزية" أقّله بالنسبة إلى الاميركيين والأوروبيين قبل الإسرائيليين. وفي رأي كل من "حزب الله" وحركة "حماس" أن ما يُسرّب عن أجواء تفاؤلية بقرب التوصل إلى اتفاق لوقف النار في القطاع ليس سوى المزيد من ذرّ الرماد في العيون، وهو يدخل في إطار المراهنة على الوقت في عملية تخديرية هي أشبه بمناورة سياسية منسّقة بين تل أبيب وواشنطن، في محاولة لفرض الحلّ الذي يضمن أمن إسرائيل، وذلك بعدم السماح بتكرار ما حصل في 7 تشرين الأول مرّة جديدة، وكذلك ضمان أمن المستوطنات الشمالية المحاذية للحدود اللبنانية. وهذا ما لا يمكن القبول به لا من قِبل "حزب الله" ولا من قِبل حركة "حماس"، اللذين يعتبران أن ما قُدّم من تضحيات خلال الأشهر الخمسة الماضية لا يسمح لهما بالتنازل عمّا يريانه حقًّا مكرّسًا في عمليات الدفاع عن النفس المشروعة. ويحاذر "حزب الله" في أي خطوة يخطوها على أساس أن كلام الموفد الأميركي هوكشتاين وهو خارج من لقائه مع الرئيس نبيه بري في "عين التينة" لا يزال يتردّد صداه في أروقة "حارة حريك"، وهو الذي ألمح إلى أن أي هدنة ممكنة في غزة من غير الضروري أن تسري مفاعيلها على الجبهة الشمالية – الجنوبية لكل من إسرائيل ولبنان. وهذا الكلام الذي أطلقه الموفد الأميركي لم يكن ابن ساعته، بل هو رسالة أميركية لـ "حزب الله" بأن ربطه الساحة اللبنانية بالساحة الفلسطينية كان خطًأ فادحًا، في محاولة من واشنطن لـ "تهبيط الحيطان" على "المقاومة" للتخفيف من حدّة التوتر والحيلولة دون توسّع المواجهات، مع العلم أن لـ "الحزب" حسابات أخرى، وهو الذي يعرف أكثر من غيره أن إسرائيل لأعجز من القيام بمغامرة ضد لبنان شبيهة بما قامت به في غزة.
وهكذا يتضح أن المطلوب من بيروت وصنعاء وطهران وضع القليل من الماء في الكؤوس العامرة، سواء اتجهت الأمور نحو التبريد أو التهدئة في غزة، أو سواء نفذت إسرائيل تهديداتها المتكررة بأن حسابها مع لبنان و"حزب الله" مختلف عن حسابها مع غزة.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
هكذا تحدث الرئيس اللبناني عن إمكانية التطبيع مع إسرائيل ونزع سلاح حزب الله
استبعد الرئيس اللبناني جوزاف عون أي إمكانية للتفاوض المباشر مع "إسرائيل" أو التطبيع معها، مؤكدا أن لبنان مرتبط بمبادرة السلام العربية، وسينتظر الظروف بخصوص أي اتفاق مستقبلي مع "إسرائيل".
وأضاف عون في تصريحات لوكالة "فرانس 24" من القصر الرئاسي في بعبدا شرقي بيروت، أنه: "لا توجد ضمانات لوقف الانتهاكات الإسرائيلية وأن تجربتنا مع إسرائيل في الاتفاق الأخير غير مشجعة".
وأكد عون أن الرسالة التي حملها إليه الموفد الفرنسي، جان إيف لودريان، هي ضرورة أن تقوم الحكومة اللبنانية بإجراء الإصلاحات المطلوبة منها وهذا هو شرط أساسي، لا بل المفتاح لعقد أي مؤتمر لدعم لبنان قبل أن تحدد باريس موعدا له.
وعن حصرية السلاح بيد الدولة وحدها ونزع سلاح حزب الله، قال عون إن الأفضلية للجنوب، والجيش اللبناني يقوم بواجبه هناك وحزب الله متعاون في الجنوب.
وأكد أن المرحلة اللاحقة ستخضع لتوافق اللبنانيين واستراتيجية الأمن الوطني ضمن حوار داخلي، لأن الأساس هي وحدة اللبنانيين.
ونفى عون إمكانية حدوث أي مواجهة عسكرية داخلية لتجريد حزب الله من سلاحه.
وأضاف أنه لا توجد ضمانات لوقف الانتهاكات الإسرائيلية وأن تجربتنا مع "إسرائيل" في الاتفاق الأخير غير مشجعة وليس لدينا خيار إلا الخيار الدبلوماسي، لتنفيذ الاتفاق وانسحاب "إسرائيل" من النقاط التي تحتلها، متمنيا أن يبقى الوضع الأمني مضبوطا وألا يتطور نحو الأسوأ.
وعن المطالبات الأمريكية بالتفاوض المباشر مع "إسرائيل"، قال عون إنه ليس مطروحا في الوقت الحالي أي تفاوض حول التطبيع، وفي ما يخص هذا الموضوع نبقى كلبنان مرتبطين بمبادرة السلام العربية، وسننتظر الظروف بخصوص أي اتفاق مستقبلي مع "إسرائيل".
أما بشأن التوترات على الحدود اللبنانية السورية، قال عون إن السعودية بادرت إلى تولي هذا الملف، وهناك محادثات سورية لبنانية تحت مظلة سعودية في الرياض، وسنعمل على فتح قنوات مباشرة مع الإدارة السورية، وسنعمل عبر لجان مشتركة سورية ولبنانية على ترسيم الحدود البرية والبحرية مع سوريا بهدف حل المشكلات العالقة والعمل على تأمين إعادة النازحين السوريين.
وفي تصريحات له لصحيفة "لوفيغارو" كشف عون أن الجيش اللبناني فكك عدة مخيمات فلسطينية موالية لـ"حزب الله" أو لإيران، إضافة إلى تنفيذه أكثر من 250 عملية مصادرة أسلحة أو ضد مخابئ أسلحة في أنفاق جنوب نهر الليطاني جنوب البلاد.
ومنذ بدء سريان اتفاق لوقف النار بلبنان، ارتكبت "إسرائيل" 1334 خرقا له، ما خلّف 113 شهيدا و353 جريحا على الأقل.
وفي 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، شنت "إسرائيل" عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 أيلول/ سبتمبر 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف شهيد ونحو 17 ألف جريح، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.
وتنصلت "إسرائيل" من استكمال انسحابها من جنوب لبنان بحلول 18 شباط/ فبراير الماضي، خلافا للاتفاق، إذ نفذت انسحابا جزئيا وتواصل احتلال 5 تلال لبنانية رئيسية، ضمن مناطق احتلتها في الحرب الأخيرة.
كما شرعت مؤخرا في إقامة شريط حدودي يمتد لكيلومتر أو اثنين داخل أراضي لبنان.