الصدق يعتبر صفة مميزة من الأخلاق الحميدة ، وله فضائل كثيرة ، ومن أهم فضائل الصدق:
1- أن الصدق فى القول يؤدى إلى الصدق فى العمل والصلاح فى الأحوال:
يقول تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب:70-71].
2- الصدق يهدى الإنسان إلى البر والخير:
يقول – صلى الله عليه وسلم-: «إن الصدق يهدى إلى البر، وإن البر يهدى إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإن الكذب يهدى إلى الفجور وإن الفجور يهدى إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا»(6).
والبر الذى يهدى إليه الصدق هو الذى بيّنه الله - عز وجل - فى قوله تعالى: { لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِى الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِى الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } [البقرة:177].
3- الصدق فيه النجاة:
يقول تعالى: { قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِى اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [المائدة:119]. أى أن صدقهم فى الدنيا ينفعهم فى الآخرة.
وفى الحديث: «تحروا الصدق وإن رأيتم أن الهلكة فيه، فإن فيه النجاة»(7).
وعن عبد الله بن عمرو - رضى الله عنهما- أن رجلا جاء إلى النبى – صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ما عمل الجنة؟ قال: «الصدق، إذا صدق العبد بر، وإذا بر آمن، وإذا آمن دخل الجنة»، قال: يا رسول الله، وما عمل النار؟ قال: «الكذب، إذا كذب العبد فجر، وإذا فجر كفر، وإذا كفر دخل النار».
4- الصدق فيه الربح والفوز:
يقول ابن عباس - رضى الله عنهما: «أربع من كن فيه ربح: الصدق، والحياء وحسن الخلق، والشكر». وعن عبد الله بن عمر - رضى الله عنهما- أن النبى – صلى الله عليه وسلم - قال: «أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة فى طعمة»(9).
مراتب الصدق:
أشار الإمام أبو حامد الغزالى(10) إلى أن للصدق مراتب عديدة نلخصها فيما يلى:
1- صدق اللسان: وذلك لا يكون إلا فى الأخبار أو فيما يتضمن الأخبار ماضيًا أو مستقبلا، ويندرج تحته الوفاء بالوعد والخلف فيه. وحق على كل عبد أن يحفظ ألفاظه، فلا يتكلم إلا بالصدق. وهذا هو أشهر أنواع الصدق وأشهرها.
2- الصدق فى النية والإرادة: ويرجع ذلك إلى الإخلاص، وهو ألا يكون له باعث فى الحركات والسكنات إلا الله تعالى. فإن مازجه شوب من حظوظ النفس، بطل صدق النية، ويجوز أن يسمى صاحبه كذابًا.
3- صدق العزم: فإن الإنسان قد يقدم العزم على العمل، فيقول فى نفسه، إن أعطانى الله تعالى ولاية عدلت فيها. فهذه عزيمة تحتاج إلى صدق؛ لأنه بمنزلة التمام والقوة لها كيلا يضعف أو يتغير وقت التنفيذ. ولذلك روى الإمام مسلم عن سهل بن حنيف -رضى الله عنه- أن النبى – صلى الله عليه وسلم - قال: «من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه».
4- الوفاء بالعزم: ذلك أن النفس قد تسخو بالعزم فى الحال، إذ لا مشقة فى الوعد والعزم. لكن إذا حقت الحقائق وحصل التمكن، وهاجت الشهوات، انحلت العزيمة، ولم يتفق الوفاء، ولهذا مدح الله تعالى هؤلاء المؤمنين الذى وفوا بعزائمهم فقال سبحانه { رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ } [الأحزاب:23].
5- الصدق فى الأعمال: وهو أن يجتهد حتى لا تدل أعماله الظاهرة على أمر فى باطنه لا يتصف هو به، وعلى المسلم هنا أن يستجر الباطن إلى تصديق الظاهر.
6- الصدق فى مقامات الدين: وهو أعلى الدرجات وأعزها، ومن أمثلته: الصدق فى الخوف، والرجاء، والتعظيم، والزهد، والرضا، والتوكل، وحب الله تعالى، ورسوله – صلى الله عليه وسلم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الصدق العمل الأخلاق الحميدة العمل الصالح صلى الله علیه وسلم الله تعالى یهدى إلى رضى الله
إقرأ أيضاً:
الإفتاء توضح ضوابط الهديا إعطاءً وقبولًا
قالت دار الإفتاء المصرية، إن الهدايا، والصدقات، والتبرعات، وكل ما يُملَّك من غير عِوضٍ؛ هي من العطايا التي حبب فيها الشرع الشريف ودعا إلى فعلها كوجهٍ من وجوه البرِّ ومظهرٍ من مظاهر الخير؛ لِمَا فيها من تأليف القلوب، وتوثيق عُرى المحبة، وسد الحاجات؛ قال تعالى: ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ﴾ [البقرة: 177]، وقال: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2].
الإفتاء توضح مفهوم الحسد وبيان خطورته دار الإفتاء توضح بعض مظاهر حماية ورعاية الإسلام للبيئةأوضحت الإفتاء، أن الهدية تُعرف في الاصطلاح بأنها: المال الذي أُتحِفَ به وأُهْدِيَ لأحدٍ إكرامًا له، وقال العلامة ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل": [الهدية هي: ما يَقصِدُ بها المهدي إكرامَ المُهدَى إليه وإتحافَه بالهدية لكرامته عليه ومنزلته عنده؛ إرادةَ التقرب منه].
خالصة عن الأغراض السيئةوبينت الإفتاء، أنه قد راعى الشرع الشريف في الهدية أن تكون خالصة عن الأغراض السيئة؛ كتسببها في ضياع حقوق الناس، أو حصول الإنسان على ما ليس له فيه حق؛ فمنع منها ما أضاع حقًّا أو أدَّى إلى باطل؛ كأن تكون الهدية من أجل ولايةٍ أو قضاءٍ، أو يُتَوَسَّل بها إلى ميل حاكمٍ على خصمه، أو رِشوةٍ، أو غير ذلك، وجعل أخذها حينئذٍ مِن قبيل الغلول المُحرَّم، وقد حذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من ذلك في سُنَّته الشريفة المطهرة:
الهدايافعن أبي حُمَيد السَّاعدي رضي الله عنه قال: استعمل النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم رجلًا من الْأَزْدِ يقال له ابن اللُّتْبِيَّةِ على الصدقة، فلما قدِمَ قال: هذا مالُكم وهذا أُهدِيَ إليَّ، فقام النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم فصعد على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «مَا بَالُ العَامِلِ نَبْعَثُهُ فيأتي يَقُولُ: هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي! فهَلَّا جَلَسَ فِي بَيتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فينظُر أيهدَى لَهُ أمْ لَا؟ والَّذِي نَفْسِي بِيدِهِ لَا يَأتِي بِشيءٍ إلَّا جَاءَ بِهِ يَومَ القِيَامَةِ يحمِلُه عَلَى رَقَبَتِهِ؛ إن كَان بَعِيرًا له رُغاء، أو بَقَرةً لها خُوار، أو شَاةً تَيْعَرُ» متفق عليه.
قال الإمام النووي في "شرح مسلم": [وفي هذا الحديث: بيان أن هدايا العمَّال حرام وغلول؛ لأنه خان في ولايته وأمانته؛ ولهذا ذكر في الحديث في عقوبتِه وحملِه ما أُهدي إليه يوم القيامة كما ذكر مثله في الغالِّ، وقد بيَّن صلى الله عليه وآله وسلم في نفس الحديث السببَ في تحريم الهدية عليه، وأنها بسبب الولاية، بخلاف الهدية لغير العامل؛ فإنها مستحبة].
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري": [بيَّن له النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ الحقوق التي عمل لأجلها هي السبب في الإهداء له، وأنَّه لو أقام في منزله لم يُهْدَ له شيءٌ، فلا ينبغي له أن يستحلَّها بمجرد كونها وصلت إليه على طريق الهدية، فإن ذاك إنما يكون حيث يتمحض الحق له].