فريق «مسحراتية دهب».. مسيحية ومسلم على «طبلة» واحدة
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
«اصحى يا نايم»، جملة الإفاقة السحرية، فى العادة تصدر عن رجل كبير يجوب الشوارع، لكن كان لوقعها سحر خاص حينما صدرت من شابة مسيحية تجوب شوارع مدينة دهب مرتدية جلباباً أبيض وتمارس دور «المسحراتى»، ويشاركها صديقها المسلم فى ترديد الأناشيد الدينية، وتوزيع الفوانيس على المارة، لإضفاء حالة من البهجة فى الشوارع.
وجدت «كاتى» طريقة غير تقليدية، لمشاركة أصدقائها المسلمين، فرحتهم بقدوم شهر رمضان، لتُقرّر ارتداء عباءة بيضاء وسبحة فى صدرها، وأخرى فى يدها اليمنى، وحملت الطبلة وسارت بها فى شوارع مدينة دهب، تنادى بصوتها، مردّدة الأناشيد الدينية، وتوزّع الفوانيس الصغيرة على المارة فى الشوارع، وتحكى عن هدفها: «كنت عايزة أفرّح أصحابى واخواتى، وأقول لهم كل سنة وأنتم طيبين، بس بطريقتى».
درست «كاتى» هندسه الكمبيوتر، وتعمل مدربة غطس، وتنتظر شهر رمضان من كل عام لإدخال البهجة على قلوب أصحابها، الذين يشاركونها أيضاً مناسباتها الدينية، ووجدت منهم ردود فعل إيجابية، وينتظرونها كل يوم لتوقظهم فى منتصف الليل، لتناول وجبة السحور: «دى تالت سنة ليّا، أشتغل فيها مسحراتية».
تمر «كاتى» على بيوت أصدقائها وتنادى عليهم، ليهرولوا على السلالم، بمجرد سماع صوتها، لتصوير صور للذكرى، بالإضافة إلى أنها تشاركهم السحور: «فيه ناس بتتبسط لما تعرف إنى مسيحية، وأنا فرحانة باللى باعمله، ومصدقة نفسى فيه».
يشارك «كاتى» فى عملها مسحراتية بشهر رمضان، صديقها أحمد العسكرى، صاحب مكتب خدمات سياحية: «عايش فى دهب بقالى 3 سنين، ولما عرفت إن كاتى بتشتغل مسحراتية فى رمضان، قررت أشاركها التجربة دى، لأنها حاجة جديدة عليّا».
كانت «كاتى» تعمل مسحراتية بمفردها، ولأول مرة هذا العام تجتمع مع صديقها «أحمد»، على هذا الأمر، ليشكلا ثنائياً جديداً «مسلم وقبطية»، لإضفاء نوع من الفرحة على الأجواء الرمضانية بشكل جديد ومختلف: «الناس كانت مستغربة، مسلم ومسيحية نازلين ينادوا على السحور».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مسحراتية مسحراتي شهر رمضان فوانيس سحور رمضان
إقرأ أيضاً:
«ألعاب الهواتف الذكية» تهدد الالتزام بالمسؤوليات والواجبات الدينية
د. يعقوب الشرياني: تحدٍ حقيقي يمكن تحويله إلى فرصة لبناء جيل واعٍ
د. أحمد الشعيبي: الألعاب تستنزف الوقت الثمين وتبعد عن النفع الحقيقي
أميرة الجلندانية: تعزل الفرد اجتماعيا وتهدد أداءه الأكاديمي والمهني
أحمد الشكيلي: وضع تشريعات صارمة لتنظيم الألعاب الرقمية ضرورة
لا يمكن إنكار أن ألعاب الهواتف لم تعد مجرد وسيلة للترفيه، بل أصبحت جزءًا أساسيًا من حياة الكثير من الشباب، ومع ذلك تحوّل هذا الترفيه البسيط لدى البعض إلى نوع من الإدمان، مما أدى إلى تراجع التفاعل الاجتماعي وزيادة العزلة، وامتد تأثيره ليشمل الإهمال في أداء المسؤوليات الحياتية وأداء الواجبات الدينية.
البعد الديني
استعرضت «عمان» مجموعة من الآراء في المجالات الدينية والسلوكية والقانونية، وفي حديث مع الدكتور يعقوب بن هلال الشرياني، أخصائي تدريب في إدارة الأوقاف والشؤون الدينية بمحافظة الداخلية، قال: «إدمان الألعاب ليس مجرد تسلية بريئة، بل هو انعكاس لضياع الأولويات لدى الأفراد، والإسلام يحث على استغلال الوقت فيما ينفع الإنسان، سواء على الصعيد الشخصي أو المجتمعي»،
ويضيف الشرياني: الانشغال في أمور الدنيا الزائلة، مثل الألعاب، قد يؤدي إلى ضياع البعض والتفريط في العبادات مثل الصلاة وغيرها من العبادات، ويختل توازن الفرد بين متطلبات الشرع والامتثال لتشريعاته وبين الميولات النفسية والنوازغ الشيطانية.
التكنولوجيا.. عدو أم أداة؟
ويختتم الدكتور يعقوب حديثه برسالة أمل: «التكنولوجيا أداة قوية، ولكن يجب استخدامها بحكمة فيمكن استغلالها في التعلم، والتواصل، والإبداع، ويجب أن يكون هدفنا هو تحقيق التوازن بين الحياة الدينية والدنيوية، وأن نكون قدوةً حسنةً لأقراننا»، وأضاف: إن إدمان ألعاب الهواتف هو تحدٍ حقيقي، لكنه ليس مستعصيًا؛ فمع التوجيه المناسب، يمكننا تحويل هذا التحدي إلى فرصة لبناء جيل واعٍ يعرف كيفية الموازنة بين متطلبات حياته الروحية والاجتماعية والمهنية.
الزمن الضائع
من جانبه، يرى الدكتور أحمد بن علي الشعيبي، موظف بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية أن أكبر ضرر تُحدثه الألعاب الإلكترونية هو استنزاف الوقت قائلا: «الوقت هو رأسمال الإنسان، وإدمان الألعاب يضيع هذا الوقت في أنشطة لا تعود بأي نفع حقيقي»، ويضيف إلى أن الوقت الذي يهدر في الألعاب يمكن أن يُستغل في أنشطة أكثر قيمة، سواء كانت عبادات، أو تعلم مهارات جديدة، أو حتى بناء علاقات اجتماعية قوية.
وأوضح الشعيبي أن الأسرة تلعب دورًا حيويًا في توجيه الأبناء نحو الاستخدام الصحيح لألعاب الهواتف، ويمكن للأسرة أن تسهم في حماية الأبناء من هذه الظاهرة، من خلال تحديد أوقات محددة للعب، وتشجيعهم على المشاركة الدينية والاجتماعية، وغرس القيم الدينية التي تحث على استغلال الوقت بشكل مثمر.
ظاهرة جديدة
وتصف أميرة الجلندانية، باحثة في التربية الوالدية، إدمان ألعاب الهواتف الذكية بأنه سلوك قهري يعجز فيه الفرد عن التوقف رغم تأثيراته السلبية على حياته الشخصية والاجتماعية والمهنية، وترى أن الاستخدام المعتدل قد يكون ترفيهيًا ومفيدًا، لكنه يتحول إلى مشكلة نفسية خطيرة عندما يصبح مفرطًا ولا يستطيع الشخص التحكم فيه، الفرق الأساسي بين التسلية والإدمان يكمن في تأثير الألعاب على حياة الفرد ومدى سيطرته عليها.
وتوضح الجلندانية أن ألعاب الهواتف تتميز بسهولة الوصول وسرعة اللعب، مما يجعلها أكثر جذبًا مقارنة بألعاب الفيديو التقليدية التي تتطلب أجهزة خاصة وتجارب لعب طويلة، والألعاب الحديثة تُصمم بشكل مدروس لتحفيز الدماغ من خلال مكافآت متكررة وألوان وأصوات جذابة.
وترى أن الأطفال والمراهقين هم الفئة الأكثر عرضة للإدمان، ويرجع ذلك إلى عدم اكتمال تطور الفص الجبهي المسؤول عن اتخاذ القرارات، بالإضافة إلى تصميم الألعاب الذي يُسهّل التعلق بها، كما أن الطبيعة التفاعلية للألعاب وتنافس الأقران يعزز من انجذابهم إليها، مما يؤدي إلى استخدام مفرط وطويل الأمد.
وتشير الجلندانية إلى أن دوافع مثل الهروب من ضغوط الواقع أو السعي لإثبات الذات تجعل الألعاب ملاذًا سهلاً ومريحًا، حيث تمنح شعورًا بالإنجاز والسيطرة، ومع ذلك، فإن هذا السلوك الإدماني يؤدي إلى آثار نفسية مثل: ضعف التركيز، والأرق، ونوبات الغضب المتكررة، إلى جانب العزلة الاجتماعية وفقدان مهارات التواصل.
وتضيف: إن الإدمان لا يتوقف تأثيره عند الجانب النفسي فقط، بل يمتد إلى الأداء الأكاديمي والمهني، حيث يعاني المدمنون من انخفاض الإنتاجية بسبب تشتت الانتباه وإهدار الوقت، ولمعالجة هذه المشكلة يمكن تنظيم أوقات اللعب، وتشجيع الأنشطة البديلة، وتوفير دعم أسري ومهني يساعد على تخفيف التأثيرات السلبية.
وتؤكد الجلندانية على أهمية العلاج النفسي لا سيما العلاج المعرفي السلوكي، الذي يساعد الأفراد على تعديل أفكارهم وسلوكياتهم الإدمانية، وتضيف: إن دور الأسرة محوري في تقديم الدعم من خلال وضع ضوابط واضحة لاستخدام الأجهزة، وتوفير أنشطة جماعية ترفيهية وتعليمية تسهم في تعزيز التعافي، وتشير إلى أن التصدي لإدمان ألعاب الهواتف يتطلب جهودًا جماعيةً تشمل الأسرة، والأخصائيين، والمجتمع، والحل يكمن في إيجاد توازن صحي بين استخدام التكنولوجيا والحياة الواقعية، مع تعزيز الوعي بمخاطر الإدمان وطرق الوقاية منه.
القانون
وفي حديثه عن المخاطر المتزايدة لإدمان ألعاب الهواتف، دعا المحامي أحمد بن مهنا الشكيلي إلى ضرورة تبني تشريعات قانونية وتنظيمية صارمة تهدف إلى حماية الأطفال والمراهقين من التأثيرات السلبية لهذه الألعاب، مشيرًا إلى أهمية دور الأسرة والمجتمع في التوعية بمخاطر العالم الرقمي.
وأكد الشكيلي أن ضمان سلامة الأطفال يبدأ بتوجيههم نحو استخدام المحتوى المناسب لأعمارهم، إلى جانب تعزيز الحوار معهم لرفع مستوى وعيهم بالمخاطر المحتملة، وقال: «التواصل مع الأبناء حول ما يشاهدونه وكيفية تصرفهم عند مواجهة محتوى غير لائق هو خطوة أساسية لتقليل المخاطر».
وأكد الشكيلي على أهمية حماية البيانات الشخصية، داعيًا الشركات المطورة للألعاب إلى الالتزام بالمعايير الدولية للخصوصية. وأضاف: «هناك حاجة لإجراءات واضحة وسياسات تُلزم الشركات بحماية خصوصية المستخدمين، خاصة في التطبيقات التي تستهدف الأطفال».
وبيّن الشكيلي أن سلامة الألعاب تختلف باختلاف المناطق. ويجب أن تكون الشركات المصنعة للألعاب على دراية باللوائح التنظيمية في الأسواق التي تعمل فيها وأن تلتزم بها، فمثلا في أمريكا الشمالية، وفي الولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص قانون تحسين سلامة المنتجات الاستهلاكية «CPSIA» هو قانون أمريكي يهدف إلى تعزيز سلامة المنتجات الاستهلاكية، بما في ذلك الألعاب، من خلال وضع معايير ومتطلبات صارمة، أما في أوروبا «الاتحاد الأوروبي» فيوجد توجيه سلامة الألعاب ومعايير «EN71» وهو معني بمتطلبات السلامة للألعاب التي تباع داخل الاتحاد الأوروبي، والتي تغطي مثل الخواص الميكانيكية والفيزيائية والكيميائية، وفي الجانب الآسيوي، الصين مثلا يوجد لديها معايير سلامة الألعاب «GB6675» وهو معيار وطني لسلامة الألعاب، ويحدد متطلبات السلامة للألعاب التي تباع في السوق الصينية، ويغطي جوانب مثل: الخصائص الميكانيكية والفيزيائية والقابلة للاشتعال، أما اليابان فلديها معايير السلامة «ST» ويحدد متطلبات السلامة للألعاب التي تباع في البلاد.
وفيما يتعلق بظاهرة الشراء داخل الألعاب، أشار إلى ضرورة فرض قيود صارمة تحول دون استغلال الأطفال والمراهقين ماليًا، عبر استخدام أدوات رقابة أبوية وإلغاء عمليات الشراء داخل التطبيقات للحسابات العائلية، كما طالب بتعزيز الشفافية في آليات الدفع داخل الألعاب، وأكد أنه يجب إلزام متاجر التطبيقات كـ Google Play وApple Store بفرض قيود على الألعاب التي قد تسبب الإدمان. وأضاف: إن من الممكن تطوير نظام تصنيف عمري دقيق للألعاب المتاحة على الهواتف من خلال طلب صورة الهوية أو البطاقة الشخصية قبل تنزيل أي تطبيق وذلك لضمان عدم تنزيله من فئة عمرية أقل.
وعن حظر أو تنظيم عناصر الحظ والمقامرة في ألعاب الهواتف، أكد الشكيلي أن لجنة الشؤون الرقمية والثقافية والإعلامية والرياضية التابعة للحكومة البريطانية أصدرت تقريرًا يدين افتقار صناعة الألعاب إلى «الصدق والشفافية» بشأن الأذى المحتمل لآليات الألعاب، مثل صناديق المفاجآت والمقامرة، وأوصى التقرير كذلك بأنه يجب اعتبار الألعاب التي تضم صناديق مفاجآت قمارًا، وبالتالي حظر بيعها إلى الأطفال تحديدًا، وكدليل على هذه التوصية، يشير التقرير إلى استطلاع «لجنة القمار» لعام 2018 التي تشير إلى أن 31% من الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و16 عامًا قد دفعوا مالاً أو استخدموا مواد داخل اللعبة لفتح صناديق المفاجآت والمقامرة.
وتناول الشكيلي الأضرار النفسية والصحية لإدمان الألعاب، مؤكدًا ضرورة تحميل الشركات مسؤولية تصميم ألعاب تحترم معايير السلامة النفسية، وقال: «من المهم فرض عقوبات وغرامات مالية وسحب تراخيص الشركات التي تنتهك هذه المعايير لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات وغرامة لا تقل عن 10 آلاف ريال عماني، ولا تزيد عن 100 ألف ريال عماني، وذلك لتفادي المشكلات وحالات الانتحار والحالات النفسية التي يتعرض لها الأطفال».
وعن الضوابط التي يمكن فرضها على الإعلانات داخل ألعاب الهواتف، فقد أشار الشكيلي إلى أنه «لا يجوز للمعلنين عرض إعلانات مخصصة، أو استخدام أي أدوات تتبُع تابعة لجهات خارجية، أو محاولة جمع معلومات شخصية من القاصرين أو عن محتوى مصنف على أنه مخصص للأطفال، ويجب ألا تكون الإعلانات الموجهة إلى الأطفال مخادعة أو غير ملائمة لهم مشيرًا إلى ضرورة ضبط جهاز «الواي فاي»، وضبط الإعلانات داخل اليوتيوب، مع ضرورة التحكم في الألعاب ومنع الإعلانات المستهدفة».