صنعاء تُحرج واشنطن وتدفعها للبحث عن حلول ديبلوماسية
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
الجديد برس:
عمدت الدعاية الأمريكية، منذ بدأت القوات اليمنية عملياتها في البحر الأحمر قبل أشهر، إلى طمس حقيقة أن الهدف من هذه العمليات يتمثّل في منع عبور السفن الإسرائيلية وتلك المرتبطة بالعدو.
كما أن البيانات الرسمية الصادرة عن المؤسسات العسكرية والديبلوماسية الأمريكية بشأن عمليات الاعتراض الجوي، وكذلك البيانات بخصوص الضربات الجوية على اليمن، دأبت على تكرار لازمة أن ما يحدث سببه «تعريض الحوثيين حرية الملاحة الدولية في أهم الممرات المائية في العالم، للخطر».
والشيء ذاته يحصل في الإعلام الخليجي الحليف لواشنطن (الرياض، أبو ظبي، والمنامة)، إذ في حال الاضطرار إلى ذكر السبب الحقيقي، ترد العبارات بصياغة مضلّلة، فيما في البرامج الإعلامية المختلفة، يُطرح على الطاولة بشكل دائم البحث عن جدوى الانخراط اليمني عسكرياً، نصرةً لقطاع غزة.
ورغم أن تلك الدعاية أفشلتها الأحداث على أرض الواقع، فضلاً عن الإصدارات الرسمية الإسرائيلية والإحصاءات عن تضرّر الكثير من القطاعات الاقتصادية في الكيان، فإن الإنكار الأمريكي والخليجي ينبع من موقف سياسي واضح بعدم الاعتراف العلني بنتائج العمليات اليمنية، لأن من شأن ذلك إعطاء شرعية لصنعاء، وبالتالي التسليم بمعقولية المعادلة التي تضعها الأخيرة، وهي رفع الحصار الجزئي عن إسرائيل مقابل رفع الحصار عن قطاع غزة.
ولذا، تتورّط واشنطن في استعداء اليمن، وشنّ معركة عسكرية عليه بدعوى «حماية الملاحة»، علماً أن آخر مظاهر تأثير عمليات «أنصار الله» على الكيان، كان إعلان الرئيس التنفيذي لـ«ميناء إيلات»، جدعون غولير، الثلاثاء، أن اليمن تمكّن منذ أربعة أشهر من تعطيل الميناء، ووصفِه الوضع بأنه ليس له مثيل منذ استلامه مهماته قبل 35 عاماً.
وعلى أي حال، سواء اعترفت واشنطن أم لم تعترف بالقدرات العسكرية اليمنية، فإن صنعاء تسير بخطوات متسارعة نحو فرض معادلة جديدة، تجعل البلد في مصاف الدول المؤثّرة في المنطقة. على أن الإنكار الأمريكي العلني ليس ذاته في السر؛ ففي وكالات الاستخبارات ودوائر القرار يجري الإقرار بالحقيقة، فيما لم يعد أحد في الولايات المتحدة والغرب عموماً يجرؤ على الاستخفاف بقدرات «أنصار الله» أو التقليل من تأثيرها على إسرائيل أو حتى على التواجد الأمريكي والغربي في المنطقة. ويبدو خصوصاً، في الأسابيع الأخيرة، أن واشنطن باتت تدرك خطورة التأثير اليمني على الممرّات الدولية والارتباط المباشر لذلك بالحرب على قطاع غزة.
ولهذا، عمدت الولايات المتحدة إلى فتح قنوات تواصل ديبلوماسي مع الدول التي تعتقد أنها مؤثّرة. وهي بعد أن استنفدت قدراتها الديبلوماسية مع الدول التي تقيم علاقات بحركة «أنصار الله» مثل سلطنة عُمان، توجهت إلى منافسها الأول في العالم، أي الصين، فيما وجّهت أيضاً أصدقاءها الأوروبيين بفتح قنوات اتصال مع «أنصار الله»، وعقْد لقاءات مع رئيس وفدها الوطني، محمد عبد السلام. ثم إن عدة من الدول الأوروبية، بالإضافة إلى كندا، توجّهت إلى الصين لتضغط من جهتها على إيران.
ثمة من يرى في واشنطن أنه ينبغي البحث عن حلول مع اليمن
وفي هذا السياق، أوردت صحيفة «فايننشال تايمز» تقريراً عن لقاء سري عُقد في مسقط بين الجانبين الإيراني والأمريكي، حول الوضع في البحر الأحمر. ونقلت عن مسؤول إيراني قوله إن «طهران قالت مراراً وتكراراً إنه لا يمكنها أن تملي على أنصار الله ما يفعلون».
والشيء ذاته قالته صحيفة «نيويورك تايمز» التي نقلت أيضاً عن مسؤولين أن إيران اشترطت من أجل التوسط لوقف هجمات «أنصار الله»، وقف إطلاق النار في غزة.
كذلك، قالت مجلة «ريسبونسبل ستيت كرافت» الأمريكية في تقرير لها، إن وكالات الاستخبارات الأمريكية خلصت إلى أن إيران تتعامل مع حركة «أنصار الله» على أنها ليست تابعة لها. وكشفت أنه لأول مرة، يقرُّ المسؤولون بأن العمليات اليمنية في البحر الأحمر سببُها ما يحدث في غزة ولا علاقة لإيران.
كما سُرّب عن قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال مايكل كوريلا، قوله خلال جلسة سرية أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ قبل أسبوعين، إنه يجب أخذ الهجمات اليمنية في البحر الأحمر على محمل الجد، باعتبارها رد فعل على الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، وليست بتوجيه من إيران، وإنّ الحركة لها تاريخ خاص بها، وليست وكيلة لأحد، وإنّ هناك تاريخاً طويلاً من التضامن بين اليمنيين والفلسطينيين يعود إلى أيام التقسيم (أي الدولتين في الشمال والجنوب).
أيضاً، جرى الاعتراف، خلال الجلسة، بأن الضربات الأمريكية ضد أهداف في اليمن، لم تردع أنشطة الأخير في البحر الأحمر. وتأتي إماطة اللثام عن تلك التفاصيل المهمة في إطار الجدل المؤسساتي، لتؤكد مرة أخرى عمق المأزق الأمريكي.
وفي هذا الإطار، ثمة مؤسسات في واشنطن ترى الأمر أكثر تعقيداً، وتعتبر أنه ينبغي البحث عن حلول مع اليمن، إذ إن الخيار العسكري لن يكون قابلاً للنجاح، وأن المطاف سينتهي بالولايات المتحدة إلى التفاوض مع «أنصار الله» والتوصل معها إلى تسوية. غير أن الإشكالية في هذا الطرح هي أن واشنطن غير جاهزة حتى هذه اللحظة، لإجبار «تل أبيب» على رفع الحصار عن غزة.
المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: فی البحر الأحمر أنصار الله
إقرأ أيضاً:
عبد العاطي يؤكد للزنداني أهمية استقرار اليمن لأمن البحر الأحمر
مصر – أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الاثنين، لنظيره اليمني شائع الزنداني، أهمية استقرار اليمن لتحقيق الأمن بالإقليم وبمنطقة البحر الأحمر.
جاء ذلك خلال استقبال عبد العاطي للزنداني، وفق بيان للخارجية المصرية، قبيل اجتماع وزاري عربي الاثنين تمهيدا للقمة العربية التي تبحث الثلاثاء تطورات القضية الفلسطينية.
وشهد اللقاء “تأكيد الوزير المصري على دعم مصر الراسخ لوحدة الدولة اليمنية ومؤسساتها واستقلالها وسلامة أراضيها”.
ونوه إلى “ما يمثله أمن واستقرار اليمن من أهمية لتحقيق الأمن الإقليمي و(في) منطقة البحر الأحمر”، معربا عن “تأييد مصر لكافة الجهود الرامية إلى التوصل لحل سياسي شامل للأزمة اليمنية، بما يلبي طموحات الشعب اليمني الشقيق وينهي معاناته الإنسانية”.
وتضررت سلامة الملاحة في البحر الأحمر جراء عمليات للحوثيين ضد سفن إسرائيلية مما أدى إلى تراجع إيرادات قناة السويس جراء ذلك التوتر.
وأواخر ديسمبر/ كانون أول الماضي، قالت الرئاسة المصرية إن إيرادات قناة السويس فقدت 7 مليارات دولار خلال 2024، بسبب تطورات البحر الأحمر ومضيق باب المندب التي أثرت سلبا على حركة الملاحة بالقناة واستدامة التجارة العالمية.
ولم يذكر البيان إجمالي إيرادات قناة السويس خلال 2024، إلا أن حجم الإيرادات المحققة بلغ 10.25 مليارات دولار في العام 2023، بحسب بيانات رسمية.
و”تضامنا مع غزة” في مواجهة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، هاجم الحوثيون منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بها في البحر الأحمر بصواريخ وطائرات مسيّرة كما يهاجمون أهدافا في إسرائيل.
ومع بداية تنفيذ اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة في 19 يناير/ كانون ثان الجاري، أعلن الحوثيون في بيانات منفصلة توقفهم عن الاستهداف حال التزمت إسرائيل بعدم تجديد العدوان.
ومنذ أكثر من عامين، يشهد اليمن تهدئة من حرب بدأت قبل نحو 10 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية وقوات جماعة الحوثي المسيطرة على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ 2014، ودمرت الحرب معظم القطاعات في اليمن، لا سيما القطاع الصحي، وتسببت في إحدى أكثر الأزمات الإنسانية كارثية في العالم، حسب الأمم المتحدة.
وخلال اللقاء تطرق عبد العاطي أيضا إلى “الخطوات الجارية للإعداد للقمة العربية التي تستضيفها القاهرة الثلاثاء، بشأن الأوضاع في قطاع غزة”، وفق البيان المصري.
وأشار في هذا الإطار إلى “جهود مصر الرامية لضمان استدامة اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والخطة التي يتم بلورتها لإعادة الإعمار”، مشددًا على “رفض مصر لتهجير الفلسطينيين، وضرورة السعي نحو التوصل لحل سياسي دائم وعادل للقضية الفلسطينية”.
ومنذ 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، يروج الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمخطط تهجير فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو الأمر الذي رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى، ومنظمات إقليمية ودولية.
ودعت القاهرة قبل أيام لعقد قمة عربية طارئة في 4 مارس/آذار الجاري بشأن التطورات الفلسطينية.
وكشف عبد العاطي، امس الأحد، أن “خطة إعادة إعمار غزة جاهزة وفي انتظار عرضها على الأشقاء العرب لإقرارها في القمة العربية المقررة الثلاثاء بالقاهرة.
الأناضول