الجديد برس:

عمدت الدعاية الأمريكية، منذ بدأت القوات اليمنية عملياتها في البحر الأحمر قبل أشهر، إلى طمس حقيقة أن الهدف من هذه العمليات يتمثّل في منع عبور السفن الإسرائيلية وتلك المرتبطة بالعدو.

كما أن البيانات الرسمية الصادرة عن المؤسسات العسكرية والديبلوماسية الأمريكية بشأن عمليات الاعتراض الجوي، وكذلك البيانات بخصوص الضربات الجوية على اليمن، دأبت على تكرار لازمة أن ما يحدث سببه «تعريض الحوثيين حرية الملاحة الدولية في أهم الممرات المائية في العالم، للخطر».

والشيء ذاته يحصل في الإعلام الخليجي الحليف لواشنطن (الرياض، أبو ظبي، والمنامة)، إذ في حال الاضطرار إلى ذكر السبب الحقيقي، ترد العبارات بصياغة مضلّلة، فيما في البرامج الإعلامية المختلفة، يُطرح على الطاولة بشكل دائم البحث عن جدوى الانخراط اليمني عسكرياً، نصرةً لقطاع غزة.

ورغم أن تلك الدعاية أفشلتها الأحداث على أرض الواقع، فضلاً عن الإصدارات الرسمية الإسرائيلية والإحصاءات عن تضرّر الكثير من القطاعات الاقتصادية في الكيان، فإن الإنكار الأمريكي والخليجي ينبع من موقف سياسي واضح بعدم الاعتراف العلني بنتائج العمليات اليمنية، لأن من شأن ذلك إعطاء شرعية لصنعاء، وبالتالي التسليم بمعقولية المعادلة التي تضعها الأخيرة، وهي رفع الحصار الجزئي عن إسرائيل مقابل رفع الحصار عن قطاع غزة.

ولذا، تتورّط واشنطن في استعداء اليمن، وشنّ معركة عسكرية عليه بدعوى «حماية الملاحة»، علماً أن آخر مظاهر تأثير عمليات «أنصار الله» على الكيان، كان إعلان الرئيس التنفيذي لـ«ميناء إيلات»، جدعون غولير، الثلاثاء، أن اليمن تمكّن منذ أربعة أشهر من تعطيل الميناء، ووصفِه الوضع بأنه ليس له مثيل منذ استلامه مهماته قبل 35 عاماً.

وعلى أي حال، سواء اعترفت واشنطن أم لم تعترف بالقدرات العسكرية اليمنية، فإن صنعاء تسير بخطوات متسارعة نحو فرض معادلة جديدة، تجعل البلد في مصاف الدول المؤثّرة في المنطقة. على أن الإنكار الأمريكي العلني ليس ذاته في السر؛ ففي وكالات الاستخبارات ودوائر القرار يجري الإقرار بالحقيقة، فيما لم يعد أحد في الولايات المتحدة والغرب عموماً يجرؤ على الاستخفاف بقدرات «أنصار الله» أو التقليل من تأثيرها على إسرائيل أو حتى على التواجد الأمريكي والغربي في المنطقة. ويبدو خصوصاً، في الأسابيع الأخيرة، أن واشنطن باتت تدرك خطورة التأثير اليمني على الممرّات الدولية والارتباط المباشر لذلك بالحرب على قطاع غزة.

ولهذا، عمدت الولايات المتحدة إلى فتح قنوات تواصل ديبلوماسي مع الدول التي تعتقد أنها مؤثّرة. وهي بعد أن استنفدت قدراتها الديبلوماسية مع الدول التي تقيم علاقات بحركة «أنصار الله» مثل سلطنة عُمان، توجهت إلى منافسها الأول في العالم، أي الصين، فيما وجّهت أيضاً أصدقاءها الأوروبيين بفتح قنوات اتصال مع «أنصار الله»، وعقْد لقاءات مع رئيس وفدها الوطني، محمد عبد السلام. ثم إن عدة من الدول الأوروبية، بالإضافة إلى كندا، توجّهت إلى الصين لتضغط من جهتها على إيران.

ثمة من يرى في واشنطن أنه ينبغي البحث عن حلول مع اليمن

وفي هذا السياق، أوردت صحيفة «فايننشال تايمز» تقريراً عن لقاء سري عُقد في مسقط بين الجانبين الإيراني والأمريكي، حول الوضع في البحر الأحمر. ونقلت عن مسؤول إيراني قوله إن «طهران قالت مراراً وتكراراً إنه لا يمكنها أن تملي على أنصار الله ما يفعلون».

والشيء ذاته قالته صحيفة «نيويورك تايمز» التي نقلت أيضاً عن مسؤولين أن إيران اشترطت من أجل التوسط لوقف هجمات «أنصار الله»، وقف إطلاق النار في غزة.

كذلك، قالت مجلة «ريسبونسبل ستيت كرافت» الأمريكية في تقرير لها، إن وكالات الاستخبارات الأمريكية خلصت إلى أن إيران تتعامل مع حركة «أنصار الله» على أنها ليست تابعة لها. وكشفت أنه لأول مرة، يقرُّ المسؤولون بأن العمليات اليمنية في البحر الأحمر سببُها ما يحدث في غزة ولا علاقة لإيران.

كما سُرّب عن قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال مايكل كوريلا، قوله خلال جلسة سرية أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ قبل أسبوعين، إنه يجب أخذ الهجمات اليمنية في البحر الأحمر على محمل الجد، باعتبارها رد فعل على الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، وليست بتوجيه من إيران، وإنّ الحركة لها تاريخ خاص بها، وليست وكيلة لأحد، وإنّ هناك تاريخاً طويلاً من التضامن بين اليمنيين والفلسطينيين يعود إلى أيام التقسيم (أي الدولتين في الشمال والجنوب).

أيضاً، جرى الاعتراف، خلال الجلسة، بأن الضربات الأمريكية ضد أهداف في اليمن، لم تردع أنشطة الأخير في البحر الأحمر. وتأتي إماطة اللثام عن تلك التفاصيل المهمة في إطار الجدل المؤسساتي، لتؤكد مرة أخرى عمق المأزق الأمريكي.

وفي هذا الإطار، ثمة مؤسسات في واشنطن ترى الأمر أكثر تعقيداً، وتعتبر أنه ينبغي البحث عن حلول مع اليمن، إذ إن الخيار العسكري لن يكون قابلاً للنجاح، وأن المطاف سينتهي بالولايات المتحدة إلى التفاوض مع «أنصار الله» والتوصل معها إلى تسوية. غير أن الإشكالية في هذا الطرح هي أن واشنطن غير جاهزة حتى هذه اللحظة، لإجبار «تل أبيب» على رفع الحصار عن غزة.

المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: فی البحر الأحمر أنصار الله

إقرأ أيضاً:

واشنطن بوست”: “إسرائيل” أبلغت الولايات المتحدة بالهجمات على اليمن قبل تنفيذها 

 

الجديد برس|

 

نقلت صحيفة “واشنطن بوست”: عن مصد إسرائيلي أن “حكومة الاحتلال” أبلغت “الولايات المتحدة” بهجمات الخميس على اليمن قبل تنفيذها.

 

وعادة ما تسارع واشنطن لنفي علمها، بأي عمليات إسرائيلية، لكن سرعان ما يكشف الاعلام الأمريكي والغربي، حقيقة “علم واشنطن المسبق” بأي عمليات إسرائيلية في المنطقة.

 

وكانت مقاتلات جيش الاحتلال، شنت مساء اليوم الخميس، عدة غارات على أهداف مدنية، في العاصمة صنعاء ومدينة الحديدة، منها مطار صنعاء الدولي ومينائي الحديدة ورأس عيسى ومحطات توليد كهرباء في صنعاء والحديدة.

مقالات مشابهة

  • “واشنطن بوست”: القوات اليمنية في صنعاء أكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية مما يتصوره الكثيرون
  • أنصار الله: عدوان أمريكي بريطاني استهدف حديقة 21 سبتمبر بمديرية معين في صنعاء
  • أنصار الله يعلنون استهداف مطار بن غوريون
  • أنصار الله: ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الاسرائيلية في صنعاء إلى 6 قتلى و40 مصاب
  • حركة “انصار الله”: سنقابل التصعيد بالتصعيد دون حسابات أو تراجع 
  • واشنطن بوست”: “إسرائيل” أبلغت الولايات المتحدة بالهجمات على اليمن قبل تنفيذها 
  • قائد أنصار الله: “العدو الإسرائيلي بات محبطا بعد ما تفاجأ من فاعلية وزخم العمليات اليمنية”
  • وزير الخارجية: واشنطن تسعى لربط ملف السلام في اليمن بوقف التصعيد في البحر الأحمر
  • ردا على صواريخ "أنصار الله".. إسرائيل تعتزم شن هجوم رابع على اليمن
  • إسرائيل تدرس شن هجوم رابع على اليمن بعد استهدافها بصاروخ حوثي