صيام برائحة الدم في غزة.. إفطار على أصوات القذائف والموت
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
من بين الركام، وتحت الأنقاض، وأمام شبح المجاعة، استقبل أهالى قطاع غزة المحاصر شهر رمضان المبارك، وتحت القصف ونيران المدفعيات، فرشوا سفراتهم المتواضعة بانتظار أذان المغرب، فاجتمع الأطفال حول أطباق الطعام البسيطة التى توفرها بشق الأنفس مساعدات الإغاثة، فيما اختفت أنواع اللحوم والدجاج من إفطارات الأهالى المحاصرين والنازحين فى جنوب المدينة المدمرة والتى قطعت أوصالها، وحلت محلها المعلبات نظراً لغلاء الأسعار وشح المواد الغذائية، بينما لم يجد سكان الشمال شيئاً من الطعام، حتى بات الإفطار والسحور شربة ماء، لا تسمن ولا تغنى من جوع، وعلى أثر تلك الأزمة قصد كثيرون القمامة بحثاً عن الفتات علّهم يسكتون أصوات الجوع التى فتكت بأمعائهم وأذابت لحومهم، تتفاقم المجاعة لتحصد المزيد من أرواح الغزاويين مع حلول شهر رمضان، إذ استقبل الأهالى الشهر الكريم ببطون خاوية وأجساد هزيلة، فلا طريق أمامهم سوى بانتظار مساعدات تسقط من السماء، أو تأتيهم بحراً، أو التضحية بالروح من أجل كيس طحين مخضب بالدماء.
وقال مدير عام المكتب الإعلامى الحكومى فى غزة، إسماعيل الثوابتة، لـ«الوطن»، إن الاحتلال الصهيونى أفسد فرحة شهر رمضان المبارك الذى يستقبله الفلسطينيون هذا العام، وقد استهدف جيش الاحتلال أكثر من 1000 مسجد فى قطاع غزة، وهى غير صالحة للصلاة، فى وقت تعد فيه المساجد المنارات الدينية الأولى التى يؤمها الشعب الفلسطينى للصلوات وخاصة صلاة التراويح، وتابع «الثوابتة»: «ترتفع بذلك حصيلة الضحايا إلى أكثر من 31 ألف شهيد، وما يزيد على 72 ألف جريح، 72% منهم من الأطفال والنساء العزّل»، كما أضاف أن حصيلة ضحايا سلاح التجويع الذى يمارسه الاحتلال ارتفعت إلى 27 شهيداً أغلبهم من الأطفال، وأكد مدير عام المكتب الإعلامى الحكومى فى غزة أن نصف مليون شخص فى قطاع غزة وصلوا إلى مستويات إنذار أعلى فيما يتعلق بانعدام الأمن الغذائى وأن 80% من الأطفال الصغار أصبحوا يعانون فقراً غذائياً حاداً، فيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إلى ما عبر عنه بـ«إسكات صوت السلاح» فى قطاع غزة، وذلك احتراماً لحرمة شهر رمضان، وقال «جوتيريش» إنه على الرغم من حلول شهر رمضان المبارك وهو الوقت الذى يحتفل فيه المسلمون فى جميع أنحاء العالم وينشرون قيم السلام والمصالحة والتضامن، إلا أن الوفيات والتفجيرات والمذابح ما زالت مستمرة فى غزة.
وقال عدنان أبوحسنة، المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، إن ما لدى المنظمة من تمويل يكفى لتنفيذ عمليات إغاثية حتى شهر مارس ونهاية أبريل المقبل، ولا بد من تمويل وإمداد عاجل من أجل تقليص أعداد ضحايا الجوع الذى بات أحد الأسلحة التى استخدمها الاحتلال للفتك بالمدنيين فى قطاع غزة، لافتاً إلى أن الأوضاع الإنسانية فى غزة بصفة عامة سواء فى الشمال أو الجنوب متدهورة بصورة كبيرة، فى ظل البطء فى إدخال المساعدات، بالنظر إلى أن عدد الشاحنات الذى دخل فى شهر فبراير الماضى، هو نصف ما دخل خلال يناير بالرغم من قرار محكمة العدل الدولية بزيادة عدد شاحنات المساعدات التى تدخل إلى غزة، لذلك نرى انهياراً كبيراً فى الأوضاع الإنسانية على كافة المستويات، وأضاف: «هذا الوضع يتفاقم فى شهر رمضان وذلك بسبب الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة للمراكز التابعة للوكالة والموظفين الذين يقومون بعمليات توزيع الطرود الغذائية على السكان والنازحين المتكدسين للحصول على الطعام ما أدى إلى استشهاد العشرات منهم».
«رمضان فى غزة حاجة تانية»، هكذا يقول الأهالى فى القطاع المنكوب، ففى كل دول العالم يفطر الصائمون على صوت مدفع الإفطار، بينما هنا فى غزة لا يفطر الجوعى بل تمزقهم قذائف مدافع آليات القتل الإسرائيلية إلى أشلاء متناثرة، غالباً ما تختلط بالتراب فتغوص الجثة فى الأرض دون نقلها إلى قبر يحتويها، فى غزة لا يذهب الظمأ ولا تبتل العروق، يتهامس الصائمون الذين لا يزالون متمسكين بأرضهم فى مناطق شمال غزة فيما بينهم بأن الموت راحة لهم من الجوع الذى يقتلهم بالبطىء؛ فالصيام والإفطار سواء، فعلى كل حال ليس هناك طعام، ويقول فاهم الأعرج، 40 عاماً، من منطقة بيت لاهيا، إنه لم يبذل مجهوداً لتعويد طفليه التوأم محمد وباسل، 5 أعوام، على الصيام، ويتابع: «إحنا هنا فى الشمال صُمنا قبل المسلمين بـ5 شهور، أطفالى اتعودوا على الصوم بس من غير ما يكون فيه وقت للإفطار، وممكن يفوت أربع أيام أو أسبوع بدون ما ياكلوا غير رغيف خبز واحد، بشحته ليهم من الناس أو بجيبه من القمامة وبمسح العفن من عليه قبل ما أرجع على البيت»، وواصل: «صار لنا 5 شهور ما ذقنا طعم الخبز اللى بياكله البشر، لأن صرنا نطحن علف الحيوانات والطيور، واللى اتسبب فى إصابة ابنى الصغير بأمراض، بس مفيش غيره قدامنا، وكمان خلاص ما بقاش موجود وخلص وحالياً بنجمع ورق الشجر عشان نفطر عليه، لأن مش ضامنين كمان يكون موجود الأيام الجاية».
تقول كاريمان عطالله، 30 عاماً، نازحة من وسط القطاع إلى جنوبه، إن رمضان فى غزة فى الأعوام الماضية كان لا يشبه أى مكان فى العالم: «إحنا شعب بنفرح بأقل الحاجات، ولسه فى ذاكرتى سوق الزاوية الشعبى اللى كان علامة مهمة لقدوم رمضان، بس دلوقتى خسرنا كل شىء»، وتتابع: «مفتقدة ومشتاقة لمدينتى ولتفاصيلها، زى الهدوء بعد المغرب وصوت جلى الصحون والفراقيع اللى بيلعب بيها الأطفال بالشارع وللناس وهى بتجرى لصلاة التراويح، كان عندنا أحلى حياة».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: غزة رمضان رمضان غزة الإحتلال التراويح السحور زينة رمضان فى قطاع غزة شهر رمضان فى غزة
إقرأ أيضاً:
ابتعد عن السكريات والأطعمة الدسمة.. نصائح من تجمع الرياض لوجبة إفطار صحية
المناطق_الرياض
أكد تجمع الرياض الصحي الأول في حملة توعوية على أهمية اختيار وجبة الإفطار بعناية، باعتبارها من أهم الوجبات اليومية التي تؤثر بشكل مباشر على الصحة العامة.
ودعا التجمع إلى تقليل تناول المعجنات والابتعاد عن السكريات والأطعمة الدسمة والدهنية، مع التركيز على الخيارات الصحية الغنية بالعناصر الغذائية المتوازنة.
أخبار قد تهمك “مستشفى حوطة بني تميم” ينقذ أماً وجنينها من “تسمم الحمل” 26 يناير 2023 - 10:19 مساءً استئصال طحال متضخم لمقيمة في مستشفى “الإمام الفيصل” 26 يناير 2023 - 10:13 مساءًوأشار التجمع إلى أن الالتزام بتناول إفطار صحي يساعد في تعزيز الطاقة وزيادة التركيز طوال اليوم، بالإضافة إلى تحسين الصحة العامة والوقاية من الأمراض المزمنة مثل السمنة والسكري.
تأتي هذه الحملة ضمن جهود التجمع المستمرة لتوعية المجتمع بأهمية التغذية الصحية وتعزيز نمط حياة صحي، بما ينسجم مع رؤية السعودية 2030 في تحسين جودة الحياة.