ندوة لـ«تريندز» و«مجموعة الصين للإعلام»: الإمارات والصين.. علاقات تاريخية وشراكة ترسخ الاستدامة
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
أكد مسؤولون وخبراء وباحثون أن الشراكة الإماراتية الصينية تُعد أيقونة للتعاون الدولي القائم على أسس الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة، وأن هذه الشراكة لا تقتصر على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية فحسب، بل تشكل نبراساً يُضيء دروب الابتكار والاستدامة.
جاء ذلك، في ندوة نظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات، بالتعاون والشراكة مع المكتب الإقليمي لمجموعة الصين للإعلام، ضمن أنشطة «تريندز» الرمضانية بعنوان «الحوار الإعلامي العالمي - الاقتصاد الصيني في مرحلة الازدهار» في قاعة المؤتمرات بالمركز في أبوظبي.
وأضافوا أن مبادرة الحزام والطريق تعكس التزام الصين بتعزيز التعاون الدولي المبني على التجارة والنمو الاقتصادي المتبادل، وأن هذه الممرات ليست مجرد قنوات لتدفق السلع والخدمات، بل هي جسور تربط بين الثقافات وتوفر حلولاً مبتكرة للتحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه العالم اليوم.
وقالوا إن انضمام دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية مؤخراً لتكتل بريكس سيدفع الشراكة بين الصين ودول الخليج العربية إلى مزيد من الازدهار، كما أن العلاقات الاقتصادية بين الصين ودولة الإمارات على سبيل الخصوص ستزدهر، حيث لديهما تاريخ طويل من الشراكة التجارية، ولديهما رؤية مشتركة، وتحركهما دوافع متشابهة تجاه قضايا دولية متعددة.
دراسة الفرص
وقد بدأت الندوة بكلمة ترحيبية للدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز، أكد خلالها أهمية الندوة التي تعقد بالتعاون مع المكتب الإقليمي لمجموعة الصين للإعلام، والتي تسلط الضوء على موضوع الاقتصاد الصيني في مرحلة الازدهار، لتبرز انعكاسات هذا الازدهار على آفاق النمو الاقتصادي العالمي.
وأشار إلى أن دراسة آفاق النمو الصيني تعد من صلب اهتمامات المركز البحثية، مؤكداً أن دراسة الفرص التي يخلقها هذا النمو، سواء على صعيد التجارة الدولية أم على صعيد تدفقات الاستثمارات العالمية، تكتسب أهمية خاصة في عالم يكافح حالياً ليتعافى ما أصابه من تداعيات الأزمات المتعاقبة. ونوه الدكتور محمد العلي بأن الصين حددت هدفاً طموحاً للنمو الاقتصادي بنحو 5%، خلال العام الجاري 2024، وهو ما زاد من تفاؤل كبريات الشركات متعددة الجنسيات حول إمكانات الصين على المدى الطويل.
وأكد أن انضمام دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية مؤخراً لتكتل بريكس سيدفع الشراكة بين الصين ودول الخليج العربية إلى مزيد من الازدهار، متوقعاً المزيد من الازدهار للعلاقات الاقتصادية بين الصين ودولة الإمارات على سبيل الخصوص، حيث لديهما تاريخ طويل من الشراكة التجارية، ولديهما رؤية مشتركة وتحركهما دوافع متشابهة تجاه قضايا دولية متعددة، كما أن دولة الإمارات تشكل أهمية كبيرة لنجاح مبادرة الحزام والطريق الصينية لقيادة التنمية، إقليمياً وعالمياً.
علاقات مزدهرة
وفي الكلمة الرئيسة، استهل تشانج يي مينج، سفير جمهورية الصين الشعبية لدى دولة الإمارات كلمته بتقديم التهنئة لمركز تريندز على استضافة حوار الإعلام العالمي، مستشهداً بمثل صيني يقول «خطة السنة تبدأ في الربيع»، مؤكداً أن الربيع هو الفصل الأكثر حيوية، والوقت المناسب لبدء الأعمال، وهو ما يتناسب مع موضوع وتوقيت الحوار العالمي للإعلام.
وذكر أن الاقتصاد الصيني تعافى بسرعة من وباء كورونا، ودخل المسار الصحيح للتنمية النشطة. وفي عام 2023، وصل إجمالي الناتج الاقتصادي للصين إلى 18 تريليون دولار أميركي، بنمو سنوي قدره 5.2%، ما ساهم بما يقرب من ثلث النمو الاقتصادي العالمي.
وأشار إلى أنه على مدى السنوات الأربعين الماضية، صمدت العلاقات الصينية - الإماراتية في وجه التغيرات الدولية المختلفة، موضحاً أن العلاقات بين البلدين تشهد ازدهاراً ونمواً بشكل مطرد، لافتاً إلى أن هذا العام يصادف الذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والإمارات العربية المتحدة.
وبين أنه في عام 2023، وصل حجم التجارة الثنائية بين دولة الإمارات والصين إلى 95 مليار دولار أميركي، وفي الوقت ذاته يزدهر التعاون المشترك في المشاريع الكبرى بين البلدين في كل مكان، مشيراً إلى أن مشروع تعليم الصينية بـ200 مدرسة إماراتية أصبح مشروعاً عالمياً لتعليم اللغة الصينية.
واختتم السفير كلمته بالتأكيد أن دولة الإمارات العربية المتحدة، شريك استراتيجي شامل للصين، معرباً عن تطلعه لمزيد من التعاون المثمر بين البلدين.
نموذج يحتذى
وفي الكلمة الافتتاحية قال سعيد حمد الغفلي، رئيس قسم الشؤون الاقتصادية بسفارة الدولة في بكين «نحتفل هذا العام بمرور أربعين عاماً على العلاقات الصينية – الإماراتية، بما يعكس عمق وقوة هذه العلاقات»، مشيراً إلى أنه خلال السنوات الماضية تعمقت الروابط السياسية والتجارية والثقافية بين البلدين، بما يعزز الطموحات نحو مستقبل مشرق.
وأضاف أن دولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية الصين تشتركان في الكثير من المشتركات، والتي من بينها الطموحات الكبيرة في الساحة الدولية، فضلاً عن عمق وتميز هذه العلاقات، حيث باتت الصين الشريك التجاري الأول لدولة الإمارات، وارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين بشكل كبير، مشيراً إلى أن البلدين يسعيان للوصول بها إلى نحو 200 مليار دولار في عام 2030.
وأكد سعيد حمد الغفلي أن العلاقات بين البلدين تعكس التزاماً مشتركاً نحو تعزيز التعاون في مختلف المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية، حيث يوجد أكثر من 6000 شركة صينية تعمل في دولة الإمارات. وقال إننا نشهد اليوم عصراً جديداً من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتطورة، وتعد العلاقات الوثيقة بين البلدين نموذجاً يحتذى به في العلاقات الدولية، حيث تشترك الدولتان في الطموح وروح الابتكار.
فرص وسمات
عقب ذلك بدأت أعمال الندوة بمناقشة المحور الأول حول النموذج الصيني في التنمية: الفرص والسمات الرئيسة، بإدارة السيدة مو لي، مديرة المكتب الإقليمي لمجموعة الصين للإعلام في الشرق الأوسط، وتحدثت تشاولي يان، الممثل الرئيس للمكتب التمثيلي للمجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية في منطقة الخليج حول نموذج التحديث الصيني مع التركيز على مبادرة الحزام والطريق، ومساعي الصين لعلاقات اقتصادية دولية متوازنة، وقال: إن الصين ودولة الإمارات تتقاسمان العديد من المُثُل المشتركة فيما يتعلق بالاقتصاد، وخاصة التركيز على التخطيط طويل المدى. ودعت تشاو ليان، إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، من خلال المشاركة في معرض سلسلة التوريد الدولي الذي تنظمه المنظمة. وأشارت تشاو ليان، خلال كلمتها، إلى القيم المشتركة التي تجمع الصين والإمارات، لافتة إلى مسيرة النمو الاقتصادي الناجحة للصين، وتركيزها الحالي على تحسين جودة الإنتاج، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام وعادل.
كما سلطت الضوء على المبادرات العالمية التي أطلقتها الصين لدعم التنمية الاقتصادية العالمية، مثل مبادرة الحزام والطريق، مشيرة إلى تطلع بلادها لتعزيز التعاون مع الإمارات، التي تسعى لتصبح مركزاً صناعياً رائداً.
دور الإعلام
تناول المحور الثاني من الندوة دور الإعلام في تعزيز العلاقات الصينية - الخليجية، حيث تمت مناقشة دور الإعلام في تعزيز العلاقات الصينية - الخليجية، ودوره رافداً للدبلوماسية العامة، وتعزيز العلاقات بين الدول، إضافة إلى دوره في تعزيز العلاقات الإيجابية بين الصين ودولة الإمارات، وأهمية تعزيز التعاون الإعلامي الإماراتي-الصيني.
قال الدكتور حمد الكعبي، الرئيس التنفيذي لـ «مركز الاتحاد للأخبار»، رئيس تحرير صحيفة الاتحاد: إن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وضع اللبنة الأولى للعلاقات الإماراتية الصينية منذ أربعين عاماً، وبعد ذلك سارت قيادة الدولة على المسار ذاته. وأضاف أن وجود 6 آلاف شركة تجارية صينية على أرض الإمارات، يعكس أن الإمارات حاضنة رئيسة للعديد من العلامات التجارية الصينية، بالنظر لموقع الإمارات مركزاً للتجارة العالمية.
وأشار إلى أن الأربعين عاماً الماضية شهدت العديد من الزيارات المتبادلة لمسؤولي قطاعات الثقافة والإعلام في البلدين، ولهذا تحتل هذه الجوانب من العلاقة بين الإمارات والصين مرتبة متقدمة لا تقل أبداً عن العلاقات التجارية المزدهرة بين البلدين.
وأكد وجود علاقات ثقافية وإعلامية متشعبة بين دولة الإمارات والصين، كما أن هناك نتاجاً فكرياً لتلك العلاقات، مشيراً في هذا الصدد إلى أنه في عام 2001 تم توقيع اتفاقية للتعاون الإعلامي والثقافي بين البلدين، كما أن دولة الإمارات تستضيف مجموعة الصين للإعلام منذ عام 2009، وكذلك العديد من الصحف والمؤسسات الإعلامية الصينية.
مستقبل مبادرة الحزام والطريق
تناول المحور الرابع الاتجاهات المستقبلية للنمو الصيني وتأثيراتها عالمياً، حيث تطرق عبدالعزيز الشحي، الباحث بمركز تريندز للبحوث والاستشارات إلى مقومات النمو الصيني في عصر التنافس الاقتصادي الدولي، ومستقبل مبادرة الحزام والطريق وتأثيراتها التنموية عالمياً، والصين وبريكس وقيادة التنافس العالمي. وأكد أهمية الدور الكبير الذي تلعبه الصين في النظام العالمي، سواء من حيث القوة الاقتصادية أم السياسية، مشيراً إلى أن الصين تُعد قوة اقتصادية عالمية صاعدة لها تأثير كبير على النظام الدولي.
وقال إنها تسعى من خلال مبادرة الحزام والطريق، ومجموعة بريكس إلى تعزيز التعاون الدولي وتحقيق التوازن في النظام الاقتصادي العالمي، لافتاً إلى أن الصين تواجه بعض التحديات، لكن إدراكها هذه التحديات، والتعامل معها بحكمة سيساعدها على تحقيق أهدافها.
وقدم للندوة وأعلن توصياتها الباحث في «تريندز» زايد الظاهري.
آفاق واعدة
تطرق المحور الثالث إلى العلاقات الاقتصادية الإماراتية - الصينية: تعاون متنامٍ وآفاق واعدة، وتطرق الباحث والمحلل الاستراتيجي أمجد طه في ورقة عمل بعنوان «الإمارات بوابة الصين للمنطقة الخليجية، إلى التنمية الصينية والتنمية الإماراتية وأوجه التشابه ونقاط الالتقاء، ومؤشرات ازدهار التجارة والاستثمارات البينية الإماراتية-الصينية، ودور القطاع الخاص في تعميق العلاقات الإماراتية-الصينية.
وأكد أمجد طه أن دولة الإمارات تتألق كنبض حي للشرق الأوسط، بينما تتلألأ الصين كعبقرية مشرقة، وأنهما معاً يجسدان قصة فريدة، حيث يتآزر القلب والعقل لغاية أسمى، مشيراً إلى أن هذه الشراكة الرائدة لا تُعزز التقدم المشترك فحسب، بل تُساهم في رسم ملامح مستقبل مشرق للعالم أجمع.
وأضاف أنه في زمن تتشابك فيه خيوط العولمة، تُعد الشراكة الإماراتية الصينية أيقونة للتعاون الدولي القائم على أسس الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة، مشيراً إلى أن هذا التحالف لا يقتصر على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية فحسب، بل يُعد نبراساً يُضيء دروب الابتكار والاستدامة، خصوصاً في مجالات الطاقة النظيفة والتكنولوجيا، ما يَعِدُ بمستقبل أفضل، ليس للمنطقة وحدها، بل للعالم كله.
وخلص إلى أنه مع تنامي التعاون الاقتصادي بين الإمارات والصين، نشهد تبلور ممرات تجارية جديدة تمهد الطريق لآفاق رحبة من التنمية المستقبلية، موضحاً أن هذه الممرات ليست مجرد قنوات لتدفق السلع والخدمات، بل هي جسور تربط بين الثقافات، وتوفر حلولاً مبتكرة للتحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه العالم اليوم.
وشدد على أن ما يميز دولة الإمارات والصين أنهما لا تعرفان كلمة المستحيل، وأن كل شيء ممكن. وقد بلغ عدد الرخص الاقتصادية الصينية في دولة الإمارات أكثر من 14 ألف رخصة، وتعد الصين اليوم أكبر مصدر لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الإمارات.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات والصين الإمارات الصين مركز تريندز للبحوث والاستشارات مركز تريندز حمد الكعبي محمد العلي السفير الصيني الإمارات العربیة المتحدة مبادرة الحزام والطریق العلاقات الاقتصادیة الإماراتیة الصینیة العلاقات الصینیة أن دولة الإمارات النمو الاقتصادی الإمارات والصین تعزیز العلاقات الصین للإعلام تعزیز التعاون بین البلدین الصینی فی بین الصین إلى أنه أن هذه إلى أن فی عام کما أن
إقرأ أيضاً:
مراهقون يبنون علاقات عاطفية مع «روبوت الدردشة»
الشارقة: أمير السني
شهد استخدام روبوتات الدردشة بصورة مكثفة من المراهقين، نشوء علاقات خاصة بين الطرفين وقد حذر من خطورتها متخصصون في الطب النفسي والاجتماعي.
وأوضحوا أن الجيل الحديث بات يعتاد استجابات مخصصة وسريعة تلبي رغباتهم من دون تعقيدات التفاعل البشري الطبيعي، داعين إلى ضرورة التوازن بين التفاعل الرقمي والتفاعل الواقعي بتشجيع التواصل مع الأصدقاء والأسرة.
رصدت «الخليج» عدداً من القصص عن تعلق مراهقين ب«ربوتات الدردشة» واللجوء إليها ملاذاً عاطفياً نتيجة إدمان الحديث معها، أصبحت الشابة «ف، ر» تعتمد على «روبوت الدردشة» في اختيار أزيائها والبحث عن الطرائق المناسبة لتصبح لائقة وسط زملائها في الجامعة وباتت تلجأ إليه في كل صغيرة وكبيرة وقد وجدت ارتياحاً نفسياً تجاه الخيارات التي يضعها لها لتجاوز السلبيات التي تواجهها عند اختلاطها بالمجتمع الجامعي.
وفي قصة أخرى وصل الأمر إلى دور أكبر ل«روبوت الدردشة» في تعويض خسارة علاقة عاطفية للشابة «ن، ب»، بعد أن تواصلت معه واستطاع تهدئة انفعالاتها العاطفية وتخفيف حزنها والبحث معها لحلول وباتت العلاقة بينهما بديلة للعلاقات الحقيقية.
أما القصة الثالثة، فتتحدث عن شاب خجول وجد صعوبة في التعامل مع زميلاته لنشأته وسط أسرة محافظة وبات يلجأ إلى «روبوت الدردشة» وسيلةً عاطفيةً بدلاً من التعامل المباشر مع الآخرين وأن المشاعر المتدفقة من «الروبوت» أصبحت بديلاً عن الإحراج والخجل الذي يواجهه.
وفي قصة رابعة وجد الشاب «م، ي» عبر استخدامه المتكرر ل«روبوت الدردشة» اتجاهاً عاطفياً بديلاً من التعامل الفظ الذي كان يجده من والديه عندما يلجأ إليهما ونشأت علاقة بين الطرفين وبات الشاب رهين الحلول التي يضعها له الروبوت.
استجابة سريعة
أشار الدكتور محمود نجم، إلى أن الارتباط العاطفي بروبوت الدردشة يعكس حاجة غير مشبعة إلى الدعم العاطفي والتفاعل الإنساني، فالمراهق الذي ينشئ علاقة مع الذكاء الاصطناعي، قد يفتقد التقدير أو الفهم في بيئته الاجتماعية، فيجد في الروبوت استجابة غير مشروطة أو أنه يعاني قلقاً اجتماعياً وصعوبات في بناء العلاقات.
وأوضح أن تقارير عالمية وثقت تعلق المراهقين بروبوتات الدردشة وهذا يؤدي قطعاً إلى مضاعفات، أهمها العزلة الاجتماعية، بسبب الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي في التفاعل العاطفي ويؤدي إلى تراجع مهارات التواصل الواقعية وتشويه مفهوم العلاقات، حيث يعاني المراهقون تصورات غير واقعية عن العلاقات الإنسانية، بسبب اعتيادهم على استجابات مخصصة وسريعة تلبي رغباتهم من دون تعقيدات التفاعل البشري الطبيعي.
وأرجع ضعف شخصية المدمن إلى الحرمان من التقدير الكافي وعدم الشعور بالتحقق المُرضي من الأم والأب، خلال مرحلة التربية والنشأة، مشيراً إلى أن الأبحاث العلمية أثبتت، وجود عامل بيولوجي حاسم في تركيب المخ، يسمى «Nucleus Accumbens» وهو يعمل بالتوازي مع عامل التربية في تكوين الجانب الهش من شخصية المدمن إلكترونياً.
وأضاف: إن الجزء المسؤول عن المكافآت منذ ميلاد الإنسان وحتى الممات، ينشط عبر إفراز مركب «الدوبامين»، عند حصول الطفل على الحلوى وعلى التقدير النفسي، من الوالدين والمدرسة والأصدقاء والمجتمع وفي المقابل تستمر معاناة الإنسان، بسبب عدم نشاط هذا الجزء، حيث يصاب بالخيبة والخذلان وعدم وجود التقدير والاعتراف الكافيين به من المجتمع.
مخاطر الإدمان
وأكد نجم أن النيكوتين والكحوليات والمخدِّرات وألعاب الكمبيوتر ومواقع التواصل، تحفز مباشرة الجزء المسؤول من مكافآت الإنسان ومن ثم يشعر الشخص بتعويض نفسي حقيقي بتعاطي تلك العناصر.
وقال: «نحن نزرع ومن دون وعي خلال مرحلة التربية الأولى، بذور نباتات الإدمان، بتقصيرنا المباشر في تقدير الأبناء والانتقاص من قدرهم أو بتقصيرنا غير المباشر في عدم مساعدتهم على اكتشاف مواهبهم الشخصية وقدراتهم المتميزة خلال النشأة والتكوين وهي الكفيلة بإعطائهم باقي حصتهم المطلوبة للشعور بالتحقق ومن ثم بالاتزان النفسي».
وأضاف: إن إدمان المراهقين على روبوتات الدردشة، يؤدي إلى مضاعفات، أهمها العزلة الاجتماعية نتيجة الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي في التفاعل العاطفي، الذي يؤدي إلى تراجع مهارات التواصل الواقعية وتشويه مفهوم العلاقات، حيث يعاني المراهقون تصورات غير واقعية عن العلاقات الإنسانية، بسبب اعتيادهم على استجابات مخصصة وسريعة تلبي رغباتهم، من دون تعقيدات التفاعل البشري الطبيعي.
تشجيع التواصل
ودعا الدكتور نجم، إلى تعزيز الوعي التكنولوجي، بتوعية المراهقين بأن روبوتات الدردشة ليست بديلاً من العلاقات الإنسانية، وتوعيتهم بأهمية التوازن بين التفاعل الرقمي والتفاعل الواقعي، بتشجيع التواصل مع الأصدقاء والأسرة وتحفيز الأنشطة الجماعية كالرياضة والفنون والتطوع.
وقال: إن مراقبة المراهقين من دون تقييد صارم ومناقشة استخدام الذكاء الاصطناعي معهم بدلاً من منعهم تماماً ووضع حدود زمنية معتدلة لاستخدام التطبيقات التفاعلية هي أحد جوانب الحل المثالي لمعالجة الإدمان العاطفي.
وشدد على ضرورة تقديم بدائل عاطفية صحية، منها دعم المراهقين نفسياً وتعزيز ثقتهم بالتفاعل مع الآخرين وتشجيعهم على التعبير عن مشاعرهم والتعامل مع مشكلاتهم الواقعية، بدلاً من الهروب منها عبر الذكاء الاصطناعي وإشراك المتخصصين عند الحاجة، إذا أصبح الاعتماد على روبوتات الدردشة مفرطاً لدرجة التأثير في الصحة النفسية.
وأوضح التربوي عبيد اليماحي، أن مرحلة المراهقة من أكثر المراحل حساسية في عمر الإنسان، حيث يمر الفرد خلالها بتغيرات نفسية واجتماعية وجسدية، تجعل التعبير عن الذات والتواصل مع الآخرين تحدياً حقيقياً.
وفي ظل ما يواجهه بعض المراهقين من عزلة أو ضغوط أسرية أو صعوبات في بناء علاقات إنسانية صحية، تظهر روبوتات الدردشة حلاً سهلاً و«آمناً» للتواصل ويعود ذلك إلى عوامل عدة، منها توافر الدعم والتفاعل الفوري، من دون إصدار أحكام والقدرة على المحادثة في أي وقت، من دون حرج أو خوف من الرفض، وإيهام المستخدم بوجود تعاطف واهتمام حقيقي وإن كان مصطنعاً.
ودعا إلى ضرورة التوعية الأسرية والمدرسية وفتح حوار مع المراهقين في استخدام روبوتات الدردشة، مع تأكيد الفروق الجوهرية بين الذكاء الاصطناعي والمشاعر البشرية.