صحيفة الاتحاد:
2025-05-02@20:29:16 GMT

رمضان.. شهر التقوى والخلق القويم

تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT

إبراهيم سليم

أخبار ذات صلة «الإمارات الإنسانية»: أيادٍ حانية تضمد جراح أهالي غزة «أسواق دبي الرمضانية» تقدّم لزوارها تجارب مميزة لاكتشاف الثقافة الإماراتية

شرع الله تعالى الصيام ليكتسب المؤمن صفة التقوى، والتقوى هي المقصد الأسمى من صيام شهر رمضان، والحرص على التحلي بالخلق الحسن، لتحقيق مقاصد الصيام، والصيام تدريب عملي على مراقبة الله تعالى، وقال سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، (سورة البقرة: الآية 183).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد، أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك...»، (صحيح البخاري، 1904).
وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»، (صحيح البخاري، 1903).
وقد شرع الله تعالى الصيام ليكتسب المؤمن صفة التقوى، وقد أرشد النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى بعض الأمور التي تحقق هذه المنزلة في نفس الصائم، فنهى عن سوء الخلق، وأمر بالصبر على المسيئين، وحث الصائم على تذكير نفسه بأنه صائم، وأن أي فعل من سباب أو فحش قد يفوت عليه ثمار صيامه، ففي الحديث: أن النبي، صلى الله عليه وسلم قال: «فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم».
وأشار إلى فئة من الناس ربما فعلوا هذه العبادة من غير تدرب لها، ولا طلب لمقاصدها، فتراهم صائمين عن الطعام والشراب، وهي أمور مباحة في غير وقت الصوم، ولكنهم لا يتورعون عن الأمور المحرمة، كالغيبة والنميمة والسباب والغضب وقول الزور وشهادة الزور. وينبغي للمسلم أن يبتعد عن سيئ الأخلاق ويتحلى بأحسنها ليبلغ ما أراده الله تعالى من الصيام والوصول إلى التقوى، ومن صفات المؤمنين، والصائمين، وخاصة ونحن في شهر رمضان، «الإعراض عن اللغو»، اللغو هو كل ما لا يجمل من القول والفعل، وقد جاء في وصف عباد الرحمن: (... وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً...)، سورة الفرقان: الآية 73». ونفى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن المؤمن صفة الخوض في اللغو، فقال: «ليسَ المؤمنُ بالطَّعّانِ ولا اللَّعّانِ ولا الفاحشِ ولا البَذيءِ»، فلا ينبغي للعاقل أن يشغل سمعه وبصره ولبه وقلبه بما لا جدوى منه، ويَتَنَزَّهُ عنْ أنْ يصدُر منهُ ذلِك، وخاصةً في شهر رمضان المبارك فلا يضيعه فيمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، قال صلى الله عليه وسلم: «وإذا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولا يَصْخَبْ».
وقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أن الْإِعْرَاض عَنِ اللَّغْوِ يُثاب عليه المسلم مرتين ويضاعف له الأجر والثَّوَاب، قال سبحانه: (أُولَٰئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ)، «سورة القصص: الآية 54 - 55»، أَيْ: لَا يُخَالِطُونَ أَهْلَ اللغو وَلَا يُعَاشِرُونَهُمْ فإِذَا سَفه عَلَيْهِمْ سَفيه، وكلمهم بما لا يليق بهم الجواب عنه، أعرضوا عنه ولم يقابلوه بمثله من الكلام القبيح، ولا يصدر عنهم إلا كلام طيب.
ولنا في رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قدوة حسنة، فعن عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه أنه ذَكَرَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا»، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: «اللهمَّ اهدني لأحسنِ الأعمالِ وأحسنِ الأخلاقِ لا يهدي لأحسنِها إلا أنتَ وقِني سَيِّئَ الأعمالِ وسَيِّئَ الأخلاقِ لا يقِي سيئَها إلا أنتَ»، وعلى المسلم أن يربأ بنفسه عنها، فلا يخوض في كلامٍ يعيبه، أو فعلٍ يشينه، وخاصةً في شهر رمضان، موسم الطاعة والغفران، فنقبل فيه على طاعة ربنا، وما فيه الخير لنا ولأسرنا ومجتمعنا، عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: «وَاحْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ».

كل معروف صدقة 
حث النبي صلى الله عليه وسلم على المعروف، والمعروف اسم جامع لكل ما ندب إليه الشرع من وجوه الإحسان وفعل الخير، وقد أمر الله بفعله، وحث عليه النبي، صلى الله عليه وسلم، ووعد فاعله بالثواب العظيم في الدنيا والآخرة، فينبغي على المؤمن ألّا يحقر من المعروف شيئًا، وأن يحرص على صنع المعروف وبذل الإحسان للناس.
يقول الله في محكم تنزيله: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا). يقول الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). 
وقد جعل الله صُنع المعروف صدقة لفاعله، قال رسول الله: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ»، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُه عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ». وصور المعروف كثيرة وعديدة، فينبغي على المسلم أن ينافس فيها ويحرص عليها، كي ينال ثوابها وأجرها، وألّا يقلل من قيمة أي خيرٍ يفعله، فقد أوصى النبي أحد أصحابه فقال: «عَلَيْكَ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ، وَلَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ لِلْمُسْتَسْقِي مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَائِهِ، أَوْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَوَجْهُكَ مُنْبَسِطٌ»، وهي وصيته للنساء أيضاً، فقد قال: «يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ، لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا، وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ». أي: لا تستصغرنَّ شيئاً تقدمْنَهُ هبة أو هدية، فهو من المعروف الذي يُديم الودّ ويؤلف بين القلوب. ومن قدّم معروفاً في الدنيا أثابه الله به في الآخرة، قَالَ رسول الله: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ».

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: رمضان الصيام شهر رمضان صلى الله علیه وسلم الله تعالى شهر رمضان رسول الله

إقرأ أيضاً:

سنن يوم الجمعة وأفضل الأعمال فيه.. سورة الكهف والتبكير إلى الصلاة

من سنن يوم الجمعة، أن النبي الكريم سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- حثنا على الاغتسال والتطيب والتسوك بيوم الجمعة خاصة.

أفضل دعاء في صباح يوم الجمعة.. ردده في هذه الساعةهل يجوز قراءة سورة الكهف بعد العشاء يوم الجمعة؟.. لديك فرصة بــ10 آيات

روي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : «إِنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ ، فَمَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ، وَإِنْ كَانَ طِيبٌ فَلْيَمَسَّ مِنْهُ، وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ».

سنن يوم الجمعة

كما يستحب صلاة المسلم ركعتين تحية المسجد، حتّى وإن بدأت الخطبة: فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- «كان يَخْطُبُ يوما في أصحابه فدَخَلَ رَجُلٌ فجلس فرآه النبي فقطع الخطبة فسأله أَصَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ».

ومن سنن صلاة الجمعة تحري ساعة الإجابة، حيث فيه ساعة إجابة كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «خيرُ يومٍ طلعت عليه الشَّمسُ يومُ الجمعةِ، فيه خُلِق آدمُ، وفيه أُدخل الجنَّةَ، وفيه أُخرج منها، ولا تقومُ السَّاعةُ إلَّا في يومِ الجمعة».

وقال (صلى الله عليه وسلّم): «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء».

ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حثنا على قراءة الآيات العشر الأواخر من سورة الكهف، وقال النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ الْعَشْر الْأَوَاخِر مِنْ سُورَة الْكَهْف عُصِمَ مِنْ فِتْنَة الدَّجَّال».

كما يستحب الإكثار من الصلاة على النبي من سنن يوم الجمعة بما ورد أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَكْثِرُوا عَلَيَّ الصَّلاَةَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَلَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا، أوَ شَافِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

التبكير إلى صلاة الجمعة

كما يستحب التبكير إلى صلاة الجمعة: «إِذَا كانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ وقَفَتِ المَلَائِكَةُ علَى بَابِ المَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الأوَّلَ فَالأوَّلَ، ومَثَلُ المُهَجِّرِ كَمَثَلِ الذي يُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَبْشًا، ثُمَّ دَجَاجَةً، ثُمَّ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإمَامُ طَوَوْا صُحُفَهُمْ، ويَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ». [متفق عليه].

من سنن يوم الجمعة، الذهاب إلى المسجد مشيًا، لقول سيدنا رسول الله: «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَغَسَّلَ وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَدَنَا وَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَجْرُ سَنَةٍ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا». [أخرجه الترمذي].

طباعة شارك سنن يوم الجمعة يوم الجمعة الاغتسال التبكير إلى صلاة الجمعة صلاة الجمعة المسجد

مقالات مشابهة

  • الدعاء في ساعة الاستجابة.. أبواب السماء مفتوحة
  • فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة
  • سنن يوم الجمعة وأفضل الأعمال فيه.. سورة الكهف والتبكير إلى الصلاة
  • سنن ليلة الجمعة الثابتة .. 8 أمور أوصى بها النبي
  • من أنوار الصلاة والسلام على سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم
  • دعاء لمن تعسر عليه الرزق .. احرص عليه يرزقك الله من حيث لا تحتسب
  • دعاء تسهيل الأمور الصعبة وقضاء الحاجة.. احرص عليه في جوف الليل
  • المسارعة إلى الخيرات من أعظم العبادات
  • حكم المطالبة بزيادة ثمن سلعة بعد إتمام البيع.. الإفتاء تجيب
  • سبب استحباب أداء العُمرة في شهر ذي القعدة .. تعرّف عليه