يرى محللون أن قرار الحكومة الكندية وقف تصدير الأسلحة لإسرائيل حظي بدعم الولايات المتحدة الأميركية، وأنه يمثل رسالة قوية بأن الموقف الغربي بدأ يتحول لصالح القضية الفلسطينية بسبب الضغط الشعبي.

وجاءت الخطوة بعد قرار اتخذه البرلمان الكندي، بأغلبية مريحة، يحظر تزويد الجيش الإسرائيلي بأي أسلحة، في سابقة هي الأولى من بلد غربي تجاه إسرائيل.

وتعليقا على الخطوة، قال الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي إن القرار يحمل أبعادا معنوية أكثر منها عسكرية خصوصا وأن واردات إسرائيل من الأسلحة الكندية ليست كبيرة بشكل مؤثر.

وأضاف مكي -في برنامج "غزة.. ماذا بعد"، أنه وبغض النظر عمَّا تستورده إسرائيل من كندا فإن القرار معنوي بالدرجة الأولى كونه جاء من بلد مؤيد بشدة لدولة الاحتلال وكانت تفكر بنقل سفارتها في إسرائيل للقدس منذ 1980.

إلى جانب ذلك، فإنها المرة الأولى التي يعلن فيها بلد عضو في مجموعة دول السبع والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) وقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل، رغم أن رئيس الوزراء الكندي غاستن ترودو وحزبه الحاكم من أشد داعمي تل أبيب، كما يقول مكي.

ويحمل القرار رمزية كبيرة لأنه الأول من نوعه منذ نكبة 1948، وغالبا سيكون له مغزى في ظل التحول الغربي من القضية الفلسطينية، وفق مكي، الذي يعتقد أن القرار ربما صدر بموافقة أو تنسيق أو توصية من الولايات المتحدة.

تحول لافت

وفي السياق، قال الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي إن القرار "مهم جدا"، لأن كندا تعتبر رديفا للولايات المتحدة وهي من أكثر دول العالم تأثرا بسياستها، معربا عن قناعته بأن واشنطن أيدت هذه الخطوة الكندية.

بالتالي، فإن خروج قرار كهذا من كندا تحديدا يعكس ما فعله الضغط الشعبي الكبير لصالح القضية الفلسطينية، وفق البرغوثي الذي يعتقد أن الأمر يمثل نقطة تحول سيكون لها توابع في دول أخرى مستقبلا.

ويرى البرغوثي أن التحول الغربي لصالح الموقف الفلسطيني أسهم بقوة في تغيير موقف الأحزاب المتواجدة في البرلمان الكندي وداخل الحزب الحاكم نفسه، فضلا عن فداحة الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين التي قتلت وأصابت نحو 120 ألفا في قطاع غزة.

كما أن المجاعة التي تفتك بالقطاع وصور الأطفال الذين يموتون جوعا وآلاف المرضى الذين يموتون بسبب نقص العلاج، هزَّ الموقف الكندي، برأي البرغوثي الذي أشار إلى "مخاوف كندية أيضا من صدور قرار من محكمة العدل الدولية يدين إسرائيل بارتكاب الإبادة الجماعية، وهو ما يضعهم في خانة المشاركين في الجريمة".

صفعة أميركية لنتنياهو

ورغم أن القرار لن يؤثر على الجيش الإسرائيلي كون كندا لا تصدر أسلحة فتاكة لإسرائيل فإنه سيجعل الجندي الإسرائيلي يشعر بأنه منبوذ ويثير مخاوفه من أن تُقدم الولايات المتحدة على الخطوة نفسها.

ليس هذا وحسب، فإن القرار الكندي، برأي مكي "يبدو صفعة من الرئيس الأميركي جو بايدن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي ترى واشنطن أنه مضى بعيدا جدا، مما دفعها ربما لدفع الكنديين للقيام بهذه الخطوة نيابة عن الناتو ومجموعة السبع والاتحاد الأوروبي".

ولفت مكي إلى الهجوم الذي شنه زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر، ضد نتنياهو، منح القادة الغربيين فرصة التحرك بحرية ضد إسرائيل.

لكن البرغوثي لا يرى أن الأمور وصلت إلى هذا الحد من الجانب الأميركي وأن واشنطن ربما قبلت بالقرار ولم توعز للكنديين باتخاذه.

وأضاف "كندا ليست رهينة الولايات المتحدة بدليل أنها اتخذت قرارا بكسر الحصار عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) وإعادة تمويلها تحت وطأة الضغط الشعبي الذي كان البعض يشك في تأثيره على الساسة الغربيين"، حسب قوله.

وأكد أن على الشعوب العربية والإسلامية أن تمارس ضغطا على حكوماتها من أجل دفعها لتغيير مواقفها مما يحدث في غزة، مؤكدا أن العقوبات والعزلة هما من سيردعان إسرائيل عن مواصلة جرائمها.

أين العرب؟

وعن غياب أي فعل عربي لردع إسرائيل قياسا بما فعلته كندا، قال مكي إن "شيئا تغير في المنطقة خلال العقد الأخير وجعل القضية الفلسطينية عموما أقل أهمية".

ويرى مكي أن "عملية استقطاب حادة جرت من إيران وقادة الانقلابات والثوريين في المنطقة، فجعلت العدو ملتبسا لدى البعض وأبعدت الناس عن القضية المركزية للأمة التي كانت كلمة سر لكل من يريد الفوز برئاسة أو القيام بانقلاب عسكري".

وحتى في مصر المعروفة بعداء شعبها لإسرائيل -يقول مكي- "تراجع دعم الشعب لفلسطين بسبب انشغال الناس بقضايا أخرى تخصهم، كما هي الحال في سوريا التي يقول شعبها إن نظام بشار الأسد قتل منهم أكثر مما قتله الاحتلال في غزة، وهذا كله نتيجة تجريف فكرة العدو"، حسب تعبيره.

وأبدى مكي استغرابه من إحجام بلد بحجم وقوة ومكانة مصر عن إدخال المساعدات إلى القطاع الملاصق لها، مؤكدا أن "مصر قادرة على إدخال كل شيء عبر معبر رفح بالقوة إن هي أردات ذلك".

في المقابل، يرى البرغوثي أن القضية لا تقتصر على حقيقة أن هناك تيارا عريضا "يتاجر بالعداء مع إيران لتبرير تواطئه مع إسرائيل"، مضيفا "لا يجب وضع كافة الشعوب والأنظمة العربية في سلة واحدة لأن هناك تفاوتا في المواقف بدليل ما قام به اليمنيون وهم أفقر بلدان العرب".

وأضاف أن مشاعر الشعوب "لم تتغير تجاه القضية ولا الفلسطينيين لكن المشكلة أن رأي الشعوب العربية لم يعد له قيمة بسبب غياب الديمقراطية".

إلى جانب ذلك -يضيف البرغوثي- فإن بعض الحكام "يعتقدون أن وجودهم في الحكم مرهون بقرار أميركي، وبعضهم تورط في التعاون مع إسرائيل من أجل البقاء في الحكم، مؤكدا أنه "لو تمت الاستجابة لرأي الشعوب لما أصبح الوضع كما هو عليه الآن".

وختم البرغوثي بقوله إن الأمور لن تظل كما هي عليه الآن، وإن كثيرين لم يتعلموا درس ما حدث بعد النكبة عندما أطيح بعدد من الأنظمة السياسية العربية، لأن ما يحدث حاليا أقسى مما حدث سنة 1948 وستكون له تداعيات كبيرة بكل تأكيد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات القضیة الفلسطینیة الولایات المتحدة إن القرار

إقرأ أيضاً:

ذكرى رحيل البابا شنودة .. دعّم القضية الفلسطينية وجمع المسلمين والمسيحيين على موائد الإفطار

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية غدا الإثنين الموافق 17 مارس بالذكرى الـ 13 لرحيل البابا شنودة الثالث البطريرك الـ 117 من بطاركة الكنيسة، الذي توفي عن عمر يناهز 89 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض.

البابا شنودة الثالث البابا شنودة الثالث

وبدأ منذ أمس وحتى صباح اليوم نشر الأقباط على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا للبابا شنودة لذكرى نياحته (وفاته)، فكان يتميز بكثير من الصفات التي جعلته قريباً من قلوب جميع المصريين، ومنها الحنان والرفق بالناس، والحب والعطاء والحكمة والبساطة في الأسلوب والتعبير بجانب ثقافته العالية.

ويُعد البابا شنودة هو ثاني أكثر بطريرك يجلس على الكرسي المرقسي، وجلس لمدة 44 سنة منذ نياحة البابا كيرلس السادس في 9 مارس 1971، وكان البابا كيرلس الخامس هو أكبر بطريرك يجلس على الكرسي المرقسي، إذ جلس على الكرسي البابوي لمدة 52 عامًا و9 أشهر.

وولد البابا شنودة الثالث في 3 أغسطس 1923، بقرية سلام بأسيوط يتيما بعد وفاة والدته أثناء ولادته، وظهر نبوغه منذ طفولته إذ لم تكن له شهادة ميلاد عند وصوله للسن الإلزامي لدخول المدرسة، والطريف أن الطفل الذكي نظير جيد، اسمه قبل الرهبنة، أرشد الطبيب إلى يوم مولده بدقة، بحسب الكنيسة.

واجتاز مراحله التعليمية الأولى في ثلاثة محافظات دمنهور والإسكندرية وأسيوط، وأتم دراسته الثانوية بشبرا مصر، وكذلك بدأ نظير خدمة بالكنيسة في السابعة عشر من عمره بكنيسة الأنبا أنطونيوس بشبرا ليخدم في مدارس الأحد، ومنذ ذلك الوقت وبدأت ميوله للرهبنة وحياة الدير وفاتح أب اعترافه القمص ميخائيل إبراهيم في ذلك الأمر الذي أرشده إلى حياة الصلاة والهدوء والتأمل والنسك.

أشهر قصة في العالم.. الكنيسة تحتفل بأحد الابن الضال| ماذا قال البابا تواضروس؟قداسة البابا يشهد احتفالية الجمعية البرلمانية للأرثوذكسية بإطلاق النسخة العربية من كتاب "آجيا صوفيَّا"البابا تواضروس يدعو لتوحيد موعد احتفال كنائس العالم بعيد القيامةفي ذكرى رحيله .. إعلامية: البابا شنودة شخصية خالدة تجاوزت الزمن

وفي يوم 18 يوليو 1954 رسم الشاب نظير جيد البالغ من عمر 31 عامًا راهبًا باسم الراهب أنطونيوس السرياني، ووجد في الرهبنة حياة مليئة بالحرية والنقاء، وبعد عامين من رهبنته أحب البرية وحياة الوحدة فاتجه إلى مغارة في الصحراء ليخرج منها بعد 6 سنوات كأول أسقف للتعليم في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

وبعد رحيل البابا كيرلس السادس في 9 مارس 1971، ولتقع القرعة الهيكيلية على البابا شنودة ليكون البطريرك الـ117 من بطاركة الكنيسة منذ ذلك الحين وحتى 17 مارس 2012، إذ أعلنت الكنيسة وفاة البابا شنودة الثالث بعد صراع طويل مع المرض بعد خدمة في الكنيسة امتدت لـ60 عاما.

البابا شنودة الثالث البابا شنودة وحب الوطن

كانت وطنية البابا شنودة شأنها كشأن كل جوانب حياته، التى تفوق بها حتى أصبحت جانباً مميزاً فى شخصيته، فكان دائماً يتمنى السلام لمصر والشرق الأوسط، وأحبه الجميع، مسيحيين ومسلمين، حتى شعروا بصدق وطنيته، ولقبوه بـ “بابا العرب”، فقد أعاد البابا الراحل مقولة «مصر وطن يعيش فينا وليس وطناً نعيش فيه» لزعيمه الذى تأثر به مكرم عبيد.

فكان يجمع قداسة البابا شنودة أبناء الوطن الواحد مسلمين ومسيحيين، حيث فى عهده بدأت موائد الإفطار لأول مرة عام 1986 بمقر الكاتدرائية تم تحويلها إلى عادة سنوية يجتمع فيها الجميع بروح الأخوة والمحبة والود، وبعدها انتقلت إلى كافة الطوائف والكنائس فى مصر وكذلك الايبراشيات والكنائس فى مختلف الأحياء على مستوى مصر، فضلا عن تنظيم تلك الموائد فى إيبارشيات الكنيسة بالخارج والتى كان يدعى لها السفراء والدبلوماسيين ومجموعة من المصريين فى الخارج.

فكان أيضا البابا شنودة داعما لـ “القضية الفلسطينية” والقدس وكان رفضا التطبيع مع إسرائيل، وكان يدعو دائما للوحدة لإنقاذ القدس والقضية الفلسطينية وهو ما حفظ له دائما مكانة في الذاكرة الفلسطينية والعربية.

فكان حب الوطن في قلب قداسته عندما قال "إن مصر ليست وطنا نعيش فيه، بل وطن يعيش فينا”.

وله قصائد فى حب مصر منها:

ــ جعلتك يا مصر فى مهجتى .. وأهواك يا مصر عمق الهوى

ــ إذا غبت عنك ولو فترة .. أذوب حنينا أقاسى النوى

ــ إذا ما عطشت الى الحب يوما .. بحبك يا مصر قلبى ارتوى. 

البابا شنودة الثالث 

مقالات مشابهة

  • يمق: طرابلس قدمت تضحيات وشهداء في سبيل القضية الفلسطينة
  • ذكرى رحيل البابا شنودة .. دعّم القضية الفلسطينية وجمع المسلمين والمسيحيين على موائد الإفطار
  • كيف ساهمت المواقف المصرية فى الحفاظ على القضية الفلسطينية؟
  • محللون: سوريا تواجه تحديات داخلية وتدخلات خارجية
  • فوكس: ما الذي يعنيه فعلا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟
  • عاجل | أ. ب: إسرائيل تريد أن ترى سوريا مجزأة بعد أن تحولت البلاد في عهد الأسد إلى منصة انطلاق لإيران ووكلائها
  • محللون: نتنياهو يخشى الصدام مع ترامب ولا خيار إلا بالخضوع لأميركا
  • البرغوثي: خطة التطهير العرقي لسكان غزة ماتت ولن تمر
  • ما الذي سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيل؟
  • هل يساعد الإعلان الدستوري سوريا في تجاوز عنق الزجاجة؟ محللون يجيبون