الجديد برس:

بعد فشل لغة القوة في ثني صنعاء عن مساندة الشعب الفلسطيني، تراجعت واشنطن عن موقفها السابق من السلام اليمني، معلنةً دعمها المضيّ في «خريطة الطريق»، وهو ما رأى فيه مصدر يمني «مناورة جديدة»، باعتبار أن الولايات المتحدة ما زالت تربط بين ذلك الدعم وبين توقف العمليات التي تقوم بها «أنصار الله» في البحر الأحمر وخليج عدن ضد الملاحة الإسرائيلية.

وبعد شهرين من تهديد المبعوث الأممي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، بإفشال مسار السلام، رأى الممثل البديل للشؤون السياسية الخاصة في البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة، السفير روبرت وود، في إحاطة أمام مجلس الأمن، أن المشاركة البناءة في «خريطة الطريق» الأممية، تُعد المسار الأفضل لإنهاء الصراع في اليمن، وعبّر عن أمله في أن يؤدي ذلك إلى نهاية دائمة للصراع.

وفي تصريح مماثل، أكد السفير الأميركي لدى الحكومة الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي، ستيفن فاجن، خلال لقائه بتلك الحكومة في عدن قبل أيام، أن بلاده لا تسعى إلى الحرب مع حركة «أنصار الله»، مجدّداً تأكيد التزامها بدعم العملية السياسية وخطة الأمم المتحدة، في ما يُظهر أن واشنطن تخطّط لخفض حالة التوتر في البحر الأحمر عبر عملية السلام.

وتعليقاً على تلك التصريحات، رأى مصدر عسكري في صنعاء، في حديث إلى «الأخبار»، أن «القوة وحدها كفيلة بردّ واشنطن إلى صوابها»، واصفاً التغيير في الخطاب الأميركي بـ«المناورة الجديدة التي تحاول الولايات المتحدة عبرها إعادة الشروط المرفوضة سابقاً نفسها».

وذكّر المصدر بأن «واشنطن تربط، منذ انطلاق عمليات البحر الأحمر، السلام اليمني بحماية إسرائيل»، مضيفاً أن «هذه المعادلة المستحيلة تؤكد استمرار محاولات الأميركيين استخدام السلام ورقة للمقايضة مع أنصار الله»، التي تربط من جهتها وقف عملياتها بوقف الحرب والحصار على قطاع غزة. ومن ناحيته، أكد مصدر ديبلوماسي مطّلع، لـ«الأخبار»، أن الرياض أبلغت واشنطن معارضتها أيّ توجّه أميركي نحو تفجير الأوضاع الداخلية في اليمن، وأن الجانب السعودي أبلغ كذلك «المجلس الرئاسي» رفضه أي تصعيد عسكري مع حركة «أنصار الله»، مجدّداً دعمه «خريطة الطريق» الأممية.

ويأتي الموقف الأميركي الأخير بالتزامن مع تحرّكات تقودها المملكة المتحدة نحو الأطراف الموالية للإمارات، بهدف الاستعداد لمعركة في الساحل الغربي لليمن. إلا أن هذه التحرّكات لا تزال تصطدم بتصاعد الرفض في أوساط مسلّحي «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي لأبو ظبي، للقتال بالوكالة ضد قوات صنعاء.

وأكدت مصادر مطلعة في عدن، لـ«الأخبار»، أن عدداً من القيادات العسكرية التابعة لـ«الانتقالي» رفضت دعوات التحشيد لقتال «أنصار الله»، وذلك خلال لقاء في عدن جمع تلك القيادات بعضو «المجلس الرئاسي»، عبد الرحمن المحرمي، الذي يشغل منصب نائب رئيس «الانتقالي» ويقود «ألوية العمالقة».

ويواجه المحرمي صعوبة في تحشيد قواته للاستعداد لمعركة محتملة، كون هذه القوات سلفية، ولن يكون سهلاً على أفرادها المشاركة في القتال ضد قوات صنعاء على خلفية موقفها المساند للشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة.

الرياض أبلغت واشنطن معارضتها لأي توجّه نحو تفجير الأوضاع الداخلية في اليمن

وفي السياق عينه، جدّدت السعودية دعمها لمسار السلام؛ وأكد سفير المملكة لدى اليمن، محمد آل جابر، خلال لقائه المبعوث الفرنسي الخاص إلى القرن الأفريقي، فريدريك كلافييه، في الرياض، استمرار جهود بلاده الرامية إلى تحقيق السلام في اليمن. وتزامن ذلك مع تلقي حكومة عدن تحذيرات من عدة دول، أبرزها روسيا، من مغبّة تفجير حرب برية بالوكالة وتقويض مسار السلام.

كما أن عدداً من سفراء دول الاتحاد الأوروبي الذين زاروا عدن مطلع الشهر الجاري، أبلغوا تلك الحكومة تمسّك الاتحاد بمسار السلام، وعبروا عن دعمهم للانخراط البناء في جهود المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، للتوصل إلى تسوية سياسية عادلة وشاملة في اليمن، رغم التعقيدات الناتجة من عمليات قوات صنعاء في البحر الأحمر.

يُذكر أن غروندبرغ حذر، في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، من عودة الحرب إلى اليمن، مؤكداً تمسّك الأمم المتحدة بالتقدم المحرز في عملية السلام، وداعياً المجتمع الدولي إلى الدفع بالأطراف اليمنية إلى تنفيذ التدابير التي تمّ التوصل إليها، والتي تشمل وقف إطلاق النار، ومباشرة تنفيذ إجراءات لتحسين الظروف المعيشية في اليمن، والانخراط في الترتيبات الخاصة باستئناف عملية سياسية جامعة برعاية الأمم المتحدة.

وعلى أي حال، يرى مراقبون في الموقف الأميركي الأخير، انعكاساً لإخفاق تحالف «حارس الازدهار» في تأمين الملاحة الإسرائيلية، وفشل العمليات الجوية التي شنها الطيران الأميركي والبريطاني على مناطق واقعة تحت سيطرة صنعاء، في إضعاف قدرات اليمن العسكرية، فضلاً عن ارتفاع كلفة العمليات العسكرية البحرية والجوية التي تنفّذها الولايات المتحدة.

وكان قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال مايكل كوريلا، قد اعترف بفشل قواته في حماية الملاحة الإسرائيلية، وارتفاع مستوى التهديدات اليمنية لبوارج ومدمرات البحرية الأميركية في البحر الأحمر، وذلك خلال جلسة استماع جرت في مجلس الشيوخ، خلصت فيها لجنة القوات المسلّحة إلى صعوبة المعركة في البحر الأحمر وارتفاع كلفتها، كما جرى خلالها اتهام إدارة الرئيس جو بايدن، بتبديد مخزون الولايات المتحدة الصاروخي الخاص بردع الصين والدفاع عن مصالح الولايات المتحدة في مسارح أخرى، وفي مقدمته صواريخ «توماهوك».

ودافع كوريلا، وفقاً للصحافة الأميركية، بأن القيادة المركزية «مهتمة بالدفاع عن جنودنا وبحارتنا وطيارينا ومشاة البحرية الموجودين قرب اليمن»، مشدّداً على أن استخدام الصواريخ الباهظة الثمن، والتي تُراوح قيمة الواحد منها بين مليونين و5 ملايين دولار، أمر ضروري، لردع الطائرات المسيّرة التي تُطلق من اليمن وتهدّد السفن الحربية الأميركية التي تبلغ كلفة الواحدة منها ملياري دولار وعلى متنها 300 بحار أميركي.

المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی البحر الأحمر الأمم المتحدة أنصار الله فی الیمن التی ت

إقرأ أيضاً:

كاتب أميركي: هكذا تفوق الحوثيون على واشنطن

يرفض الحوثيون التزحزح عن مواقفهم رغم جهود البحرية الأميركية وحلفائها لإخضاعهم، بل إن هذه الجماعة المتمردة تمكنت من إغلاق أحد أهم الممرات المائية الإستراتيجية في العالم لما يقرب، حتى الآن، من عامين.

هكذا استهل كاتب أميركي مقاله بمجلة ناشونال إنترست ذهب فيه إلى أن جماعة الحوثي اليمنية نجحت في التفوق على الولايات المتحدة في البحر الأحمر.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لوموند: مجلس مصالحة يحاول حل النزاعات الموروثة من الحرب بسورياlist 2 of 2صحف عالمية: نتنياهو يريد حربا أبدية بغزة وفظائع جيشه ستبقى بالذاكرةend of list

وقال رامون ماركس، وهو محام دولي متقاعد يكتب بانتظام حول قضايا الأمن القومي، إن جهود البحرية الأميركية لم تفلح في منع الحوثيين في إغلاق مضيق باب المندب لما يقرب من عامين، مما أجبر حركة الملاحة البحرية على اتخاذ طرق أطول وأكثر تكلفة.

وقال ماركس إن هذا الوضع (أظهر) قوة تقنيات الحرب الحديثة، مثل الطائرات المسيرة والصواريخ المضادة للسفن "والتي تُمكّن جماعة متمردة صغيرة" من تعطيل طرق الشحن العالمية.

وأكد أن البحرية الأميركية تواجه ضغوطًا هائلة وهي تحاول أن تُوازن بين تهديدات متعددة، بما في ذلك القوة البحرية المتنامية للصين والأنشطة العسكرية الإيرانية.

ولفت إلى أن واشنطن قد اضطرت إلى نشر مجموعات حاملات طائرات قتالية في البحر الأحمر، لكن هذه الجهود لم تكن كافية لحلّ الوضع، كما صعّدت ردها بنشر المزيد من القوة الجوية، غير أن النتائج الأولية تُشير إلى أن هذا قد لا يكون كافيًا.

إعلان

ويُشير ماركس إلى أن الولايات المتحدة قد تُفكر في الانسحاب من البحر الأحمر، تاركةً لحلفائها الأوروبيين مهمة التعامل مع الوضع.

ويقدر الكاتب أن لدى حلفاء واشنطن الأوروبيين مجتمعين أكثر من ألف سفينة حربية، وأنهم -خلافًا للوضع العسكري على اليابسة في أوروبا، حيث يمتلك حلفاء الناتو قدرات عسكرية أقل للتعامل مع روسيا وأوكرانيا- يُفترض أن تكون قواتهم البحرية على قدر المسؤولية في البحر الأحمر، حتى لو انسحبت البحرية الأميركية.

ولا شك أن هذا هو، ربما، ما كان يدور في ذهن جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي عندما انتقد مؤخرًا الأوروبيين ووصفهم بـ"المستغلين" في حملة البحر الأحمر، وفقا لماركس.

ومع ذلك، يرى الكاتب ان مثل هذه الخطوة قد تمثل مؤشرا على تراجع إستراتيجي أميركي، خاصةً بعد الانسحاب من أفغانستان، وإذا فشل الدعم الجوي وحده في كبح جماح الحوثيين، فقد تجد واشنطن نفسها مجبرة على القيام بمزيد من التصعيد العسكري، مما يُنذر بصراع مكلف وطويل الأمد مع الحوثيين، وفقا للكاتب الذي يختتم مقاله بالتأكيد على ضرورة حلّ هذه الأزمة لتجنب عواقب إستراتيجية طويلة المدى.

وتشترط جماعة الحوثي -كي تتوقف عن قصف أهداف في البحر الأحمر وفي إسرائيل- أن تتوقف الحرب الإسرائيلية على غزة.

مقالات مشابهة

  • صنعاء تُربك حسابات واشنطن: استنزاف مخزون الأسلحة الأمريكية يثير قلق البنتاغون
  • مجلة أمريكية: علينا ان نستذكر “المرة الوحيدة” التي أوقف فيها “الحوثيون” هجماتهم في البحر 
  • الحوثيون وضعوا واشنطن في مأزق استراتيجي
  • صنعاء: “الغارات الامريكية” امتداد للعدوان على اليمن المستمر منذ 10 أعوام
  • كاتب أميركي: هكذا تفوق الحوثيون على واشنطن
  • مباحثات مصرية بريطانية تؤكد دعم السلام في السودان وأمن البحر الأحمر
  • واشنطن من “سنستخدم القوة الساحقة” إلى “العالم تركنا وحيدون أمام اليمن”
  • “ترومان” تواصل فرارها إلى أعالي البحر الأحمر
  • 4 قتلى في غارات أميركية جديدة على صنعاء  
  • قتلى وجرحى بغارات عنيفة تستهدف اليمن.. أمريكا تفكّر بهجوم بريّ