السيناتور ساندرز يدعو لإحداث ثورة بالسياسة الخارجية الأميركية
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
دعا العضو المستقل في مجلس الشيوخ الأميركي بيرني ساندرز إلى إحداث ثورة في السياسة الخارجية لبلاده تقوم على الاستعاضة عما يسميه الجشع والنزعة العسكرية والنفاق، بالتضامن والدبلوماسية وحقوق الإنسان.
وقال إن ثمة حقيقة مؤسفة بشأن سياسة واشنطن تتمثل في أن بعض أهم القضايا التي تواجه الولايات المتحدة والعالم نادرا ما تكون موضع نقاش بشكل جدي.
وأعرب عن أسفه على أن الإجماع بين الحزبين الرئيسيين، الديمقراطي والجمهوري، حول القضايا الخارجية، لعقود عديدة، غالبا ما كان توافقا خاطئا، سواء تعلق الأمر بالحروب التي خاضتها الولايات المتحدة في فيتنام وأفغانستان والعراق، أو سعيها للإطاحة بالحكومات الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، أو مبادراتها "الكارثية" في مجال التجارة، مثل الانضمام إلى اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية وإقامة علاقات تجارية طبيعية دائمة مع الصين.
الإضرار بالمكانة وتقويض القيمورأى ساندرز -في مقال له بمجلة "فورين أفيرز"- أن النتائج التي تمخضت عنها تلك السياسات كثيرا ما أضرت بمكانة الولايات المتحدة في العالم، وقوضت قيمها المعلنة، وكانت نتائجها وخيمة على الطبقة العاملة الأميركية.
وأضاف أن هذا النمط لا يزال مستمرا حتى اليوم. وساق مثالا على ذلك دفاع الولايات المتحدة "وحدها تقريبا" في العالم عن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية "المتطرفة"، التي قال إنها تشن حرب تدمير شاملة ضد الشعب الفلسطيني، مما أزهق أرواح عشرات الآلاف -ومن بينهم آلاف الأطفال- وتسببت في تجويع مئات الآلاف الآخرين في قطاع غزة.
وفي إطار إشاعة الخوف من الخطر الذي تشكله الصين والنمو المستمر لصناعتها العسكرية، فمن السهل أن نرى أن خطابات القادة الأميركيين في كلا الحزبين، وقراراتهم، لا تسترشد في كثير من الأحيان بمعايير احترام الديمقراطية، أو حقوق الإنسان، بل بالنزعة العسكرية، والتفكير الجمعي، والجشع وقوة مصالح الشركات، على حد قول ساندرز.
ولهذا السبب -يضيف ساندرز- أصبحت الولايات المتحدة تعاني عزلة متزايدة، ليس فقط من الدول الأفقر في العالم النامي، بل أيضا من عديد من حلفائها القدامى في العالم الصناعي.
ويرى عضو الكونغرس في مقاله أن الوقت قد حان لإعادة توجيه السياسة الخارجية الأميركية بشكل جذري بعد كل تلك الإخفاقات، مضيفا أن ذلك يبدأ بالاعتراف بفشل توافق الحزبين في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وبصياغة رؤية جديدة تركز على حقوق الإنسان، والتعددية، والتضامن الدولي.
وأنحى باللائمة على السياسيين في الحزبين الديمقراطي والجمهوري، الذين لطالما استخدموا التخويف والكذب البواح لتوريط الولايات المتحدة في صراعات عسكرية خارجية "مأساوية يتعذر الفوز بها"، كتلك التي خاضها الرئيس ريتشارد نيكسون في فيتنام وكمبوديا، والتي أضرت كثيرا بمصداقيتها في الخارج والداخل.
تكرار الأخطاءووفقا للمقال، فقد كررت واشنطن عديدا من تلك الأخطاء، لا سيما بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، عندما حشد الرئيس جورج بوش الابن قرابة مليون جندي أميركي وما يزيد على 8 تريليونات دولار لشن "حرب عالمية على الإرهاب"، وحروب "كارثية" في أفغانستان والعراق.
ولم تكن حرب العراق حالة استثنائية، حسب ساندرز، فقد مارست أميركا، برأيه، تعذيبا واحتجزت أشخاصا بشكل غير قانوني، واختطفت مشتبها بهم في جميع أنحاء العالم وأودعتهم معتقل غوانتانامو في كوبا وسجونا أخرى تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه).
ووصف عضو الكونغرس السياسة الأميركية تجاه الصين بأنها مثال آخر على فشل التفكير الجماعي في السياسة الخارجية، وأضحت "البعبع الجديد" لها، مشددا على ضرورة أن تحاسب بكين على انتهاكاتها لحقوق الإنسان.
ويمضي إلى القول إن المغامرات العسكرية الأميركية، ودعم واشنطن "الذي يتسم بالنفاق" للطغاة في العالم جاءت بنتائج عكسية، وكذا الحال بالنسبة لاتفاقيات التجارة الدولية التي أبرمتها في العقود الأخيرة مع بعض الدول.
فإذا كان هدف السياسة الخارجية هو المساعدة في صنع عالم مسالم ومزدهر، فعلى المؤسسة المعنية بالسياسة الخارجية أن تعيد النظر جذريا في تقديراتها، على حد تعبير المقال.
ونصح الكاتب بأن تقود الولايات المتحدة حركة عالمية جديدة قوامها التضامن الإنساني والتعامل مع احتياجات الشعوب "المكافحة".
سطوة الشركات والمليارديراتوزعم أن السياسة الاقتصادية هي محرك السياسة الخارجية، مستشهدا في ذلك بسطوة الشركات الغنية والمليارديرات على النظم الاقتصادية والسياسية في الولايات المتحدة، وهو ما يجعل قرارات السياسة الخارجية تسترشد بالمصالح المادية لتلك الشركات والأثرياء، على حساب مصالح الغالبية العظمى من سكان العالم.
وشدد على ضرورة أن تخفض واشنطن إنفاقها العسكري الزائد، ومطالبة الدول الأخرى بأن تحذو حذوها، وأن تكف عن تقويض المؤسسات الدولية -مثل الأمم المتحدة ووكالاتها- عندما لا تتوافق قراراتها مع مصالحها السياسية قصيرة الأجل.
ونصح بلاده بأن تنضم إلى عضوية المحكمة الجنائية الدولية "بدلا من مهاجمتها عندما لا تستهويها أحكامها".
وخلص إلى أن الفوائد المترتبة على هذا التحول في السياسة الخارجية يفوق كثيرا تكاليفه. والأهم من ذلك -في تقديره- أن تدرك أميركا أن أعظم مواطن قوتها لا تستمدها من ثروتها وجبروتها العسكري، بل تكمن في قيم الحرية والديمقراطية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الولایات المتحدة السیاسة الخارجیة فی العالم
إقرأ أيضاً:
احتجاجات ضد ترامب وإيلون ماسك تجتاح الولايات المتحدة وأوروبا
شهدت الولايات المتحدة، السبت، مظاهرات واسعة النطاق شملت جميع أنحاء البلاد، احتجاجًا على سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وحليفه الملياردير إيلون ماسك، وذلك في أكبر تحرك جماهيري مناهض للإدارة الجديدة منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025.
وتأتي هذه الاحتجاجات في إطار حملة موسعة تحت عنوان "أبعدوا أيديكم!" تهدف إلى التعبير عن رفض التوجهات المحافظة التي تنتهجها الإدارة الأمريكية الحالية.
وبحسب وكالة "فرانس 24"، تم التخطيط لتنظيم نحو 1200 تظاهرة في مختلف الولايات الأمريكية، مع توقعات بأن يتجاوز عدد المشاركين ما شهدته "مسيرة النساء" الشهيرة في عام 2017. وامتدت فعاليات اليوم إلى كندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والمكسيك والبرتغال، فيما كان أحد أبرز التجمعات في "ناشونال مول" بالعاصمة واشنطن.
رسائل مباشرة إلى الإدارة الأمريكيةعزرا ليفين، الشريك المؤسس لمنظمة "إنديفيزيبل"، وهي إحدى الجهات المنظمة، صرح بأن التظاهرات ترسل "رسالة واضحة جدًا إلى ماسك وترامب والجمهوريين في الكونغرس وجميع من يدعمون حركة (اجعلوا أمريكا عظيمة مجددًا)" مفادها أن الشعب لا يريد تدخلهم في الديمقراطية والمجتمع والتعليم والحريات. وأشار إلى أن الاحتجاجات هي جزء من تحرك منظم لمواجهة محاولات إعادة تشكيل الدولة وتقليص الحريات باسم مشروع "2025"، الذي يُنظر إليه كإطار أيديولوجي لإعادة تمركز السلطة في يد الرئيس.
صمت من الإدارةلم يصدر أي تعليق رسمي من الرئيس ترامب أو من إيلون ماسك بشأن المظاهرات حتى الآن. كما رفضت نائبة السكرتير الصحفي للبيت الأبيض، ليز هيوستن، الاتهامات الموجهة للإدارة، مؤكدة أن "الرئيس ترامب ملتزم بحماية برامج الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، بينما يسعى الديمقراطيون لتقويضها عبر توسيع الاستفادة منها لتشمل مهاجرين غير شرعيين".
في المقابل، أشارت منظمات حقوقية وقانونية إلى أن العديد من إجراءات ترامب التنفيذية قوبلت بتحديات قضائية، لا سيما تلك المتعلقة بفصل الموظفين المدنيين، وترحيل المهاجرين، والتراجع عن حقوق المتحولين جنسيًا.
تحالف واسعوتقود "إنديفيزيبل" جهود تنسيق هذه الحملة بالتعاون مع منظمات مثل "موف أون" و"حزب العائلات العاملة" ونقابة موظفي الخدمات الدولية، إلى جانب منظمات الدفاع عن البيئة وحقوق مجتمع الميم. كما أعلنت مجموعات مؤيدة لفلسطين مشاركتها في احتجاجات واشنطن، اعتراضًا على الدعم الأمريكي المتجدد لإسرائيل في عمليتها العسكرية في غزة، ورفضًا لقمع الاحتجاجات الطلابية في الجامعات.
وعلى الرغم من أن حجم التظاهرات لم يصل إلى مستوى الحشود التي خرجت في بداية ولاية ترامب الأولى عام 2017، إلا أن المنظمين أشاروا إلى أنهم بصدد توحيد الجهود لتنظيم تحركات أكبر وأكثر تأثيرًا في المستقبل القريب، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة.