بعد 3 محاولات من «الحشاشين» لاغتياله.. لماذا تحالف صلاح الدين مع أخطر طائفة؟
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
بعد 3 محاولات فاشلة من فرقة «الحشاشين» لاغتياله، في خِضّم سعيه لاسترجاع وحدة العالم السني والتصدي للغزاة الصليبيين في الغرب لتحرير القدس، تحالف صلاح الدين الأيوبي مع الحشاشين، في نفس الوقت الذي كان يسعى فيه سنجار، لتدعيم السلطنة السلجوقية والدفاع عن الإسلام ضد الغزاة الوثنيين من الشرق، كل منهما كان يسعى لتحقيق مهمة كبرى إذن.
وحسب برنارد لويس، فإن الأخطار الخارجية التي واجهها كل من صلاح الدين الأيوبي وسنجار كانت دافعًا لكل منهما في التحالف مع الحشاشين لوجود خطر أكبر في نفس الوقت وليس انطلاقا من خوف شخصي أو طموح معين، حيث أدرك كل من صلاح الدين الأيوبي وسنجار، أن ممالكهما ستنهار بعد موتهما، وتفشل تدبيرهما، فقررا التنازل المؤقت مع عدو أقل خطرًا في النهاية من أجل ضمان سلامتهما الشخصية، ما يتيح لهما فرصة إتمام مهمتهما الكبرى في تدعيم الإسلام والدفاع عنه.
يختارون ضحاياهم بعنايةعلى الجانب الآخر يسعى الحشاشون، لإشاعة الفوضى والقضاء على النظام السني، في حين إذا دفع الإغراء أو الإرهاب بعض زعماء السُنَّة إلى مساعدتهم فلا بأس بذلك، ولم يمتنع الحشاشون عن مساعدة الآخرين إذا كان ذلك يتوافق مع أغراضهم، وهذا يعني أن خدماتهم كانت للبيع وكان زعماؤهم يعقدون صفقات سرية دون إطلاع القتلة الفعليين على تفاصيلها، والغرض من عملياتهم هو بث الرعب في نفوس أعدائهم، ومن أوضح الأمثلة على ذلك اغتيال الخليفة المسترشد والقائد الصليبي «كونرد أوف مونتيفرات» لخدمه أغراض الحشاشين في إثارة الشكوك ضد سنجار في فارس وريتشارد قلب الأسد في الغرب وهو إشاعة الاضطراب في الآراء وإتاحة حالة من عدم الوفاق في معسكرات خصومهم، وكان الحشاشون يختارون ضحاياهم بعناية، خلافا لما افترضه بعض المؤلفين من أنهم كانوا يشنون حربًا بدون تمييز ضد كل الجماعة الإسلامية، حسب ما أورده برنارد لويس في كتابه «الحشاشون».
لا يضيعون دقيقة في سبيل إيذاء المسلمين بكل الطرق
يقول حمد الله مصطفاوي، أحد كتاب القرن الرابع عشر، إن من المعروف أن الباطنية يقصد «الشيعة الإسماعيلية» كانوا لا يضيعون دقيقة في سبيل إيذاء المسلمين بكل الطرق وكانوا يعتقدون أنهم يثابون على ذلك أعظم الثواب وإنهم يرتكبون خطيئة كبرى إذا تورعوا عن القتل وإسقاط الضحايا.
وورد في كتاب الحشاشون لبرنارد لويسن، أن الواقع هو أن حمد الله الذي كان يكتب عام 1330 كان يعبر عن وجهة نظر لاحقة الإسماعيلية لوثتها الخرافات والأساطير.
الإرهاب الإسماعيلي كان موجهًا ضد أشخاص معينين لأسباب محددةوذكرت المصادر المعاصرة، سواء في فارس أو سوريا، أن الإرهاب الإسماعيلي كان موجهًا ضد أشخاص معينين لأسباب محددة وفيما عدا بعض الانفجارات الشعبية القليلة والاستثنائية كانت علاقتهم مع جيرانهم من أهل السنة عادية، وكان ضحايا الحشاشين ينتمون إلى مجموعتين رئيسيتين، الأولى تضم الأمراء والقادة والوزراء، والثانية تضم القضاة والشخصيات الدينية، ولم يوجه الحشاشون خناجرهم ضد المسيحيين واليهود المحليين، أما عن هجماتهم ضد الصليبيين في سوريا فكانت قليلة وجاءت معظمها بعد اتفاق «سنان» مع «صلاح الدين» وتحالف حسن مع الخليفة.
قتل رجال الدين السُنة في مساجدهموكانت المؤسسة السنية بجوانبها السياسية والعسكرية والإدارية والدينية هي العدو الرئيسي للإسماعيلية، وكان هدفهم من الاغتيالات إخافة هذه المؤسسة وإضعافها ثم الإطاحة بها في النهاية وبغض النظر عن الاغتيالات كانت مجرد أعمال انتقام وتحذير مثل قتل رجال الدين السنة في مساجدهم عقابا لهم على مهاجمة الإسماعيليين بالقول أو الفعل وكان هناك ضحايا آخرون يتم اختيارهم لأسباب محددة أوعاجلة مثل قادة الجيوش الذين كانوا يقودون الحملات العسكرية ضدهم، كما اجتمعت الدوافع التكتيكية والدعائية في اغتيال بعض الشخصيات الكبيرة كالوزير «نظام الملك» واثنين من الخلفاء ومحاولات اغتيال صلاح الدين.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: صلاح الدين صلاح الدين الايوبي الحشاشين مسلسل الحشاشين دراما رمضان 2024 رمضان 2024 شهر رمضان صلاح الدین
إقرأ أيضاً:
تحالف دجلة والفرات.. أفكار كاراكوتش تعود للواجهة
غالبًا ما يقتبس الرئيس أردوغان في خطاباته من الشعراء، ولعلّ أكثر من اقتبس منه الشاعر والمفكر التركي سزائي كاراكوتش.
كاراكوتش هو مفكر من ديار بكر توفي عام 2021، وقد ساهم في تشكيل الفكر الإسلامي في تركيا من خلال العديد من الكتب التي دعا فيها إلى الوحدة الإسلامية وطرح فيها أفكارًا عملية لتحقيق تلك الوحدة، كما كتب عدة قصائد مؤثرة.
في كتاب "السور" الذي ألفه عام 1975، دعا إلى ضرورة إنشاء اتحادات إقليمية لتحقيق الوحدة الإسلامية المنشودة، واقترح مثالًا أطلق عليه "اتحاد دجلة والفرات الإسلامي"، يجمع بين تركيا وسوريا والعراق.
بعد الثورة السورية، عادت أفكار هذا الكتاب إلى الواجهة في تركيا، وفتح المثقفون المقربون من حزب العدالة والتنمية باب النقاش حول أفكار سزائي كاراكوتش بشأن الوحدة الإسلامية.
وقت تأسيس الاتحادات الإقليميةلا شك أن مفاهيم مثل "الوحدة الإسلامية، ووحدة الأمة، واتحاد الدول الإسلامية" من المسائل التي تُناقش في مختلف أنحاء العالم الإسلامي. هناك من يرى أن هذه الوحدة مستحيلة أو غير ضرورية، لكن هناك أيضًا من يؤمن بضرورتها، وهم يشكّلون الأغلبية.
أنا شخصيًا من الذين يعتقدون أن فكرة الوحدة ضرورية، وأن إمكانية تحقيقها أصبحت أكبر في الظرف الجيوسياسي الراهن.
إعلانيجب ألا ننسى أن الدول الأوروبية اتفقت على فكرة الوحدة مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية، رغم الصراعات الدامية التي أسفرت عن مقتل الملايين. فلماذا لا تتوحد الدول الإسلامية رغم أن الخلافات الدامية بينها أقل بكثير؟
العوائق أمام الوحدة ليست سوى حواجز نفسية ناتجة عن الدعاية السلبية، والسبيل لتجاوزها هو تأسيس تحالفات واتحادات إقليمية. لقد حان الوقت لتطبيق نظرية الحلقات المتداخلة.
ولكن ما هي تلك الحلقات المتداخلة؟
عند النظر إلى الوضع الحالي، قد يتساءل البعض: كيف يمكن تحقيق وحدة بين إيران والمغرب، أو بين السعودية والسودان؟
بدلًا من التفكير في هذا الإطار الواسع، يمكننا التركيز على دوائر أصغر، مثل المثلث الذي يضم تركيا والعراق وسوريا.
في الأسبوع الماضي، زار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بغداد واتخذ خطوات مهمة لتعزيز العلاقات بين الدول الثلاث. وهناك حديث في أنقرة عن إمكانية انضمام سوريا إلى مشروع "طريق التنمية" الذي أطلقته تركيا، والعراق، وقطر، والإمارات.
هل من الصعب حقًا أن تُنشئ هذه الدول الثلاث تحالفًا أو اتحادًا فيما بينها؟
يرى كثيرون أن ذلك أمر ممكن في الوقت الحالي. ألا يبدو لكم منطقيًا وسهلًا أن تبدأ هذه الوحدة من دائرة صغيرة، ثم تتوسع لتشكل حلقة أكبر؟
يجب أن يكون تشكيل هذه الحلقات مبنيًا على التنمية والمنافع الاقتصادية والتعاون في الصناعات الدفاعية؛ لأن الاتفاق في العالم الإسلامي على القضايا المذهبية والعقائدية والفقهية أكثر صعوبة. ينبغي ترك هذه المسائل لعلماء الدين، والتركيز على إقامة تحالفات وحلقات في المجالات التقنية التي تعود بالنفع على الشعوب.
تحالف دجلة والفراتينبع نهرا دجلة والفرات من وسط تركيا ويتدفقان جنوبًا ليشكلا أراضيَ خصبة ومدنًا مزدهرة. ينبع نهر دجلة من مدينة إلازي (العزيز) في تركيا، ويمر عبر مدن باتمان، وديار بكر، وماردين قبل أن يدخل العراق. وفي العراق، يعبر النهر عبر مدينتي الموصل، وبغداد، ثم يلتقي بنهر الفرات في البصرة، ويصبّان معًا في الخليج العربي.
إعلانأما نهر الفرات، فينبع من أقصى شرق تركيا، وتحديدًا من مدينة آغري، ويمر عبر إلازي، وغازي، عنتاب، وأورفا، ثم يدخل سوريا، فيمر بعين العرب، والرقة، ودير الزور، قبل أن يدخل العراق ويلتقي بدجلة ليشكلا معًا "شط العرب" الذي يصب في الخليج العربي.
وكما قال ابن خلدون: "الجغرافيا قدر"، فكما تتلاقى الأنهار وتتوحد لتصب في البحر، كذلك تتلاقى الشعوب والثقافات وتتداخل لتشكل كيانًا واحدًا.
لهذا السبب، تتشابه مدن مثل غازي عنتاب، وحلب، وماردين، والموصل، حيث اختلطت الشعوب وتأثرت ببعضها البعض عبر التاريخ. هذه الفكرة هي التي استند إليها سزائي كاراكوتش عندما طرح فكرة "اتحاد دجلة والفرات الإسلامي".
ما الذي يمنع الدول التي تجتمع مياه أنهارها من أن تتوحد سياسيًا؟ هذه الدول التي تشترك في الدين والثقافة والتاريخ، بحاجة اليوم إلى تأسيس "تحالف دجلة والفرات" في ظل التحوّلات الجيوسياسية الراهنة. وهذه الشعوب التي تتقاسم المياه، وتعيش على أرض واحدة، وتتشارك المصير ذاته، ينبغي أن تتوحد ضمن كيان مشترك، ليكون اللبنة الأولى لتشكيل تحالفات أكبر وأوسع.
يمكننا اليوم تأسيس تحالف دجلة والفرات، وقد يتوسع في المستقبل ليصبح تحالف دجلة والنيل. العائق الرئيس الذي يقف في الطريق هو الحواجز النفسية التي تم زرعها في العقول.
إذا لم يتم تجاوز هذه الحواجز وإذابة الخلافات، سيكون من الصعب الصمود في هذه الجغرافيا. من الضروري أن تدرك الحكومات هذه الحقيقة في أقرب وقت.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية