إحياء الفن بين الماضي والحاضر والمستقبل
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
الفن هو أفضل طريقة للتعبير التي توصل إليها الإنسان، حيث إنه تعبير صادق عما يشعر به الإنسان و عن ما يحسه و يدركه بحواسه و فكره و خياله و نحن عندما نتعرف علي حضارات السابقين منذ عدة آلاف من السنين لدراسة الفنون التي تركتها لنا تلك الحضارات، ساهم ذلك و أدي إلى المساعدة في فهم الجنس البشري وتاريخ الإنسان على سطح الأرض مما أدي الي التسليم بمدي أهمية و تفوق المعرفة التي يجسدها الفن.
وعالم المعرفة هو نهج و طريقة للمعرفة بقيمة الإنسان، حيث ان الفن أصيل و راسخ لإنه ينبع من النفس البشرية من الأرض و المعتقدات و الماضي و التاريخ و عندما نقر بأن الفن يعتبر طريقة متوازية للمعرفة، و أنه متميز علي سائر الطرق التي بواسطتها يتوصل إلى فهم كونه و بيئته ومجتمعه ونفسه وعن الكون و الطبيعة والحياة.
شاهندا طارقولفهم ذلك و لنتوصل للقدرة على رصده وتحليله كان لابد من رفيق لهذه الرحلة ليكون الوسط الفاعل بين الحاضر و الماضي لتوثيق مشاهد الواقع الإفتراضي لزمن مضي بعيداً و خيال بلا حدود و لا قيود و ذلك الرفيق هو المصمم الباحث و المتطلع للعلم و المعرفة لما له من دور فعال في إثراء عملية التصميم وتنمية العملية الإبداعية و الذي بواسطته يكون كالعين و البصيرة لنقل الفن و المعرفة مما هو قديم لصنع خيال و واقع جديد أو لدمج القديم مع الحاضر و المستقبل أو لإعادة الإحياء سواء بطريقه مباشرة أو غير مباشرة للفن القديم أيا كان في أي فتره في حضارات السابقين و التي منذ عدة آلاف من السنين.
وفي عصر الدولة الأيوبية على يد صلاح الدين يوسف بن أيوب من سنة ( ٥٦٧ - ٦٤٨ هجرياً ) ( ١١٧١ - ١٢٥٠ ميلادياً ) ازدهرت فيها العمارة والفنون في مصر وفي هذا الموقع التاريخي و هو قلعة صلاح الدين، سننقل ذكريات قديمة لنحلم بمستقبل جديد.
كما اقترح الشاعر ويليام بتلر ييتس، لقد كان الأمر دائمًا من الحماقة أن نعتقد أن العمل قد تم، العمل لا يتم أبدا، على العكس تماما، إنها عملية لا تنتهي من الوعي والإجراءات، و هنالك دائمًا شيء آخر يجب اكتشافه، وشيء آخر يجب صياغته، وشيء آخر يجب اختراعه.
بروح ويليم بتلر ييتس، "العمل لا ينتهي أبدا". هذه التجربة مستوحاة من السعي للإكتشاف والاختراع المستمر، ومن ثم إجابتنا على سؤال "ماذا بعد؟"
هي: "شيء آخر".
وفي الإصدار الثالث من شيء أخر والذي افتتح في يوم 24 نوفمبر حتى 23 ديسمبر 2023، و هو معرض فني عالمي استثنائي يجمع 135 فنانا و19 منسق فني مرموق من جميع انحاء العالم، و الغرض من هذا الحدث هو استكشاف الأسئلة العميقة بإستخدام أشكال الفن التقليدي و المعاصر و تم دعوة المشهورين و الناشئين للتفكير في السؤال "ماذا بعد؟" وضم مجموعة متنوعة من التخصصات، بما في ذلك الأفلام الوثائقية والمستقلة والفيديو، والتصوير الفوتوغرافي والفنون الجميلة الاستعراضية.
وفي قلعة صلاح الدين الأيوبي التي هي بمثابة الخليفة التي تربط بين عوالم الماضي والحاضر يعد المشروع بمثابة جسر بين التاريخ الغني لقلعة صلاح الدين وعالم التصميم المعماري المبتكر. والغرض من ذلك هو إنشاء مزيج متناغم من الهندسة المعمارية الحالية والهندسة المعمارية المتناقضة التي توجه من خلال “اتباع اللون الأحمر”، مما يوفر للناس تجربة فريدة، ولتحقيق ذلك تم النظر بعناية في تخطيط وتصميم الإرشادات التفصيلية. يتم توجيههم على طول مسار منسق بعناية يعرض أعمالًا فنية متنوعة.
ومن أبرز معالم المشروع إدراج السور الأيوبي التاريخي الذى أصبح الآن متاحًا للاستكشاف، طوال فترة الإرشادات يدمج التصميم العناصر الحديثة مع الهياكل الحالية.
الهدف النهائي للمشروع هو توفير تجربة لا تنسى لجميع من يزورها و ذلك من خلال تمثيل الآثار التاريخية لسور قلعة صلاح الدين بتصميم معماري معاصر، لتقديم مسارات آمنة للغاية عبر المشروع بأكمله ونقطة التقاء حيث يتلاقى الماضي والحاضر و تكوين رؤية جديده مختلفة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: قلعة صلاح الدين صلاح الدين الأيوبي إحياء الفن صلاح الدین
إقرأ أيضاً:
مأساة فاوست: بين المعرفة والطموح المفرط
يُعتبر كريستوفر مارلو (1593-1564) من أبرز كتّاب المسرح الموهوبين فى عصر الملكة إليزابيث الأولى. فقد أظهرت أعماله، مثل دكتور فاوست، مهارته الاستثنائية فى دمج الدراما والشعر والموضوعات الفلسفية العميقة. ومنذ بداية دراستى فى الأدب الانجليزى وأنا أعتقد أنّ موهبته كان من الممكن أن تتفوق على موهبة وشهرة ويليام شكسبير، لو لم يُقْتَل بشكل مفاجئ فى مشاجرة عام 1593 عن عمر لا يتجاوز 29 عامًا. لقد منعه موته المبكر من أن يحقّق كامل إمكانياته، لكن تأثيره فى تطور التراجيديا الإنجليزية كان عظيما.
تظل شخصية فاوست واحدة من أبرز الأساطير التى ألهمت الفكر الإنسانى عبر العصور، حيث تتجسد مأساة الإنسان فى سعيه الحثيث وراء المعرفة المطلقة والطموح اللامحدود. وكريستوفر مارلو لم يكن وحده الذى عالج هذه الاسطورة فقد تناولها كل من غوته فى مسرحيته الشعرية (عام 1808)، فاوست وكذلك توماس مان فى روايته دكتور فاوست (عام 1947)، التى تصوّر بطلها الموسيقار، وهو يعقد اتفاقًا مع الشيطان ليحصل على العبقرية الفنية.
كانت رؤية فاوست للمعرفة أداة للسلطة والخلود، اعتقادًا منه أن امتلاك هذه المعرفة سيمنحه القدرة على التحكم فى الحياة وتحقيق الخلود. لكنّه فى غمرة طموحه، فقد البوصلة الأخلاقية، فباع روحه فى صفقة غير قابلة للإلغاء. كما يوضّح مارلو، فإن السعى وراء القوة هو فخٌ يخدع صاحبه دون أن يدرك العواقب الكارثية التى قد تترتب عليه.
يعبّر فاوست عن تعطش مفرط لامتلاك المعرفة والسيطرة بقوله: « لَو كانت لى أرواحٌ بعدد النجوم فى السماء، لما ترددت فى أن أهبها جميعها لميفوستوفيليس (الشيطان). به سأصبح إمبراطورًا عظيمًا للعالم، وأبنى جسرًا فى الهواء المتحرك لعبور المحيط مع كوكبة من الرجال؛ سأوحّد الجبال التى تفصل الشواطئ الأفريقية، وأجعل تلك الأرض قارة تتصل بإسبانيا، لتكونا معًا ثروتى الملكية...»
تطرح المسرحية تساؤلات هامة عن العلاقة بين المعرفة والأخلاق. ففى سعيه الحثيث وراء «الحقول الكاملة» للمعرفة، لم يتساءل فاوست عن الثمن الذى سيُدفع مقابل ذلك. ورغم نبل سعيه لفهم العالم، أغفل الأسئلة الأعمق المتعلقة بالأخلاق وقيمة الروح.
فى نهاية المسرحية يصرخ فاوست: «إلهى، إلهي! لا تنظر إليّ بتلك النظرة القاسية! أيتها الأفاعى والثعابين، دعونى أتنفس قليلًا! يا جهنم القبيحة، لا تفتحى فمك!»
تُجسد هذه الصرخات اليائسة لفاوست فى نهاية المسرحية التحوّل الكامل فى شخصيته. هنا، يحاول العودة إلى حياة البراءة ويتوسل لله، بعد فوات الاوان، أن يغفر له ذنبه العظيم.
مأساة فاوست تقدم درسًا تحذيريًا غاية فى الأهمية: تظل الروح، ذلك الوميض الوحيد فى عتمة الوجود، أغلى ما يملك الإنسان، ولا يجب بأى حال أن تُباع أو تُستبدل مهما توافرت المغريات وعَظُمَت المكاسب.