أكد معالي الشيخ سالم بن خالد القاسمي وزير الثقافة على أهمية العمل الثقافي في دولة الإمارات العربية المتحدة انطلاقا من الايمان بدور الثقافة المحوري في بناء المجتمع ونهضته وتعزيز التواصل والتعاون مع شعوب العالم، وترسيخ القيم الإنسانية والاجتماعية التي ترتقي بالإنسان، وتسهم في رفعته وتطوره فيما تمثل اللغة والآداب وعلى رأسها الشعر ركيزة أساسية في الثقافة الإماراتية.


وقال معاليه بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للشعر، “يحتل الشعر مكانة كبيرة بين الفنون الأدبية الأخرى، خاصة في اللغة العربية، فهو الفن الأدبي الأصيل النابع منها، ما جعل دوره كبيراً بين العرب قديماً وحديثاً للتعبير عما يجول في أذهانهم ويحكي تاريخهم، وهو الوعاء الذي سجل وحمل قيمهم وفخرهم وعزتهم.
وأضاف : كان الشعر العربي مصدراً للمعرفة، والفكر، والحكمة ومرجعا يسهم في فهم لغة القرآن والحديث النبوي الشريف ومن الوظائف الهامة للشعر تهذيب النفوس وتحفيزها على الأخلاق الحميدة، وهو أفضل وسيلة لحفظ اللغة، وتفصيح اللسان، ومنه تُتَّخَذ الشّواهد والأمثال.
وذكر انه ولطالما شكّل الشعر حجر أساس في الثقافة العربية، وذلك لكونه لسان حال مبدعيه والأداة التي عبّروا من خلالها عن أفكارهم وقضاياهم وتطلّعاتهم، وبفضل هذه الثقافة أوصلوا تاريخهم الأدبي الحافل إلى كل مكان وحضارة، ووثّقوا من خلالها بلاغة وجماليات اللغة العربية على مرّ العقود والأزمان.
ولفت معاليه بأنه ومع جمال وتفرد لغتنا وأساليبها، تكمن صعوبة ترجمة الشعر منها إلى لغات العالم المختلفة، ولكن موروثه الثري يظهر في ابداع الفنانين من مختلف المجالات، كما يظهر في خلفية أعمال الفنان التشكيلي عبد الله السعدي الذي تم اختياره لتمثيل دولة الإمارات في الدورة الـ60 من المعرض الدولي للفنون في بينالي البندقية 2024. حيث يستطيع السعدي بموهبته الفريدة نقل جمالية الشعر العربي عبر فنه المميز من الرسم والتشكيل التعبيري والنحت وعروض الأداء والتصوير الفوتوغرافي إلى العالم أجمع.
وأشار معاليه إلى أن الشعر العربي يتميز ببنائه الفريد وسحره، فلغتنا زاخرة بالكثير من المعاني، فهي لغة ثرية، ولا يكفي أن نقول إن الأمم المتحدة اعتبرتها لغة أساسية في منابرها، وكرست يوم الثامن عشر من كانون الأول يوماً عالمياً للاحتفاء بها، لأنها، حقيقةً، تنفرد بجماليات لا تضاهيها أي جماليات في لغات أخرى، أو على الأقل هي واحدة من أجمل اللغات في العالم.
وقال معاليه إنه وإذ نحتفي في دولة الإمارات العربية المتحدة بجمال اللغة العربية، ليس فقط كلغة نمارسها من خلال التلاوة والقراءة ولكن أيضًا كشكل من أشكال التعبير ذي الجمال البصري الذي نشهده من خلال الخط والزخرفة. حيث أطلقت وزارة الثقافة منذ عام 2004، جائزة البردة، وهي منصة متعددة التخصصات مكرسة لعرض جوانب متنوعة من الفنون والثقافة الإسلامية من خلال تعزيز الإبداع والتجريب بالأشكال التعبيرية التقليدية ومد الجسور بين الماضي والحاضر والمستقبل. ومن خلال جائزة البردة، نسلط الضوء على أحد أغنى وأكثر أشكال الفن الإسلامي تنوعًا، وهو الخط العربي حيث يقدم هذا الفن تقديراً للغة العربية ويعبر عن الارتباط العميق بها، ليس فقط كوسيلة للتواصل، ولكن كوسيلة للتعبير الروحي. كما تكرم جائزة البردة أعمال العديد من الفنانين حول العالم في مجال الخط الكلاسيكي والمعاصر، حيث تحتضن التقاليد ولكنها تسمح أيضاً بالتحول إلى ما هو حديث.
واضاف أن ثقافتنا الإماراتية تتجلى في المحافل الدولية ومنها جناح دولة الإمارات في المعرض الدولي للفنون بالبندقية، وسنواصل دعم المبدعين من أبناء الإمارات ليكونوا سفراء في مد جسور التواصل الثقافي والإبداعي مع نظرائهم من مختلف أنحاء العالم وبما ينسجم مع رؤية الإمارات ورسالتها… مشيرا إلى أن تمكين الجيل القادم من المبدعين، يتيح لنا بناء جسور التواصل مع الثقافات المختلفة ويوفر أرضًا خصبة للإبداع والاحتفاء بالتنوع الثقافي البنّاء في المجالات ذات الصلة بالإبداع الأدبي والفني.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

الشاعر يوسف أبولوز لـ24: الشعر حالة فرح كبرى عظيمة

في حوار خاص لـ"24"، تحدث الكاتب والشاعر يوسف أبو لوز عن تجربته الشعرية والثقافية، مؤكداً أن الإمارات كان لها دور كبير في إثراء نضجه ووعيه الأدبي والثقافي، حيث ألهمته روح المكان لكتابة العديد من المواد الصحفية الثقافية، واستعراض مئات الكتب الأدبية الإماراتية. كما كشف عن امتلاكه خمسة كتب مخطوطة تتناول الثقافة والأدب والشعر في الإمارات، متمنياً أن ترى النور قريباً.

أبولوز: القصيدة بحث وفكر وهي تحتاج إلى قراءات وصبر وعناية

فيما يلي نص الحوار:  من أين تستمد الإلهام في قصائدك، وما الذي يثير قريحتك كشاعر؟

قضية الإلهام بحد ذاتها، يبدو لي عفا عليها زمن، مثلها مثل "واد عبقر"، وما شابه ذلك من عناصر يقال أن الشاعر يستمد منها قريحته، أنا أكتب من تفاصيل الحياة وأكتب من يومياتي، وأكتب مما أسمع وأرى وأقرأ، ولعل القراءة هي الإلهام الوحيد برأي للكتابة، وإذا كان لا بد من وصف لـ"قريحة"، فإن روح هذه القريحة وكينونتها تتصل بالقراءة، إن القراءة هي التي تغذي الكتابة، وهي التي تفتح الشهية على كل ما هو جميل، الشعر الآن مادة فكرية وفلسفية، الشعر بحث وفلسفة وتأمل، وما عاد هناك ما يمكن أن يكون إلهاماً، الإلهام يصنعه الشاعر من داخله ويدجنه ثم تتحول كل هذه التركيبة إلى مادة شعرية.

_ من خلال تجربتك كشاعر وكاتب عمود يومي منذ 2008، كيف تجد تأثير الكتابة الصحفية اليومية على ولادة الشعر؟ هل تصادر فكرة القصيدة أم تحفز على ولادتها؟

العمود الصحفي  قد يحفز على ولادة قصيدة، وعمودي يتصل بالثقافة والفنون، بما هو شعري وثقافي، وإبداعي، نعم هناك شحنة شعرية موجودة بمثل هذه الكتابة الصحفية اليومية، لكن ذلك لا يؤثر على الشعر، وأعتقد أن الصحافة أفادتني كثيراً فيما يتعلق باللغة تحديداً، لقد عملت في عام 1982 في جريدة "اليوم" في الدمام وتعرفت على أولويات الكتابة، وكتب عموداً أسبوعياً، رغم أن عمري حينها لم يتجاوز 25 عاماً، ثم عملت في جريدة الدستور الأردنية منذ 1995 ولغاية 1997 وكتبت أيضاً عموداً يومياً، تقريباً طيلة فترات رحلتي العملية كتبت العمود الصحفي، صحيح أني شبة متوقف عن كتابة الشعر، لكن دائماً لدي رؤوس أقلام  موجودة في العمود فهو خزان شعري بالنسبة لي، وفرح يومي، على عكس بعض الكتّاب الذين يعتبرون العمود عبئاً عليهم، أشعر أنه فرح يومي ولقاء مع القلم والكتابة، الصحافة أصلاً قامت على كتاب وأدباء، منذ الصحف القديمة التاريخية مثل الأهرام في مصر والسفير والنهار في لبنان، مثل أنسي الحاج الذي عمل بالصحافة ولم تخبو شعلة الكتابة في داخله، فالشعراء هم الذين صنعوا الصحافة، والأدب هو الذي صنع الصحافة

تتباين نظرة الشعراء والنقاد إلى ترجمة الشعر، بما أن قصائدك ترجمت إلى عدة لغات، كالإنجليزية والفرنسية والإيطالية وغيرها، ما رأيك بترجمة الشعر؟

لدي بمكتبتي أكثر من 10 آلاف ورقة جميعها شعر مترجم، ولو نظرت لمكتبة أي شاعر، سيتواجد الكثير من الشعر المترجم، خاصة بعد نمو حركة الترجمة في السبعينات تحديداً، فقد أصبح الشعر المترجم إلى اللغة العربية بمثابة سيل يومي، وأصبح المترجمون مثل أزهار النرجس، هناك من تعلم الصينية ومن تعلم اليابانية، ولدينا مترجمون بالإنجليزية والفرنسية، لإنهما لغتان سائدتان بالوطن العربي، لذلك هناك ترجمات عالية الجودة وأخرى لا تطاق، وأحيانا أقرأ بضع صفحات من كتاب مترجم وأركنه ولا أعود إليه، وأحيانا أخرى ألتهم كتاباً بأكمله مترجماً، لأن المترجم محترف ويعرف روح الشعر، الترجمة لا يمكن أن تنقل روح الشعر كاملاً إلى العربية، ولا يمكن لمترجم أجنبي أن يترجم شعرنا العربي إلى لغته الصينية أو اليابانية أو الإنجليزية، بما فيه من روحانية شعرية، إذ لا يمكن أن نترجم أشعار المتنبي أو إمرؤ القيس ترجمة دقيقة، ولكن لا بد من الترجمة لنشر االشعر عالمياً، يقال أن الترجمة خيانة، نعم هي خيانة، ولكن لا بد منها.

ما أبرز ما اشتملت عليه كتبك الثلاثة عن الثقافة الأدبية في الإمارات؟

أعطتني الإمارات الكثير من النضج والوعي في القراءة والكتابة والنقد، لست ناقداً بالمعنى الحرفي للكلمة، ولكن عملي الصحفي تطلب مني أن أكتب انطباعات عن كتب قرأتها ضمن عملي، ولدي كتاب كامل بهذا الموضوع وأكثر من 100 عرض لكتب عربية وإماراتية، ولا أسمي هذا نقداً، المكان الإماراتي أعطاني الكثير على مستوى أدبي وشخصي وثقافي، وأحببت هذا المكان وتشربت روحه وكتبت من وحيه الكثير من المواد الصحفية الثقافية وعرضت لمئات الكتب الأدبية الإماراتية، ولدي 5 كتب عن الثقافة والأدب والشعر في الامارات لم تطبع، ما زالت مخطوطات، وبمشيئة الله سترى النور في الفترة التي أتفرغ فيها لذلك، فصناعة كتاب ليست بالأمر السهل، هي ولادة مادة ثقافية ويجب أن تحظى بنوع من المسؤولية الأدبية، الكتب الثلاث في الثقافة الأدبية الإماراتية تتناول قصيدة العمود وقصيدة التفعيلة، وتتناول القصة القصيرة، وتتناول قصيدة النثر، وكتبت في المسرح وفي الفنون التشكيلية، وتوسع إطار الكتابة لدي، فكتبت عن شعراء  في البحرين وعمان والسعودية والكويت وقطر، وهذه المادة أيضاً لم تنشر في كتب، وآمل أن يمن الله عليَ بالصحة والعافية حتى أكمل هذه الرسالة الثقافية الأخلاقية، فالإمارات بلد عزيز وكريم وأعطانا الكثير، وعلينا أن نرد الجميل بالكتابة نحن كتاب وأدباء وصحافيون، وما لدينا هو القلم ونرجو أن نواصل رسالتنا بمحبة وانفتاح على الحياة.

كيف تقارن بين ديوانك الأول "فاطمة تذهب مبكراً إلى الحقول" وأحدث ما تكتبه من قصائد؟

سؤال جميل، الغريب أن دائماً هناك خيطاً مشتركاً يبدأ مع أول قصيدة يكتبها الشعراء، وهناك بعض الشعراء يتنكرون لمجموعاتهم الأولى، بل ولا يذكرونها في سيرهم الذاتية، وكأنها مولود مسخ، بالنسبة لي أعتز بكتاب "فاطمة تذهب مبكراً إلى الحقول" الصادر في  دمشق عام 1983، وبنفس العام صدر لي أيضاً عن رابطة الكتاب الأردنيين "صباح الكاتيوشا أيها المخيم" وأعتز بكليهما.
في بداية التسعينات انتقلت إلى مرحلة شعرية وكتبت قصيدة التدوير، وصدر لي مجموعة "نصوص الدم"عن دار الآداب، للأسف ليس لدي نسخة منها، والقصيدة المدورة السردية، هي قصيدة التفعيلة التي لا تكسر أسلوبية السطر الشعري قليل الكلمات، ثم كتبت مجموعتي الشعرية "مجرة القتلى" في رأس الخيمة في الإمارات، وعملت في وقتها نقلة كبرى وتناولها العديد من النقاد، وصدرت في كتاب "ضجر الذئب" الذي حصلت عليه على جائزة عرار من رابطة الكتاب الأردنيين، أما الآن فقد أصبحت القصيدة بالنسبة لي أصعب، في هذا العمر وبعد هذه  التجربة، أعتبر القصيدة بحثاً وفكراً، تحتاج إلى قراءات وصبر وعناية، ولا يعني ذلك أن تخرج مصنوعة، ولكن كما تقول العرب "الصنعة التي تخفي الصنعة"، الشعر في النهاية حالة فرح كبرى عظيمة، وحتى لو أنني لا أكتب الشعر فإني أعيشه في كل لحظة، وما دمت متفائلاً وممتلئاً بهذه الحالة فسيأتي الشعر ذات يوم متدفقاً كما كنت ألعب في الهواء في صباي وأنا بالعشرين من العمر.

مقالات مشابهة

  • بيوت الشعر في الوطن العربي منارات ثقافية
  • بيوت الشعر في الوطن العربي منارات ثقافية عززت اللغة العربية والذائقة الشعرية
  • «الرياضات الجوية» ينظم بطولة الإمارات الدولية للقفز بالمظلات في أبوظبي ودبي
  • الشعر العربي بين الشفاهية والرقمية في زمن التحولات
  • الرئيس الفلسطيني يثمن مواقف فرنسا الداعمة لفلسطين في المحافل الدولية
  • مجالس أبوظبي تستعرض النخوة والإرادة الإماراتية في ذكرى 17 يناير
  • البرلمان العربي و“البابطين” الثقافية يعلنان الفائزين بمسابقة الإبداع في خدمة اللغة العربية
  • بيت الشعر العربي يحتفي ببيرم التونسي.. وبيت السحيمي يحتفي بميلاد يحيى حقي
  • الشاعر يوسف أبولوز لـ24: الشعر حالة فرح كبرى عظيمة
  • خالد بن محمد بن زايد: في 17 يناير.. نستحضر قيم الشجاعة والنخوة الإماراتية