مرة كل 32 عاما.. هكذا يجمع الإيرانيون بين رمضان والنوروز
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
طهران- للمرة الثانية منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية، يحل -معا- رمضان المبارك وبداية السنة الفارسية الجديدة، ليحتفل الإيرانيون بعد مضي 32 عاما في آن واحد بمناسبتين دينية ووطنية؛ الشهر الفضيل وفق التقويم الهجري القمري وعيد "نوروز" وفق التقويم الفارسي الشمسي.
وللمرة الأولى في تاريخ البلاد الحديث، يصوم الإيرانيون الأول من رمضان للعام الهجري 1445 عشية آخر أربعاء في عام 1402 للهجرة الشمسية التي تُعرف في التقويم الفارسي بمهرجان "جهارشنبه سوري" أو "الأربعاء الأحمر" أو "أربعاء النار"، ويُعتبر أول الاحتفالات الجماعية بقدوم فصل الربيع.
وعلى النقيض من الأعوام الماضية حيث دأب الإيرانيون على الاحتفال بالمناسبة عصر يوم الثلاثاء حتى فجر الأربعاء عبر إضرام النار والقفز فوقها، تعالت أصوات المفرقعات هذه السنة عقب إفطار الأول من الشهر الفضيل.
ولعل أبرز ما أتى به تزامنُ هاتين المناسبتين، اتصال مائدة سحور التاسع من رمضان بمائدة عيد النوروز؛ فقد جاء التوقيت الفلكي الدقيق لرأس السنة الإيرانية الجديدة والاعتدال الربيعي في تمام الساعة السادسة و36 دقيقة و26 ثانية (03:06:26 بتوقيت غرينتش) أي بعد أقل من ساعتين من أذان الفجر في العاصمة طهران.
وما بين السحور ورأس السنة الجديدة، قد لا يجد الإيرانيون هذه السنة فرصة لإعداد مائدة السينات السبع التي تختار 7 أشياء تبدأ بحرف "سين"، وأبرزها: سير (ثوم) وسكة (عملة نقدية) وسنجد (ثمرة مجففة تشبه العناب) وسبزه (الخضرة) وسماق (السماق) وسيب (التفاح) وسركه (الخل) وسمنو (حلوى براعم القمح)، فيفضلون هذا العام تناول السحور على مائدة عيد النوروز.
ويُعد النوروز عيد الإيرانيين الأكبر بصفته القومية والوطنية منذ قرون، حيث تقول الأساطير إن الملك الفارسي "جمشيد" أمر بنصب عرش قبل نحو أكثر من 3500 عام، وعندما تربع عليه أشرقت الشمس على تاجه فابتهج شعبه وقال "نو روز" أي "يوم جديد"، فاحتفلوا به كل عام وسموه عيد النوروز.
وتبدأ عطلة رأس السنة الإيرانية كل عام بترديدهم الدعاء المأثور "يا مقلب القلوب والأبصار، يا مدبر الليل والنهار، يا محول الحول والأحوال، حوِّل حالنا إلى أحسن حال"، الذي توارثوه منذ دخول الإسلام بلاد فارس قبل أكثر من 14 قرنا، ما يدل على تمازج الطقوس الدينية والقومية في الجمهورية الإسلامية.
وبما أن الأسواق الإيرانية تشهد -عادة- إقبالا كبيرا على شراء الحلوى والمكسرات والألبسة الجديدة في شهري فبراير/شباط ومارس/آذار من كل عام، لم يمنعهم التضخم المستفحل من التحضير للاحتفال بالمناسبتين.
بيد أن صيام رمضان يترك بصمته هذا العام بتغيير مواعيد التزاور وصلة الأرحام إلى ساعات الليل، كما أنه يقلل من السفر بين المدن والمحافظات البعيدة الذي يستوجب الإفطار.
وخلافا لما دأب المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي -منذ اختياره عام 1989 خليفة لمؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله الخميني– على إلقاء كلمة بمناسبة حلول عيد النوروز في العتبة الرضوية بمدينة مشهد شمال شرقي البلاد، أعلن مكتبه أنه سوف يستقبل هذا العام حشدا من المواطنين في العاصمة طهران.
وتتواصل الاحتفالات برأس السنة الشمسية على مدى أسبوعين تقريبا؛ حيث يحرص الإيرانيون كل عام على الخروج من بيوتهم في اليوم 13 من السنة الجديدة وتناول الطعام بين أحضان الطبيعة، اعتقادا منهم أن الاحتفاء بيوم الطبيعة المعروف بيوم "سيزده بدر" يطرد النحس وسوء الحظ من حياتهم.
وعلى غرار الثقافة الدينية التي ترفض ربط اليُمن أو النحس بالأعداد والأرقام، عملت الجمهورية الإسلامية -منذ قيامها قبل أكثر من 44 عاما- على إضافة صبغة دينية على المناسبات الوطنية والتركيز على القواسم المشتركة القائلة إن التراث الإيراني لا ينفصل عن الإسلام.
وهذا فتح الباب على مصراعيه أمام وسائل الإعلام الفارسية للحث علی الاحتفال بيوم الطبيعة بعد الإفطار، وما على البلديات سوی تهيئة الحدائق العامة للاحتفال الليلي هذا العام.
وخلافا للأعوام الماضية حيث تنتهي العطلة بيوم "سيزده بدر" الذي يحل بعد مرور 12 يوما من السنة الجديدة وكل يوم منها يدل على شهر من أشهر السنة الشمسية، فإن يوم الطبيعة لعام 1403 الشمسية يصادف الاثنين الموافق للأول من أبريل/نيسان المقبل؛ أي قبل 10 أيام فقط من عيد الفطر المبارك.
وبذلك سيكون الإيرانيون على موعد مع عطلة جديدة من العاشر حتى الثاني عشر من أبريل/نيسان المقبل، لتبقى مائدة السينات السبع -برمزيتها التراثية الدالة على التفاؤل والحب والأمل والسلام- ممدودة حتى العيد السعيد، طالما وضع الإيرانيون نسخة من المصحف الشريف عليها وجعلوه جزءا أساسيا من مكوناتها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الجمهوریة الإسلامیة عید النوروز یوم الطبیعة هذا العام کل عام
إقرأ أيضاً:
هل صلاة الجنازة مقدمة على السنة أو غيرها من الصلوات؟.. الإفتاء تجيب
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها من سائل يقول هل صلاة الجنازة مقدمة على السنة الراتبة؟ موضحة أن صلاة الجنازة رغَّب الشرع الشريف في أدائها، ورتَّب على ذلك جزيل الأجر والإثابة، بل وجعله حقًّا للمسلم على أخيه المسلم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ»، قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: «مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ» متفقٌ عليه.
وأضافت دار الإفتاء، عبر موقعها الإلكتروني، أنه يُستحبُّ تقديم صلاة الجنازة على السُنَّة الراتبة؛ عملًا بمقتضى الشرع الذي حثَّ على ضرورة الإسراع بتجهيز الميت والصلاة عليه وحمله ودفنه؛ حفظًا لكرامة الميت وصونًا له؛ فإنَّ وقت السُنَّة الراتبة مُتَّسِعٌ، وصلاة الجنازة مُتعلقةٌ بحقوق العباد، وصلاة الراتبة متعلقةٌ بحقِّ الله، وحقوق العباد مبنيةٌ على المشاحة، وحقوق الله مبنيةٌ على المسامحة.
لماذا صلاة الجنازة مختلفة عن باقي الصلوات؟.. دار الإفتاء توضح الحكمة
هل تجوز صلاة الجنازة في أوقات الكراهة بعد الفجر؟.. الإفتاء تحسم الجدل
حكم قراءة الفاتحة للمتوفى بعد صلاة الجنازة.. دار الإفتاء تجيب
هل تجوز صلاة الجنازة على الميت أكثر من مرة؟.. الإفتاء ترد
وتابعت الإفتاء "تنوَّعت آراء الفقهاء حول تقديم صلاة الجنازة على غيرها من الصلوات، على اختلافٍ وتفصيلٍ بينهم فيما يتعلَّقُ بتغيرِ الميت، أو عدم تغيره ولكن يأمن فوت الصلاة إن كانت فريضة؛ كجمعةٍ أو غيرها من المكتوبات، وفيما إذا كانت الصلاة المجتمعة مع صلاة الجنازة فريضة أو نافلة".
وأكدت الإفتاء أن تغير الميت قبل الصلاة عليه ودفنه وإن كان قليل الوقوع في هذا الزمان؛ نظرًا لتوافر وسائل التنقل السريعة، وتوافر المواد الطبية التي تقلل من مثل هذا التغير، إلَّا أنَّه قد يقع في بعض الأحيان، فإن كان يُخشى على الميت من التغير: فقد اتفق الفقهاء على أنَّ صلاة الجنازة تقدم على غيرها.
وأشارت إلى أنه في حالة إذا لم يُخشَ على الميت من التغير: فقد اختلف الفقهاء في حكم تقديم صلاة الجنازة على السُنَّة الراتبة، او غيرها من الصلوات المسنونات:
فاختار بعض الفقهاء تقديم السُنَّة الراتبة على صلاة الجنازة، ووجهوا قولهم بأنَّ التأخير اليسير لا يضر إذا وُجِدَ ما يدعو إليه؛ كانتظار بعض أقارب الميت، أو انتظار الوالي أو أهل الفضل من العلماء والأئمة الصالحين، ولما يترتب عليه من منفعة اجتماع أكبر عددٍ من المصلين على الجنازة، وإن كان الإسراع في تجهيز الميت من غسلٍ، وتكفينٍ، وصلاةٍ عليه، ودفنٍ أمرٌ مُستَحبٌ شرعًا، فإنَّ زيادة عدد المصلين على الجنازة أيضًا من المندوبات التي حثَّ عليها الشرع:
قال العلَّامة ابن نُجَيم الحنفي في "البحر الرائق" (1/ 266، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وفي شرح "المنية" معزيًا إلى حُجَّة الدين البلخي: أنَّ الفَتوى على تأخير صلاة الجنازة عن سنة الجمعة، وهي سُنَّة، فعلى هذا: تؤخر عن سُنَّة المغرب؛ لأنها آكد] اهـ.
وقال العلَّامة ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار" (1/ 376، ط. دار الفكر): [وفي "الحلية": الفتوى على تأخير صلاة الجنازة عن سُنَّة الجمعة، فعلى هذا تؤخر عن سُنَّة المغرب؛ لأنها آكد] اهـ.
وقال العلَّامة داماد الحنفي في "مجمع الأنهر" (1/ 172، ط. دار إحياء التراث العربي): [وتقدَّم صلاة العيد على صلاة الجنازة إذا اجتمعتا] اهـ.
بينما اختار جماعةٌ من الفقهاء وهم الجمهور ضرورة تقديم صلاة الجنازة على غيرها من الصلوات، فرضًا: إن أمِنَ خروج وقت الفريضة، أو نفلًا: لأنَّ وقت النافلة متسع، بخلاف الجنازة؛ فإنها من الواجبات الكفائية التي حث الشرع على سرعة أدائها والمبادرة إلى القيام بها:
قال العلَّامة ابن عابدين الحنفي في "ردّ المحتار" (2/ 167): [(قوله: ينبغي إلخ) عبارة الأشباه: اجتمعت جنازة وُسنَّة: قُدِّمَت الجنازة.. ولو اجتمع عيد وكسوف وجنازة: ينبغي تقديم الجنازة، وكذا لو اجتمعت مع فرض وجمعة ولم يخف خروج وقته] اهـ.
وقال العلَّامة ابن شاس المالكي في "عقد الجواهر الثمينة" (1/ 177، ط. دار الغرب الإسلامي): [ولو اجتمع جنازة مع هاتين الصلاتين -أي: الكسوف والجمعة- فهي مقدمة، إلا أن يضيق وقت الجمعة، فإنها تقدم عند ضيق وقتها] اهـ.
وقال إمام الحرمين الجويني في "نهاية المطلب" (2/ 641، ط. دار المنهاج):[ومما يتصل بذلك: أنه لو شُهدت جنازة في يوم جمعة، فإذا اتسع الوقت، اتفق الأئمة على تقديم صلاة الجنازة] اهـ.
وقال العلَّامة الرافعي الشافعي في "العزيز شرح الوجيز" (2/ 379): [ولو حضرت وقت الجمعة جنازة ولم يضق وقت الجمعة: قُدِّمت الجنازة، وإن ضاق قدمت الجمعة لافتراضها. وقال في "النهاية": قطع شيخي بتقديم صلاة الجنازة؛ لأنَّ للجمعة خلفًا، وهو الظهر، والذي يحذر وقوعه من الميت لو فرض لم يجبره شيء] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (5/ 56، ط. دار الفكر): [ولو حضرت جنازة وجمعة ولم يضق الوقت؛ قُدِّمت الجنازة بلا خلاف نُصَّ عليه] اهـ.
وقال العلَّامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 449، ط. دار إحياء التراث العربي): [لو اجتمع جنازة وكسوف: قدمت الجنازة.. قال في "الفروع": تقدم أنَّ الجنازة تُقدَّم على الكسوف فدلَّ على أنها تقدم على ما يقدم الكسوف عليه، وصرحوا منه بالعيد، والجمعة، وصرح ابن الجوزي بالمكتوبات، ونقل الجماعة: تقديم الجنازة على فجرٍ وعصرٍ فقط، وجَزمَ به جماعة] اهـ.