زاد إنفاق الأميركيين اعتمادا على بطاقات الائتمان 50% في السنة الماضية مقارنة مع عام 2020 الذي سبق تولي الرئيس جو بايدن الحكم، وهو ما ضغط على ميزانيات الأسر، وأثار قضية انتخابية حول ما يقول الجمهوريون إنها أزمة تكلفة المعيشة، وفق ما ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.

وزادت فوائد ورسوم بطاقات الائتمان بمقدار 51 مليار دولار في ذلك الوقت لتصل إلى 157 مليار دولار، وفق البيانات التي قدمتها البنوك الأميركية إلى المؤسسة الفدرالية للتأمين على الودائع.

تأخر السداد

وتبلغ حالات التأخر عن سداد قروض بطاقات الائتمان كذلك أعلى مستوياتها منذ 13 سنة تقريبا، وفق بيانات من وكالة موديز، حتى مع إعلان البنوك عن أرباح قياسية من إقراض بطاقات الائتمان.

وحسب الصحيفة، جاء الارتفاع في تكاليف بطاقات الائتمان في الوقت الذي رفع فيه بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي الفائدة إلى أعلى مستوى منذ 23 عاما، لكن المقرضين (البنوك) دفعوا الفائدة على الاقتراض الاستهلاكي إلى الارتفاع، ومن غير المتوقع أن يبدأ البنك المركزي، الذي يجتمع اليوم، في خفض الفائدة حتى هذا الصيف.

واستغل الجمهوريون مسألة ديون بطاقات الائتمان للتدليل على الكيفية التي أثارت بها سياسات بايدن الاقتصادية ما يقولون إنها أزمة تكلفة المعيشة للأميركيين ذوي الدخل المنخفض، بينما سعت إدارته إلى إظهار أنها تضيق الخناق على شركات بطاقات الائتمان التي تفرض رسوما مفرطة.

وتأتي المخاوف المتعلقة بالديون وسط استطلاعات رأي تظهر أن الأميركيين ما زالوا متشائمين بشأن أداء بايدن الاقتصادي رغم ارتفاع سوق الأسهم والنمو الصحي للناتج المحلي الإجمالي وانخفاض البطالة، وهو ما يشكل تهديدا كبيرا لمحاولة إعادة انتخابه هذا العام، وفق الصحيفة البريطانية.

ويشعر نصف الأميركيين بأن حالتهم أسوأ مما كانت عليه قبل 4 سنوات في عهد دونالد ترامب ويقيمون الأداء الاقتصادي للرئيس السابق أعلى بكثير من أداء بايدن.

العديد من الأميركيين يعتبرون أن بطاقات الائتمان واحدة من أكبر مصادر الضغط المالي لديهم (الأوروبية) مستوى قياسي

يشعر الناخبون بالقلق بشأن ديون بطاقات الائتمان، إذ أشار 28% منهم إلى أنها واحدة من أكبر مصادر الضغط المالي لديهم، وفق استطلاع رأي أجرته صحيفتا "فايننشال تايمز" و"ميشيغان روس" في وقت سابق من هذا الشهر.

ووفق الاستطلاع، فإن أكثر ما يشعرهم بالضغط هو التضخم، وهو مصدر قلق لـ80% منهم، لكن بخلاف مستويات الأسعار، فإن عدد الناخبين القلقين بشأن بطاقات الائتمان آخذ في الارتفاع، حتى مع إطلاق إدارة بايدن قواعد لخفض الحد الأقصى للرسوم المتأخرة بنحو 75%.

واستدان الأميركيون مليارات الدولارات عبر بطاقات الائتمان على مدى السنوات الثلاث الماضية، وفي تقريره عن الربع الأخير من عام 2023، قال بنك الاحتياطي الفدرالي في نيويورك إن ديون بطاقات الائتمان بلغت مستوى قياسيا بلغ 1.13 تريليون دولار، لتنمو بواحد من أسرع المعدلات منذ أكثر من 20 سنة، رغم أنها لا تزال أقل من مستويات الأزمة المالية.

ومع ذلك، يقول محللون إن القفزة في ديون بطاقات الائتمان هي علامة على أن عددا متزايدا من المستهلكين يواجهون صعوبة في مواكبة النفقات نظرا للزيادة في أسعار كل شيء من المواد الغذائية إلى تذاكر الطيران في العامين الماضيين.

ونقلت الصحيفة عن الخبير الاقتصادي في "سيتي"، روبرت سوكين قوله: "مستوى الديون يرتفع كثيرا، وتحمل قروض بطاقات الائتمان أعلى معدلات معظم الديون الاستهلاكية.. إنها علامة على أن الأسر ذات الدخل المنخفض في الولايات المتحدة تواجه ضغوطا مالية إضافية".

الأسر الأميركية اعتمدت بصورة متزايدة على بطاقات الائتمان (شترستوك) تأخر السداد

وبدأت حالات التأخر في السداد في الارتفاع في الوقت الذي انتهى فيه التعليق الاختياري لسداد قروض الطلاب لمدة 3 سنوات، ووصلت حالات التخلف عن سداد مستحقات بطاقات الائتمان إلى أعلى مستوياتها منذ أبريل/ نيسان 2011، متجاوزة حالات التأخر في سداد قروض السيارات بعد عامين من ظلها، وفق بيانات من وكالة موديز.

ومسجلة 4%، لا تزال معدلات التأخر في السداد أقل بكثير من الرقم القياسي البالغ 7.1% في أوج الأزمة المالية، ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى ارتفاع الدخل ونمو أعداد الوظائف التي استحدثها الاقتصاد الأميركي.

ومع ذلك، فإنه يختلف توزيع ديون بطاقات الائتمان والقدرة على سداد القروض بشكل كبير بين المجموعات المختلفة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات دیون بطاقات الائتمان

إقرأ أيضاً:

هل تزيد الكوارث البيئية إيمان الناس بالأشباح؟

في أعقاب الكوارث الطبيعية المدمرة من حرائق غابات وأعاصير وفيضانات، والتي تزداد وتيرتها نتيجة التغير المناخي، تشهد ظاهرة قصص الأشباح عودة ملحوظة، وفق مجلة "ناشونال جيوغرافيك".

إذ يبدو أن الصدمة النفسية الناتجة عن هذه الكوارث لا تؤثر فقط على الأجساد والممتلكات، بل تمتد لتغذي إحساسا باللاواقع، يُترجَم أحيانا إلى مشاهدات غريبة وتفسيرات خارقة للطبيعة.

تقول خبيرة الطب النفسي في سياق الكوارث ليزلي هارتلي جيز، والتي عملت مع ناجين من حرائق هاواي عام 2023، إن الحزن العميق يمكن أن يُحدث تغييرات ملموسة في الدماغ.

وتوضح أن "الكثير من الناس يعتقدون أنهم بدؤوا يفقدون صوابهم حين يرون أو يسمعون أحبّاءهم بعد وفاتهم، لكن في الواقع، هذه تجربة شائعة تعكس طريقة العقل في معالجة الفقد".

ويشير علماء النفس إلى أن مثل هذه "الهلوسات الحزينة" هي وسيلة دفاعية لعقل مرهق يحاول التكيف مع الخسارة، وفق المجلة.

وفي لحظات الأزمات، ترتفع معدلات الإيمان بالظواهر الخارقة. ففي المملكة المتحدة، خلال الأشهر الأولى من إغلاق جائحة كوفيد-19، سجل الاتحاد الوطني للروحانيين زيادة بنسبة 325% في طلبات العضوية.

كما أبلغ محققو الخوارق وطاردو الأرواح الشريرة في عدة دول عن قفزات كبيرة في الطلب على خدماتهم بعد كوارث مثل زلزال اليابان عام 2011 أو فيضانات ليبيا وحرائق ماوي عام 2023.

حرائق هاواي تسببت بخسائر كبيرة أدت لتغييرات ملموسة في أدمغة الناجين نتيجة الحزن (رويترز) آليات متشابكة

الآليات التي تفسر هذه المشاهدات متشابكة. فعلى المستوى البيولوجي، يؤدي الحزن والقلق إلى إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، التي بدورها تُضعف النوم وتزيد من حساسية الدماغ للمثيرات، مما قد ينتج عنه هلوسات واقعية للغاية.

إعلان

أما في البيئة المحيطة بالكوارث، فإن الظلال الطويلة، الصمت الغريب، والأماكن المهجورة تضفي جوا شبه سريالي يجعل من السهل إسقاط الخوف على المحيط.

وتشير جيز إلى أن بعض الناجين يشعرون أنهم فقدوا إحساسهم بالواقع تماما، قائلة "يشعر البعض بأنهم ليسوا أنفسهم، أو أنهم مجرد أشباح في عالم لم يعد كما كان".

وفي أحيان أخرى، قد تسهم التلوّثات الكيميائية التي تنتشر بعد الكوارث الطبيعية -كالزئبق أو المبيدات- في تعزيز الإحساس بالهذيان أو "رؤية" أشياء غير موجودة.

أبعاد ثقافية

بعيدا عن التفسيرات البيولوجية، يذهب بعض الباحثين إلى أن قصص الأشباح تحمل بعدا ثقافيا واجتماعيا عميقا.

ويقول عالما الأنثروبولوجيا كريستين وتود فانبول إن الأشباح قد تكون رموزا تحذيرية، تُجسد مخاوف المجتمع من الجشع أو الفقد أو التغيير الجذري. وهي، بذلك، ليست فقط للتسلية أو الترويع، بل وسيلة للتكيف الجماعي وبناء سرديات تعزز التماسك المجتمعي.

في بعض الحالات، ترتبط الأشباح بالمكان أكثر من الإنسان. فقد تحدّث سكان جبال الألب عن "أشباح جليدية" بعد اختفاء الأنهار الجليدية التي رافقتهم لعقود، فيما يرى آخرون أن اختفاء المعالم الطبيعية يُولّد حدادا يشبه الحداد على إنسان.

لكن ما يجعل قصص الأشباح أداة فعالة، هو قدرتها على الحفاظ على الذاكرة. فبعد الزلازل المدمرة في تركيا عام 2023، واجه كثير من الناس صعوبة في دفن أحبائهم بسبب حجم الدمار، وهو ما أفضى إلى "صدمات ثانوية"، بحسب منظمة الصحة العالمية.

وفي مثل هذه الظروف، تُصبح القصص وسيلة للحفاظ على الروابط العاطفية، واستمرار الحوار مع الماضي رغم غياب الأجساد.

في اليابان، بعد تسونامي عام 2011، انتشرت ظاهرة "الكايدانكاي"، أي سرد قصص الأشباح في جلسات جماعية، كوسيلة للشفاء الجماعي وتكريم الأرواح الغائبة.

وفي هاواي، كما تقول جيز، شعر أفراد من الجالية اليابانية بالصدمة لما حدث في وطنهم، رغم المسافة، في دلالة على الامتداد العاطفي العابر للحدود للكوارث الجماعية.

إعلان

وفي ظل استمرار الكوارث المناخية والبيئية حول العالم، تشير جيز إلى أن العالم قد يشهد المزيد من هذه الظواهر النفسية الخارقة.

وتربط بين ارتفاع القلق الجماعي والمعلومات المضللة والتدهور العقلي لدى بعض الأفراد، مما قد يدفعهم للعودة إلى تفسير العالم من خلال ما هو غير مرئي، موضحة "حين لا نجد تفسيرا منطقيا لمعاناتنا، نبحث عن أجوبة في أماكن أخرى، حتى لو كانت على شكل أشباح".

وهكذا، في زمن تتسارع فيه الكوارث، قد لا تكون الأشباح مجرّد خرافات، بل انعكاسات نفسية عميقة لجراح لم تندمل، ورسائل معلقة بين عالم فقَد استقراره، وآخر نحاول إعادة بنائه بكل ما أوتينا من ذاكرة وخيال، بحسب مجلة ""ناشونال جيوغرافيك".

مقالات مشابهة

  • غالبيّة الأميركيين يرفضون تعريفات ترامب الجمركية وسط مخاوف من التضخّم
  • هل تزيد الكوارث البيئية إيمان الناس بالأشباح؟
  • خلافا لسلفه بايدن.. ترامب يمتنع عن مصطلح خاص بمأساة الأرمن
  • المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص تقدم تمويلًا بـ15 مليون يورو لصالح بنك الائتمان المجتمعي الأفريقي
  • حماد وتنتوش يبحثان تسريع تنفيذ الميزانية الموحدة والإصلاحات الاقتصادية لتخفيف أعباء المواطن
  • شراكة بين «مبادلة» و«فورتريس» للاستثمار في مبادرات الائتمان الخاصة
  • تراجع لافت في تأييد الأميركيين لترامب
  • 173 مليار سنتيم ديون سونلغاز خلال الثلاثي الأول من 2025 بالشلف
  • الأسير الإسرائيلي عمري ميران: يجب الوصول إلى صفقة تبادل حتى لا نعود في توابيت
  • بوزعكوك: لا يجب تحميل المواطن أعباء الفشل وتمويل المليشيات