أوضح الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، أن معنى كلمة حليم مأخوذ من الحلم أي ذو الصفح مع الأناة والذي لا يستفزه غضب غاضب ولا معصية عاص، ولا يتسرع في العقوبة، لافتا إلى أن معناه بالنسبة لله سبحانه وتعالى هو الذي لا يعجل بعقوبة العباد، حيث قال تعالى "ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة"، وورد في الحديث الشريف أيضا (لا إله إلا الله العليم الحليم)، حيث كان صلى الله عليه وسلم إذا حل به كرب كان يدعوا بهذا الدعاء، وبهذا المعنى هو اسم من أسماء الله الحسنى التسعة والتسعين.

ولفت الإمام الأكبر، خلال حديثه اليوم بالحلقة العاشرة من برنامجه الرمضاني "الإمام الطيب"، إلى أنه وإن كان الحلم يستلزم الصبر، فإن هناك فرق بين الحلم والصبر، حيث أن معاملة الله سبحانه وتعالى للخارجين عن الحدود؛ سواء بالكفر أو بالمعصية أو بالظلم، حين يسقط العقوبة عنهم في الدنيا، وهو قادر عليها، هذا يسمى حلما، لكن حين ينزل بهم أو ببعضهم العقوبة في الدار الأخرة يكون صبورا، لأنه أخر العقاب.

وردا على سؤال «كيف أن الله تعالى حليم مع كل البشر، المؤمن منهم والكافر، فما الحكمة في أن يكون سبحانه وتعالى حليما بالصهاينة على الرغم مما يفعلوه في قطاع غزة؟» أوضح شيخ الأزهر أن قد يكون سبحانه قد أسقط عنهم العقوبة مؤقتا، لكن لهم عقابهم الذي يليق بإجرامهم الذي يرتكبونه مع الفلسطينين الأبرياء، حيث قال تعالى "ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار".

وبيّن الإمام الطيب كيفية ترجمة اسم الله الحليم في أفعالنا وفي حياتنا، موضحا أن ذلك يأتي من خلال التدرب على العفو والصفح عن الآخرين، فينبغي على المؤمن أن يكون صفوحا، وغفورا، فيكون حديثه للناس صدقة، وتبسمه صدقة، وعليه ألا يعجل إذا أخطأ معه أحد، حتى إذا عاتب أيضا يعاتب عتابا رقيقا، فلا يأخذ موقف منذ البداية، من حيث أنه لا يكلم الشخص الآخر ولا يراه ولا يتصل به، وخاصة إذا كان من أقرباءه، مثل أخيه أو أخته.

وأضاف شيخ الأزهر أن الذي يساعد في التدرب على صفة الحلم، هو دراسة صفاته وأفعاله صلى الله عليه وسلم، كيف كان يغفر، كيف كان يصبر، كيف كان حليما حتى مع الحيوانات، حتى مع الأطفال، وكيف كان صلى الله عليه وسلم يحرم على المسلمين أن يهدموا مبنى في جيش العدو، أو أن يقتلوا أعمى أو امرأة أو طفلا، أو حتى أن يقتل المسلم حيوانا، إلا إذا احتاجه للأكل فقط، وبقدر ما يحتاج، أو أن يفرق نحلا، أو يقطع نخلا، قائلًا "شيء عجيب، كل هذا في جيش العدو"، كذلك كل ما لا يتصور منه مشاركة فعليه في حمل السلاح والقتل، يحرم التصدي له، فالراهب في صومعته يحرم  قتله أو التعرض له.

وأوضح أنه إذا أجرينا مقارنة بين قواعد القتال في الإسلام وبين ما يحدث في قطاع غزة، نجد أن العدو الصهيوني فعل جميع الأشياء المحرمة وأكثرها منها أيضا، حيث كانوا يتعقبون المدنيين العزل،، حتى إذا خرجوا أصبحوا لقمة سائغة لهم ليقتلوهم، لأفرق في ذلك بين الأطفال والنساء والمرضى والمساجد والمستشفيات والجامعات والمنازل.

وأعرب د/أحمد الطيب عن تألمه الشديد، حين يلتقي بالطلاب الفلسطينيين الذين يدرسون في جامعة الأزهر، ويحاورهم ويسمع من كثيرين منهم أن بيوتهم قد انهارت على أسرهم بأكملها، قائلا «ما حال طالبة هنا في كلية الطب أو الصيدلة أو غيرها يأتيها خبر أن أسرتها كلها توفت ومنزلها انهار، كيف تكون حالتها وكيف تكمل دراستها!» مختتما حديثه بقول الله تعالى: { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ}.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الامام الاكبر مجلس حكماء المسلمين أسماء الله الحسنى الحديث الشريف أحمد الطيب شيخ الأزهر الحلقة العاشرة الفلسطين شیخ الأزهر کیف کان

إقرأ أيضاً:

الصهاينةُ واستراتيجيةُ الخِداع والغدر

محمد الموشكي

من المعلوم أن الحربَ الإلكترونية تمثل تهديدًا متزايدًا في عالمنا المعاصر، حَيثُ تعتمدُ الدولُ الكبرى على التكنولوجيا الرقمية في كُـلّ المجالات، ومن ضمنها المجالات العسكرية، وبما أن الأعداء هم من صنعوا هذه المعركة وأجهزة هذه المعركة، فهم أكثر جدارة في هذا الأمر.

وهذا يتطلب فهمًا عميقًا للعوامل التاريخية والثقافية والاجتماعية فيما يتعلق بالاستراتيجية الإسرائيلية المخادعة التي يستخدمها هذا الكيان ضد خصومه، ليهرب من المواجهة المباشرة التي قد تؤدي إلى نتائجَ غير متوقعة.

وفي هذا الصدد، ذكر السيدُ حسين بدر الدين الحوثي، في محاضرة دروس من هدي القرآن في ملزمة “من نحن ومن هم” هذا الأمر بالنص:

“نظرًا للاستراتيجية التي يعتمد عليها العدوِّ الإسرائيلي تاريخيًّا على تفوقها التكنولوجي والعسكري، وعلى استراتيجيات الخداع والاغتيالات ليتجنب في كثير من الأحيان المواجهة المباشرة على نطاق واسع، لأنهم يعرفون هزيمتهم الحتمية إذَا ما دخلوا في المواجهة المباشرة مع المجاهدين في سبيل الله، كما وضّح الله عنهم في القرآن الكريم: ((لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جميعاً إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَو مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ))”، وهذا يعني أن العدوّ الإسرائيلي جبان مخادع غدار عاجز، ويحمل كُـلّ صفة ذميمة في المواجهة، ويستخدم الخداع والاغتيالات كما حصل أمس الثلاثاء، في لبنان، وكما يحصل من قبل مع عناصر المقاومة الجهادية، لذا يجب على المجاهدين في سبيل الله في مواجهة اليهود أن نعرف أولاً من نحن وماذا يجب علينا، ومن هم أعداؤنا، وكيف أساليبهم القتالية في الحرب.

كما وضح لنا ذلك السيد استنادًا إلى الآيات القرآنية التي تحُث ُّعلى أهميّة التصدي والتأهب لمواجهة الأعداء بكل الوسائل، بكل حذر وحيطة.

ومن المهم البحث عن السبل المتكاملة للتصدي لأية مخاطر أَو تهديدات، وتعزيز القدرات الذاتية، ومواصلة التعلم من التحليلات والدروس الموجودة في هدي الله والعلم النافع، لتحقيق الأهداف المنشودة لمواجهة خداع الأعداء.

مقالات مشابهة

  • "الأزهر للفتوي" يحسم الجدل حول كلمة الإمام الأكبر في احتفالية المولد النبوي
  • الأزهر للفتوى: اجتزاء كلمات الإمام الأكبر عن تفضيل بعض الأنبياء تدليس
  • الصهاينةُ واستراتيجيةُ الخِداع والغدر
  • محافظ جاوا الإندونيسية: نقدر عناية الإمام الأكبر بطلابنا الدارسين في قلعة الوسطية والاعتدال
  • وحدة الرسالة الإلهية.. شيخ الأزهر يؤكد عدم جواز المفاضلة بين الأنبياء
  • شيخ الأزهر: القتال في الإسلام لا يباح إلا لرد العدوان (فيديو)
  • شيخ الأزهر: الصراع المسلح في شريعة الإسلام له قواعد وضوابط
  • الإمام الأكبر يهدي السيسي النسخة الأولى من ترجمة الأزهر لمعاني القرآن إلى الإنجليزيَّة
  • شيخ الأزهر يهدي الرئيس أول نسخة مترجمة من معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية
  • شيخ الأزهر: القتال في شريعة الإسلام لا يباح للمسلمين إلا إذا كان لرد العدوان