غرائب القضايا.. نصاب عالمى احتال على فنانين ومشاهير
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
قضايا غريبة وقعت وأثارت الجدل تحول فيها القاتل إلى برئ، والجاني إلى مجني عليه، ألغاز كشفتها التحقيقات، وأزال عنها الستار دفوع المحامين في ساحات القضاء، اليوم السابع يقدم على مدار 30 حلقة خلال شهر رمضان المبارك، أبرز هذه القضايا ووقائعها المُثيرة.
"نصابون لكن ظرفاء".. الجزء الثانى..
يروى هذه الحلقة المستشار بهاء الدين أبو شقة فى كتابه "أغرب القضايا.
انتهى الجزء الأول من هذه القضية بتقديم المهندس قاتل زوجته للمحكمة التى قضت بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة، وبعد تقديم النقض وإعادة المحاكمة تم تأييد الحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة، ليصبح الحكم نهائى واجب النفاذ.
ويقول المستشار بهاء أبو شقة، مضت السنوات لنكون أمام الفصل الثانى من أحداث هذه القضية، فبعد 7 سنوات تقريباً انتقلت للعمل وكيلاً لنيابة بنى سويف، وأثناء وجودى فى مكتبى عرض على ضابط المباحث محضراً بصحبته شاب يرتدى ملابس الشرطة العسكرية، وقرر أنه ليس ضابطاً بالشرطة العسكرية أو بغيرها من فروع القوات المسلحة أو الشرطة.. ولكنه تصاب محترف غارق من رأسع حتى أخمص قدميه فى الاحتيال وسلب أموال الأبرياء، وله ملف متخم بالعديد من قضايا النصب، وسجل حافل بالأحكام التى سلب وتفنن فى نهب أموال ضحاياه.. وقد تم القبض عليه فى دائرة القسم، وهو يرتدى هذه الملابس، ومن المؤكد أنه فى سبيله إلى تنفيذ أحد مخططاته الاحتيالية.
وقد تببين لى من استجوابه أنه اعتاد النصب على جميع فصائل البشر، وكانت هويته النصب على الفنانين وأصحاب النفوذ، وعلى وجه الخصوص الفنانات، وأنه يحتفظ بأجندة تحمل أسماء وعناوين وتليفونات العديد من الشخصيات المهمة، وبسهولة تثير الغرابة والعجب أنه أدلى باعترافات تفصيلية بارتكابه جرائم نصب واحتيال على كثير ممن وردوا فى الأجندة، إذ قمت بسؤاله عن مدى صلته وعلاقته بهذه الأسماء كان ببساطة يعترف بحيلة جديدة أو بطريقة غير مسبوقة أوقع فى شباكها ضحيته.
توسه المتهم فى طرقه الاحتيالية ووطد علاقته وصداقته بكبار الدجالين، وتعلم منهم الحيل والأفانين والإيهام بالقدرة على الاتصال بالجن وتسخيره لجلب الحبيب وتطوع القلوب والأحاسيس بل وصل به التمادى والفجر إلى حد ارتداء الزى العسكرى، وانتحاله صفة ضابط بالشرطة العسكرية.. كان يوقف أى سيارة شرطة ويطلب منها التوجه به فى مأمورية ويطلب من قائدها الوقوف أمام مسكن الضحية، ويطلب منه الانتظار لحين عودته، فلا تملك الضحية إزاء هذا "السناريو" المحكم إلا أن تصدق حديثه وتستسلم لطرقه الاحتيالية، بل وبلغت درجة إجرامه أن خدع مطربة مشهورة راحلة بعد أن أفهمها بأنه ضابط بالمطار وأن أحد المعجبين العرب أرسل إليها هدية ثمينة تم تقدير جمارك عليها قدرت بمبلع خمسمائة جنيه- وقتها كان هذا المبلغ يمثل قيمة كبرى- وأوهمها بانه حضر إليها من منطلق وفرط إعجابه بفنها وأن أمنية حياته أن يراها، وقد حقق الله له هذه الأمنية واستسمحها فى أن يدفع هذه المبلغ من جيبه الخاص إعجاباً بفنها وتقديراً متواضعاً منه لها.
وازداد إصراراً على الدفع أمام إصراراها على دفع المبلغ، وبعد جهد ومكابرة بينهما حصل منها على المبلع ووعدها بأنه سبحضر لها الهدية فى اليوم التالى.. وطبعاً لم تكن هناك هدية بل كان وهماً وضاع عليها المبلغ.. ولم تبلغ لأسباب قدرتها بينها وبين نفسها عن الحادث.
وإزاء اعترافاته التفصيلية أمرت بحبسه على ذمة القضية، وتم إيداعه سجن بنى سويف العمومى وإمعاناً فى طرقه وأساليبه الحديثة والمتجددة فى الحتيال أرسل إلى السلطات العليا خطاباً من سجنه بأن هناك مؤامرة على الدولة وأنه ممسك بخيوطها ويريد أن ينقذ البلد من شرورها، فأجرى النائب العام اتصالاً برئي النيابة بعد إبلاغ السلطات له بهذا الأمر، وطلب إحضار هذا النصاب لسؤاله على وجه السرعة بهذه المعلومات، لكنه استطاع بأفانينه وحيله أن يهرب من رجال الضبط ويختفى عن عيون الشرطة، لينتهى بهذا الجزء الثانى من القصة.
المصدر: اليوم السابع
كلمات دلالية: غرائب القضايا اغرب القضايا اخبار الحوادث
إقرأ أيضاً:
القضايا العربية والمتغيرات العالمية
حاتم الطائي
تَمرُ المنطقة العربية بمرحلةٍ مفصلية في تاريخها الحديث، لا تقل أهمية أبدًا عن المراحل المفصلية السابقة على مدى قرون؛ بل لن نُبالغ إذا قلنا إنَّ الفترة الراهنة الأشد خطورة على منطقتنا وقضايانا المصيرية، وفي المقدمة منها قضيتنا المركزية؛ فلسطين، خاصة في ظل الخذلان الدولي غير المسبوق تجاه الإجرام الإسرائيلي المدعوم أمريكيًا، والذي فاق التصورات وتجاوز الواقع السياسي والعسكري بمراحل.
لم تعد إسرائيل مجرد ذلك الكيان المغروس عمدًا مع سبق الإصرار والترصد لإضعاف الأمة العربية ووأد أي محاولة للنهوض ومنافسة الغرب؛ بل باتت دولة الاحتلال سرطانًا يُريد أن يلتهم المنطقة ويبتلعها، من خلال اقتلاع سكان قطاع غزة والضفة الغربية والقدس من أراضيهم، ومن ثم تصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد، ثم التمدد إلى دول المنطقة، وفرض نفوذها وهيمنتها تحت قوة الضغط الأمريكي، الذي يستغل حالة الضعف التي تُعاني منها منطقتنا.
وعلى الرغم من أن العرب يملكون كل الأدوات والوسائل التي تُمكِّنهم من فرض عدالة قضيتهم ووجهات نظرهم فيما يتعلق بمصير المنطقة، إلّا أنهم يفتقرون إلى الإرادة السياسية القوية، والقدرة على مواجهة الصلف الأمريكي الذي تحول تحت إدارة الرئيس اليميني دونالد ترامب إلى تجبُّر واستعلاء لا مثيل له. العرب يملكون الثروات المالية والموارد الطبيعية التي تدعم قوتهم، فضلًا عن الجوانب الحضارية المُضيئة، فلقد كانت هذه المنطقة بيئة خصبة لازدهار أعرق الحضارات، وعلى أرضها عاش أنبياء الله ونشروا دعوتهم في ربوع الدنيا، غير أنَّ عدم الرغبة في المواجهة وتفضيل سياسات "النأي بالنفس"، تسبب في أن تتحول المنطقة العربية إلى لقمة سائغة في أفواه المُجرمين، من دعاة الاستعمار الجُدد، الذين ينظرون إلى الأوطان على أنها "مشاريع عقارية" يمكن إبرام "صفقات" عليها!
من المؤسف أنَّ الكثير من الأنظمة لم تعد قادرة على قول "لا" في وجه الولايات المتحدة الأمريكية، وباتت عاجزة عن طرح أي رؤية عادلة للقضايا العربية، لكن لا ينبغي أن يدفعنا ذلك إلى اليأس والتراجع والاستسلام؛ بل علينا أن نتحلى بالشجاعة في مُواجهة المخططات التي تريد عودة الاستعمار بصورة أخرى، وعلى الحكومات العربية أن تحتمي بشعوبها الرافضة رفضًا قاطعًا لأي احتلال إسرائيلي، والغاضبة بشدة من حرب الإبادة التي استمرت في قطاع غزة لأكثر من 15 شهرًا. ومع اقتراب انعقاد القمة العربية الطارئة في القاهرة، وتوقعات بإعلان رؤية عربية مشتركة لمواجهة مخططات الرئيس الأمريكي، فإن سقف المطالب في هذه القمة يجب أن يكون عاليًا، ليعكس إرادة الشعوب العربية التي ضجرت من المواقف غير الحاسمة، والتصريحات التي تحتمل أكثر من معنى. يجب أن تكون القمة تعبيرًا عن حالة التعاطف منقطعة النظير مع الشعب الفلسطيني المُستضعَف، والذي ما يزال يتجرع ويلات العدوان الإسرائيلي.
ولا ريب أن المرحلة المقبلة من العمل العربي تتطلب سرديةً ذات طموح أعلى وتمثيلاً أكبر لإرادة الشعوب العربية الطامحة الى التحرر والعدالة، والتي لطالما حلمت بأن تتحرر فلسطين وأن ينعم كل مواطن فلسطيني بحقه الطبيعي في الحياة دون خوف من الموت أو التشرُّد أو الاعتقال والزج به في سجون الاحتلال.
الوضع الراهن وما يعتريه من متغيرات دولية عميقة التأثير، يؤكد لنا أن العرب يجب أن تكون لهم كلمة واضحة وموقفًا صلبًا في مواجهة مخططات ترامب-نتنياهو، وممارسة أقصى الضغوط من أجل استعادة الحقوق الفلسطينية وحماية الأمن القومي العربي من المُهددات غير المسبوقة، لا سيما في ضوء الإرهاب الصهيوني المُستمر منذ عقود طويلة.
على العرب في قمتهم الطارئة أن ينظروا إلى مواقف دول مثل جنوب أفريقيا والبرازيل- غير العربيتين- واللتين لم ترضخا للضغوط الصهيونية، وواصلتا الدفاع عن القضية الفلسطينية أمام المحاكم الدولية، في حين أن الأنظمة العربية الرسمية لم تتحرك ولم تشارك في تحريك أي دعوى قضائية دولية، رغم التعاطف الدولي الكبير، فضاعت من أمامنا فرصة تاريخية لتحقيق مزيد من النقاط لصالح القضية الفلسطينية.. ورغم ذلك نؤكد أنَّ الفرصة ما تزال قائمة، وأن بإمكان العرب إجبار أمريكا على التراجع عن مخططاتها والوصول إلى حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية.
على العرب مواجهة إسرائيل وأمريكا بكل قوة، والقول بصوتٍ عالٍ إن أمريكا فك مفترس ووحش كاسر ومارد شيطاني، تُريد أن تفتك بالعالم أجمع لتحقيق أهدافها وأطماعها، حتى لو كان الثمن أرواح الآلاف والملايين من البشر.
لقد كشفت السياسات الأمريكية الحالية، أن الرئيس ترامب يريد أن يلتهم كل شيء أمامه، ويدير بلاده والعالم بطريقة "الصفقات"، ولا أدل على ذلك من موقفه تجاه قضية أوكرانيا، وما شاهدناه في المشادة الكلامية بينه وبين رئيس أوكرانيا، ومدى التحقير الذي مارسه تجاه رئيس أوكرانيا، والذي يكشف أنَّ ترامب ربما باع أوكرانيا إلى روسيا، في صفقة غير واضحة المعالم حتى الآن.
ويبقى القول.. إنَّ القمة العربية الطارئة المرتقبة يوم الثلاثاء، يجب أن تُعبِّر عن مواقف الشعوب العربية الرافضة للإجرام الصهيوني والداعمة للحق الفلسطيني، وضرورة مواجهة الجبروت والتعنت الأمريكي، من خلال توظيف أدوات الضغط العربية، حتى تنعم منطقتنا بالأمن والاستقرار ويتحقق العدل في ربوعها.
رابط مختصر