الراية الفلسطينية ترفرف في كل العالم
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
بعد سبعة أشهر من خطاب نتنياهو في الأمم المتحدة (أيلول/ سبتمبر 2023) عن إنهاء شيء اسمه القضية الفلسطينية، نرى الراية الفلسطينية ترفرف في كل الأرض وفي كل العواصم ويرفعها الأطفال والكهول والنساء والرجال، وتتحول بالتدريج إلى راية حرية عالمية أكبر حتى من فلسطين نفسها.
يمكن للمقاومة أن تبدأ في حساب مكاسبها منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ويمكن لمقاولي الهزائم أن يبكوا دما.
انقلاب في التاريخ
ما حدث ويحدث في غزة ليس أقل من انقلاب تاريخي مؤسس لتاريخ جديد (وهذا الحديث لا يتجه إلى جماعة "جاهد بالسنن يا أبا عبيدة")، ونذهب إلى حد القول إنها معركة تحرير العرب والعالم التي تفوق في تأثيرها ومداها حروب الاستقلال التي خاضتها شعوب عربية وأفريقية في الخمسينات من القرن الماضي.
لقد كانت معارك التحرير شاملة وبدأت كمعارك تقرير مصير كونية (من كوبا إلى فيتنام)، لكن تفككت بسرعة إلى معارك تحرير موضعية أو قُطرية ثم أُفرغت في كيانات سياسية محدودة الدور والفاعلية، وكانت الأقطار العربية تبنى كدويلات ذات سيادة دون الانتباه أو بإغفال الدور المحوري للكيان الصهيوني في المنطقة، بحيث لما خُيّل إلى الدويلات العربية أنها اكتملت وملكت سيادتها ومصيرها اكتشفت أنها ليست أكثر من خادم مطيع لدى هذا الكيان، ومع تقدم الزمن تحول الخادم إلى حام للكيان وكيّف خطابه السياسي على الواقعية الفاقدة لكل طموح (ليس بالإمكان التحرر من الكيان ويجب التطبيع معه من أجل سلامة الشعوب، ثم في حرب غزة تحول التطبيع المسالم إلى مناصرة سياسية وعسكرية كاملة ضد الشعوب الرافضة للكيان).
لقد امتد أثر الكيان إلى كل العالم وحول الدول حتى البعيدة عنه جغرافيا إلى كيانات مرعوبة، وجعل بقاءها وازدهارها مرهونا بقبولها بالكيان وحمايته ثم الخضوع له خضوعا تاما، ويبدأ الخضوع بإنكار الحق الفلسطيني ثم العربي من حوله. لقد حوّل الكيان العالم إلى هامش وجعل نفسه مركز هذا العالم، مع إشعار العالم كل العالم بأنه مدين بشكل ما لهذا الكيان وأن عليه أن يعتذر عن جريمة لم يرتكبها ولم يشارك فيها، ولا يكفي أن يستنكرها بل أن يعوض من ماله عن الجريمة. لقد كان شعور كل شعوب العالم أنها تعاقَب على جريمة لم تحضرها ولم تشارك فيها، فلما انفجرت غزة بحرب تحرير وجدت شعوب كثيرة فرصتها لتتنفس من تحت صفيحة الفولاذ التي وضعها الكيان على أفواهها فأخرستها دهرا طويلا، ولهذا نرى سرعة التعاطف مع غزة وظهور شعارات وفاعليات مخزونة كأن العالم ينتقم من القهر الصهيوني المسلط عليه.
لقد أطاحوا بالكيان وبالخوف من الكيان
هناك تحول نفسي عميق جدا لم يُنتج سياسات فعالة بعد، ونحن ننتظر انتخابات أوروبية ولاتينية تترجم التمرد الكوني ضد الصهاينة. نحن نستعجل النصرة ونقول إن مظاهرات أوروبا خاصة قد طالت ولم تؤثر على حكوماتها، وفي أحيان كثيرة نصاب بنوع من اليأس لأننا نعيش تحت وقع القصف ونحسب الشهداء بشكل موجع، لكن العقل البارد لا يمكنه تجاهل التأثير البعيد لهذه الشوارع المتحركة والتي ملكت -وهنيئا لها- حق التعبير عن مواقفها بصندوق انتخابي غير مغشوش، ونحن ببرود العقل في انتظار قول هذه الصناديق في أماكن كثيرة ونعتقد أن الصراع سيكون فيها بين تيار حرية كوني وبين تيار احتلالي صهيوني محافظ ورجعي.
حتى إننا نذهب إلى قول جديد؛ لن يكون الصراع القادم بين يسار كلاسيكي ويمين كلاسيكي، بل بين كل طالب حرية وبين عدو الحرية وهو تقسيم جديد يخترق اليسار واليمين التقليديين. إنها معركة تحرير العالم وإنهاء الاحتلال ليس في فلسطين فقط، بل في كل مواضع الاحتلال القديم بشكله العسكري والجديد المتخفي في لباس اقتصادي.
غزة في تقديرنا تؤسس يسار العالم التحرري ضد يمين العالم الاحتلالي القاهر في كل بلد وفي كل حزب في كل تيار، وفي هذا اليسار العالمي الجديد لن نجد اليسار العربي بل نجد الإسلام السياسي العربي الذي أنجب حماس.
نستشرف ونتريث
في قمة الألم ونحن نحسب الشهداء ونرى الأطفال الذين يجفون من جوع ومن عطش نتفاءل بالنصر ونستعجله. بعض تحليلنا ليس أكثر من تحويل للأحلام إلى توقعات، لكن لدينا مؤشرات قوية على أمر جلل.
نرى تيارا تحرريا كونيا يذكر بتيار حركة التحرر لما بعد الحرب العالمية الثانية؛ يجتاح العالم، لكنه تيار فطن إلى كل احتمالات التحايل عليه من قبل آلة الدعاية الصهيونية. قد يكون ثقل انطلاقه في الغرب نفسه، لكنه سيمتد إلى أكثر من بلد وإلى أكثر من قارة. ليس من العسير الاستهانة بتحرر المواطن الغربي من تهمة المحرقة، لقد عاش بهذا الذنب حوالي القرن وتصرف كمذنب يبحث عن الاستغفار والصفح، حتى أنه غيّر بعد ألفي سنة في الأناجيل القديمة لينفي عن اليهود قتل المسيح.
إن رمزية تحرك جنوب أفريقيا إلى جانب الحق الفلسطيني تتجاوز ملف القضية إلى بناء موقف أخلاقي كوني مع الحق؛ أسوة بمانديلا ونضالاته التي غيرت الكثير من نظرة العالم لأفريقيا المحتقرة منذ خمسة قرون. يوجد عقل في أفريقيا التي لم تكن أكثر من سوق للعبيد، ويوجد عقل في العالم يقول لم نشارك في المحرقة ولذلك لن نتحمل كلفتها بعد الآن، خصوصا وقد صار بعض ضحاياها سببا في مآس في العالم.
هنا حدث التحول وهنا سُجل الانتصار ومن هنا سيتسع التأثير، غير أننا نحتاج بعض التريث والصبر على طريقة مقاتل غزاوي يتربص تحت الأرض ولا يحسب الزمن قبل أن يوجه ضربة محكمة. ونختم إن أكثر من يقرأ هذا التحول ويستشعر نهايته هو خط التطبيع العربي الذي أنهت المقاومة في غزة وجوده ولن تمنحه حتى معاشا يستر عاره.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية غزة النصرة إسرائيل فلسطين غزة النصر الهزيمة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أکثر من
إقرأ أيضاً:
متحدث "فتح": الأراضي الفلسطينية ليست للبيع وغير قابلة للتفاوض أو التفريط
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد المتحدث باسم حركة فتح إياد أبو زنيط، أن الأراضي الفلسطينية ليست للبيع وغير قابلة للتفاوض أو التفريط، مشيرا إلى أن هذه ثوابت فلسطينية وطنية لا يمكن لفصيل أو تنظيم أو أي أحد التنازل عنها يوما ما، ففلسطين وطن لجميع المقدسات الدينية المختلفة.
وقال أبو زنيط - في مداخلة لقناة (العربية) اليوم الاثنين - "إن الولايات المتحدة الأمريكية، تعتقد أن العالم عبارة عن شارع واحد، وتريد أن تجبر الدول على السير فيه وفقا لهواها، وهذا أمر مخالف للقواعد والقوانين والأعراف الدولية، التي ناضل الإنسان من أجلها لسنوات حتى استقر العالم بشكله الطبيعي".
وأضاف أنه إذا استمرت الإدارة الأمريكية في هذه التصريحات، سيدير العالم شؤونه بعيدا عنها؛ لأنها تعادي بذلك أغلب دول العالم وليس فلسطين فحسب، لافتا إلى أن هذه التصريحات تدل على أن حدود سيادة إسرائيل مزيفة ومدعية؛ لذلك فهي تحتاج إلى الولايات المتحدة حتى تشرعن سطوها على الأراضي الفلسطينية.
وأشار إلى أنه لا يمكن أن تتصرف الولايات المتحدة وكأنها سيدة العالم، فالعالم له قوانينه ومصالحه وتحالفاته، لافتا إلى أن تلك التصريحات عبارة عن "أحلام" وتصريحات ترامب، إهداء لإسرائيل وإحلال كامل للاستيطان الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية، ومخطط خطير يهدد الأمن والسلم العالمي وليس فلسطين فقط، خاصة بعد تصريحاته عن كندا وبنما.
وأوضح المتحدث باسم حركة فتح، أن الدول التي أدانت التصريحات الأمريكية تتفق وتتسق مع الموقف الدولي الرافض لهذه التصريحات، وتستشعر خطرها علي الأمن العالمي برمته، لافتا إلى أن القمة العربية هي موقف يحدد رفض التهجير، كما أن البيان السداسي الصادر من القاهرة في وقت سابق، كان رافضا لموضوع التهجير قطعيا.
وأكد أن الرد على تلك التصريحات سيكون من خلال تعزيز صمود الشعب الفلسطيني في أرضه والإغاثة السريعة للقطاع وإعادة ضبط العلاقة مع الولايات المتحدة بعد تلك التهديدات وإعادة ضبط العلاقة مع إسرائيل؛ لأن هذا الخطر يحيط بالدول العربية والإقليم والمنطقة.
وتابع أبو زنيط "إن الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس ترامب تنطلق من مبدأ امتلاك القوة لتقسيم العالم" لافتا إلى أن الخطر سينعكس على الدول الأوروبية، والتي تتعرض لفرض رسوم على صادرتها وواردتها في محاولة من الولايات المتحدة للسيطرة على العالم، مشيرا إلى أن إسرائيل حصلت على كل الضمانات من سنوات طويلة، وحصلت على أكبر دعم في حربها الإبادية لقطاع غزة لمدة 470 يوما، واليوم تنقل إسرائيل الحرب إلى ساحة الضفة الغربية؛ لتخلق بيئة طاغية تتوافق مع مخططات التهجير.