فى الخميس الأخير من شهر فبراير الماضى كتبت هُنا فى المكان ذاته مقالا بعنوان «أهلا وسهلا بالاستثمار الأجنبي» أبديت فيه سعادتى كمصرى مهتم بشئون الاستثمار والاقتصاد بمشروع رأس الحكمة وما يحمله من عائدات ومكاسب لمصر.
وأتذكر أننى عددت إيجابيات المشروع وقلت إنها لا تتضمن فقط تدفق 24 مليار دولار سيولة من النقد الأجنبى لمصر، فضلا عن احتفاظ البنك المركزى المصرى بأحد عشر مليار دولارا قيمة الوديعة الإماراتية فى البنك المركزى مقابل سدادها بالجنيه المصري.

وقلت إن أحد مكاسب المشروع الهامة هو تقديم قصة نجاح فى مجال الاستثمار الأجنبي، واستعادة الثقة المفقودة بين الحكومة والقطاع الخاص فى المشروعات الجديدة.
وبالفعل فقد نجح المشروع العظيم وما صاحبه من تدفق استثمارى كبير فى القضاء على السوق السوداء للعملة الصعبة، وساهم فى الافراج عن كثير من السلع المحتجزة فى المواني، وحقق حالة من الانتعاش والاطمئنان فى الأسواق، كما أدى إلى تحسين التصنيف الائتمانى لمصر من سلبى إلى إيجابي.
ومع السعادة البالغة لكل ما تحقق بفضل مشروع رأس الحكمة، فإنه ينبغى ألا ننسى أننا مازلنا نواجه مشاكل اقتصادية عظيمة، وأنه لا ينبغى علينا التراخى فى مواجهتها والاستفادة مما حدث فى تصحيح مسار السياسات الاقتصادية.
وأول الطريق هنا يتمثل فى تهيئة مناخ الاستثمار أمام الاستثمارات الخاصة، وإزالة كافة العوائق التى تحد من تدفقها سواء على مستوى السياسات أو على مستوى المؤسسات. وأقول لكم إننا يجب أن نضع هدفا واضحا ومحددا عنوانه الرئيسى هو توسيع قاعدة الملكية الخاصة بصورة جدية. وإذا أردنا التفصيل، فإننا فى حاجة لاقامة مشروعات تشغيلية كثيرة، مع تقليل الانفاق العام على مشروعات البنية التحتية، ولقد أثبتت التجارب العملية أن القطاع الخاص هو الأكفأ والأرشد والأنجح فى تنفيذ وإدارة هذه المشروعات. لذا فإن علينا أن نفكر فى مفاهيم مُهمة مثل: الاستثمار من أجل التشغيل، والاستثمار من أجل التنمية المستدامة، والاستثمار من أجل العدالة الاجتماعية.
وأتصور أن البيروقراطية المصرية العتيدة والراسخة تقف موقفا صعبا، ربما بحكم الاعتياد أو بميراث الحقبة الاشتراكية، تجاه الاستثمارات الخاصة، وهى للأسف الشديد مسؤولة مسئولية كبيرة عن مشكلات الاقتصاد الآنية.
ومع ارتفاع معدلات التضخم، ومع النمو السكانى المُطرد، فإننا على يقين من أن الدولة غير قادرة وحدها على الحد من البطالة، وهو ما يُعيدنا إلى أصل القضية وهى توسيع الملكية الخاصة، وتنمية الاستثمارات الخاصة، وتحفيزها وتشجيعها وتوفير البيئة المناسبة لتوسعها.
لقد ارتفعت فاتورة الديون الخارجية بصورة كبيرة نتيجة توسع الحكومة فى الإنفاق العام، وقيادة الاستثمارات خلال السنوات الماضية نتيجة ظروف دولية وإقليمية، وبسبب تراجع القطاع الخاص عن الاستثمار، وآن الأوان لاستعادة دور القطاع الخاص مرة أخرى، وتوجيهه لقطاعات تشغيلية تحتاج إليها مصر كثيرا. 
وكما قلت مرارا ومازلت أؤمن به فإنه لا مجال أبدا للوصول إلى أى تنمية حقيقية مستدامة أو عدالة اجتماعية أو نهضة صناعية كبرى بدون قطاع خاص قوي. وهذا هو ما يجب تخطيطه والسعى لتحقيقه بصورة جذرية وعاجلة.

وسلامٌ على الأمة المصرية

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: هانى سرى الدين الاستثمار والاقتصاد مليار دولار البنك المركزي المصري

إقرأ أيضاً:

وزير المالية: ملتزمون بتوسيع التواصل مع القطاع الخاص لدفع وتيرة الإصلاح

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال أحمد كجوك وزير المالية، إننا ملتزمون بتوسيع نطاق التواصل الفعَّال مع القطاع الخاص؛ للاستفادة من خبراته في دفع وتيرة الإصلاح والنشاط الاقتصادي، موضحًا أن أولوياتنا المالية ترتكز على تمكين القطاع الخاص من قيادة النمو بسياسات أكثر تأثيرًا وتحفيزًا للإنتاج والتصدير.

وأضاف الوزير، فى لقائه مع مجلس إدراة مؤسسة «T20»، إن المجموعة الوزارية الاقتصادية تعمل باتساق، على أكثر من مسار لتهيئة بيئة استثمارية تنافسية وجاذبة، لافتًا إلى أننا نتكاتف جميعًا لتحسين مؤشرات الدين واستقرار الأسعار؛ حتى يشعر المستثمرون والمواطنون بثمار التنمية الاقتصادية.

أضاف الوزير، أن تكاليف التمويل ستنخفض تدريجيًا مع توقعات تراجع معدلات التضخم، مشيرًا إلى أن وضع سقف لإجمالي الاستثمارات، والحوكمة الاقتصادية ساهما في زيادة نسبة الاستثمارات الخاصة إلى ٦٣٪ من إجمالى الاستثمارات المنفذة خلال الربع الأول من العام المالي الحالي.

أشار الوزير، إلى أننا نعمل مع وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية على حصر كل الرسوم من أجل تخفيضها وتوحيد جهة التعامل والتحصيل، مؤكدًا أننا نستهدف من الحزمة الأولى للتسهيلات الضريبية بتجاوب الممولين الحاليين والجدد معنا.. بدء صفحة جديدة في مسار «الثقة والشراكة والمساندة».

أوضح الوزير، أننا نعمل على تحفيز الشركات الناشئة والمهنيين والمشروعات الصغيرة وأنشطة ريادة الأعمال بنظام ضريبي مبسط ومتكامل، لافتًا إلى أن هناك آليات أكثر تيسيرًا لإنهاء النزاعات الضريبية القائمة، وغلق الملفات القديمة؛ من أجل إرساء دعائم بيئة استثمارية مستقرة.

أكد الوزير، أن مقابل التأخير أو الضريبة الإضافية لن يتجاوز أصل الضريبة، وسنبدأ معًا.. صفحة جديدة، موضحًا أن تطبيق نظام الفحص بالعينة على جميع الممولين بالمراكز والمأموريات والمناطق الضريبية يسهم فى ترسيخ ثقتنا بشركائنا.

قال الوزير، إننا حريصون على التوظيف الأمثل للذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات الأنظمة الضريبية الإلكترونية، ومساندة الأنشطة الاقتصادية ذات الأولوية.

أعرب مجلس إدراة مؤسسة «T20» عن تقديره لوزير المالية قائلاً: «متفائلون بخطابكم المختلف مع المستثمرين بلغة الأولويات التي تخلق من التحديات فرصًا للنمو الاقتصادي، وسعداء بحرصكم على تبادل الرؤى والأفكار لخلق شراكة حقيقية بين المصالح الإيرادية والممولين، ومتحمسون لتبنيكم سياسات مالية أكثر مساندة للقطاع الخاص دون الإخلال بمؤشرات الانضباط المالي، ونتفق معكم في تحسين مؤشرات الدين باستراتيجية متكاملة ومتنوعة ترتكز على دفع عجلة النشاط الاقتصادي».

مقالات مشابهة

  • أرحومة: الدولة لا تدعم القطاع الخاص ولا تشجعه بصورة حقيقية
  • وزير الخارجية: نتطلع لضخ المزيد من الاستثمارات البحرينية في مصر
  • صفحة جديدة بين «المالية» وشركات القطاع الخاص
  • السوداني:نتطلع الى الاستثمارات العُمانية
  • المالية: العمل مع وزارة الاستثمار على حصر كل الرسوم لتخفيضها
  • وزير المالية: المجموعة الوزارية الاقتصادية تعمل باتساق لتهيئة بيئة استثمارية تنافسية وجاذبة
  • عاجل| المالية:حصر كل الرسوم من أجل تخفيضها وتوحيد جهة التعامل والتحصيل
  • وزير المالية: ملتزمون بتوسيع التواصل مع القطاع الخاص لدفع وتيرة الإصلاح
  • تقرير لـ "إكسترا نيوز" يبرز جهود مصر في جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية
  • وزير الاستثمار: الحكومة تسعى إلى منح الفرصة للقطاع الخاص لقيادة التنمية الاقتصادية