لجريدة عمان:
2024-11-26@20:46:27 GMT

طمأنينة.. شجاعة.. حكمة

تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT

ثمة مأزق وجودي لا يبدو أن العمر (ليس إلى الآن على أي حال) والتجربة يُعينان على التعامل معه. أعني السعي لتحقيق التوازن بين ما نُريد (أجرؤ على القول أيضا: ما يُسعدنا) من جهة، وبين ما يصب في صالحنا، ما يُحسّن فرصنا في العمل مثلا، أو يضمن لنا دخلا أعلى أو إضافيا. لا يتوقف العناء -كما حسبنا ونحن صغار- بانتهاء المدرسة.

تكشف لنا سريعا أن المطالبة بأن نُحسن أنفسنا، ونصقل مهاراتنا، ونتعلم آلات ولغات، لن ينتهي أبدا. شيء ما يصرخ بنا أن نضاعف الجهد ونستمر في التعلم والصقل والتحسين، فنجري ونجري دون لحظة نلتقط فيها أنفاسنا لنفكر بوضوح ما إذا كان التوقف عن الجري خيارًا.

أعيش منذ فترة الآن مرحلة انتقالية (طالت أكثر مما يجب)، ووجدتني أسوق لصديقتي -وقد سألتني عما إذا كنتُ أُفكر بالاستقرار في عُمان- أسباب ترددي، ومن بين ما قلته إن الحياة في ألمانيا تُجبرني على التحدث بثلاث لغات. إجابة دفعتني لتأمل طويل: كيف يُسهم هذا في رفاهي؟ أعني لولا الضرورة من سيختار يا ترى أن يتحدث بغير لغته الأم؟ صحيح أن ثمة متعة في استخدام لغات جديدة، ثمة متعة أيضا في تعلمها؛ لأنها تكشف لك ثقافة جديدة، أو تعالقات لغوية مثيرة، لكن لا أظن أن هذا ما قصدته وأنا أجيب. ما قصدته على الأغلب متعلق بزيادة فُرصي المستقبلية، أكثر من تعلقها بإثراء حياتي.

لنفكر بالأمر هكذا، بأي شكل تختلف هذه المسألة أو تتشابه مع مشكلة من نوع: هل آكل قطعة الحلوى التي أرغب بها، مع علمي أنها -على الأغلب- تؤثر سلبا على صحتي؟ إنها المسألة القديمة حول أن تختار ما ترغب به أو ما يصب في صالحك، وهي أيضا المشكلة القديمة حول تقديم العائلة/ الحب على العمل، أو العكس.

والآن كيف لنا أن نحل مثل هذه المعضلات. يُمكننا الاستفادة من تقنيات اتخاذ القرارات عندما تكون محتارا بين أمرين. أعني أن تزن الحسنات والمساوئ. رغم أننا في النهاية -وفي الغالب- سنتبع حدسنا ببساطة.

لكن يختلف السيناريو الأول عما عداه في أن النتيجة النهائية (ما يسرك، مقابل الأفضل الذي «قد» يأتي) معروفة، أنت تُجرب أن تعيش هنا وهناك وتعرف كيف هي حياتك (بكل ما فيها من عوامل ومتغيرات مُدركة أو غير مدركة). بالتالي يتحول السؤال إلى مشكلة رضا: هل ترضى بما لديك، أو تسعى لتغييره. وما إن نصل هذه المنطقة فالسؤال المباشر التالي يكون: ماذا لو لم تكن هناك أي جدوى من محاولة تغييره؟ فقط لتقفز إلى أذهاننا الصلاة الشهيرة: «رباه، امنحني الطمأنينة لقبول الأشياء التي لا يمكنني تغييرها، الشجاعة لتغيير الأشياء التي أستطيع تغييرها، والحكمة لمعرفة الفرق بينهما».

السرور (حتى نتجنب السعادة)، أو الرفاه ربما، أُريد أن استبدله بكلمة أخرى: الراحة. أن تكون مرتاح البال، مرتاح في معيشتك، مرتاح ببساطة. قد لا يتوفر لك أفضل ما يُمكن أن يتوفر لك، لكنه جيد بالقدر الكافي، القدر الذي يقول لك حان الآن لتكف عن الجري. ثمة خطر أن تتحول الراحة إلى الأسونة، لكن يبقى أن بإمكان المرء أن يتحرك ضمن نطاق لا يُهدد راحته إلا بالقدر الأدنى.

لا يبدو أن أيا منا بخير، كل من نعرف يُعاني بطريقة أو أخرى، ولا يبقى لنا إلا أن نجتمع في جماعات مصغرة مع من يُشاركوننا الهموم ذاتها لتكون لنا دوائر «راحة» نتحرك ضمنها، تدعمنا، وتدفعنا نحو أفضل يسير لا عسير.

نوف السعيدي كاتبة وباحثة عمانية في مجال فلسفة العلوم

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ما هي الرسالة التي وجهها نتنياهو لسكان غزة؟

وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأحد، رسالة لسكان غزة، قائلا: "يمكنكم اختيار الحياة وضمان مستقبلكم أو اختيار الموت والدمار".

في المقابل، أعلنت وزارة الصحة في غزة أن قوات الاحتلال ارتكبت أربع مجازر خلال الساعات الـ24 الماضية، خلفت 35 شهيدا و94 مصابا، وصلوا إلى المستشفيات في القطاع، في ظل تصعيد غير مسبوق.

من جهتها، أكدت كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، أنها قصفت مقر قيادة وسيطرة لقوات الاحتلال في منطقة التوام شمال غزة باستخدام قذائف هاون من العيار الثقيل، في إطار عمليات الرد على الاعتداءات الإسرائيلية.

انتقادات داخلية في "إسرائيل"

نقلت صحيفة معاريف عن أسيرتين إسرائيليتين سابقتين، تحذيرهما من التأخير في إبرام اتفاق تبادل أسرى مع حركة حماس. 

وقالت الأسيرتان إن هذا التأخير يمثل "إفلاسا أخلاقيا كاملا للدولة وخيانة وعارا سيلاحقها"، مشيرتين إلى ارتفاع احتمال وفاة مزيد من المحتجزين مع مرور الوقت.

الفلسطينيون داخل إسرائيل تحت القمع

في سياق متصل، كشف تحقيق نشرته وكالة أسوشيتد برس عن حملة قمع متزايدة ضد الفلسطينيين المقيمين داخل إسرائيل، الذين يعبرون عن رفضهم للحرب في غزة. 

وأوضح التحقيق، أن هذه الحملة دفعت الكثيرين إلى ممارسة "الرقابة الذاتية" خشية التعرض للسجن أو مزيد من التهميش الاجتماعي والسياسي.


© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com)

وسام نصر الله كاتب وصحفي

كاتب وصحفي متخصص في الشؤون السياسية والدولية، وعضو في نقابة الصحفيين الأردنيين واتحاد الصحفيين العرب. يعمل محررا في قسم الأخبار في "البوابة" منذ عام 2011، حيث يتابع ويحلل ويغطي أبرز الأحداث الإقليمية والدولية.

الأحدثترند ما هي الرسالة التي وجهها نتنياهو لسكان غزة؟ كاسادو يعتذر من جماهير برشلونة.. ماذا قال؟ كانييه ويست متهم بالاعتداء على عارضة الأزياء الأمريكية جين آن خلال تصوير فيديو كليب أرملة محمد رحيم تثير الجدل في جنازته..شجار بالأيدي وعناق مع محمد منير سحب جائزة أفضل تيك توكر من ضحى العريبي بعد سخريتها من الجائزة Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • ما شكل القوات الإسرائيلية التي هاجمت لبنان؟
  • من هي الدولة العربية التي يُريد لبنان مشاركتها في مراقبة “أي اتّفاق”
  • رقم ضخم.. عدد العائلات التي مسحت من السجل المدني في قطاع غزة
  • العالم إلى أين؟.. أمريكا تكشف لأول مرة نوع الصواريخ التي سمحت لأوكرانيا استخدامها لضرب العمق الروسي
  • النوّاب يبحث الصعوبات التي تواجه عمل منظمات المجتمع المدني
  • الشتاء قادم في أوروبا.. وتقلب أسعار الطاقة آت أيضا
  • الشويهدي يناقش الصعوبات التي تواجه منظمات المجتمع المدني
  • بيريز يكشف عن الدول التي لم تصوت لفينيسيوس
  • ما هي الرسالة التي وجهها نتنياهو لسكان غزة؟
  • مجلس الشيوخ حول رفع الحصانة عن النائب أحمد دياب: شجاعة لإظهار الحقيقة