خلاف بايدن ونتانياهو لا يقتصر على رفح
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
ترجمة : قاسم مكي -
فيما تستمر الحرب في غزة يشتبك الرئيس بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في شجار علني حول الاستراتيجية العسكرية والقيادة السياسية بل حتى أعداد الإصابات. هذا النزاع مثله مثل النزاعات السابقة في العلاقة بين البلدين ربما يتم حله قبل أن ينفجر. لكن الوضع الحالي شديد التوتر.
الخلاف الأكثر وضوحًا يتعلق بخطة نتانياهو للهجوم على المعقل المتبقي لحماس في رفح على طول حدود غزة الجنوبية مع مصر. يعتقد نتانياهو وطيف واسع من المسؤولين الإسرائيليين الآخرين أن تدمير كتائب حماس الأربعة هناك والتي تضم حوالي 3000 مقاتل ضروري لتفكيك سيطرتها العسكرية على المنطقة.
ذكر بايدن في مقابلة مع شبكة أم أس أن بي سي في نهاية الأسبوع قبل الماضي أن رفح «خط أحمر». لكن ليس من الواضح ما الذي كان يعنيه ذلك. وفي الشهر الماضي قال بايدن: يجب على إسرائيل عدم مهاجمة رفح حتى تتوافر «لها خطة تتسم بالصدقية وقابلة للتنفيذ لضمان سلامة «أكثر من مليون لاجئ فلسطيني نزحوا إلى هناك بسبب الحرب»، حسب ملخص البيت الأبيض للمحادثة. ويقول مسؤولو الإدارة الأمريكية: إنهم لم يطلعوا على أية خطة مثل هذه.
رد نتانياهو يوم الأحد قبل الماضي بقوله: «سنذهب إلى هناك» وأضاف: «تعلمون. ليس لدي خط أحمر. هل تدركون ما هو الخط الأحمر؟ إنه ألا تتكرر أحداث 7 أكتوبر. ألا تحدث مرة أخرى أبدا»، وأكد مسؤول إسرائيلي كبير ذلك الموقف في مقابلة يوم الأربعاء قبل الماضي بقوله: إذا قالت الإدارة الأمريكية «لا للهجوم على رفح. لن يفيد ذلك. فأنت لا يمكنك أن تنجز 80 % من المهمة (فقط)».
لكن ربما الشجار لا يقتصر فقط على رفح كما يبدو في الظاهر. لقد وعدت إسرائيل إدارة بايدن بأنها ستعد خطة عملياتية دقيقة تشمل حماية الفلسطينيين والمزيد من المساعدات الإنسانية. والقوات الإسرائيلية لن تتقدم إلى الأمام بدون سيناريو تكتيكي مفصل يُخطر به البيت الأبيض. يشرح ذلك المسؤول الإسرائيلي الكبير بقوله: «لن نهاجم رفح فجأة. سيستغرق إعداد خطة وقتًا».
لم يوضح المسؤولون الإسرائيليون الفترة الزمنية التي ستلزم لهذا التخطيط. لكنه في الغالب سيستغرق أسابيع كما يبدو. وربما يطول به الوقت حتى إلى ما بعد نهاية شهر رمضان الفضيل في أبريل. على أية حال، المواجهة في رفح لا تبدو وشيكة.
هنالك خلاف أعمق يتعلق بالإجابة على السؤال التالي: هل حقا وحَّد نتانياهو وحكومته اليمينية المتطرفة إسرائيل خلف نهاية واضحة للحرب. يشكك محللو الاستخبارات الأمريكية علنا في فرص قيادة نتانياهو في «التقييم السنوي للمهددات» والذي قُدِّم للكونجرس هذا الشهر.
جاء في التقييم «بقاء نتانياهو كقائد وأيضا التحالف الحاكم لليمين المتطرف والأحزاب الأرثوذكسية والذي يتبع سياسات متشددة حول القضايا الفلسطينية والأمنية ربما في خطر» وورد فيه أيضا أن «عدم الثقة في قدرة نتانياهو على الحكم تعمقت واتسع نطاقها. مجيء حكومة مختلفة وأكثر اعتدالا احتمال وارد»
تلك لغة غير عادية في صراحتها لتقرير استخباري علني. واحتج المسؤولون الإسرائيليون على ما اعتبروه سعيا للتدخل في السياسة الداخلية الإسرائيلية من خلال تحويل التقارير الاستخبارية في واقع الأمر إلى «سلاح».
فريق نتانياهو انزعج سلفا مما اعتبره محاولة من نائبة الرئيس هاريس لِدَقِّ إسفين في السياسة الإسرائيلية عندما قالت على شبكة سي بي إس الإخبارية يوم الأحد قبل الماضي: «من المهم التمييز وعدم الخلط بين الحكومة الإسرائيلية والشعب الإسرائيلي».
ما يحدث هنا أن النزاعات غير المعلنة القديمة تتحول إلى العلن. فعلى مدى شهور استكشف مسؤولو الإدارة الأمريكية طرائق قد يدفع بها القادة الإسرائيليون الآخرون مثل رئيس أركان الجيش السابق بيني غانتس إلى تحدي نتانياهو الذي توضِّح الاستطلاعات أنه يفتقر بشدة إلى الشعبية في الداخل.
لكن محاولة تدبير نتائج سياسية مع حليف «ديمقراطي» يمكن أن تترتب عنها نتائج عكسية بسهولة. أهم خلاف جذري يتعلق بحالة الحرب نفسها. فنتانياهو يتحدث وكأن النصر وشيك. وذلك هو السبب في أنه يريد الهجوم على رفح قريبا ومن ثمَّ، حسب تصوره، طي صفحتها. لكن المسؤولين الأمريكيين يشكّون في أن يكون لدى نتانياهو مسار لتأمين غزة وبسط الاستقرار في المنطقة حتى إذا قضى على الكتائب الأربعة في رفح.
هنا مرة أخرى قدم مجتمع الاستخبارات الأمريكي تقييما مباشرا وصريحا في شهادة الاثنين قبل الماضي. فإسرائيل «من المحتمل أن تواجه مقاومة مسلحة متبقية من حماس لسنوات قادمة وسيواجه الجيش مشقة في تحييد البنية التحتية السرية لحماس».
يقدم المسؤولون الإسرائيليون إحصائيات تفصيلية لدعم ادعائهم بأن الحرب كانت فعالة. إنهم يقولون: عندما بدأت الحرب كان لدى حماس والجماعات المسلحة الأخرى 35 ألف مقاتل. من بين هؤلاء قتل وأسر أو أصيب أكثر من 25 ألفا ومن المجموعة الأصغر من المقاتلين النظاميين في حماس يقولون: إن 12 ألف مقاتل أخرجوا من ميدان القتال بمن فيهم 60% من قادة الكتائب.
تقديرات الاستخبارات الأمريكية لخسائر حماس «أقل بكثير». ويعود ذلك في جزء منه إلى أن الولايات المتحدة تحسب الخسائر في ميدان القتال بطريقة مختلفة. لكن هنالك اختلافا حادا بين التقييمين الإسرائيلي والأمريكي للحرب.
كانت حرب الأنفاق الجزء الأكثر تعقيدا في الهجوم على غزة. يقول المسؤولون الإسرائيليون: إنهم أنفقوا أسابيع في إعداد تكتيكات لمهاجمة شبكة واسعة من الأنفاق الملتوية والتي يقدرون طولها بحوالي 380 ميلا وكلها داخل مساحة بطول 25 ميلا فقط وعرض 7.5 ميل.
يقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم دمروا حوالي 60% من تجهيزات القيادة والسيطرة التابعة لحماس في الأنفاق و90% من ترسانة الصواريخ المدفونة والتي يتراوح إجماليها ما بين 15 ألفا إلى 20 ألف صاروخ عندما بدأت الحرب.
لكن المسؤولين الإسرائيليين يقرون بأنهم بدأوا للتوّ فقط في تدمير إمبراطورية حماس تحت الأرض. ويذكر العديد منهم أن أقل من 30% من الأنفاق تم الاستيلاء عليها. وحتى الآن لدى حماس أنفاق تهريب عبر الحدود.
وأخيرا حول السؤال الأساسي بشأن ما ستبدو عليه غزة بعد الحرب يتفق المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون على عدم وجود إجابة واضحة. وذلك أحد أسباب عدم ثقة بايدن في نتانياهو. فالبيت الأبيض يشك في أن لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي استراتيجية سليمة لإنهاء القتال الذي قاست منه إسرائيل وترتب عنه تأثير مدمر على المدنيين الفلسطينيين ويزداد ضرره على المصالح الأمريكية حول العالم.
ديفيد اجنيشس روائي وصحفي يكتب عن الشؤون الخارجية لصحيفة واشنطن بوست.
الترجمة خاصة لـ عمان
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المسؤولون الإسرائیلیون قبل الماضی على رفح
إقرأ أيضاً:
الخارجية الأمريكية: "روبيو" وحلف الناتو يناقشان إنهاء حرب أوكرانيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، إن الوزير ماركو روبيو والأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرج ناقشا أهمية إنهاء حرب روسيا في أوكرانيا والحاجة إلى حل سلمي.
وفي وقت سابق، صرح ماركو روبيو، أن إنهاء الصراع في أوكرانيا ينبغي أن يكون أحد الأولويات الرئيسية للسياسة الأمريكية.
وقال روبيو، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ المخصصة لتأكيد ترشيحه: "يجب أن تنتهي هذه الحرب، وأعتقد أن الموقف الرسمي للولايات المتحدة الأمريكية يجب أن يكون المساعدة في إنهاء هذه الحرب".