بوابة الوفد:
2025-04-25@08:34:56 GMT

حذاء بايدن وظل الحمار

تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT

اهتمت معظم وسائل الإعلام فى مصر قبل يومين بقضية الحذاء الجديد للرئيس الأمريكى جو بايدن، ومن مظاهر الاهتمام التى تشير إلى توجهات الصحف، المساحة التى يتم فردها للموضوع والصور وفونت الكتابة خاصة للعناوين الصحفية.. ووسط تلال المشاكل المحيطة بالمصريين خاصة لهيب الأسعار الذى يكوى الوجوه والقلوب والجيوب، سنجد معظم وسائل الإعلام المبجلة قد وضعت حذاء الرئيس بايدن فوق رأس كل المشاكل التى نعانى منها.

والملفت والمؤلم أن صحيفة واحدة لم تقدم لنا تحقيقا موثقا وجريئا عن حالة سعار الأسعار، ولم تتطوع صحيفة خلال السنوات الماضية بنشر تحقيقات «متعوب عليها» عن حالة التدهور الاقتصادى التى وصلت بالجنيه المصرى إلى حالة غير مسبوقة من الهوان والضعف.
حذاء الرئيس بايدن شغل الصحف المصرية، وتبارت فى وصف الحذاء الجديد، والخامات التى تشكل منها، ولم تقدم لنا هذه الصحف طوال أربعة شهور مضت موضوعات موثقة عن جرائم الرئيس بايدن وسجله الأسود فى دعم إسرائيل منذ أن كان سيناتور تعيس بمجلس النواب الأمريكى..
يبدو أن هناك حالة من حالات الغيبوبة المهنية، تضرب الكثير من مؤسسات الدولة، إلى الحد الذى لم يعد فيه المواطن العادى والبسيط قادرا على معرفة الحدود الفاصلة بين النجاح والفشل، وبين من يصدق ومن يخون، وبين دواعى الأمل وعواصف الإحباط..
وفى نفس يوم عيد ميلاد حذاء الرئيس بايدن، نجد أمين عام الفتوى يتحدث عبر وسائل الإعلام عن شرعية بلع البلغم فى رمضان، وهل يفطر الصائم إذا بلع بلغمه أم لا؟ قضية فقهية خطيرة جدا، وأهم بمراحل من شرعية الثروة فى مصر، ومن مظلومية المستضعفين، ومن حقوق الرعية على الأمير.
حكاية حذاء الرئيس بايدن ذكرتنى بأسطورة يونانية تقول إن خطيباً وقف يدعو الناس من فوق منبره إلى الوعى بمشاكلهم الحقيقية وعدم الانسياق وراء توافه الأمور، ولاحظ الخطيب أن جمهوره ما بين نائم وغافل. هنا دق الرجل بعصاه موقظا النيام وقال لهم سأحكى لكم حكاية جديدة «وقص عليهم حكاية رجل استأجر حمارا من رجل آخر، واشترط صاحب الحمار أن يرافق المؤجر فى مشواره ليتأكد أنه لن يخالف شروط العقد. وفى منتصف الطريق، وكان الوقت ظهيرة يوم حار - نزل المستأجر من على ظهر الحمار وجلس فى ظله، وهنا صرخ صاحب الحمار: لا يا سيدى، قم، لقد خالفت شروط العقد وبدأت باستغلال ظل الحمار، وهذا ما لم نتفق عليه.. وصمت الخطيب لثوانٍ، وما كان من جمهوره إلا الصياح والسؤال، وماذا حدث فى قضية ظل الحمار.. هنا ألقى الخطيب بحذائه فوقهم جميعا قائلا: أتنسون مشاكلكم وتنشغلون بظل الحمار.. وفى أسطورتنا المصرية: أننسى تلال المشاكل وننشغل بحذاء بايدن، وبلغم مولانا.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الحذاء الجديد كامل عبدالفتاح حذاء الرئیس بایدن

إقرأ أيضاً:

عنقاء الحداثة

د. عصام عبدالفتاح

ثمة كتب ثورية حينما يقرؤها الإنسان فإنه لابد أن يخرج منها بحصيلة فكرية عميقة تزوّده بإضاءات لامعة فى تفكيك الإشكاليات الحضارية التى تعانى منها المجتمعات المتخلفة، أى التى لم تطرق بعد باب الحداثة رغم أنها تغترف من ثمارها بل ـ وهنا تبدو المفارقة ـ تتباهى بكونها جمعت بين الأصالة والحداثة!.

إن مؤلفات عالم النفس الاجتماعى مصطفى حجازى هى من هذا الطراز الفريد الذى يغير من فكر قارئه ويمتعه بتحليلاته للمجتمع العربى وإشكالياته الكأداء. فمثلا كتابه الشهير «التخلف الاجتماعى: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور» يعد من أهم الدراسات التحليلية فى علم النفس الاجتماعى «سيكولوجية الإنسان العربى المهدور». ففيه يتناول حجازى، بمنهجيته الاستقرائية الدقيقة، ظاهرة «العنف العربى» التى لم تتمكن المجتمعات العربية حتى يومنا هذا من الخلاص منها. لماذا؟ يجيبك حجازى بكلمة السر التى تتنوع مترادفاتها فى القاموس الدينى والسياسى والاجتماعى، بدءا من الطائفية والعصبية، مرورا بالتحزبية، وانتهاء بالأصولية والدوجمائية، فمثلا دولة كالسودان، منذ أبريل ٢٠٢٣، يعانى شعبها من حرب ضارية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع أدت إلى تفاقم الأزمات الطاحنة فى بلاده وأطاحت بكل استقرار سياسى فيها وأدخلتها فى دوامة لا نهاية لها من النوازل الاقتصادية والإنسانية. إن السودان يشكو حاليا من أزمة نزوح لا نظير له. فثلث سكانه نازحون مشردون فى العراء بلا غذاء ولا ماء ولا مأوى ولا رعاية طبية. امتدت عواقب هذا الصراع المروع بين المتحاربين إلى ما وراء حدود السودان. وحسب تقارير الأمم المتحدة سيرتفع عدد ضحايا الصراع العبثى إلى أكثر من مليون شخص فى عام ٢٠٢٥.

أطراف الصراع هم سودانيون!، إن تحليل حجازى لظاهرة العنف فى المجتمعات العربية ينطبق برمته على الحالة السودانية عندما يقول: «يعود العنف السياسى الاجتماعى فى المجتمعات العربية إلى تفشى العصبيات وترسخها جذريا فيه. فالأنظمة العربية الاستبدادية لم تبنِ مجتمعا مدنيا، إنما راهنت القيادات على العصبيات، والعصبيات فى طبيعتها تحتوى على مكوِّن العنف، وهذا العنف يتفجر من العصبيات التى تنمو فى أزمنة الصراع ولا تستطيع العيش من دون عدو. كما ليس بإمكان الأنظمة العرقية الاستمرار خارج نطاق الصراع وصناعة العدو المتخيل أو الفعلى، لكى تتمكن من الحفاظ على ثباتها الداخلى بقوة الجمهور». ولئن تركز تحليل حجازى على لبنان بوصفه عينة خصبة للطائفية وجزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع العربى فقد أراد به الكشف عن الداء العضال الذى لم يبرأ منه هذا المجتمع منذ قرون خلت فأعجزه تماما عن بلوغ الحداثة، إن هذا الداء هو نفسه «جرثومة التخلف» التى تحدث عنها د. مراد وهبة فى كتابه الشهير تحت هذا العنوان.

وفى مؤلفه الأخير «النقلات الحضارية الكبرى. أين نحن منها؟» يرى حجازى أن قوى التخلف أو حسب تعبيره «قوى العطالة فى مجتمعاتنا العربية» لا تتمثل فقط فى العصبيات وحدها وإنما هى تتجسد فى تحالف ثلاثى: العصبيات والفقه السلفى والاستبداد الظاهر منه والخفى. هذا التحالف يستخدم سلاحا خطيرا فى الإجهاز على أى محاولة تسعى إلى إيقاظ العقل العربى من سباته، آلية هذا السلاح هى: التأثيم والتحريم والتجريم. تكمن فاعليته فى أنه يشل طاقات الإنسان العقلية تماما ويدخله فى حالة من الانقياد والتبعية والجبرية وفقدان السيطرة على الذات والمصير!.

إن الحداثة التى يحلم بها المجتمع العربى أشبه بطائر العنقاء الذى لا وجود له فى الواقع، لأن متطلباتها لم تتوافر فيه بعد. وتتجلى ازدواجية المجتمع العربى، كما يقول حجازى، فى أنه يستورد كل منتجات الحداثة المادية والفكرية من الأمم المبدعة، لكنه لا يملك مشروعا إنتاجيا وطنيا خليقا بأن يحدث فيه نقلة نوعية تتحرر فيها طاقات العقل المبدع وينضج فيها وعيه السياسى. فتحت غطاء الدستور فى لبنان مثلا وحكم المؤسسات المقتبس من الغرب تتسم العملية السياسية فيه بالمحاصصة واقتسام النفوذ والغنائم على حساب البلد وكأننا بصدد شركة تجارية بين أطراف مؤسسين يسعى كل منهم إلى زيادة حصته من النفوذ والغنيمة وتحولت النيابة فيه إلى نوع من الوجاهة أكثر مما هى عملية تمثيل بالتفويض من قبل الشعب، فتحول الانتخاب فيه إلى نوع من المبايعة!.

نقلا عن المصري اليوم  

مقالات مشابهة

  • نص كلمة الرئيس السيسي بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ43 لتحرير سيناء
  • الرئيس السيسي لـ المصريين: بوعيكم.. الوطن محفوظ إلى يوم الدين
  • حماية أرض الفيروز عهد.. نص كلمة الرئيس السيسي بمناسبة الذكرى الـ43 لتحرير سيناء
  • خلافا لسلفه بايدن.. ترامب يمتنع عن مصطلح خاص بمأساة الأرمن
  • رمز لخدمة الناس والقرب منهم.. حذاء البابا فرنسيس يروي حكاية عظيمة
  • الرئيس الشرع يلتقي وزير الصحة
  • أخبار التوك شو: الرئيس السيسي يضع إكليلًا من الزهور على قبر السادات.. والأرصاد تحذر المواطنين من حالة الطقس
  • عنقاء الحداثة
  • بن غفير يصل الولايات المتحدة بعد مقاطعة إدارة بايدن له
  • مخالفات تعرض صاحب المركب لسحب الترخيص نهائيا