لجريدة عمان:
2025-02-22@21:29:07 GMT

تنظيم أوقاف المستقبل.. أن نسبق الواقف بخطوة

تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT

تنظيم أوقاف المستقبل.. أن نسبق الواقف بخطوة

ما أطيب اللحظة التي يقرر فيها إنسان ما أن يجود بجزء من ماله ليكون وقفا لله، طالبا به رضا الله، راجيا به تحقيق منفعة لأبناء مجتمعه، هي لحظة من اللحظات التي تدعو للتفكر، فما الذي كان يدور بفكر ذلك الواقف من أمنيات التعبد الأخروية، وآمال المستقبل الدنيوية، (وقف للمسجد الفلاني، أو للمدرسة الفلانية في القرية الفلانية، أو لفقراء البلد الفلاني)، هو توفيق من الله أن هيأ له تلك اللحظة السعيدة، التي لها ما بعدها، وهي من اللحظات التي تجعل المهتم بتطوير الأوقاف وتنظيمها مستقبلا أن يتساءل لماذا يؤطر الواقفون أوقافهم بإطار جغرافي محدود جدا، هل أثّرت عليهم الثقافة السائدة؟ هل أسهمت العاطفة الجياشة دورا في توجيه أوقافهم؟ ذلك لأن هذا التأطير الضيق قد يؤدي مع الزمن إلى تراكم في بعض الأوقاف، وشح في أوقاف أخرى، كما أنه عامل ضعف في تطوير الأوقاف ذلك لأن تأطير الوقف جغرافيا يؤدي إلى محدودية انتشاره، وجذب الداعمين له، وعلى كل الحال فإن الوقف خير في كل جوانبه، وأينما كانت اتجاهاته، إلا أن التنظيم يجعل الخير أجمل والمنفعة منه أكمل.

كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- رجل دولة من طراز رفيع، فحين فتح المسلمون في عهده أرض السواد بالعراق، وألقت إليه الدولة الفارسية المنهارة بما كسبته أيادي قادتها مما كانت تظلم فيه الناس من أراض زراعية واسعة هناك، نظر إليها -رضي الله عنه- نظرة رجل الدولة المخطط للمستقبل بواقعية، فقرر جعل تلك الأراضي وقفا للمسلمين، وأبى أن تنالها قسمة الغنائم، على الرغم من معارضة كثير من الصحابة لهذا التوجه، إذ كان يرى أن الدولة الناشئة بحاجة لتأمين حدودها من الأعداء المتربصين بها، وما توفره تلك الأراضي من مال؛ كفيل بتوفير الاحتياجات العسكرية والأمنية، وأن قسمة تلك الأموال وتوزيعها إلى إقطاعيات فيه هدر لمورد مهم من موارد الدولة، وبذلك استطاعت النظرة الأكثر بعدا، والأوسع أفقا إقناع الناس، فكان أن تحقق ما أراد عمر.

إن واقع الوقف اليوم، والنظرة المستقبلية له، تستدعي منا أن نستلهم فكرة عمر ذات الأفق الواسع، وأن نُجَنِّب الوقف النظرة الضيقة المؤطرة له في منشأة واحدة، أو في منطقة واحدة، وأن نخطط لأوقاف المستقبل بطريقة نسبق بها الواقف بخطوة، حتى نجمع شتات الوقف، ونوجه الأوقاف الجديدة توجيها جامعا، يخدم المصلحة العامة على مساحة الوطن العزيز، مع الأخذ في الاعتبار أن يتسم الوقف بمرونة تسمح لإدارته بأن تكيِّفه وفق المستجدات والتطورات الحادثة في الوقف نفسه، وفي المجتمع.

إن توجيه أوقاف المستقبل -من وجهة نظري- يتطلب عدة أمور، ينبغي على القائمين على الأوقاف توجيه الاهتمام إليها، ويمكن أن نجملها في ثلاث نقاط، النقطة الأولى: إنشاء بنك المشروعات الوقفية: بحيث تكون لدينا أفكار جاهزة لمشاريع أوقاف مبنيَّة على واقع حال المجتمع واحتياجاته، وتراعي جوانب التجديد والإبداع في مجال الوقف، على أن يتم عرض تلك المشاريع على الراغبين في الدخول إلى مجال الوقف، وتسويقها جماهيريا بطرائق مناسبة، النقطة الثانية: الشمولية، بحيث تؤَسَّس الأوقاف الجديدة لتخدم غرضا محددا على أن يشمل كل ما يتعلق بخدمة ذلك الغرض في سلطنة عمان من أقصاها إلى أقصاها، النقطة الثالثة: المرونة: بحيث تكون صيغة الوقف مرنة تسمح بتوسيع نطاق الوقف مع مرور الزمن، فتتيح للإدارة القائمة على الوقف توجيه الفائض من أموال ذلك الوقف إن وجدت، إلى جهة أخرى تخدم التوجه نفسه بطريقة مباشرة، أو بطريقة غير مباشرة قد تكون ضرورية جدا في مرحلة أخرى، ولو كانت بعد مرحلة تأسيس الوقف بمائة سنة أو أكثر ولم تكن معروفة في وقت التأسيس، لأنه قد تنتفي الحاجة في المجال الموقوف له أصلا في مرحلة من مراحل الزمن المتغير، فتُوجَّه تلك الأوقاف إلى جهة أكثر فائدة، وبذلك نكون قد سبقنا الواقف بخطوة، ومهّدنا الطريق لأن تسير أوقاف المستقبل إلى وجهات مدروسة ومخطط لها بعيدا عن العشوائية، وبما يرضي الواقف ويحقق له هدفه.

إن النقاط الثلاث سابقة الذكر هي قواعد انطلاق وتوجيه، فهي سابقة لجوانب الإدارة والاستثمار، كما أنها تتسق مع الجانب الشرعي المؤطر للوقف ولا تتعارض معه، فهي تحقق فلسفة الوقف والحكمة الشرعية منه، وهي أنه صدقة جارية مستدامة، توجه في أمر مباح شرعا، برضا الواقف، كما أنها ستكون قادرة على استقطاب أوقاف جديدة من شريحة واسعة من أبناء المجتمع، وبالتالي ستكون أكثر قدرة على الدخول في أسواق الاستثمار.

د. خالد بن محمد الرحبي: باحث في التاريخ الحضاري العُماني عمومًا، والوقف على وجه الخصوص.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

مدير أوقاف الغربية: العمل التطوعي يسهم في التواصل الإيجابي بين أفراد المجتمع

أكد الدكتور نوح العيسوي وكيل وزارة الأوقاف بالغربية، أن دين الإسلام دين الوسطية والاعتدال، وأهم ما تتميز به الشريعة الرفق والتيسير، ولا تجد فيها العسر، يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، والرسول الكريم يقول إن الدين يسر، فالتيسير منهج رباني حدد الرسول معالمه وأرسى قواعده بعيداً عن التطرف والتشدد، قائلا لا تحملوا أنفسكم ما لا تطيقون، وإذا ما تتبعنا سيرة النبي نجدها مليئة بظروف كثيرة من التيسير والرفق مما يؤكد أن الإسلام بعيداً عن التشدد والتعصب.

جاء ذلك خلال خطبة الجمعة التي أقيمت بمسجد السلام بقرية الأنبوطين بالسنطة.

أضاف " نوح " أن الإسلام يدعو للتيسير والرفق، مستشهداً ببعض المواقف للرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه دعوة من النبي أن الإنسان عندما يتعبد لربه يكون بكامل نشاطه وإذا تعرض لتعب ينبغي أن يتوقف ثم يكمل بعد الحصول على راحة، والمسلم إذا كان مأمور بعبادة الله فإنه مأمور بالوسطية والاعتدال لا التعصب والمغالاة والمبالغة فما أحوجنا أن نأخذ الرفق والتيسير من الدين، فنبينا يقول خذوا من الأعمال ما تطيقوا، فما أجمل أن يكون التدين مبني على الإخلاص وهو المعيار الأساسي في التعامل.

يحث على التعامل والتواصل وبذل الخير للغير، مما يدل على الاتحاد والتواصل بين أفراد المجتمع فالمسلم دائما يسعى للخير، والعمل التطوعي واجب وطني ومطلب شريف حتى يتحقق قول النبي مثل المؤمنين في توادهم

أشار إلى أن العمل التطوعي يسهم في التواصل الإيجابي بين أفراد المجتمع، وهو من أفضل وأحب الأعمال إلى الله.

مقالات مشابهة

  • توجيه بإطلاق أسماء أئمة وملوك الدولة السعودية على 15 ميدانًا بالرياض
  • استعداداً لشهر رمضان.. أوقاف الشرقية تطلق حملة نظافة مكبرة بجميع المساجد
  • أوقاف الشرقية تطلق حملة نظافة مكبرة بجميع مراكز المحافظة
  • استعدادا لشهر رمضان..أوقاف الشرقية تطلق حملة نظافة مكبرة للمساجد
  • افتتاح 3 مساجد في مدينتي مرسى مطروح والضبعة اليوم
  • «أوقاف القليوبية» تطلق قافلة دعوية كبرى بغرب شبرا الخيمة
  • مدير أوقاف الغربية: العمل التطوعي يسهم في التواصل الإيجابي بين أفراد المجتمع
  • «أوقاف شمال سيناء» تطلق حملة نظافة بالمساجد استعدادا لشهر رمضان
  • «أوقاف كفر الشيخ» تفتتح دورة عن «فقه الصيام» استعداد لشهر رمضان
  • أوقاف الفيوم تستعد لاستقبال شهر رمضان المبارك بافتتاح 14مسجدًا جديدًا.. غدًا الجمعة