موقع النيلين:
2024-10-06@06:50:29 GMT

عن الأمن السيبراني

تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT


تركت الثورة العلمية التكنولوجية تأثيراً كبيراً في نظام الاتصالات والمواصلات والإعلام، بل في عموم حياة الناس، لدرجة أصبح ما قبلها لا يشبه ما بعدها، لاسيّما في ظلّ العولمة بوجهها شديد التوحش، وهو الأغلب الشائع، والإيجابي، والمقصود به عولمة العلوم والتكنولوجيا والثقافة والحقوق والعمران والجمال، وإن كان ثمة عقبات أمام البلدان النامية للاستفادة منه.

وبات العلم اليوم مختلفاً بفعل هيمنة وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات والإعلام والطفرة الرقمية «الديجيتال»، خصوصاً في ظلّ الطور الرابع من الثورة الصناعية، التي اتّسمت باقتصادات المعرفة والذكاء الاصطناعي، الذي سيغيّر حياة الناس بالكامل.

وأصبح للعالم الافتراضي حضور كبير، وبقدر ما ساهم في تقريب المسافات والتواصل المباشر بين البشر، فإنه باعد في الوقت نفسه بينهم، لدرجة أن كلّ فرد صار منشغلاً بحاله من دون أن يفكّر بغيره، حتى وإن كان يعيش معه في منزل واحد، مستغنياً عنه بالاتصالات البعيدة عبر العالم.

لقد انتقل الإنسان من عالم المعارف إلى عالم المعلومات، بعد أن كانت المعلومة هي الأساس في المعرفة، وباعتمادها تتوالد الحكمة، حسب الفيلسوف البريطاني، بيرتراند راسل، وصار الإعلام الجديد منتجاً للمعرفة وليس ناقلاً للمعلومات، وغدت الشائعة أحياناً بديلاً عن العلم، والخبر بديلاً عن الرأي، حيث أصبح لزاماً حماية المعلومة من التحريف، أو التشويه، أو السرقة، أو التلاعب، الأمر الذي أخذ منحى خطراً، حين «تطوّر» من انتهاك الأسرار الشخصية إلى اختراق الأمن الوطني، وذلك ما نقصد به الأمن والإعلام السيبراني.

يتنازع رأيان بشأن الإعلام الجديد، والأمن السيبراني، أولهما، محافظ يريد منع، أو تحريم، أو وضع رقابة صارمة وشديدة على وسائل الإعلام الحديث، تحت مبرر «الأضرار» التي قد يسببها، وصولاً إلى «الجرائم» التي قد يرتكبها، ومثل هذا الرأي ينتمي إلى الماضي. وثانيهما، الإعلام المنفتح، الذي يرفض أي نوع من الرقابة التي تستغلّها الحكومات بحجب الآراء والمعلومات والأخبار التي تحدّ من حرية التعبير، من دون أن يعني عدم وجود أضرار، أو ارتكابات خطرة، لكن طرق معالجتها تختلف عن عملية المنع، أو التحريم القديمة.

تلك الآراء والمفاهيم احتوتها محاضرة وحوار مفتوح لي مع طلبة الدراسات العليا في كلية النور الجامعة، وجامعة الموصل، وبحضور إعلاميين وأكاديميين بارزين، ووجدت من الضروري التفريق بين حريّة التعبير، وحريّة التشهير، بإحداث نوع من التوازن، ورفع درجة وعي الرأي العام ومناعته، من دون المساس بحرية التعبير، مع الأخذ في الاعتبار التقنيات الجديدة التي تشكله، مثل الإعلام الرقمي والاقتصاد والحماية، فالأمن السيبراني هو مجموعة الوسائل التكنولوجية والتنظيمية والإدارية، التي يتمّ اتّباعها لمنع الاستخدام غير المصرّح به، أو سوء استخدامه لضمان استمرارية عمل نظم المعلومات وحقّ الوصول إليها من جهة، وتعزيز حماية سريّة الخصوصيات الشخصية، أو العامة المتعلقة بالأمن الوطني من جهة أخرى.

وتساءلت، كيف استخدم تنظيم «داعش» الإرهابي التقنيات الحديثة ليعطّل جميع وسائل الاتصال خلال الخطاب الشهير الذي ألقاه أبو بكر البغدادي، في جامع النوري، بعد احتلال الموصل؟ وهو تساؤل بحاجة إلى إجابات معمّقة بشأن الأمن السيبراني، فلم يعد الصحفي، حسب ألبير كامو «مؤرخ اللحظة»، وهي مهنة محددة يقوم بها من يمتلك مؤهلات معينة، فإنه في الإعلام الجديد بإمكان أي فرد أن يقوم بهذا الدور من خلال الإيميل، والهاتف النقال، ووسائل التواصل الاجتماعي. وأصبح التحكّم في ذلك غير ممكن، بل يقترب إلى مستحيل أحياناً، فما بالك حين تسخّر قوى كبرى إمكاناتها العلمية والتكنولوجية كجزء من الصراع الكوني؟

وفي ذلك وجهان، أحدهما إيجابي، وقد جرت الإشارة إليه؛ والآخر سلبي، وهو خطِر، وثمنه باهظ، لاسيّما حين تتمّ عولمة الكراهية، والتعصّب، ووليده التطرّف ونتاجهما العنف والإرهاب، بما فيه السيبراني.

ظلّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يكرّر: روسيا.. روسيا.. روسيا.. رداً على اتّهام خصومه باختراق روسيا وسائل الإعلام الأمريكية لمصلحته في انتخابات 2016، وقبل ذلك في انتخابات عام 2008 و2012، ويضيف ربما الصين، والخرق وصل إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، ووكالة المخابرات المركزية CIA، وإدارات ووزارات ومؤسسات أخرى. وعن طريق الصدفة تم اكتشاف عمليات الخرق بعد تحقيق أجرته شركة فاير أي، وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن 12 إدارة تعرّضت للاختراق السيبراني.

لقد كان موضوع الأمن السيبراني وتُهم الاختراق هو الزاد الذي ملأ الموائد وتغذت عليه إدارة الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، وهو اليوم على أشدّه بين الرئيس جو بايدن، وغريمه دونالد ترامب.

والأمن السيبراني اليوم هو جزء من الصراع الدولي، لأنه يمثّل القوّة الناعمة التي تتغلغل بسرعة خارقة من دون مقدمات لتصل إلى الاقتصاد والتكنولوجيا والثقافة، وجميع مناحي الحياة، عبر ما يسمّى بالفضاء السيبراني،، والردع السيبراني، والهجوم السيبراني، والجريمة السيبرانية، وهي أسلحة الحرب الجديدة.

لم يعد العالم الورقي قادراً على منافسة العالم الرقمي، فالحضارة لا تعود إلى الوراء، ولا تنظر إلى الخلف، إلّا بالاستفادة من دروس الماضي، وعلينا فهم التطوّر الحاصل والتعاطي معه من دون انتظار، وخارج دوائر العواطف.

عبدالحسين شعبان – صحيفة الخليج

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الأمن السیبرانی من دون

إقرأ أيضاً:

الدكتور العيبان يرفع الشكر لسمو ولي العهد بمناسبة انطلاق أعمال المنتدى الدولي للأمن السيبراني

رفع معالي وزير الدولة، عضو مجلس الوزراء، رئيس مجلس إدارة الهيئة الوطنية للأمن السيبراني, الدكتور مساعد بن محمد العيبان, أسمى آيات الشكر والعرفان إلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله – على ترحيبه نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – أيده الله – بالمشاركين في أعمال النسخة الرابعة من المنتدى الدولي للأمن السيبراني 2024، وإعلان سموه – حفظه الله – عن انطلاق أعمال القمة العالمية لحماية الطفل في الفضاء السيبراني التي تستضيفها المملكة، كأول قمة عالمية من نوعها بأهدافها الرامية إلى توحيد الجهود الدولية، وتعزيز الاستجابة العالمية للتهديدات التي تواجه الأطفال في الفضاء السيبراني.
ونوّه معاليه بالمضامين الضافية التي اشتملت عليها كلمة سمو ولي العهد – حفظه الله -، وما تؤكده من دور رائدٍ وأصيلٍ للمملكة تجاه رعاية المبادرات التي من شأنها دعم رخاء الإنسان والمجتمعات حول العالم، وإيمانها الراسخ بأهمية الاستثمار في الإنسان في كافة المجالات، ومنها الفضاء السيبراني، وإعلائها مبدأ التعاون، وتوطيد العمل الدولي المشترك نحو كل مجهود يخدم التنمية والازدهار لجميع دول العالم.
وأشار معالي العيبان إلى أن كلمة سمو ولي العهد -حفظه الله- تجسّد على نحو واضح ودقيق بأن رخاء الإنسان وازدهار المجتمعات وتنمية الاقتصادات حول العالم يقع في صلب أولويات المملكة ومبادراتها الدولية، لافتًا إلى أن المملكة تنطلق في توحيد الجهود الدولية ومواءمتها في الفضاء السيبراني من رصيد زاخر بالنجاحات في قيادة الجهود الدولية بكافة المجالات.
وقال معاليه: “إن مبادرتي سمو ولي العهد العالميتين لحماية الطفل في الفضاء السيبراني، وتمكين المرأة في مجال الأمن السيبراني تأتيان انطلاقًا من اهتمام سموه الكريم برعاية المبادرات التي من شأنها توفير فضاء سيبراني آمن وموثوق يعزز من تنشئة جيل يسهم في صناعة التنمية والازدهار، وتأكيدًا من سموه – حفظه الله – على أهمية تعظيم مشاركة المرأة في هذا القطاع الحيوي والواعد بما يسهم في تعزيز الأمن السيبراني بوصفه مقومًا أساسيًا لنمو الاقتصادات، وازدهار المجتمعات، وأمن الأفراد واستقرار الدول”.
وتأتي نسخة هذا العام من المنتدى الدولي للأمن السيبراني تحت شعار “تعظيم العمل المشترك في الفضاء السيبراني”، وتشهد عقد جلسات حوارية تضم صناع قرار ومسؤولين رفيعي المستوى وخبراء دوليين من مختلف الجهات الحكومية، والأوساط الأكاديمية، والشركات العالمية الرائدة، لمناقشة المحاور الخمسة الرئيسة لنسخة هذا العام، وهي: تجاوز التباينات السيبرانية، والسلوكية السيبرانية، والبنية الاجتماعية في الفضاء السيبراني، واقتصاد سيبراني مزدهر، وآفاق سيبرانية جديدة.

مقالات مشابهة

  • الآلاف يتظاهرون في المجر للمطالبة بمواجهة "الآلة الدعائية" التي تعتمدها الحكومة
  • "التقنيات المتكاملة" تعرض أحدث حلول الأمن السيبراني والبنية التحتية الرقمية في مؤتمرها السنوى
  • يرأس جهازاً أمنياً في الـ16..نجل قديروف يكسر رقماً قياسياً في روسيا
  • الأمن السيبراني يصدر تحذير عالى الخطورة من منتجات أبل 
  • نقيب الإعلاميين: مطلوب مبادرات لتوعية الجمهور بكيفية التمييز بين الأخبار الزائفة والحقيقية
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • «الأمن السيبراني» يحذر من حملة احتيال إلكتروني
  • الدكتور العيبان يرفع الشكر لسمو ولي العهد بمناسبة انطلاق أعمال المنتدى الدولي للأمن السيبراني
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني تكشف عن المستهدفات الإستراتيجية لمبادرتي سمو ولي العهد العالميتين لحماية الطفل وتمكين المرأة في الأمن السيبراني