عبد الباري عطوان من حقنا كضحايا للجرائم والمجازر والحروب الإسرائيلية على مدى 75 عاما، ان نراقب بفرح حالة الإنهيار المتسارعة للمشروع العنصري الإقصائي الصهيوني المحتل، ولكن علينا كعرب ومسلمين وشرفاء في الوقت نفسه ان لا نقدم طوق النجاة له للملمة صفوفه مجددا، مع مواصلة الضغوط لتسريع انهياره. اليسار العلماني الاشكنازي الغربي هو الذي بنى الكيان ووضع أسسه على الطريقة الغربية في منطقة عربية كانت ترضخ للاحتلالين الفرنسي والبريطاني، وتعاني من الجهل والتخلف والأنظمة الفاسدة، والآن يقوم التيار اليهودي السفراديمي (الشرقي) المتطرف، بقيادة بنيامين نتنياهو المجرم المدان بتدميره، وإشهار انضمام هذا الكيان الى العالم الرابع وليس الثالث فقط، وهذه هدية ربانية.

*** حكومة نتنياهو بفرضها التعديلات القضائية بقوة هيمنتها على الكنيست (البرلمان) أطلقت رصاصة البدء لسباق تدمير الكيان، وإشعال فتيل الحرب الاهلية، وجاءت البداية في إنقسام الجيش الذي أراده بن غوريون المؤسس ان يكون بوتقة الصهر التي تجمع شتات اليهود وتوحدهم، من شرقيين الى غربيين، من متدينيين او علمانيين، من يساريين الى يمنيين، وبما يؤدي في نهاية المطاف الى ذوبان الفوارق، ولكن ما يحدث الآن هو العكس، لان ما قام على باطل هو قمة الباطل. الكارثة التي حلت بالكيان الصهيوني هذه الأيام لن تنفع كل محاولات الترقيع في منعها، او حتى تقليص أضرارها، فالخرق إتسع على الراقع، والجيش الذي لا يهزم بات غير قادر على توفير الحماية لمستوطنيه، ليس لانه لم يعد قويا مدججا بالأسلحة الحديثة وانما لان الجانب الآخر بات الأكثر قوة، وإرادة، واستعدادا للتضحية، وجبّ كل ما قبله من عفن، وجبن، واستسلام. ما يجري في “إسرائيل” من مظاهرات ضد التعديلات القانونية، وأخرى مضادة مؤيدة دعا اليها نتنياهو وحكومته ورموزها النازية العنصرية، وأبرزهم ايتمار بن غفير وسموتريتش سيعجل بالنهاية، ويشكل تجسيدا مبكرا للنبوءة التي تقول ان هذا الكيان لن يكمل الثمانين عاما من عمره، وان الهلاك سيأتي من الداخل، فالأكذوبة إنفضحت والزمن يتغير إقليميا وعالميا. عندما تتعاظم المقاومة الفلسطينية في الداخل الفلسطيني المحتل، وترفع كتائبها من مستوى عملياتها العسكرية وتضع سلاحها وصواريخها، وتهزم الجيش الإسرائيلي في جنين، وتدفعه الى الهرب بعد اقل من 48 ساعة من الاقتحام، وتتكثف الاستفزازات العسكرية على الحدود الشمالية مع جنوب لبنان ويتحدى رجال كتائب “الرضوان” التابعة الحزب الله دولة الاحتلال بالسيطرة على شمال شبعا المحتل، ويفكك رجالها كاميرات المراقبة الإسرائيلية في الجانب الآخر المحتل، وينظمون مناورات تحاكي تحرير الجليل بعد اقتحامه، ويجبن الجيش الإسرائيلي عن الرد على غير عادته، فاعلم ان نهاية دولة الاحتلال قد اقتربت، وبأسرع مما كان يتوقع الكثيرون، والعرب منهم خصوصا. علمنّا اساتذتنا الأوائل في العلوم السياسية ان هيبة الدول تأتي من قوة أمنها، وصلابة استقرارها، ورسوخ اقتصادها، ووحدة شعبها، وتفوق جيشها، وجميع هذه العناصر والأسس، باتت اليوم مفقودة في الدولة العبرية، فالأمن منعدم، والاستقرار مهزوز، والجيش منقسم، والوحدة الوطنية متآكلة، والعملة (الشيكل) في هبوط متسارع، والبورصة المالية منهارة، فماذا نريد أكثر من ذلك؟ ماذا يجب علينا ان نفعل كعرب ومسلمين في مواجهة ما يحدث في الأرض المحتلة؟ الإجابة على هذا السؤال من شقين: الأول: الوقوف في موقف المراقب مؤقتا، وعدم الإقدام على عمل سياسي او عسكري يؤدي الى توحيد شمل الإسرائيليين، ولو مؤقتا، ويوفر الذريعة للجيش الإسرائيلي للإقدام على مغامرة عسكرية من اجل تحقيق هذا الغرض، والثاني: الإستعداد للمرحلة التالية، ونتائجها، سياسيا وعسكريا، ووضع خطط استراتيجية مدروسة لهجوم مضاد لاحقا، سواء بتعزيز المقاومة الإسلامية الخارجية، ونحن نتحدث هنا عن كتائب “حزب الله” تحديدا فليس هناك أي أمل لدينا بالجيوش العربية الرسمية المتكرشة، وقيادات معظمها الفاسدة، وحكامنا الذين بات معظمهم متواطئ مع دولة الاحتلال، وتراهن للأسف على حمايته لهم، وها هي الأيام تفضح جهلهم، وأميتهم، وسوء تقديرهم، وخسارة رهاناتهم، وعدم اهليتهم للقيادة. *** كنا نتمنى لو لن هناك قيادة فلسطينية قوية، متماسكة، صلبة الإرادة، عنيدة في التمسك بالثوابت الوطنية، ولكن عزاؤنا ان البديل المعوض هم كتائب جنين وعرين الأسود ونابلس والاقصى، والقسام، وسرايا القدس وغيرها. مؤلم ان نرى “رئيسنا في هذه اللحظة التاريخية يمشي متكئا على أربعة اشخاص يحمونه من السقوط، والمؤلم اكثر، كل هذه الاحاديث المتصاعدة عن المصالحة، وتوحيد الصف، من قبل أناس لم تعد لهم أي علاقة بالصف، وفصائل معظمها لا علاقة لها بالمقاومة، وتعيش على ماض سحيق، ومرحلة انقرضت. ختاما نصلي لله شكرا لأن أكذوبة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة قد إنكشفت، ونحمده أكثر لأن رهان المطبعين القدامى منهم والجدد، على قوتها واستقرارها وحمايتها قد خاب، ولم يدم الا بضعة أعوام على الأكثر، والفترة المقبلة ستكون حافلة بالمفاجآت السارة.. والأيام بيننا.

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

3 مخاوف تدفع إلى التدخل الدولي في ليبيا، و5 أسباب وراء “فشل الدولة”

قال المجلس الأطلسي إن ليبيا بحاجة إلى أفكار جديدة وإرادة وطنية ودولية لإعادة ضبط مسار واقعي نحو بناء دولة حديثة، على أساس الاعتراف بتاريخها، وليس فقط وفقاً لمصالح المجتمع الدولي، ولكن لصالح شعبها أيضاً.

وأضاف المجلس الأطلسي في تقرير له، أن العديد من الليبيين اليوم يرون إلى حد كبير أن الانتخابات التي يروج لها الغرب ليست سوى جزء من إستراتيجية تهدف إلى إضفاء الشرعية على حكومة تخدم المصالح الأجنبية بدلاً من تلبية احتياجات الليبيين في تحقيق الاستقرار وبناء المؤسسات.

وتابع المجلس أن الليبيين لا يثقون في أن الانتخابات التي تُجرى في ظل الظروف الحالية والتي تتسم بعدم وجود أسس دستورية، ويمكن أن يؤدي انتشار الفساد، وعمليات الاعتقال القسرية، وسيطرة الميليشيات وأمراء الحرب على الشوارع إلى نتائج عادلة.

في الوقت نفسه، قال المجلس إن الغرب وشركاءه المنهمكين في الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، يشعرون بالذنب لفشلهم في تحقيق الاستقرار في ليبيا بعد تدخل تحوّل بشكل غريب من مهمة حماية السكان من بطش معمر القذافي إلى تغيير النظام، مضيفا أن التحالف لجأ مرة أخرى إلى الأمم المتحدة “غير الكفؤة” لدفع عجلة التغيير الديمقراطي من خلال الانتخابات، ومع ذلك لم يتحقق هذا الهدف، ومن غير المرجح أن يتحقق في المستقبل القريب.

ولفت المجلس الأطلسي إلى أن دوافع التدخل الدولي في ليبيا تتشكل بناءً على 3 مخاوف رئيسية، أولها: قلق أوروبا بشأن التدفق الهائل للهجرة غير الشرعية عبر الحدود الليبية وما يترتب على ذلك من تداعيات أمنية واجتماعية واقتصادية كبيرة.

وثاني هذه الدوافع هي المخاوف من التدهور المحتمل للأوضاع الاجتماعية والسياسية في دول شمال إفريقيا والساحل، مما قد يضرّ بالمصالح الاقتصادية للشركات الكبرى في المنطقة، وثالثها القلق من أن يؤدي انهيار الدولة الليبية إلى ازدهار الجماعات الإرهابية وانتشارها، مما يزيد من التهديدات الأمنية.

وأوضح المجلس أن هذه المخاوف تتطلب في نظر المجتمع الدولي، التعامل مع سلطة مركزية في ليبيا، بغض النظر عن مدى شرعيتها أو قيمتها الحقيقية للشعب الليبي وجهود بناء المؤسسات، وفق قوله.

ولفت المجلس إلى أنّ هناك 5 أسباب رئيسية لفشل الجهود السابقة التي بذلها المجتمع الدولي لإقامة دولة حديثة في ليبيا، أولها الجذور التاريخية للانقسام التي لم يعالج بعد، وهو أحد الأسباب التي أدت إلى فشل محاولات البعثة الأممية لإشراك الأطراف الليبية في خطط الاستقرار المختلفة على مدى السنوات الـ13 الماضية، مستبعدا عملياً تصوّر انتخابات رئاسية وبرلمانية فعالة في المستقبل القريب دون الاعتراف بهذه الجذور التاريخية للانقسام.

وأضاف المجلس أن من أسباب فشل قيام دولة حديثة هو أن الفاعلين السياسيين والأمنيين في كلا المنطقتين في ليبيا استغلوا هذه الانقسامات لمصلحتهم السياسية والمالية، من خلال تحالفات مع الميليشيات الراعية ورجال الأعمال الفاسدين وأفراد الطبقة الجديدة من الأثرياء ومهربي الحدود.

وأوضح المجلس أن هذا المزيج من “العسكرية الحديثة” و”النهب المؤسسي” يؤثر تأثيرا كبيرا على القرارات السياسية والأمنية في الفروع التنفيذية والتشريعية والقضائية والأمنية في ليبيا، مما يضمن بقاءهم في السلطة في المستقبل المنظور.

ثالثاً، بعد 42 عاماً من القمع وإنكار الحقوق والديمقراطية تحت حكم القذافي، و14 عاماً أخرى من الفقر وانعدام الأمن بعد انهيار مؤسسات الدولة في 2011،

وبحسب المجلس، فإن السبب الثالث هو أن الناس أصبحوا مشغولين بتأمين معيشتهم اليومية، ويفتقرون إلى الوسائل الضرورية للتعبير عن استيائهم، إلى جانب شعورهم بالهزيمة بعد فشل الربيع العربي، يجعل من غير المحتمل ظهور أي حركة شعبية كبرى في الشوارع الليبية في المستقبل القريب، مما يخلق أرضية لاستمرار الوضع الراهن.

ورابع الأسباب وفق المجلس، أنّ ظهور صراعات عالمية أكثر إلحاحاً وتغير أولويات المجتمع الدولي خلال السنوات الـ4 الماضية مع التركيز بشكل خاص على أوكرانيا وجنوب شرق آسيا قلل من الاهتمام والموارد المخصصة لليبيا. وذلك رغم قلق الغرب من التوسع الكبير في النفوذ الروسي والصيني في ليبيا وإفريقيا ككل.

والسبب الخامس الذي أشار إليه المجلس، أن شعوب العديد من الدول النامية، وخاصة في الشرق الأوسط وإفريقيا (بما في ذلك ليبيا)، ترى أن الحكومات الغربية فقدت بوصلتها الأخلاقية ولم تعد تُعتبر حراساً موثوقين للتغيير الديمقراطي والإنساني، وقد تفاقم هذا الشعور بسبب العدوان على غزة والتي فشلت الدول الغربية في منعها أو دعمتها علناً.

وأكد المجلس أن قدرة الغرب على تقديم المشورة أو الإشراف أو الإسهام في أي مبادرات ديمقراطية أو لبناء الدولة في ليبيا أصبحت موضع شك، وأن هذا الشعور السائد منذ عقد من الزمن بين العرب يعززه بأن الغرب يتعامل مع الأنظمة الاستبدادية والجيوش في العالم العربي من الجزائر إلى مصر إلى السعودية ودول الخليج بما يكرّس الشكوك حول جدوى الانتخابات والتغيير الديمقراطي، بحس المجلس.

المصدر: المجلس الأطلسي

المجلس الأطلسي Total 0 Shares Share 0 Tweet 0 Pin it 0

مقالات مشابهة

  • متحف المخطوطات بمعرض الكتاب.. معلم ثقافي يبرز جهود الأزهر في حفظ التراث العربي والإسلامي
  • 3 مخاوف تدفع إلى التدخل الدولي في ليبيا، و5 أسباب وراء “فشل الدولة”
  • 9 دول تدشن “مجموعة لاهاي” لدعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة
  • “الأونروا” تحذر من عواقب قانوني الاحتلال الإسرائيلي وتؤكد استمرار خدماتها
  • عدو “إسرائيل” الأول يترجل عن جواده.. القائد محمد الضيف شهيداً
  • أسمته “إسرائيل” رجل الموت.. من هو محمد الضّيف مهندس معركة “طوفان الأقصى” الذي أرعب الكيان الصهيوني؟ (تفاصيل + فيديو)
  • بالفيديو.. تعرف على “محمد الضّيف” مهندس معركة “طوفان الأقصى” الذي أرعب الكيان الصهيوني
  • كتائب القسام تعلن أسماء أسرى إسرائيل المقرر الإفراج عنهم غداً
  • “الوطنية لحقوق الإنسان” تشارك في الدورة الـ 27 للجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان بصفة مراقب
  • “تحدٍّ وسخرية”.. كتائب القسام تبعث برسائل لجيش الاحتلال عبر تسليم الأسرى (شاهد)