لم تكن المهمة الأخيرة للمدير العام للعمليات المركزية في وزارة الداخلية والأمن الوطني في قطاع غزة اللواء فائق المبحوح سهلة، فقد كان تأمين المساعدات واحدة من أصعب الإكراهات الأمنية في قطاع غزة، ففي الأرض تدافع مؤلم للجوعى المُسْنِتين، ومن السماء قصف إسرائيلي يدمر الأرض وما ومن عليها.

وبين هذا وذاك، ملامح قاسية للجوع الذي ضرب أطنابه في البيت الغزي الكبير، فأحال منعمات بني هاشم أجساما ضاوية ووجوها يكاد السغب يذهب بشاشتها ورِوَاء بهائها.

والمؤكد أن المبحوح كان في غاية السرور بعد انتهاء مهمته الأخيرة فيما يبدو، فلا يوجد منظر أكثر جلبا للسعادة من منظر الشاحنات المحملة بالعون الغذائي، تدخل إلى شمال القطاع بعد نحو 5 أشهر من القصف والحصار المستمر وانقطاع الإمدادات الغذائية، خصوصا أن إسرائيل أخذت على نفسها تدمير كل ما يمد سكان القطاع بأسباب الحياة، فقد كان المشرفون على تأمين وتوصيل المساعدات إلى مستحقيها في القطاع، آخر الأهداف التي تتوجه إليها قاذفات اللهب ورسائل الموت الكريه في غزة.

ويبدو أن نجاح المبحوح وجهاز الشرطة في غزة في تأمين أول شحن مساعدات للقطاع دون حدوث عنف أو فوضى لم يرق للاحتلال، فأرسل فرقة عسكرية لاقتحام بيته، وحين لم يجدوه نكلوا بزوجته وأطفاله، قبل أن تقوم بمحاصرته رفقة أخيه نافذ وعدد من أبناء أخيه قرب مستشفى الشفاء، وهناك هاجمتهم قوات الاحتلال وطلبت منهم تسليم أنفسهم، فسلم نافذ نفسه، في حين رفض فائق تسليم نفسه، واشتبك مع قوات الاحتلال بسلاحه الشخصي إلى أن استشهد.

اغتيالات أخرى

لم يتوقف استهداف جهاز الشرطة في غزة بعد اغتيال المبحوح، فخلال اليومين الماضيين، كثف الاحتلال من استهدافه لقادة الشرطة، لتتوالى قوافل الشهداء من حراس القوافل الغذائية والمسؤولين عن تأمينها واحدا تلو الآخر.

فقد سقط مدير جهاز المباحث في شمال غزة، المقدم رائد البنا، شهيدا مضرجا بدمائه، رفقة وزوجته وأبنائه جراء قصف ليلي نفذه الجيش الإسرائيلي على منزلهم، لينضافوا إلى سلسلة طويلة من الشهداء في القطاع اقترب عدادها الآن من 32 ألفا.

ثم جاءت عملية الاغتيال الثالثة خلال اليومين الماضيين لتستهدف المقدم محمود البيومي (أبو النور)، وهو مدير مركز شرطة النصيرات، وكان مسؤولا عن تأمين المساعدات، وقد استشهد جراء غارة إسرائيلية استهدفت سيارة في مخيم النصيرات وسط القطاع، لينهي بذلك الاحتلال مسؤولية أبو النور عن تأمين المساعدات.

وبعد استشهاد القادة الثلاثة، جاء الدور على مدير لجنة الطوارئ في غرب غزة أمجد هتهت، الذي رشقته قاذفات الموت الإسرائيلية عند دوار الكويت، لتعيد بذلك التذكير بمجازر الطحين البشعة التي وقعت عند هذا الدوار، وأدت إلى استشهاد العشرات وإصابة المئات من الغزيين الجوعى في أثناء تجمعهم حول شاحنات الغذاء التي دخلت إلى القطاع  بعد 5 أشهر من الحصار والتجويع المستمر، وبعد أن بلغت القلوب الحناجر.

الفوضى سلاح إسرائيلي

تعمل إسرائيل جاهدة على نشر القتل، لا يهمها أن يكون رصاصا لاهبا أو قنابل عنقودية تدمر الأرض ومن عليها، أو يكون جوعا فتاكا يحيل الأجسام الناضرة جلودا متكلسة فوق عظام زال نقاها، المهم أن ينشر الموت أذرعته على غزة.

ويأتي التطور الجديد المتمثل في استهداف قادة الشرطة في غزة، بعد مشاهد قصف الجوعى، إذا ما تجمعوا حول شاحنة، وهو ما يحقق هدفا رئيسيا للاحتلال "محاولته لنشر الفوضى وإدامة سفك الدماء"، وفق تعبير رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية.

وترى الحكومة الفلسطينية في غزة أن استهداف المبحوح وزملائه كان ردا من قوات الاحتلال على نجاح القطاع الأمني الغزي في تأمين 15 شاحنة محملة بالطحين والمواد الغائية، وتسليمها بعدالة إلى الصابرين الصامدين في القطاع.

ومن الواضح أن هذا التطور في القتل المستمر في القطاع يهدف إلى مزيد من:

شل القوة الأمنية لحكومة غزة، واستهداف عناصرها ومراكزها القيادية بشكل مستمر، وبطريقة تجمع بين شمولية الموت وانتقاء القادة. إدامة الفوضى التي ستؤول مع الزمن إلى خلخلة الثقة بالمقاومة، وفي الحكومة الغزية، وذلك بعد فشل محاولات الاحتلال لشق الالتئام الغزواي من خلال تحريض زعماء العشائر على توزيع المساعدات والإشراف عليها، وهو ما "رفضه النشامى والمختارون" الغزيون ما لم يكن بتنسيق تام مع حكومة القطاع. البحث عن صور انتصار تفقدها إسرائيل في القطاع، والتعويض عن الاغتيالات التي تسعى إليها إسرائيل للقادة العسكريين للمقاومة، باغتيال قادة في جهاز الشرطة والطوارئ. تسويق عمليات الاغتيال داخليا، باعتبارها إنجازات نوعية لجيش الاحتلال في قطاع غزة، خصوصا أن ذلك يأتي بالتزامن مع إذعان قوات الاحتلال للضغوط الدولية لإدخال مساعدات إلى شمال القطاع، ظلت إسرائيل ترفضها وتؤكد أنها لن تسمح بها. إفشال عملية دخول المساعدات أصلا، والتوقف عن تسيير الشاحنات، حتى تتحقق أعلى درجات الإبادة التي يعمل الاحتلال على مد أطنابها في كل أنحاء القطاع، وتجاه كل كبد رطبة فيه إن كانت قد بقيت فيه كبد رطبة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات قوات الاحتلال فی القطاع فی غزة

إقرأ أيضاً:

تخصيص ثلاثة ملايين يورو للتخلص من النفايات الطبية الخطرة بغزة

أعلنت غرفة العمليات الحكومية ، مساء الأحد 9 مارس 2025 ،  تخصيص ثلاثة ملايين يورو للتخلص من النفايات الطبية الخطرة في غزة ، وخطط إنعاش للخدمات البلدية بتمويل 29 مليون دولار، وانخفاض توزيع المساعدات بنسبة 80% بسبب إغلاق المعابر.

جاء ذلك خلال اجتماع عقدته غرفة العمليات الحكومية برئاسة سماح حمد، حيث استضافت خلاله وزير الحكم المحلي سامي حجاوي، ومدير عام صندوق تطوير وإقراض البلديات محمد الرمحي. ناقش الاجتماع التدخلات التي نفذتها الغرفة منذ تأسيسها، وأهدافها ضمن خطة الاستجابة الطارئة والتعافي المبكر، وذلك في إطار جهود الحكومة لإغاثة سكان قطاع غزة المتضررين من الحرب الأخيرة.

جهود غرفة العمليات في دعم القطاع

أكدت حمد أن الغرفة تعمل على مدار الساعة لتقديم المساعدات الإنسانية رغم التحديات، خاصة مع إغلاق المعابر ومنع دخول الإمدادات بقرار إسرائيلي. وأشارت إلى الجهود المبذولة لإنشاء مراكز إيواء، وإزالة الركام، وترميم المنازل المتضررة لضمان عودة سكانها إليها. كما أعربت عن أملها في إعادة فتح المعابر في أقرب وقت، خصوصًا مع تزايد الاحتياجات خلال شهر رمضان .

تدخلات وزارة الحكم المحلي لمواجهة الأزمة

أوضح حجاوي أن وزارة الحكم المحلي تشرف على 25 بلدية و5 مجالس خدمات مشتركة في القطاع، إلى جانب مصلحة مياه الساحل. كما أكد أن الوزارة تعمل حاليًا على مواجهة أزمة النفايات الصلبة، إذ تراكمت حوالي نصف مليون طن من النفايات في شوارع القطاع نتيجة تدمير الاحتلال للمكبات الرئيسية.

وأشار حجاوي إلى تأمين أكثر من 250,000 لتر من السولار لتشغيل الآليات عبر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) .

وأضاف أنه تم طرح عطاءات لإزالة الركام في خان يونس ورفح، مشيرًا إلى أن إزالة الركام مسؤولية مشتركة بين وزارة الأشغال العامة ووزارة الحكم المحلي عبر البلديات، رغم نقص المعدات اللازمة.

كما كشف عن وجود أكثر من 50 مليون طن من الركام تحتاج للإزالة وإعادة التدوير، في ظل تدمير الاحتلال 60% من آليات البلديات.

وقال: حتى الآن، تم إزالة نحو 249,950 طنًا من الركام، وفتح 18,500 متر من الطرق، ويُنتظر إدخال عشر آليات لجمع وضغط النفايات الصلبة بدعم من “جايكا” بمجرد السماح بذلك.

تخصيص 3 ملايين دولار لإزالة النفايات الطبية

أشار حجاوي إلى توقيع اتفاقية مع اليابان بقيمة 3 ملايين دولار لإزالة النفايات الطبية، نظرًا لخطورة اختلاطها بالنفايات العضوية. كما تحدث عن إنشاء "جيوبورتال غزة" لجمع البيانات الجيومكانية لتسهيل اتخاذ القرارات المتعلقة بالإيواء وفتح الطرق وإزالة الركام. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت الوزارة مع الشركاء في ضخ 750,000 كوب من المياه النقية بعد إصلاح شبكات المياه والصرف الصحي.

وشدد وزير الحكم المحلي على أهمية ما يقوم به صندوق التشغيل الفلسطيني التابع لوزارة العمل في تشغيل الأيدي العاملة في غزة، بما يحفظ كرامة المواطن ويوفر لهم مصدرًا للرزق الكريم من خلال تشغيل الشباب بجمع وتدوير النفايات وغيرها من المهن.

دور صندوق تطوير وإقراض البلديات

استعرض مدير عام الصندوق، محمد الرمحي، الدور الذي يؤديه في تنفيذ مشاريع الهيئات المحلية، مشيرًا إلى إنفاق 350 مليون دولار خلال السنوات الماضية على مشاريع استثمارية في غزة. كما تم حصر الأضرار بالتعاون مع البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، ووُضعت خطة إنعاش مدتها ثلاث سنوات لتحسين الخدمات البلدية.

وأضاف أن الصندوق خصص 29 مليون دولار لبلديات غزة، إلا أن الظروف الميدانية حالت دون تنفيذها حتى الآن. كما أعلن عن تمويل بقيمة 3 ملايين يورو من بلجيكا لإزالة الركام من الشوارع الرئيسية، على أن تبدأ العملية خلال الأسابيع المقبلة.

انخفاض في نسب توزيع المساعدات الإنسانية بسبب الحصار

أفادت مجموعة المساعدات الإنسانية بانخفاض توزيع المساعدات بنسبة 80% مقارنة بالأسبوع الماضي بسبب قرار الاحتلال بإغلاق المعابر. ورغم ذلك، تم توزيع 2,674 طردًا غذائيًا، و2,336 طردًا صحيًا، و1,543 بطانية وفرشة، بالإضافة إلى 739 خيمة، بالتعاون مع الهلال الأحمر ومؤسسات أخرى.

مطالب بتعزيز التنسيق وتوفير المعلومات

طالبت رئيسة غرفة العمليات بتعيين ممثل من صندوق تطوير وإقراض البلديات لتزويد الغرفة بالتحديثات الدورية، وضمان إدراجها في التقارير الأسبوعية المقدمة لمجلس الوزراء.

وقد عكس الاجتماع حجم التحديات التي تواجه قطاع غزة، وأبرز الجهود المبذولة من قبل الجهات الحكومية والشركاء الدوليين لتحسين الوضع الإنساني والخدمي، وسط دعوات متواصلة لتسهيل إدخال المساعدات وتسريع عمليات الإغاثة وإعادة الإعمار.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين نابلس - ضبط مصنع يزور تواريخ الصلاحية  سلطة المياه: توسيع عمليات نقل المياه بالصهاريج وتوزيعها في غزة والشمال الاتحاد الأوروبي يرحب بالخطة العربية لإعادة إعمار غزة الأكثر قراءة حصيلة الشهداء في غزة منذ وقف إطلاق النار نحو 75 ألف مصل يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى السعودية تدين وقف إدخال المساعدات إلى غزة ثلاثة سيناريوهات رئيسية أمام إسرائيل بشأن غزة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • الصحة الفلسطينية بغزة: خمسة شهداء و37 مصابًا في القطاع خلال 24 ساعة الماضية
  • تخصيص ثلاثة ملايين يورو للتخلص من النفايات الطبية الخطرة بغزة
  • البابا فرنسيس: نحن بحاجة إلى ”معجزة الحنان“ التي ترافق الذين هم في محنة
  • الصحة بغزة : استمرار إغلاق المعابر يهدد حياة المرضى في القطاع
  • في الهند ..اغتصاب جماعي لسائحة إسرائيلية
  • ماذا نعرف عن المساعدات العسكرية التي قدمتها أمريكا لأوكرانيا قبل قرار ترامب بإيقافها؟
  • هذا عدد أسرى الاحتلال الذين قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة
  • 12 جريحاً في إطلاق نار بتورونتو الكندية
  • كذب وراء العدسة.. سيدة تفبرك قصة تحطيم الشرطة لسيارتها فى العبور
  • «الكوني» يلتقي نخب وأكاديميي فزان الذين دعموا مبادرة «نظام الأقاليم الثلاثة»