كعادتها السنوية تقيم دار الأوبرا السلطانية ليالٍ استثنائية خاصة بشهر رمضان المبارك، تركز فيه على الأناشيد الدينية والابتهالات والفنون الصوفية التي تفيض بالجمال والذكر المبارك والروحانيات التي تتناغم مع خصوصية الشهر، وتجمع الدار مختلف الثقافات العربية في مسرح واحد على مدى أيام متفرقة وفق جدول محدد، وقد ساهمت الدار بالتعريف بتلك الثقافات وأولت للفرق الانشادية العمانية مساحة مهمة لتقديم فنونها وجمال أصوات مؤديها، ومن تلك الفرق العمانية التي قدمت ليلة استثنائية يوم الاثنين الماضي "فرقة الزاوية للسماع العرفاني" الفرقة العمانية التي تشكل حضورا شبه سنوي على خشبة الدار لتشعل الحنين عاما بعد عام إليها، فنبحر مع روعة الكلام والنشيد والموسيقى والابتهارات على مختلف المقامات البديعة، وقد شهدت ليلة الاثنين تقديم "الزاوية" لمجموعة من الأناشيد، إلى جانب فرقة "إبن عربي للفنون الصوفية" من المغرب.

وحول "الزاوية للسماع العرفاني" ونشأتها ومعاني تسميتها وأمور عديدة أخرى كان لـ "عمان" حوار مع مدير الفرقة حسام بن ربيع بم محمد الجابري، فإلى ما دار:

- بداية لننطلق بالسؤال المعتاد، ولتحدثنا عن فرقة الزاوية للسماع العرفاني ومتى تأسست وما هو الهدف من تأسيسها؟

• فرقة "الزاوية للسماع العرفاني" تعنى بالسماع العرفاني الإحساني، لإبراز مكنون الإنسان الجوهري حتى يمتلئ العالم بالحب والسلام، وأما عن تأسيس الفرقة فقد تأسست في عام 2015، وسجلت لها مشاركات عدة في مختلف المناسبات والفعاليات التي تقام في سلطنة عمان وخارجها كذلك.

وتمتاز الفرقة بانفتاحها على النتاج العرفاني الإنساني بمختلف مرجعياته وأوعيته الناقلة في تجسيد عميق للعرفان المتعالي على انحيازات الخليقة وتمذهباتها، والذاهب باتجاه جوهرها الناصع وإنسانها المحض. تقدم الفرقة تجربة سماعية تعزز من قدرة الإنسان على أن يخوض تجربته الروحية الفريدة في هذا الوجود باستخدام سماعيات منتقاة بعناية تشمل العرفان والمحبة والسلام.

- فرقة الزاوية للسماع العرفاني، اسم الفرقة بحد ذاته يبعث على سؤال ما هي "الزاوية"، وما هو "السماع العرفاني" حدثنا عن ذلك؟

• "الزاوية" وهي المكان الذي يجتمع فيها المُحِبون على ذكر الله وهم "يتخلون" عن الإنتماءات المتعددة، "ويتجلّون" بانتماء واحد وهو الانتماء إلى الله، وهناك ثلاثة أعمدة أساسية تقوم عليها زاوية الذكر وهي "الأوراد" و "الإنشاد" و "الإرشاد"، وبها تتصفى قلوب الحاضرين بقلب رجل واحد.

أما "السماع العرفاني"، فيقول الله سبحانه وتعالى: "إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا"، قدّم المولى السمع لقوة تأثيره ونفاذه المباشر إلى الروح والذي هو تجربة روحية تأخذ الإنسان إلى عوالم ذاته الداخلية حتى يشهد خلالها نوره وجوهره المكنون ويعي أنه التجلي الكامل لنور المحبة وأن العالم ما هو إلا مرآة تعكس أسراره وأنواره.

- حضوركم في دار الأوبرا كل عام، ماذا يعنيه لكم كفرقة؟

• إن دارالأوبرا السلطانية بتنظيمها لمثل هذه الحضرات الروحية الموسيقية تفتح آفاقاً ينطلق فيها الإنسان من قيوده إلى عالم الحرية من الأشكال والألوان والانتماءات المزيفة والتي ما أنزل الله بها من سلطان حيث يعود إلى انتمائه الأصيل الأوحد إلى ذاته المتجردة من كل ما سوى الله، وفرقة الزاوية للسماع العرفاني مستعدة دائما للمشاركة في إثراء هذا المشهد الروحي والجمالي في دار الأوبرا السلطانية.

- ما هي طبيعة القصائد التي تقدمها الفرقة وما يميزها عن غيرها؟

• القصائد التي ننتقيها بطبيعة الحال هي من نتاج العارفين بالله والمحبين من أهل الإحسان وأهل السلوك. إن محور القصائد هو الإنسان من حيث انتمائه الإلهي ونزعته الربانية الروحية، الإنسان فقط وما يحمله من معنى وهذا المعنى نحن نمجّده ونتغنى به في حضراتنا ومجالس ذكرنا.

- حدثنا عن مشاركاتكم الرسمية على مدار نشاطكم، وما نصيب المشاركات الخارجية منها؟

• للفرقة مشاركات عديدة داخل سلطنة عمان وخارجها، ومن أبرز مشاركاتنا هي إحياء عدة ليال رمضانية في النادي الثقافي، ومهرجانات بيت الزبير للموسيقى الصوفية، وأمسيات إنشادية ومديح في دار الأوبرا السلطانية وهذه المشاركة هي الثالثة، بالإضافة إلى مشاركات خارجية مثل مهرجان فاس للموسيقى الروحية العالمي الذي يقام في المملكة المغربية.

- هناك العديد من الفرق التي تقدم ذات الفن في سلطنة عمان، ماذا عن التعاونات بينكم؟

• يحصل بيننا تعاون مع الفرق الفنية في أداء بعض الفقرات في مناسبات ومشاركات مختلفة، كما يشارك معنا العديد من العازفين البارزين في المشهد الموسيقي العماني سعياً من الفرقة على التنوع وتعزيز التجربة السماعية.

- منذ تأسيس الفرقة في عام 2015 وإلى اليوم، هل هناك أسماء جديدة انظمت إلى الفرقة؟

• نعم بكل تأكيد الفرقة دائما حيوية وفيها مساحات ونسعى إلى ضمان استمرارية رفع جودة الأداء الفني مع المحافظة على صدق التجربة الروحية التي يخوضها منتسبو الفرقة.

- الانضمام الى الكيانات لها أهمية، مثل الجمعية العمانية للفنون، ولهواة العود.. هل ترى ذلك مهما بانضمامكم الى هذه الكيانات، وما هو المعول منها؟

• فرقة الزاوية على استعداد لخلق تعاونات مع مختلف المؤسسات الفنية والثقافية والمجتمعية وتعي أهمية ذلك لضمان تنوع التجربة والوصول إلى شرائح مختلفة في المجتمع العماني والعالمي.

- كلمة اخيرة توجهها عبر جريدة عمان.

• إن حركة الحياة اليومية تجبر الإنسان على أن يخوض تجارب تخرجه عن حالة الحضور الروحي ولهذا فكل إنسان يحتاج أن تكون عنده القدرة على العودة إلى ذاته، وما السماع إلا مغناطيس للقلوب يجذب الإنسان إلى حضرة السلام الداخلي وهو من المؤيدات الروحية التي يحتاجها كل فرد من أفراد العالم. فرقة الزاوية للسماع العرفاني تقدم تجربة سماعية تعزز من قدرة الإنسان على أن يخوض تجربته الفريدة في هذا الوجود باستخدام سماعيات منتقاة بعناية تشمل العرفان والمحبة والسلام. وكما يقول ابن عربي: "السماعُ منشأ الوجودِ، فإنَّ كلَّ موجودٍ يهتزّ".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأوبرا السلطانیة دار الأوبرا

إقرأ أيضاً:

سفير سلطنة عمان بالقاهرة: تعزيز التعاون العربي الأفريقي خطوة محورية لمواجهة التحديات الراهنة

أكد السفير عبد الله الرحبي سفير سلطنة عمان بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية أن تعزيز التعاون بين العالمين العربي والأفريقي يمكن أن يكون خطوة محورية لمواجهة التحديات التي تواجه الطرفين.
وقال الرحبي - في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط على هامش أعمال مؤتمر "السلام والتنمية في الإطار العربي الأفريقي" الذي استضافته الأمانة العامة لجامعة الدول العربية اليوم الأحد - إن تنظيم مثل هذا المؤتمر يأتي في وقت تشهد فيه المنطقة العربية أزمات عميقة تهدد هويتها واستقرارها، نتيجة لانهيار القيم الأخلاقية واستبدال قوة السلاح بمنظومة العدالة والقوانين الدولية، وهو ما يتنافى مع أهداف ومبادئ الأمم المتحدة.
وأضاف سفير سلطنة عمان بالقاهرة أن ما نشهده من دمار في مناطق مثل غزة ولبنان يدعو إلى القلق العميق، متابعا: "واليوم، ونحن نتحدث عن العلاقات التاريخية بين العالم العربي وأفريقيا، لا يمكننا تجاهل تحديين أساسيين يؤثران بشكل مباشر على الأمن القومي العربي وهما، الأزمة السودانية وسد النهضة الإثيوبي، الذي يشكل تهديدًا للأمن المائي". 


ونوه إلى أن هذه التحديات تستدعي تعزيز التضامن الحقيقي والصادق لمواجهتها، إذ أصبحت تلك التحديات حجر عثرة أمام مسيرتنا نحو اللحاق بركب التقدم الذي يشهده العالم. 
وأكد أن العلاقات العربية الأفريقية ليست وليدة اليوم، بل هي علاقات ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، فهناك دول عربية تقع في قلب هذا الفضاء الجغرافي، وظلت تلك العلاقات قوية ومتينة لفترات طويلة.
وأوضح السفير الرحبي أن انكفاء العالم العربي في فترات سابقة بسبب التحديات المتزايدة أدى إلى دخول أطراف أخرى إلى الساحة، مما فاقم الأوضاع وتسبب في خلق سرديات جديدة للصراعات لم تكن موجودة تاريخيًا، مستطردا: "لقد كانت شعوب المنطقة، على اختلاف أعراقها ومذاهبها، تعيش في سلام ووئام، وكان هذا التعايش هو مفتاح تقدم مجتمعاتنا في تلك الفترات".

مقالات مشابهة

  • عُمان ودورها في تعزيز الحوار وإرساء قيم العدل والسلام
  • سلطنة عمان تؤكد للعالم ضرورة وضع حد للإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل
  • “العقوري” يطلع على مسودة تقرير حقوق الإنسان التي أعدها الفريق المُشكل من ديوان مجلس النواب
  • تامر عبدالمنعم: وزير الثقافة وجه بنشر جميع نوت الموسيقار علي إسماعيل في فرقة رضا
  • سفير عمان بالقاهرة: تعزيز التعاون العربي الأفريقي خطوة محورية لمواجهة التحديات الراهنة
  • عُمان.. نموذج للحوار والتسامح في السياسة الخارجية
  • سفير سلطنة عمان بالقاهرة: تعزيز التعاون العربي الأفريقي خطوة محورية لمواجهة التحديات الراهنة
  • الأمم المتحدة تشيد بجهود سلطنة عمان لدعم السلم والأمن في العالم
  • وائل جسار نجم ليالي مهرجان الموسيقى العربية بهذا الموعد
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي: نهدف إلى إضعاف حزب الله استعدادا لمواجهة إيران