فلسطين في مناهجنا العمانية!
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
د. سلطان بن خميس الخروصي **
sultankamis@gmail.com
من رحم الموت تُخلق الحياة، ومن عُمق القهر تسمو الكرامة، ومن ظلام الذُّل تُشرق العزَّة، ومن جبروت الجوع والعطش والخوف تُستردُّ الأوطان والإنسانية، وبالتصديق والإيمان بالله ثم الوطن ضرب المسلمون أروع النماذج التاريخية الخالدة لمعنى الحياة الكريمة الهانئة.
من هُنا تغنَّى شُعراء النِّضال الفلسطيني بقصائدهم الخالدة فأطربنا الشاعر الشهيد عبدالرحيم محمود بقصيدته "سأحمل روحي على راحتي" في عام 1939؛ حيث استشهد في معركة الشجرة ضد الصهاينة في يوم النكبة 1948، لتظل هذه القصيدة بكل ما تحمله من معان وطنية وإنسانية وقومية ودينية تتشرَّب في أعماق جيل من جعلوا القضية الفلسطينية أساس الاستقرار والأمن الإقليمي والعالمي، فلا يكاد تنطوي صفحة سياسية في أي مؤتمر أو لقاء إلّا وكان الانتماء القومي العربي الإسلامي حاضرًا وبقوة في عمق تلك المناقشات، بل أصبح الشعر النِّضالي للدفاع وحماية القضية الفلسطينية جُزءًا لا يمكن بترهُ من المناهج العربية ومنها مناهجنا العُمانية في فترة سابقة؛ فخُلق جيلا يُؤمن بالحق المُقدِّس للإنسان العربي المسلم في هذا القطر المغتصب من العالم، جيلٌ يتطلَّعُ للصلاة في أولى القبلتين وثالث الحرمين، وبُنيت قاعدة متينة من المفكرين والعلماء والدُّعاة والمحدثين الذي وهبوا أنفسهم ووقتهم وجهدهم للحفاظ على هذا القضية مهما كانت الظروف والأحداث والمتغيرات، بل وجدوا دعما سخيِّا من المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني والمنظمات والهيئات الحقوقية، وحينما جاءت إبادة غزة توقف كل شيء! وأصبحت القضية الفلسطينية هامشية، ولسان حال كل ما مضى يقول للفلسطيني "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون"، والسؤال البسيط والمباشر هو لماذا وصلنا لهذه المرحلة؟!
تُشكِّل المنظومة التربوية أحد أبرز المُمكِّنات في غرس قيم الولاء والانتماء القومي والإنساني والإسلامي، فمن يتتبع مناهجنا الخليجية- على سبيل المثال- يجد أنها وعلى مراحل متقادمة كانت تُخفِتُ تسليط الضوء عن القضية الفلسطينية، ومناهجنا العمانية أصبحت شبه خالية عن هذه القضية الوجودية، وما يحدث في غزة وما يشاهده أطفالنا من إبادة وصراع دامٍ يشوش الصورة في أذهانهم البريئة ويتساءلون ماذا يحدث؟ ومن هم الفلسطينيون والإسرائيليون؟ وحينما ننصح أجيالنا بقوة الرأي واتخاذ القرار بالمشاركة في المقاطعة لمنتجات وسلع وخدمات الغُزاة والمجرمين من الصهاينة ومن عاونهم، نجدهم مشوشين أيضًا فما هي المقاطعة؟ ولماذا نقاطع؟ وما فائدتها؟! وحينما يجد الطفل العماني أن حكومة بلده تُنادي نهارًا جهارًا بضرورة حقن دماء الفلسطينيين المظلومين، وتدافع عن حقهم في تقرير المصير، وتتحدث أن لا بُد من حل جذري لهذه المشكلة التاريخية الطويلة، وأن الصهاينة هم مجرمو حرب وإبادة، ويجد علماء الوطن يُندِّدون بالصمت المقيت للأمة الإسلامية علماءً وجماهيرَ ومثقفين وسياسيين يتساءل: لماذا كل هذا الضجيج؟ وحينما يشاهد جموعًا من أبناء وطنه والمقيمين على هذه الأرض الطيبة النقية يتجمهرون في مسجد السلطان قابوس الأكبر وفي الحواضر والبوادي للاستنكار على المذبحة الممنهجة على الإنسان في فلسطين، يتساءل لماذا؟ وحينما يُفتِّشُ في مناهجه الدراسية عن القضية الفلسطينية ويبحث عن إحداثياتها التاريخية والدينية والجغرافية لا يجدها، فيتساءل أين هي؟!.
نحن بحاجة إلى أن تكون القضية الفلسطينية جزءًا من مناهجنا العمانية التي أُفرغت منها حتى تتشكل الصورة الكاملة في أذهان الأجيال القادمة ماذا يعني النضال لأجل الوطن والمبدأ والحياة، فهي نموذج يُترجم تاريخ العمانيين في الدفاع عن وطنهم من الفرس والبرتغاليين وغيرهم، وهو يخلق في نفوسهم قراءة واضحة ومنطقية للأحداث الجارية من حوله؛ فيعي ما هو النضال، وما هو الوطن، وما هو الجُرم، وماهي الإبادة، وما تعنيه المقاطعة وأثرها، وماهية القرار وقوة اتخاذه، فهل حان الوقت لإعادة بريق فلسطين في مناهجنا العمانية؟
** كاتب وباحث في التربية وشؤون المجتمع
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير الأوقاف: مصر ثابتة على موقفها تجاه القضية الفلسطينية
افتتح الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، اليوم، الدورة التدريبية الدولية الثامنة لاتحاد إذاعات وتلفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي، بمركز مصر الثقافي الإسلامي بالعاصمة الإدارية الجديدة، بمشاركة ممثلين من ثماني دول، هي: مصر، والسعودية، والسودان، والجزائر، والسنغال، وتونس، والجابون، واليمن.
أكد الوزير أن انعقاد هذه الدورة في مسجد مصر الكبير ومركزه الثقافي الإسلامي يؤكد رؤية مصر في نشر العلم والمعرفة وتعزيز التعاون الإعلامي بين الدول الإسلامية، مشيرًا إلى أن التعاون المستمر بين وزارة الأوقاف واتحاد إذاعات وتلفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي له أثر واضح في تقديم خطاب ديني وإعلامي مستنير ومواكب لمتطلبات العصر.
أوضح الدكتور أسامة الأزهري أن اختيار عنوان الدورة "دور الإعلام في بناء الإنسان.. رؤية مستقبلية" يؤكد استيعابًا عميقًا لتحديات المرحلة الراهنة، مشددًا على أهمية الإعلام في تشكيل وعي الشعوب وترسيخ القيم الإيجابية، إذ يمثل الإعلام ركيزة كبرى في بناء الإنسان، وهو أحد أهم الأهداف الاستراتيجية لوزارة الأوقاف.
كما أشار الوزير إلى أن هناك روابط وثيقة بين عمل وزارة الأوقاف واتحاد إذاعات وتلفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي، إذ يعمل كلاهما على تقديم خطاب ديني وإعلامي يستوعب متطلبات العصر، ويعزز روح الانتماء الوطني والوعي بتحديات الواقع.
وخلال كلمته، أكد وزير الأوقاف أن الشعب المصري يحتشد بالكامل خلف قيادته السياسية، ممثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي، في موقفه الثابت تجاه القضية الفلسطينية، ورفضه القاطع لمحاولات التهجير القسري، مشددًا على أن الحل العادل يكمن في إعلان قيام الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
من جانبه، أعرب الدكتور عمرو الليثي، رئيس اتحاد إذاعات وتلفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي، عن تقديره العميق لمصر قيادةً وشعبًا، مشيدًا بالتعاون المثمر مع وزارة الأوقاف في تنظيم هذه الدورة.
وأشار إلى أن الإعلام يمثل أداة قوية في بناء الشخصية الواعية وترسيخ القيم الإيجابية، مشددًا على مسئولية الإعلاميين في تقديم محتوى يرتقي بالعقول ويسهم في بناء مجتمعات أكثر وعيًا وقدرة على مواجهة التحديات.
وأضاف أن الإعلام هو صوت الشعوب، وعندما تُقدَّم الرسالة الإعلامية بموضوعية وصدق، فإنها تؤثر إيجابيًّا على تشكيل وعي الأفراد، وتسهم في ترسيخ القيم والمبادئ.
وتقام الجلسات التدريبية والمحاضرات العلمية في أكاديمية الأوقاف الدولية بمدينة السادس من أكتوبر، بمشاركة نخبة من كبار العلماء والمتخصصين في الإعلام والدعوة، بهدف تعزيز دور الإعلام في نشر الفكر الوسطي ومواجهة التحديات الراهنة.
وخلال كلمته، أشاد محمد نوار، رئيس الإذاعة المصرية، بدور وزارة الأوقاف في تنظيم الدورة، مؤكدًا أنها تشكل نقلة نوعية جديدة في الخطاب الديني والإعلامي، كما عبَّر الأستاذ صلاح القادري، رئيس قطاع إذاعة الجمهورية اليمنية، عن إعجابه بمسجد مصر الكبير ومركزه الثقافي، مشيدًا بدور مصر الرائد في دعم القضايا العربية والإسلامية، كما أعرب عبد المجيد مرايحي، رئيس القناة الأولى بالتليفزيون التونسي، عن سعادته بتواجده بهذا الحفل الكريم، مقدمًا التحية لوزير الأوقاف على حسن اختيار عنوان اللقاء، مؤكدًا أن هذا الموضوع يأتي في وقت نحن في أمس الحاجة إليه، مشيدًا بالنقلة النوعية التي يشهدها هذا الاتحاد.
وفي ختام كلمته، دعا وزير الأوقاف إلى مواصلة التعاون بين المؤسسات الإعلامية والدينية، مشيدًا بجهود الإعلام المصري في تشكيل وعي المجتمع ودعم قضايا الأمة، سائلاً الله -تعالى- أن يحفظ بلادنا وأوطاننا جميعًا، وأن يعم الأمن والسلام على العالم أجمع.