21 عاما على غزو العراق.. حرب بدأت بكذبة جلبت كوارث لم تنته بعد
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
تمر اليوم الذكرى الـ 21 عاما على الغزو الأمريكي للعراق، إذ انطلقت أولى الغارات ضد العراق فجر الـ 20 من آذار/مارس 2003 وغطت سماء بغداد بالدخان واللهب.
أطلقت واشنطن تسمية "حرية العراق" على الغزو الذي بدأ بـ 295 ألف جندي من قوات الولايات المتحدة وحلفائها على رأسهم بريطانيا فيما سماها العراق بمعركة "الحواسم".
شاركت أكثر من 30 دولة في التحالف الغربي، وأرسلت كل من المملكة المتحدة وأستراليا وبولندا وغيرهم قوات إلى العراق حيث وصل تعدد القوات البريطانية لأكثر من 45 ألف جندي.
كما قدمت إسبانيا وإيطاليا دعما دبلوماسيا للتحالف الذي قادته الولايات المتحدة، إلى جانب العديد من دول أوروبا الشرقية في "مجموعة فيلنيوس" ، التي قالت إنها تعتقد أن العراق لديه برنامج أسلحة دمار شامل وينتهك قرارات الأمم المتحدة.
بدأت الحرب بغارات جوية مكثفة انطلقت من القواعد الأمريكية في الدول المجاورة للعراق واستهدفت مختلف المدن العراقية لكنها ركزت على العاصمة بغداد، كما هاجمت صواريخ كروز من البحر الأحمر أهدافا داخل البلاد.
واستمر الغزو من بدايته وحتى احتلال بغداد 19 يوما، واجهت فيها القوات الغازية مقاومة من الجيش العراقي الذي كان يقاتل دون غطاء جوي.
سيناريو الحرب
وانطلقت عملية الغزو في 21 آذار/ مارس من الكويت، ودخلت القوات الأمريكية شاقة طريقها نحو الشمال فيما قاتلت برفقة القوات البريطانية في مدينة أم قصر أقصى جنوب العراق.
في اليومين التاليين حاولت القوات الأمريكية اقتحام الشطر الشرقي من مدينة الناصرية، وتوجهت فرقة المشاة الأميركية الثالثة نحو مدينة النجف.
وأبدت القوات العراقية مقاومة عنيفة في مدن مثل الناصرية والبصرة، عرقلت تقدما للقوات الأمريكية التي استطاعت لاحقا بلوغ مناطق لا تبعد عن بغداد إلا بنحو 90 كيلو متر.
أواخر آذار/مارس 2003 شدد الطيران الأميركي قصفه الجوي على فرق الحرس الجمهوري المحيطة بالعاصمة، كما هاجم المارينز مدينة الحلة جنوب بغداد.
في الخامس من نيسان/أبريل أعلنت القوات البريطانية سيطرتها على معظم أحياء البصرة، كما اندلعت معارك في مطار بغداد الدولي.
في التاسع من ذات الشهر احتلت القوات الأمريكية العاصمة بغداد، وتعلن نهاية العمليات القتالية الكبرى، في آيار/مايو، كما وعينت الدبلوماسي الأمريكي بول بريمر حاكما مدنيا للعراق.
واجهت القوات الأمريكية مقاومة عنيفة في العراق خصوصا في بغداد والأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى، حيث قتل أكثر من 4 آلاف جندي أمريكي هناك وفق أرقام البنتاغون.
يقول الكاتب والباحث السياسي العراقي نظير الكندوري، "لم يكن غزو العراق من قبل القوات الأمريكية وبرفقة القوات البريطانية، حدثا عابرا في المنطقة، لا من الناحية السياسية ولا من الناحية العسكرية، بل وحتى الاقتصادية، فالعراق بعد الغزو خرج من معادلة التوازن الاستراتيجي بين العرب والكيان الصهيوني، ورجحت كفة هذا الكيان عسكريا وسياسيا على حساب العرب".
وأضاف في حديث لـ "عربي21”، "بعدها بدأت عمليات التطبيع مع الكيان الصهيوني، واليوم نشهد موجة تطبيع جماعي لدول الخليج وغيرها من الدول مع الكيان".
وأوضح، "أما شرقا، فقد كان هناك تغيير هائل في توازن القوى، فالغزو الأمريكي للعراق، مكن إيران من الاستئثار بنفوذ طاغ في هذا البلد، وهيمنت عليه سياسيا وعسكريا، وأصبح العراق منطلقا لمد نفوذها في باقي الدول العربية، وسقطت البوابة الشرقية التي كانت تحمي العرب من التمدد الإيراني عليها".
وتابع الكندوري، "وما هي إلا سنوات، حتى رأينا إيران تتحكم في مصير أربع دول بشكل مباشر، ودول أخرى بشكل غير مباشر، ووصلت إلى الحالة التي تتعامل فيها إيران اليوم كأحد أهم اللاعبين السياسيين والعسكريين في المنطقة بما تمتلكه من مقومات قوة اكتسبتها بعد سقوط العراق من معادلة الردع التي كان يشكلها تجاه إيران، وتمتلك حاليا إيران، ميليشيات منتشرة بعدة دول تدافع عن مصالحها وتتنفذ أوامرها".
ذرائع الغزو
عقب هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، بدأت إدارة الرئيس جورج دبليو بوش في وضع خطط لغزو العراق.
وادعى بوش أن العراق يخزن ويصنع أسلحة الدمار الشامل كما صنف البلاد كجزء من "محور الشر" الدولي، إلى جانب إيران وكوريا الشمالية.
وفي تشرين الأول/أكتوبر عام 2002، أجاز الكونغرس الأمريكي استخدام القوة العسكرية ضد العراق.
وفي شباط/فبراير من عام 2003، طلب وزير الخارجية الأمريكي آنذاك كولن باول من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إعطاء الضوء الأخضر للقيام بعمل عسكري ضد العراق، قائلاً إنه ينتهك قرارات سابقة لمجلس الامن بسبب امتلاكه برنامج أسلحة دمار شامل حسب زعمه.
ولم يقتنع المجلس حيث أراد معظم الأعضاء أن يقوم مفتشو أسلحة من الأمم المتحدة وهيئة الطاقة الدولية بالمزيد من العمل هناك للعثور على أدلة عن أسلحة الدمار الشامل.
وقالت الولايات المتحدة إنها لن تنتظر تقرير المفتشين وشكلت "تحالف الراغبين" ضد العراق.
إقرار بالكذب
لم تلبث كثيرا حتى اعترفت الولايات المتحدة وبريطانيا بأن الأدلة لغزو العراق كانت ملفقة خصوصا العلاقة بتنظيم القاعدة وأسلحة الدمار الشامل.
بعد الغزو بأربعة أشهر أقرت إدارة بوش بأن المزاعم القائلة بأن العراق حاول الحصول على اليورانيوم من دول أفريقية لم يكن هناك ما يثبتها، وما كان لها أن تدرج في خطاب الاتحاد بداية 2003.
كما قال وزير الخارجية الأمريكي كولن باول للأمم المتحدة في عام 2003 إن العراق لديه "معامل متنقلة" لإنتاج أسلحة بيولوجية، لكنه أقر في عام 2004 بأن الدليل على ذلك "لا يبدو أنه بتلك الصلابة".
وبعد الغزو بعامين، أفاد كبير مفتشي الأسلحة في وكالة المخابرات المركزية أنه لم يتم العثور على أي مخزون من الأسلحة النووية أو الكيميائية أو البيولوجية في العراق.
ومطلع العام الماضي، كشفت وثائق بريطانية أن لندن كانت واثقة من عدم صحة مزاعم امتلاك العراق أي قدرة على الحصول على أسلحة دمار شامل أو صواريخ بعيدة المدى، قبل غزوه بعامين على الأقل.
وتعد وثائق مجلس الوزراء البريطاني، التي أفرج عنها، الأولى من نوعها التي تثبت علم رئيس الوزراء البريطاني، آنذاك، توني بلير بخلو العراق من أي قدرات لامتلاك أسلحة محظورة وفقا لقرارات الأمم المتحدة.
وفي تموز/يوليو 2016 أدانت لجنة تشيلكوت الدور الذي لعبته بريطانيا في الحرب، وتحدثت بالتفصيل، في تقرير مطول، عن المعلومات الاستخبارية الخاطئة والأسس القانونية المشكوك فيها التي استند إليها غزو العراق.
وعن ذلك يقول الكندوري، "شيء يدعو للأسف، والإحباط حينما ترى أن النظام الدولي يُمكن القوي من النجاة بفعلته وجرائمه بمنتهى السهولة، حتى وأن تم اثبات جرائمه، أو اثبات زيف الذرائع التي يتذرع بها لاحتلال الدول، كما في حالة غزو الولايات المتحدة للعراق".
وتابع، "فقد اعترفت أمريكا علنًا بأنها قد تعرضت للتضليل في موضوع ذرائعها لاحتلال العراق وأنها قد أخطأت باحتلال العراق. لكن النظام الدولي دائمًا ما يقف مع القوى، ودائما ما يُمكن القوة من الإفلات من العقاب".
وبين الكندوري، "أنه في الحالة العراقية، لم تكن الولايات المتحدة لوحدها، من تتحمل نتيجة ما حل بالعراق، إنما شاركها في المسؤولية عدد من الدول التي ساعدته في تسهيل مهمة الغزو، يشمل هذا كثير من الدول العربية التي لم تدخر جهدًا في دعم وتسهيل مهمة المحتل الأمريكي، من خلال استخدام أراضيها، وتقديم الدعم اللوجستي له، وكذلك مواقفها السياسية التي كانت ضعيفة في استنكار الغزو الأمريكي، ولم تحمله مسؤولية الفوضى التي عمت البلاد بعد الغزو".
وأشار "إلى أن الركون إلى آليات النظام الدولي في الاقتصاص من المحتل وتحميله مسؤولية الجرائم التي أقترفها، لن تنفع بشيء، وعلى الشعوب الحية والتي تأبى أن تستسلم لمفرزات الاحتلال، عليها النضال من أجل سيادتها والتحرر من التبعية للمحتل. وفي الحالية العراقية، على الشعب العراقي، أن لا يدخر الجهد في النضال من أجل التحرر سواء من المحتل الأمريكي أو المحتل الإيراني الذي يتقاسم معه جريمة الاحتلال".
نفق مظلم
دخل العراق بعد احتلاله نفقا مظلما أعاده عشرات السنين إلى الوراء، فقد عمت البلاد حالة الفوضى وانعدام الأمن وغياب القانون فضلا عن انتشار المليشيات وتدخل أطراف دولية مستفيدة من ضعف العراق.
وتباينت التقديرات للعدد الإجمالي لضحايا الغزو من العراقيين فقد أكدت دراسة أعدها معهد الاستطلاعات البريطاني صيف عام 2007 بأن عدد قتلى الغزو من العراقيين بلغ حتى ذلك التاريخ حوالي مليون شخص، من أصل 26 مليونا هم سكان العراق.
وكان تقرير للمجلة العلمية البريطانية "ذي لانسيت" صدر في أكتوبر/تشرين الأول 2006 قدر عددهم بما لا يقل عن 655 ألف قتيل، فيما ذكرت منظمة الصحة العالمية فتعتقد أن حصيلة القتلى العراقيين تتراوح بين 104 آلاف و230 ألفا.
وبات عراق ما بعد الاحتلال مكانا متخما بالأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية وحتى الاجتماعية، فقد تراجعت مستويات الحياة بشكل حاد حتى باتت العاصمة بغداد أسوأ مكان للعيش في العالم خلال سنوات متعاقبة.
ولم تفلح الحكومات المتعاقبة بانتشال العراق من واقعه المرير، بل وجهت لها اتهامات بإذكاء الطائفية والتورط بالفساد المالي والإداري حيث تذيل العراق قائمة الدول بالشفافية والنزاهة.
وفي كانون الأول/ديسمبر 2011، أعلنت الولايات المتحدة أن جيشها أكمل انسحابه من العراق ذلك اليوم، وأن الانسحاب جاء تطبيقا للاتفاقية الأمنية الموقعة مع حكومة بغداد عام 2008.
21 عاما على الغزو
يقول الكاتب السياسي العراقي نظير الكندوري، "على عكس ما كان يروج له المحتل الأمريكي وبرفقة المحتل البريطاني أبان غزوهم للعراق، من أنهم جاءوا محررين للعراقيين من الدكتاتورية لا محتلين، وعازمين على تأسيس نظام ديمقراطي يتمتع فيه المواطن العراقية بالحرية ورفاهية العيش بما يفوق حال الشعوب المجاورة، لم يلمس المواطن العراقي شيئا من تلك الوعود".
وأضاف في حديثه لـ "عربي21”, "ما نراه اليوم وما يراه العراقيين، هو بلد تعمه الفوضى في كل جوانبه، ويفتقد للأمن ويفقد السيادة، وتعتريه الأوضاع الاقتصادية الصعبة. وتحولت أحلام شباب العراق، من أحلامٍ لتحقيق الطموحات في ثنايا بلده، إلى أحلام بالرحيل عن هذا البلد، عسى أن يجد هناك شيء من الأمان وتحقيق بعض الاحلام التي ضاعت منه في العراق".
وتابع، "أن ما قام به الاحتلال الأمريكي، هو تحطيم للبنية التحتية لشيء أسمه الدولة العراقية، ثم قام بمحاولة تأسيسها على أسس تحمل معها عوامل الهدم والانهيار، عبر أحياءٍ لروح الطائفية، والنزعة القومية".
وأردف الكندوري، "أن الأهم من ذلك كله، ساهم المحتل الأمريكي بإطلاق يد العدو الأول للعراق والعراقيين، يد النظام الإيراني الذي كان يتوق لرؤية العراق مخربًا ضعيفًا لينفس فيه كل أحقاده التاريخية القديمة أو المعاصرة، وهو النظام الذي خاص حربٍ طاحنة لمدة ثمان سنوات لاحتلال العراق ولم يستطيع، حتى جاءت أمريكا لتعطيه فرصة السيطرة على العراق والتحكم بسيادته".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية بغداد غزو العراق الاحتلال الاحتلال بغداد صدام حسين الجيش الأمريكي غزو العراق المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوات البریطانیة الولایات المتحدة القوات الأمریکیة المحتل الأمریکی غزو العراق العراق من بعد الغزو ضد العراق
إقرأ أيضاً:
القوات دان الحملة على الجيش: محاولة للانقضاض على آخر المؤسسات التي تعطي أملا للبنانيين
دانت الدائرة الإعلامية في حزب "القوات اللبنانية" الحملة على الجيش، وقالت في بيان: "كنا نتمنى لو أن ما حصل في لبنان جراء الحرب شكل لحظة وعي بأن الدولة وحدها تشكل الملجأ والملاذ، لكن ما نراه هو ان الفريق الذي صادر قرار الدولة واستجر الحروب على لبنان، ما زال يواصل ضرب ما تبقى في هذه الدولة التي من دونها يعني المراوحة في الحروب والفوضى والخراب. ومناسبة هذا الكلام الحملة التي يشنها محور الممانعة على الجيش اللبناني في محاولة للانقضاض على آخر المؤسسات التي تعطي أملا للبنانيين، وذلك على خلفية حادثة الاختطاف في البترون، وكأن هذا الفريق أفسح في المجال أصلا أمام الجيش ليتحمل مسؤولياته".
واعتبرت ان "مسؤولية الاختراقات كلها تقع على من ادعى القوة وتوازن الرعب والردع، علما ان القاصي يعرف والداني أيضا، بأن ما استخدمته إسرائيل من تكنولوجيا غير قابل للرصد وما قامت به في البترون قامت بالشيء نفسه في سوريا وداخل إيران نفسها، لا بل داخل بنية "حزب الله" نفسه، ومن يريد أن يلوم الجيش عليه ان يلوم نفسه بسبب حجم الاختراقات التي طالته بدءا من استهداف معظم كوادره وصولا إلى اغتيال أمينه العام وخليفته".
وشددت على ان "التلطي خلف واقعة البترون للانقضاض على الجيش اللبناني هي محاولة مكشوفة من قبل من أغرق لبنان واللبنانيين بالحروب والموت والدمار، فيما خشبة الخلاص الوحيدة للبنانيين من أجل الخروج من نفق الحروب إلى الاستقرار والازدهار، تتمثل بالدولة الفعلية وعمادها الجيش الذي وحده يحمي الحدود والسيادة".