لمواجهة الحظر.. تيك توك يحتمي بالجماهير الأميركية والصين تنتقد
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
بكين– تقترب الولايات المتحدة خطوة من حظر تطبيق "تيك توك" الشهير، بعد أن أقر مجلس النواب الأميركي مشروع قانون يدعو المطور الصيني للتطبيق (شركة بايت دانس)، إلى سحب استثماراته من الشركة، أو طرد التطبيق من متاجر التطبيقات الأميركية. ويواجه تيك توك احتمالية الحظر بسبب مخاوف الأمن القومي المتعلقة بـبايت دانس، والشكوك حول علاقتها بالحكومة الصينية.
ويجادل عديد من المشرعين في مجلس النواب الأميركي بأن التطبيق يمكن أن يسمح للحكومة الصينية بالوصول إلى بيانات المستخدم والتأثير على الأميركيين من خلال خوارزمية الإدمان على منصة التواصل الاجتماعي ذات الشعبية الكبيرة التي ينشط عليها نحو 170 مليون مستخدم أميركي، في حين تؤكد الشركة الصينية أنها لا تجمع معلومات تزيد على أي معلومات تجمعها وسائل التواصل الاجتماعي الأميركية.
وفي أول رد لبكين على مشروع القانون، قال الناطق باسم الخارجية الصينية وانغ وينبين إن التذرع بـ"الأمن القومي" لقمع الشركات البارزة من بلدان أخرى بشكل تعسفي يمثل "منطق العصابات"، وهو نهج يخدم أنانية الولايات المتحدة فقط. وأضاف أن مشروع القانون الأميركي "يتعارض مع مبادئ المنافسة العادلة وقواعد التجارة الدولية".
التحرك الصيني القادم
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن السلطات الصينية بعثت برسائل لمالك تيك توك، مفادها أن بكين "تفضل السماح بحظر التطبيق في الولايات المتحدة على بيعه للمستثمرين الأجانب".
ويتميز تيك توك بخوارزميات تعد "الخلطة السرية" للتطبيق، وهي التكنولوجيا التي تمكنه من التوصية بالمحتوى للمستخدمين للحفاظ على تفاعلهم.
ويقول مختصون إن البيع يعني فعليا تصدير هذه التكنولوجيا، التي يجب أن تمر عبر إجراءات الترخيص الإداري. وقالت الدولة الصينية في مناسبات متعددة، إنها تعد مثل هذه التكنولوجيا مهمة لأمنها القومي.
وفي أغسطس/آب 2020، بعد محاولة إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فرض بيع تيك توك، قامت بكين بمراجعة قواعد مراقبة الصادرات الخاصة بها لتشمل مجموعة متنوعة من التقنيات التي تعتبرها حساسة، بما في ذلك التكنولوجيا التي تبدو مشابهة لخدمات توصية المعلومات الشخصية من التطبيق الشهير. ولم تشر بكين إلى أي تغيير في هذا الموقف منذ ذلك الحين.
ويقول الإعلامي الصيني لو كه وين المختص في مجال الأعمال إن تيك توك يمكن أن يسعى إلى "حل وسط" في محاولة تلبية المتطلبات الأميركية للملكية، لكن من غير الواضح ما إذا كان من الممكن تهدئة المخاوف الأميركية من خلال التغيير التجميلي.
وأضاف، عبر مدونته الشخصية، أن هذا الحادث من المرجح أن يؤدي إلى تدهور العلاقات بين بكين وواشنطن "الغارقتين بالفعل في معركة متصاعدة حول الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة، مثل رقائق الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي"، متوقعا أن "تتخذ الصين إجراءات انتقامية ضد الشركات الأميركية مع استمرار قضايا التكنولوجيا والتجارة في مسار سلبي".
تيك توك يتميز بخوارزميات تمكنه من التوصية بالمحتوى للمستخدمين للحفاظ على تفاعلهم (غيتي)وقال متحدث باسم وزارة التجارة الصينية، في مؤتمر صحفي، إن الصين ستتخذ جميع التدابير اللازمة لحماية حقوقها ومصالحها المشروعة بحزم.
وبدأت الصين اتخاذ الإجراءات، وألغت العديد من طلبات القمح من الولايات المتحدة. ووفق بيانات وزارة الزراعة الأميركية، فإن الصين ألغت صفقات متتالية بمجموع 504 آلاف طن، مما تسبب في خفض أسعار العقود الآجلة للقمح الأميركي بشكل مباشر بنسبة 2.7%.
وامتد النقاش باحتمال حظر تيك توك لموقع التواصل الاجتماعي الصيني وييبو، حيث حققت الوسوم المتعلقة بذلك 78 مليون مشاهدة وآلاف منشورات المناقشة.
وفي منشور صنفته المنصة على أنه رائج، تساءل أحد المستخدمين "لماذا لا يمكننا أن نتحدث فقط عن الأعمال التجارية بدلاً من رفع كل شيء إلى مستوى الأمن الوطني؟"، مضيفا "أن التدخل المباشر في العمليات التجارية لا يتوافق مع قيم اقتصاد السوق الحر التي طالما دافعت عنها الولايات المتحدة".
في حين حث بعض المعلقين على الإنترنت بكين على الانتقام من خلال اتخاذ إجراءات ضد الشركات الأميركية العاملة في الصين.
شو تشيو الرئيس التنفيذي لشركة تيك توك أكد في شهادة أمام الكونغرس "إنها شركة خاصة" (أسوشيتد) تيك توك يحتمي بالجمهور!وتواصل الشركة الصينية نفي المزاعم القائلة بأنها تشارك بيانات المستخدم الحساسة مع الحكومة الصينية، وتؤكد "بايت دانس" أنها ليست مملوكة أو خاضعة لسيطرة الحكومة الصينية. وقال شو تشيو، الرئيس التنفيذي لشركة تيك توك، في شهادة أمام الكونغرس في مارس/آذار الجاري "إنها شركة خاصة".
وبالتزامن مع ذلك، استحدثت الشركة أساليب جديدة لتغير سير الأحداث لصالحها، ومحاولة قلب الجمهور الأميركي على المشرعين للضغط في محاولة إبطال مشروع القانون.
وقبل وبعد تمرير مشروع القانون في مجلس النواب الأميركي، دفعت شركة تيك توك نوافذ منبثقة تدعو المستخدمين إلى إصدار موقف، والاتصال بأعضاء مجلس النواب المحليين، ودفعهم للتصويت ضد حظر تيك توك.
وتستفيد تيك توك من معارضة مستخدمي التطبيق لمشروع القانون، وخاصة منشئي المحتوى الذين تمكنوا من تحقيق دخل من مقاطع الفيديو الخاصة بهم لجني عدة مئات إلى آلاف الدولارات الأميركية كل شهر.
كما أن مجموعات الحقوق المدنية والرقمية في الولايات المتحدة، مثل اتحاد الحريات المدنية الأميركي ومؤسسة الحدود الإلكترونية، تساند موقف عدم الحظر، إذ تقول إن الحظر المباشر أو غير المباشر من شأنه أن ينتهك التعديل الأول للدستور، مما سيخنق حرية التعبير ويقيد وصول الجمهور إلى مصدر مهم للمعلومات.
ويقول آشلي جورسكي، كبير المحامين في مشروع الأمن القومي التابع لاتحاد الحريات المدنية الأميركي، إن الحكومة لا يمكنها فرض هذا النوع من الحظر الشامل ما لم تكن هذه هي الطريقة الوحيدة لمنع حدوث ضرر خطير للغاية وفوري للأمن القومي، وهي لا تمتلك دليلا عاما على هذا النوع من الضرر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الولایات المتحدة مشروع القانون مجلس النواب تیک توک
إقرأ أيضاً:
أثار قلق واشنطن.. ما وراء التعاون العسكري بين روسيا والصين بالقطب الشمالي
موسكو- بات التعاون الروسي الصيني في منطقة القطب الشمالي بمرمى اتهامات أميركية جديدة رافقتها تحذيرات من أن توسع هذا التعاون بدأ يشمل المجال العسكري كما تشير إلى ذلك تصريحات السفير الأميركي لشؤون القطب الشمالي مايكل سفراجا الذي قال إن بلاده "تراقب عن كثب تكرار وتعقيد التعاون العسكري بين روسيا والصين في المنطقة"، معتبرا أنها تنقل "إشارات مثيرة للقلق".
وتتوالى في الآونة الأخيرة تصرحيات لمسؤولين أميركيين تتحدث عن قلق لدى الإدارة الأميركية بخصوص هذا التعاون في هذه المنطقة الحيوية، بما في ذلك على الصعيد التجاري.
كما تأتي في وقت يعمل فيه البلدان على تعميق العلاقات الشاملة بينهما لتشمل تزويد بكين موسكو بسلع تصنف ذات استخدام مزدوج، الأمر الذي ترى فيه واشنطن التفافا على العقوبات الغربية المفروضة على الكرملين.
خطوات استباقيةوارتفع منسوب الهواجس الأميركية بشكل خاص في سبتمبر/أيلول الماضي بعد إجراء موسكو أكبر مناورة عسكرية لها منذ 30 عاما في مياه المحيطين الهادي والمتجمد الشمالي والبحر المتوسط وبحري قزوين والبلطيق بمشاركة سفن حربية صينية قال مراقبون روس إنها لإظهار التعاون العسكري في القطب الشمالي واستعداد الصين للمشاركة في مواجهة الهيمنة الأميركية.
لكن الباحث في الشؤون الدفاعية قسطنطين إيغناتوف يعتبر أن محاولات الولايات المتحدة تقديم التعاون العسكري الروسي الصيني على أنه تهديد وجبهة جديدة في الصراع بين القوى العظمى هي خطوات استباقية تمهيدا لـ"عسكرة" منطقة خطوط العرض الشمالية من قبل واشنطن وبلدان حلف شمال الأطلسي (ناتو).
ويوضح إيغناتوف للجزيرة نت أن هذا التعاون يهدف إلى تأمين قدرات دفاعية مشتركة بين البلدين وتوفير استجابة سريعة للتهديدات التي يمكن أن تنشأ هناك لمصالح موسكو وبكين التجارية والاقتصادية، وعليه فإن الطابع الرئيسي لهذا التعاون هو دفاعي صرف.
ويشير إلى ما أن وصفها بالمزاعم الأميركية بشأن وجود تهديد في التعاون الروسي الصيني تأتي للتغطية كذلك على تمدد الناتو في مناطق الشمال بعد انضمام فنلندا إلى الحلف ونشرها طائرات "إف-35" قرب الحدود الروسية.
وبرأيه، يتطلب ذلك تعزيز القدرات الدفاعية الروسية على الحدود الشمالية والقطب الشمالي لمواجهة التمدد الأطلسي المتزايد، وهو ما يشكل كذلك تهديدا مباشرا للمصالح الاقتصادية الصينية في المنطقة.
مصالح متزامنةفي المقابل، يقول الخبير الاقتصادي فياتشيسلاف بريكودين إن المنطقة لا تشكل أولوية بالمعايير الصينية على الرغم من وفرة البيانات الروسية الصينية المشتركة التي تؤكد أهمية القطب الشمالي لتنمية الموارد والخدمات اللوجستية.
ووفقا لبريكودين، تمتد مصالح بكين إلى "الكوكب بأكمله تقريبا"، أي إلى الأماكن الجغرافية التي توجد فيها مناطق أكثر ربحية اقتصاديا للاستثمار، الشيء الذي لا يتوفر بشكل مثالي في القطب الشمالي ذي الظروف المناخية القاسية، وعلى الرغم من الاحترار العالمي المعلن فإنها منطقة لا يمكن التنبؤ بها تجاريا في المستقبل القريب.
وحسب الخبير بريكودين، لا توجد مصالح وطنية جوهرية لبكين في هذه المنطقة، ولا ترتبط أي تهديدات أو تحديات لأمنها العسكري بالقطب الشمالي، كما أن تطورها المستقبلي لا يعتمد على حجم وجودها فيها.
ويشير إلى أن الموارد الطبيعية في القطب الشمالي لا تقدم أي مزايا خاصة أو خصائص فريدة مقارنة بالموارد المتوفرة في مناطق أخرى من العالم.
وبخصوص الطريق البحري الشمالي فيُنظر إليه كممر إضافي وليس رئيسيا، ولا بد من النظر إلى مشاركة بكين في مشاريع النفط والغاز وغيرها في القطب الشمالي وتطوير طريق بحر الشمال، وذلك في سياق تنويع مصادر واردات الموارد وأساليب نقل البضائع الدولية، كما يقول بريكودين.
ويضيف أن البلدان المهتمة بتطوير وتعزيز مصالحها في القطب الشمالي "محكوم عليها بالتعاون"، لأنه من غير الممكن العمل بمفردها في مثل هذه المنطقة المعقدة، وعلى هذا الأساس تعتبر الصين الشريك المثالي لروسيا هناك.
تهديد رئيسيويؤكد الخبير بريكودين أنه من المبالغة القول إن الإستراتيجيات الروسية والصينية في القطب الشمالي متوافقة تماما، فالموقف الصيني الذي يصر على الدور العالمي الذي تلعبه المنطقة باعتبارها تراثا للإنسانية جمعاء يتناقض مع الروسي بشأن حصرية حقوق الدول الشمالية في أراضي هذا القطب.
وبشأن هذه الحالة، يقول إن كل دولة تتصرف على أساس مصالحها الخاصة وليست المتطابقة تماما، وإن إنشاء تحالف عسكري روسي صيني غير مناسب وغير مطروح في الوقت الحالي، ويبقى التفاعل بينهما ذا طبيعة اقتصادية بحتة، ولا يوجد سبب للاعتقاد بأنه سوف يتخذ في المستقبل المنظور اتجاها عسكريا.
وكانت "إستراتيجية القطب الشمالي" المحدثة التي نشرتها وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إشارات إلى وجود مجالات خلاف كبيرة بين الصين وروسيا، لكنها اعتبرت أن التنسيق المتزايد بينهما في المنطقة يعد مدعاة للقلق.
وبدأ اهتمام بكين بمناطق الشمال تدريجيا بعد أول رحلة استكشافية علمية في عام 1984، تبعه مرور كاسحة الجليد "شيويهلونغ" على طول مسار البحر الشمالي في عام 2012، والحصول على وضع مراقب في مجلس القطب الشمالي سنة 2013 وإعلان نفسها "دولة قريبة من هذا القطب" في عام 2018.
لكن الوثائق والبيانات الإستراتيجية الصادرة عن كبار المسؤولين في الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (بما فيها إستراتيجية الأمن القومي والقطب الشمالي) تحدد روسيا والصين باعتبارهما التهديدين الرئيسيين في هذه المنطقة.