في كتابه الذي صدر له منذ أيام عن دار "ناشرون" تناول الدكتور محمد السيد إسماعيل عددا من الأفكار الدينية التنويرية التي يمكنها أن تمثل جسرا فكريا عقائديا نحو مستقبل الأمة الاسلامية التي عانت طويلا مما أطلق عليه "الرجعية الدينية" والتي تسببت في ظهور العديد من الجماعات المتطرفة دينيا فضلا عن المشاكل الاجتماعية التي ارتبطت بهذه الجماعات في العقود الأخيرة.
وتناول الكاتب في كتابه تجارب عدد كبير من الكتاب والمثقفين والمفكرين المصريين والعرب على مدى نحو قرن وكيف اجتهدوا لإرساء دعائم الدولة الحديثة التي تستلهم روح الدين الذي يدفعها للأمام ولا يجرها للخلف.. الدين الذي يحترم العقل ويقدس حرية الفكر والتعبير ولا يجعل هناك قيودا كهنوتية تقيده وتعرقل تقدمه.
تضمن الكتاب تسليطا للضوء على أفكار وكتابات الشيخ علي عبد الرازق والمفكر الكبير زكي نجيب محمود والدكتور فؤاد زكريا والدكتور فرج فودة ونصر حامد أبوزيد والمستشار محمد سعيد عشماوي والمفكر الإسلامي خالد محمد خالد، واستعرض الكاتب أفكار هؤلاء وتعرض لبعضها بالنقد أو التأييد في مسار بناء "الدولة الحديثة".
وتعرض الكتاب لقضية التعليم باعتبارها المحور الأهم في قضية "التنوير" التي تضيء أمام المجتمع آفاق المستقبل وانتقد تعدد مسارات التعليم ما بين تعليم مدني رسمي وهو ما تشرف عليه وزارة التربية والتعليم وتعليم موازٍ له يتم تحت إشراف مؤسسة الأزهر وتعليم آخر مستحدث يأخذ في التوسع بشكل مخيف وهو التعليم الذي تقدمه المدارس الدولية "الانترناشيونال" وهي كلها مسارات متعارضة تسير في اتجاه مواز وتخرج عقولا تتعارض ولا تتوافق وبالتالي تهدد السلام الاجتماعي في المستقبل وتعمق الفجوة بين أبناء المجتمع الواحد.
ويشير المؤلف إلى أن مصطلح "الدولة الحديثة " التي أسسها محمد علي لم تكن اسما مطابقا للمسمى فقد كان الفقر والجهل والمرض سائدا في هذه الدولة بشكل كبير وكان المجتمع يطلق عليه اسم "مجتمع النصف في المائة" وهو مجتمع يملك بيئة خصبة ومواتية لنمو الفكر الخرافي والرؤى الدينية المتخلفة.
والكتاب الذي يقع في نحو مائتي صفحة من القطع المتوسط يمثل محاولة جادة في اتجاه تحديث الفكر الديني ويطالب مجددا بفتح باب الاجتهاد وعدم الوقوف على القضايا الفكرية التي تجاوزها العصر منذ عدة قرون فالتحديات المعاصرة بحاجة إلى عقول وأفكار تستطيع أن تعبر بالأمة الي شاطئ النجاة في ظل عالم مليء بالصراعات الطائفية التي يتم تغذيتها من الخارج عن قصد للنيل من وحدة ووجود عالمنا الإسلامي والعربي.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: نصر حامد أبوزيد الدكتور فرج فودة
إقرأ أيضاً:
الأولى منذ سقوط الأسد.. ما دلالات الغارة التي نفذها التحالف الدولي في إدلب؟
أثارت الغارة التي نفذتها طائرة تابعة لـ"التحالف الدولي" بقيادة واشنطن الأربعاء في ريف إدلب، تساؤلات لجهة دلالاتها وتوقيتها، وخاصة أنها تعد الأولى منذ سقوط نظام بشار الأسد.
وكانت مصادر سورية قد كشفت عن هوية الشخصين المستهدفين بالغارة على أطراف مدينة سرمدا بريف إدلب الشمالي.
وبيت المصادر أن الطائرة استهدفت بصواريخ دقيقة شخصين كانا يستقلان دراجة نارية، هما محمد فياض الذيبان، من بلدة الشيخ إدريس بريف سراقب شرقي إدلب، ونايف حمود عليوي، من بلدة العنكاوي في منطقة سهل الغاب شمال غربي حماة.
والذيبان الذي تعرض لإصابة قديمة أدت إلى بتر قدمه، وفق المصادر يرتبط بتنظيم الدولة، أما الشخص الثاني فهو مدني.
من جهته، أشار مصدر في حديث خاص لـ"عربي21" إلى أن الذيبان المرتبط بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، تلقى تعليمات لإعادة نشاط خلايا تتبع للتنظيم في إدلب، وكان يخضع للمراقبة من قبل "التحالف الدولي".
خطوة متقدمة ضد "داعش"
ويرى الباحث في الجماعات الإسلامية عرابي عرابي، أن الهجوم يهدف إلى منع خلايا تابعة لتنظيم الدولة من إعادة نشاطها وتجميع صفوفها، موضحا لـ"عربي21" أن "الضربة تعرقل بناء سلسلة القيادة للتنظيم".
وقال الباحث إن الضربة هي "خطوة متقدمة" من التحالف، وذلك بعد أيام من ظهور خلايا التنظيم عبر التخطيط لعملية تفجير داخل مقام السيدة زينب في دمشق، وهو الهجوم الذي أعلنت الأجهزة الاستخباراتية التابعة لـ"إدارة العمليات العسكرية" عن إحباطه الأسبوع الماضي.
وكان مصادر حقوقية سورية قد حذرت من استغلال أطراف إقليمية لخلايا تنظيم الدولة "داعش"، في تفجيرات هدفها إشعال الفتنة بين مكونات الشعب السوري.
ملاحقة المتشددين
يرى الخبير العسكري وعميد كلية العلوم السياسية في "الجامعة الأهلية" عبد الله الأسعد، أن الغارة الأولى من نوعها بعد سقوط النظام، تؤشر إلى استمرار "التحالف الدولي" بملاحقة المتشددين وخلايا التنظيم.
وقال الأسعد لـ"عربي21": يبدو أن هناك حالة من الإصرار من قبل "التحالف الدولي" على استهداف خلايا التنظيم، وعناصر الجماعات المتشددة، رغم التطورات التي حدثت في سوريا.
وأضاف أن "التحالف الدولي" يقول إن "لدينا معرفة واسعة بما يجري في إدلب وغيرها، واستهداف الذيبان المرتبط سابقاً بتنظيم الدولة، هو الدليل".
الفراغ في إدلب
أما المحلل السياسي فواز المفلح، يشير في حديثه لـ"عربي21" إلى المخاوف من استغلال خلايا التنظيم للفراغ في إدلب، بسبب انشغال "هيئة تحرير الشام" بإدارة كل سوريا، بعد تمكنها برفقة الفصائل من إسقاط النظام.
وأوضح أن إدلب من المناطق التي تتواجد بها خلايا تتبع للتنظيم، حيث قتل فيها أكثر من مسؤول بارز، مثل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، وخليفته "القرشي".
ويعتقد المفلح أن "التحالف" زاد من مراقبة تحركات التنظيم في إدلب خاصة، وفي سوريا عامة بعد انهيار نظام الأسد.
ووفق مراكز أبحاث غربية، فقد منح انهيار نظام الأسد "المفاجئ" تنظيم الدولة "فرصة جديدة"، حيث استولى على مخزونات من الأسلحة والمعدات التي خلفها جيش النظام السوري والميليشيات الموالية له، بينما أكد خبراء أن "التنظيم يعمل حاليا على تدريب مجندين جدد وحشد قواته في الصحراء السورية، في محاولة لإحياء مشروعه".