تعرف على مفهوم رواية الحديث بالمعنى
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
مفهوم رواية الحديث بالمعنى، قال الدكتور كريم عبد الجواد محمود باحث في السنة النبوية وعلومها هي أداء الحديث بألفاظ مختلفة مع الإبقاء على معانيه وأحكامه ومقاصده، وقد اختلف العلماء في رواية الحديث بالمعنى وتغيير مفرداته، وأكثر الفقهاء والمحدثين على الجواز، ومن أقوى حججهم الإجماع على جواز شرح الشريعة للعجم بلسانهم للعارف به، فإذا جاز الإبدال بلغة أخرى فجوازه باللغة العربية أولى.
وقيل: إنما تجوز لمن يستحضر اللفظ؛ ليتمكن من التصرف فيه، وقيل: إنما تجوز لمن كان يحفظ الحديث فنسي لفظه وبقي معناه مرتسمًا في ذهنه، فله أن يرويه بالمعنى لمصلحة تحصيل الحكم منه، بخلاف من كان مستحضرًا للفظه( )، وغير ذلك من الأقوال التي بلغت أكثر من اثني عشر قولًا، "والأصح أن الحديث إن كان مشتركًا أو مجملًا أو متشابهًا أو من جوامع الكلم لم يجز نقله بالمعنى أو محكمًا جاز للعالم باللغة أو ظاهرًا يحتمل الغير كعام يحتمل الخصوص أو حقيقة يحتمل المجاز جاز للمجتهد فقط، ثم متى خفي معناه احتيج في معرفة المعاني الإفرادية إلى الكتب المصنفة في شرح الغريب ونعني به مفردًا يكون استعماله بقلة في زماننا، ومعرفة المعاني التركيبية إلى الكتب المصنفة في شرح معاني الأخبار ونعني بها المعاني التركيبية المشكلة"( ). وقد وضع المحدثون محترزات للرواية بالمعنى كقول الراوي عقب روايته: (أو كما قال) أو (نحوه) أو (شبهه) أو شكله)، فقد كان أنس كما عند الخطيب في الباب المعقود لمن أجاز الرواية بالمعنى يقولها عقب الحديث (ونحوه) من الألفاظ.
وروى الخطيب أيضًا عن ابن مسعود أنه قال: سمعت رسول الله :... ثم أرعد وأرعدت ثيابه، وقال: أو شبه ذا أو نحو ذا. وعن أبي الدرداء أنه كان إذا فرغ من الحديث عن رسول الله قال: هذا، أو نحو هذا، أو شكله. ورواها كلها الدارمي في مسنده بنحوها، ولفظه في ابن مسعود: قال، أو مثله، أو نحوه، أو شبيه به( ). وفي لفظ آخر لغيره، أن عمرو بن ميمون سمع يومًا ابن مسعود يحدث عن النبي وقد علاه كرب، وجعل العرق ينحدر منه عن جبينه، وهو يقول: إما فوق ذلك، وإما دون ذلك، وإما قريب من ذلك
قال الخطيب: “والصحابة أصحاب اللسان وأعلم الأمة بمعاني الكلام لم يكونوا يقولون ذلك إلا تخوفًا من الزلل؛ لمعرفتهم بما في الرواية على المعنى من الخطر”.
قال القاضي عياض: “ينبغي سد باب الرواية بالمعنى؛ لئلا يتسلط من لا يحسن، ممن يظن أنه يحسن، كما وقع لكثير من الرواة، قديما وحديثًا”.
ومن أمثلة الراية بالمعنى وما أحدثته من الوهم في الرواية: ما رواه هشيم بن بشير عن الزُّهري حديث: "لا يتوارث أهل ملتين"( )، فقد رواه كلُّ أصحاب الزُّهري عنه بلفظ: “لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم”.
قال ابن حجر: "وقد حكم النَّسائي وغيره على هشيم بالخطأ فيه، وعندي أنه رواه من حفظه بلفظٍ ظنَّ أنه يؤدِّي معناه، فلم يصبْ، فإن الَّلفظ الذي أتى به أعمُّ من اللفظ الذي سمعه، وسبب ذلك أن هشيمًا سمع من الزُّهري بمكة أحاديث، ولم يكتبها، وعلق بحفظه بعضها، فلم يكن من الضَّابطين عنه، ولذلك لم يخرج الشَّيخان عنه شيئًا"( ). ويشهد لقول ابن حجر ما رواه عمرو بن عون عن هشيم قال: “سمعت من الزهري نحوًا من مئة حديث، فلم أكتبها”.
ومن أمثلته أيضًا ما ورد في قوله "فكره رسول الله أن يُعرى المسجد"( ) مكان: "أن تعرى المدينة"، ومرجع الخطأ فيه إلى الرواية بالمعنى، فإن معنى كراهية أن تعرى المدينة هو أن تُترك خالية، لأن العراء هي الفضاء من الأرض، فكأنه حرص أن تبقى جهات المدينة عامرة بساكنها، وهذا المعنى لا يوجد في "أن يعرى المسجد"، ويحتمل أن يكون هذا مجرد وهم من يحيى في لفظ الحديث حيث قال: المسجد مكان: المدينة، وليس من أجل الرواية بالمعنى.
وقد ظهر الخلل أيضًا عند بعض كبار المحدثين عند سوقهم الحديث بالمعنى وتبويبهم عليه الأبواب لذلك، فهذا الإمام أبو حاتم ابن حبان، قد ترجم في تقاسيمه: " إيجاب دخول النار لمن أسمع أهل الكتاب ما يكرهون "، وساق فيه حديث أبي موسى الأشعري بلفظ: “من سمع يهوديًّا أو نصرانيًّا دخل النار”.
وتبعه غيره، فاستدل به على تحريم غيبة الذمي، وكل هذا خطأ، فلفظ الحديث: “من سمع بي من أمتي أو يهودي أو نصراني فلم يؤمن بي دخل النار”.
وكذا ترجم المحب الطبري في (أحكامه) "الوليمة على الأخوة"، وساق حديث أنس: "قدم عبد الرحمن بن عوف فآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع"؛ لكون البخاري أورده في بعض الأماكن من (صحيحه) باختصار قصة التزويج مقتصرًا على الإخاء والأمر بالوليمة، ففهم منه أن الوليمة للأخوة، وليس كذلك، والحديث قد أورده البخاري تامًّا في أماكن كثيرة، وليست الوليمة فيه إلا للنكاح جزمًا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كريم عبد الجواد السنة النبوية
إقرأ أيضاً:
غياب مفهوم التماس الأعذار بين الزوجين وجبر الخواطر.. مفتي الجمهورية يوضح
تحدث نظير عياد، مفتي الديار المصرية، عن كثرة الطلاق في الآونة الاخيرة، قائلاً " الحديث عن الأسرة في هذه الآونة أصبح ضرورة ملحة خاصة مع تنامي الخلافات الأسرية وكثرة الطلاق والشجار بين الزوجين وهو مايتنافي مع وصفه الله عز وجل بالميثاق الغليظ.
وتابع"عياد" خلال لقاء تلفزيوني مع الإعلامي حمدي رزق، مقدّم برنامج "نظرة"، المذاع على قناة "صدى البلد" اليوم الجمعة، أن الأصل في هذا الميثاق الديمومة والاستمرارية.
وأضاف مفتي الديار المصرية، نحن الآن ننظر إلي الطلاق نظرة حزن بسبب كثرة الطلاق وحدوثه لاتفه الأسباب و أقلها بل وبدون أسباب.
وأوضح نظير عياد، أن أسباب الطلاق ترجع لعدد أمور بعضها تتعلق بالزوجين والبعض الآخر تتعلق بالبيئة المحيطة بيهما وأسباب اخرى تتعلق بطبيعة العصر مؤكداً علي غياب مفهوم التماس الأعذار بين الزوجين.
وأختتم حديثه، قضية جبر الخواطر متوارثة وتنتقل من الأجداد إلي الأباء والأباء والذي نفتقده الآن مشيراً بأن المقصد الرأسي في بناء الأسرة هو الرحمة والسكن وكل ذلك نابع من جبر الخواطر.