عيد الأم 2024.. تأملات في تراث الأمومة من خلال إيزيس والفراعنة
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
باتت ساعات قليلة تفصلنا عن موعد عيد الأم 2024، وبهذه المناسبة يعلو الشوق والفرح في قلوب الناس للاحتفال بهذه المناسبة الرائعة التي تجمع بين الحب والامتنان تجاه الأمهات، ويمثل عيد الأم فرصةً مميزةً لتقديم العرفان والتقدير لهؤلاء النساء العظيمات اللواتي يملكن أرواحًا من الذهب ويبذلن كل جهدهن من أجل سعادة أسرهن.
وفي هذا الموضوع، تنشر بوابة الفجر الإلكترونية تفاصيل كاملة عن عيد الأم 2024 وكيفية الاحتفال به في القدم.
عيد الأم 2024يحتفل العالم يوم 21 مارس من كل عام بمناسبة عيد الأم، والذي يأتي هذا العام وسط أجواء رمضانية مليئة بالهجة والروحانيات التي تغلفها صلة الرحم بين الأهل والأقارب وفي القلب منهم الأمهات.
ورغم أن هناك اعتقاد عام بأن تقليد الاحتفال بعيد الأم قد بدأ في الغرب، منحدرًا عن احتفالات الربيع لدى الإغريق والرومان للاحتفاء بالإلهات الأمهات، أو يوم أحد الأمومة Mothering Sunday، الذي يأتي قبل عيد الفصح بثلاثة أسابيع، لدى مسيحيين أوروبا منذ عام 1600، إلا أن الواقع يؤكد أن أول احتفالات بعيد الأم بدأت هنا في مصر الفرعونية، فقد احتفل الفراعنة بعيد الأم، وكانت الحضارة المصرية من الحضارات التي أعطت المرأة مكانتها وحقوقها.
مكانة الأم مقدسة عند قدماء المصريينكانت مكانة الأم مقدسة عند قدماء المصريين منذ بداية الأسرات، وهو ما تمثل جليًا في تحديد يوم سنوي للاحتفال بإيزيس رمز الأمومة والزوجة الصالحة في الديانة المصرية القديمة، فخلدوها في آثار معابدهم، وفي متون الخلق والتكوين وفي الأساطير والبرديات المقدسة، كما اختاروا العدد الأكبر من آلهتهم من الأمهات.
بردية الاحتفاء بعيد الأميقول أحمد عامر الباحث فى الآثار المصرية، إن الحضارة المصرية قدست المرأة وكانت أول من احتفت بالأمومة، حيث تم العثور على بردية تعود لعصر الدولة القديمة منذ نحو خمسة آلاف عام يحتفل فيها بالأم، حيث نجد أن المصريين القدماء كانوا في ذلك اليوم يضعون في غرفتها الهدايا والتماثيل المقدسة المعبرة عن الأمومة، وكان يتم الإحتفال بعيد الأم في مصر القديمة آخر شهور فيضان النيل، ونجد أنه في عهد المصريين القدماء أن المرأة قد تمتعت بحقوق كثيرة، فنجد إشتغالها بالكثير من المهن والحرف حتى صارت ملكة تحكم البلاد.
إيزيس رمز الأمومةوتابع "عامر": إن المصريين القدماء إتخذوا من "إيزيس" رمزًا للأمومة، وكانت تمثل كثيرًا وهى ترضع حورس، كما صارت أيضًا رمزًا للأمومة والحماية، وكان يتم الإحتفال بهذا العيد بإقامة مواكب من الزهور تطوف المدن، كما نجد أيضًا أن المصريين القدماء إعتبروا تمثال "إيزيس" التي تحمل إبنها "حورس" وهي ترضعه رمزًا لعيد الأم فوضعوه في غرفة الأم وأحاطوه بالزهور والقرابين، ووضعطوا حوله الهدايا المقدمة للأم في عيدها الذي يبدأ الاحتفال به مع شروق الشمس.
وأشار "عامر" أن المصريين القدماء جعلوا من "حتحور" إلهةً للحب والعطاء وللأمومة، بل وعبدوها، فقاموا بتصويرها بملامح أم طيبة تدرك عطفها فور رؤيتها، ترجع جذور عبادتها إلى عبادة البقرة الوحشية لترتبط بفكرة الإلهة الأم وتجسد الطبيعة، كما عُرفت بإلهة السماء، كما عرّفها "مينا" موحد الشمال والجنوب على لوحته بـ "بات".
وأوضح أحمد عامر أن المرأة في مصر القديمة كانت رمزًا للأمومة والإلهة التي تلد وتقوم برعاية الطفل حتى سن البلوغ، كما حرص الملوك على ضرورة تلبية احتياجات النساء، ويظهر ذلك جليًا في نقوش الحكمة التي ألقاها العلماء في واحدة من برديات للحكيم "بتاح حتب" حيث أوصي فيها بحفظ قيمة الأم وهو بيقول: "إذا كنت عاقلًا فأسس لنفسك دارًا وأحبب زوجتك حبًا جمًا وآتها طعامها وزودها بالثياب وقدم لها العطور لينشرح صدرها، فهى حقل مثمر لصاحبه وإياك ومنازعتها ولا تكن شديدًا عليها فباللين تستطيع أن تمتلك قلبها وأعمل دائمًا على رفاهيتها ليدوم صفاؤك"، كما نجد أيضًا من وصايا "الحكيم آنى" إلى ابنه فيقول له "يجب ألا تنسى فضل أمك عليك، ما حييت فقد حملتك قرب قلبها، وكانت تأخذك إلى المدرسة وتنتظرك ومعها الطعام والشراب، فإذا كبرت وإتخذت لك زوجة فلا تنسى أمك".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: عيد الأم عيد الأم 2024 ايزيس المصریین القدماء بعید الأم عید الأم
إقرأ أيضاً:
تأملات قرآنية
#تأملات_قرآنية
د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآية 41 من سورة العنكبوت: “مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ۖ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ ۖ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ”.
لما أن أراد الله للناس أن يؤمنوا به بقناعاتهم، فقد خصص أكثر من ثلث آيات كتابه الكريم لمخاطبة العقل، ولتقريب الفهم استعمل الأمثال، وهي المطابقة بين حالة مألوفة مفهومة للعقل، والحالة المطلوب استيعابها.
ولأن عقول البشر متباينة في الاستيعاب، لذلك خصص الله من الأمثال درجات متعددة في العمق، ففي الحالات البسيطة استعمل معها ما يوازيها من الأمثال، مثل مماثلة مضاعفة أجر من ينفق في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، أما الحالات المعقدة الفهم فاستعمل معها أمثلة عميقة تحتاج تبحرا في العلم مثل “اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ..”.
مثل العنكبوت هو من نوع الأمثال العميقة، والتي تحتاج من البشر معرفة علمية متقدمة، لم يكن قد وصلوها زمن التنزيل، لذلك أرادها الله لاقناع البشر في مرحلة قادمة عندما يتأهلوا معرفيا لفهم أبعاد هذا المثل، والتي ما اكتشفوها ألا حديثا، ومنها:
1 – في قوله تعالى “اتخذت” بصيغة المؤنث، فما اكتشوا الا حديثا أن من ينسج الشبكة بهذا الإعجاز الهندسي الباهر هو الأنثى، وليس للذكر دور في ذلك.
2 – إن هذا البيت رغم متانة بنيانه انشائيا إلا أنه ضعيف هش وظيفيا، فهو لا يحقق متطلبات استقرار الأسرة، فالأنثى بعد أن تحصل على تلقيح الذكر تأكله، والبيوض بعد أن تفقس تأكل اليرقات الصغيرة أمها، فهذا البيت أوهن البيوت لأنه يفتقد الترابط الأسري والعلاقة الحميمية بين أفراده.
بالمقابل ضرب الله مثلا معاكسا للبيت المتين المنتج بحشرة أخرى هي النحل، فقال: وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ . ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ۚ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” [النحل:68-69].
ومن خلال المقارنة بين الحالتين نلاحظ الفارق:
1 – اتخاذ النحل بيته لم يكن اختيارا منه بناء على متطلب ذاتي كما العنكبوت(اتخذت)، بل بإيحاء من الله (اتخذي)، لذلك كان المنتج مختلفا، فقد نفعت النحل نفسها وأهل بيتها، كما قدمت نفعا للبشر أراده الله من انتاجها العسل.
وهنا لا بد من دحض فكرة العلمانيين المنكرين لوجود مدبر للكون، والتي تقول بأن النحل ينتج العسل تخزينا لطعامه فصل الشتاء ولليرقات الجديدة، وأن الانسان يسلبه ذلك المخزون، لكن ما ينتجه يفوق حاجته بعشرة أضعاف، فما الذي يدفعه لإجهاد نفسه بانتاج هذه الكمية الضخمة لولا أنه مسخر لذلك من قبل الخالق لأجل انتفاع الإنسان بهذا المنتج الذي لا يمكن أن يصنعه بذاته، بل هذه الحشرة تحديدا من بين كل الحشرات.
2 – اذاً فوظيفتها الهامة النافعة للبشر، لم تخترها بذاتها، بل بإيحاء من الخالق “اسلكي سبل ربك” أي ما هيأه لها من وسائل تهديها في غدوها ورواحها يوميا من غير ان تضل أو تتوه، ما زال العلم لم يكتشفها، وهذه السبل ذللها الله لها لتؤدي مهمتها الجليلة.
3 – نستنتج أن منهج الله يحقق التعاون المنتج للنفع العام، فيما منهج النفع الفردي عكسه، لذلك رأينا الغرب منبهر بمنهج العنكبوت، فبطلهم (سبايدرمان)، والشبكة العنكبوتية مثلهم الأعلى، وأسس الرأسمالية على منواله: الأقوى يأكل الأضعف بعد استنفاد النفع منه.
لكن هنالك طبقة أعمق في هذا المثل، وهي ما عناه تعالى بقوله: “وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ” [العنكبوت:43]، أي مخصصة للعلماء الذين سيتوصلوا الى معرفة الإعجاز العلمي الكامن في هذا المثل.
ان استخدام لفظة (العالمون) وليست بصيغة جمع التكسير (العلماء)، لأنه يختلط فيهم المتقدم علميا وطالبوا العلم والباحثون، بينما جمع المذكر السالم (العالمون) مخصص للقمم ممن وصلوا درجة عالية من العلم، وهؤلاء استحقوا هذا اللقب لأنهم بالعلم عرفوا الله، وهو مصدر العلم الأساسي، فالعلم الذي يؤخذ من المصدر مطلق الصحة، بخلاف ما يؤخذ عن البشر أو بالتجريب، فهو ناقص أو غير مؤكد، وقد ينقضه باحث آخر.