مفتي الجمهورية في حوار لـ «الأسبوع»: تزييف الوعي وتضليل العقل أخطر على الشباب من جميع مُغيِّبات العقل
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
الصدقة والتكافل الاجتماعى ومساعدة المحتاجين من العبادات المحببة في شهر رمضان
أطلقنا صفحة إلكترونية مخصصة لشهر رمضان تنشر محتوى متعلق بالصيام والعبادات
زكاة الفطر هذا العام 35 جنيهًا مصريًا كحد أدنى للفرد
تقود دار الإفتاء الدور التوعوي والفكري في المجتمع، وتأتي على رأس المؤسسات الدينية في الدولة في تصحيح المفاهيم الخاطئة المنتشرة لدى الأفراد، كما تقوم بدورها التاريخي والحضاري من خلال وصل المسلمين المعاصرين بأصول دينهم وتوضيح معالم الإسلام، هذا إلى جانب دورها الذي يبرز مع شهر رمضان المبارك، وذلك من خلال خطتها التي تضع فيها كيفية اغتنام الشهر الفضيل نصب أعينها، لذا توجهنا بالحديث مع الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، في حوار من القلب، ليكشف لنا عن جهود دار الإفتاء في تنمية الوعي الفكري، وخطتها الجديدة في شهر رمضان هذا العام.
ـ كيف تقوم دار الإفتاء بتنمية الوعي والفكر لدى أفراد المجتمع؟
*أخذت دار الإفتاء المصرية على عاتقها مهمة بناء الوعي وتصحيح المفاهيم وبذلت الكثير من الجهود في هذا المجال في الداخل والخارج خاصة لدى الشباب، لأن تزييف الوعي وتضليل العقل أخطر على الشباب من جميع مُغيِّبات العقل ومُذهِبَات الفهم، فغياب الوعي من أكبر الأخطار المهددة لهم، وهذا هو ما يعلمه أعداء الأمة وأعداء البشرية من حماة التطرف والإرهاب فيستخدمونهم بابًا لتسريب أفكارهم ومِعوَلًا لهدم أساس الأمة وبنائها».
ـ وماذا عن دور دار الإفتاء في تصحيح المفاهيم الخاطئة في المجتمع وبخاصة جيل الشباب؟
*استشعرت دار الإفتاء خطر الفتاوى الشاذة والمضللة على الأمة فأنشأت في 2014 مرصد «الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة»، وقد سار هذا المرصد على نهج الصحابي ابن عباس رضي الله عنهما في جداله وحواره مع الخوارج بالحجج والبراهين، وهو مرصد يعمل على مدار الساعة من خلال محاور ثلاثة، الأول: عملية رصدية لما يصدر من فتاوى تكفيرية وآراء متشددة، والثاني: تحليل هذا المرصود من خلال وحدة التحليل الموجودة في دار الإفتاء المصرية، والأمر الثالث: إصدار تقرير عن عملية الرصد، مشيرًا إلى أن المرصد أصدر أكثر من 1000 تقرير حتى الآن كلها تعكس الخبرة التي اكتسبناها من خلال تحليل الأحداث والفتاوى.
كما قامت دار الإفتاء بدراسة المنشورات والكتابات المتطرفة، ويقوم فريق متخصص بتصنيفها، وكثيرًا ما يتم استهداف الدار من خلال كتائب إلكترونية، خاصة عندما يتم نشر أي شيء يخص دعم الدولة الوطنية لتكوين رأي عام مضاد، ونحن نقف طويلًا عند أي آراء بناءة نصحح من خلالها المسار وفكرة النقد البناء هامة وفكرة الوعي هامة أيضًا.
ـ من وجهة نظر فضيلتكم ما الذي ينقصنا اليوم لنشر ذلك الوعي؟
*يلزمنا اليوم أن ننظر إلى بناء الوعي كمسئولية مشتركة، يؤدي كلٌّ منَّا فيها دوره في نَسَقٍ متكامل، وهذا النسق الذي تنتظم فيه الجهود التوعوية لا يمكن أن ينتظم إلا من خلال بناء جسور دائمة من التعاون المستمر بين مؤسسات الدولة المصرية، وانطلاقًا من تلك الرؤية شاركت دار الإفتاء المصرية في تلك المبادرة التي أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعي بواسطة مجموعة من قياداتها وكوادرها في الحلقات التدريبية التي تضمنتها المبادرة.
ـ وهل هناك استعدادات تقوم بها دار الإفتاء مع الدخول في شهر رمضان المبارك؟
*بكل تأكيد.. كعادتها كل عام أخذت دار الإفتاء استعداداتها لشهر رمضان المبارك 2024 من خلال خطة متكاملة ومتنوعة تضم العديدَ من الأنشطة والفعاليات والبرامج الرمضانية لتقديم الخدمات الإفتائية للجمهور وطالبي الفتوى خلال الشهر الكريم عبر مختلف الوسائل.
ـ وما هي خطة دار الإفتاء لرمضان هذا العام؟
*تشمل خطة دار الإفتاء لشهر رمضان مجموعة متنوعة من الخدمات الشرعية، تهدف إلى تسهيل التواصل بين طالبي الفتوى والدار باستخدام التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بها، وخلال هذا الشهر الفضيل، ستزيد الدار من ساعات البث المباشر عبر صفحتها الرسمية، وستمتد ساعات استقبال الأسئلة عبر الاتصالات الشفهية والهاتفية والإلكترونية حتى الساعة التاسعة مساءً، إلى جانب هذا تم إطلاق صفحة إلكترونية مخصصة لشهر رمضان تنشر محتوى متعلقا بالصيام والعبادات، وتحتوي على فتاوى معتمدة من دار الإفتاء المصرية، كما يشارك علماء الدار في برامج تلفزيونية للرد على استفسارات المشاهدين حول رمضان وأحكام الصيام، وسيتم توفير الفتاوى والبيانات الصحفية اليومية لفضيلة المفتي ودار الإفتاء، وإضافة إلى ما سبق تتواصل الدار أيضًا مع المسلمين في الخارج من خلال تطبيق "Fatwa Pro" ومنصة "IFatwa.org"، وبدأت الدار في إطلاق حملات إلكترونية عبر منصات التواصل الاجتماعي لتعزيز الإيمان وتقديم نماذج من الطاعات والعبادات.
ـ مع الدخول في شهر رمضان المبارك نود أن نتعرف من فضيلتكم كيف نحسن استغلال الشهر الكريم؟
*استعداد الإنسان لشهر رمضان المبارك يتطلب تنظيمًا واستعدادًا شاملًا على الصعيدين الروحي والجسدي، ومن بين الطرق التي يمكن للإنسان الاستعداد بها لشهر رمضان: التوبة والاستغفار، فيجب على الإنسان التوبة من الذنوب والتقرب إلى الله بالاستغفار، استعدادًا لاستقبال شهر الرحمة والمغفرة، وكذلك الاستعداد روحيًا لاستقبال نفحات الشهر الكريم، فينبغي على الإنسان أن يقوي علاقته بالله من خلال الصلاة والقرآن والذكر والدعاء، وذلك ليكون قلبه مستعدًا لاستقبال ليالي العبادة والتأمل في هذا الشهر الفضيل، لذا علينا في رمضان أن نغيِّر من سلوكياتنا وأفعالنا السيئة إلى الأعمال الحسنة والإيجابية والتوبة من الأفعال التي لا يرضاها الله عز وجل، فيكون لهذا مردود على كل من يحيط بنا، ولِما لا وقد خصَّ الله تعالى شهر رمضان من بين سائر شهور العام بالتكريم والبركة، وجعله موسمًا عظيمًا تنهل منه الأمة من الخير ما لا يمكن حصره ووصفه، حتى بات هذا الشهر الكريم يمثل غاية كبرى وأمنية منشودة للصالحين يتمنون على ربهم بلوغها وإدراك هذا الزمان المبارك والاستعداد والتهيؤ ظاهرًا وباطنًا لإحيائه بإخلاص النية لله تعالى والعزم على اغتنام أوقاته والاجتهاد فيه بالأعمال الصالحات وهم في صحَّة وعافية ونشاط.
ـ وما هي أكثر الأعمال المستحبة في شهر رمضان؟
*أبواب الخير كثيرة، والتنافس في الطاعات من الأمور الجميلة المطلوبة في هذا الشهر الكريم خصوصًا وفي كل وقت عمومًا، ومن بين الطاعات والأعمال المستحبة في شهر رمضان المبارك، هناك العديد من الأعمال والطاعات المستحبة التي يمكن للمسلمين القيام بها لزيادة الأجر والقرب من الله، ومن بين هذه الأعمال والطاعات: قراءة القرآن الكريم وتدبره على مدار أيام شهر رمضان، فرمضان هو شهر القرآن وفيه نزل، هذا إلى جانب صلاة القيام والتهجد فينبغي للمسلم أن يكثر من الصلوات والأذكار في شهر رمضان، خاصة في الليالي الفضيلة مثل العشر الأواخر وتحري ليلة القدر.
ومن العبادات المحببة في شهر رمضان الفضيل الصدقة والتكافل والاجتماع بكافة صوره ومساعدة المحتاجين وقد ورد في الحديث الشريف عن سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إن الصدقة لتطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء»، مما يظهر أهمية الصدقات في تطهير النفوس ورضا الله، وكذلك إطعام الطعام وتفطير الصائمين، وتعتبر هذه الأعمال من أفضل الطاعات في شهر رمضان، حيث يجزي الله سبحانه وتعالى من يفطر مسلمًا بمثل أجر الصائم دون أن ينقص من أجر الصائم شيئا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا»، مما يظهر فضل إطعام الطعام وتفطير الصائمين في شهر رمضان، وعلاوة على ما سبق كل أعمال الخير والطاعات وخدمة المجتمع فيمكن للمسلم أن يقوم بأعمال خيرية ويخدم المجتمع بشكل فعّال في شهر رمضان، مثل توزيع الطعام على الصائمين وزيارة المساجد والمستشفيات وتقديم يد العون للمحتاج.
ـ وما هو حكم الإفطار عمدا في رمضان؟
*الإفطار في نهار رمضان بلا عذر كبيرةٌ من كبائر الذنوب، وتجب التوبة على مَنْ أفطر في رمضان لغير عذر، فلا بد من أن يتوب المفطر منها التوبة الصادقة، وذلك عملا بقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلا مَرَضٍ لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ، وَإِنْ صَامَهُ»، كما أن نصوص الفقهاء جاءت في هذا الأمر أن من أفطر في نهار رمضان متعمدًا بأكل أو شرب بدون عذرٍ لجبرِ ما فاته من طاعة وتكفير ما لحقه من إثم، فأجمعوا على أنه يلزمه القضاء، فمن أكل أو شرب في نهار رمضان عامدًا عالمًا بوجوب الصوم عليه من غير عذر ولا ضرورة من سفر أو مرض أو نحوهما، فقد ظلم نفسه باقتراف كبيرة من كبائر الذنوب، والواجب عليه في هذه الحالة أن يتوب إلى اللهِ تعالى منها بالاستغفار والندم، مع وجوب قضاء الصوم.
ـ وهل يقبل الصوم ممن دخل عليه رمضان قبل قضاء ما عليه من أيام؟
*الأيام التي أفطرها المسلم في رمضان بعذر شرعي تعتبر من الأعذار المبيحة للفطر يجب قضاؤها وهي دين في رقبته لا ينفك إلا بالقضاء، لكن من حيث صحة صيام شهر رمضان قبل قضاء ما على الإنسان من أيام أفطرها فإن ذلك لا يؤثر على صحة صوم رمضان الحالي، فإذا صام المسلم رمضان هذا العام ولا يزال عليه أيام لم يقضها خلال عام وأقبل رمضان الجديد بينما ذمته مشغولة بـالأيام الماضية التي أفطرها، فإنه يجب عليه صوم رمضان هذا العام، ولا تأثير للأيام التي مضت على صحة صومه الحالي، وعليه قضاءها في أسرع وقت.
ـ وما هو فضل ليلة القدر وكيف يغتنمها منها العبد بالتقرب إلى الله؟
*ليلة القدر ليلة عظيمة في شهر رمضان، وهي ليلة تُعد من أفضل الليالي في السنة وأعظمها قدرًا وثوابًا، وقد ورد في القرآن الكريم أن ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر، كما جاء في سورة القدر يقول تعالى: «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ»، (القدر: 1-3)، وفي هذه الليلة، يُغفر الله سبحانه وتعالى لعباده التائبين الذنوب ويُعتق من النار، وتُرفع الأعمال الصالحة إلى الله، ويُقضى فيها أمر الخلق بما يُقدر لهم من الأرزاق والأعمال، وتنزل فيها الملائكة ويعم فيها الشعور بالسلام والسكينة حتى مطلع الفجر، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأن ليلة القدر تقع في العشر الأواخر من شهر رمضان، وخاصة في الليالي الفردية منها، ومن فضائلها أيضًا أن الدعاء في هذه الليلة مستجاب بإذن الله، لذا يجب علينا أن نجتهد في العبادة طوال شهر رمضان وخاصة في العشر الأواخر، خاصة في الليالي الفردية منها، والتضرع إلى الله بالدعاء والتوبة والاستغفار، والقيام بالأعمال الصالحة، عسى أن يكرمنا بنفحات وبركات ليلة القدر.
ـ وماذا عن مقدار زكاة الفطر هذا العام في ظل ظروف الغلاء؟
*مقدار زكاة الفطر هذا العام 35 جنيهًا مصريًا كحد أدنى عن كل فرد مع استحباب الزيادة عن ذلك لمن يستطيع، وتقدير قيمة زكاة الفطر لهذا العام، جاءت بالتنسيق مع مجمع البحوث الإسلامية برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وتم حسابها بما يعادل «2.5» كيلوجرام من القمح عن كل فرد، نظرًا لأنه غالب قوت أهل مصر، كما أن دار الإفتاء المصرية أخذت برأي الإمام أبي حنيفة في جواز إخراج زكاة الفطر بالقيمة نقودًا بدلًا من الحبوب، تيسيرًا على الفقراء في قضاء حاجاتهم ومطالبهم، والفتوى مستقرة على ذلك.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية شوقي علام رمضان 2024 دار الإفتاء المصریة شهر رمضان المبارک رمضان هذا العام صلى الله علیه الشهر الکریم فی شهر رمضان زکاة الفطر لشهر رمضان لیلة القدر هذا الشهر فی رمضان إلى الله خاصة فی من خلال فی هذا من بین
إقرأ أيضاً:
مفتي الديار الهندية يعزي شيخ الأزهر في وفاة شقيقته
أعرب مفتي الديار الهندية، الشيخ أبو بكر أحمد، عن خالص تعازيه لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ولأسرته الكريمة في وفاة شقيقته، وذلك في كلمة ألقاها نيابة عن نفسه وعن جميع أعضاء جمعية علماء أهل السنة في الهند.
ودعا الشيخ أبو بكر أحمد الله عز وجل أن يتغمد الفقيدة بواسع رحمته، ويسكنها فسيح جناته، كما طلب من الله أن يمنح أهلها وذويها الصبر والسلوان في هذا المصاب الجلل.
وأكد مفتي الهند قائلاً: «نسأل المولى أن يمنَّ على الفقيدة بالرحمة والرضوان، ولكم من بعدها الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون. خفف الله عنكم مصابكم، وأحسن عزاءكم، وأخلف لكم الأفضل، وطمأنكم بالخير والرؤية الحسنة له. اللهم اغفر للمتوفاة حتى لا يبقى من المغفرة شيء».
اقرأ أيضاًبدء إجراء اختبارات مسابقة شيخ الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم بالغربية
حزب «الشعب الجمهوري» بقنا يقدم واجب العزاء لشيخ الأزهر الشريف في وفاة شقيقته
شيخ الأزهر يتلقى برقية تعزية من الرئيس الفلسطيني في وفاة شقيقته