محلل أمريكي: هجمات جماعة الحوثي في البحر الأحمر تعطي دروسا صعبة للغرب
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
قال المحلل الأمريكي والمحامي الدولي المتقاعد رامون ماركس، إن هجمات جماعة الحوثي في البحر الأحمر تعطي دروسا صعبة للغرب.
وأضاف ماركس -في تحليل نشرته مجلة ناشونال إنترست الأمريكية- إنه على الرغم من القوة البحرية الأمريكية، لا يزال الحوثيون متماسكين، ويهاجمون بشكل متكرر حركة الملاحة التجارية والسفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر.
ولفت إلى أن ما يحدث في البحر الأحمر، يُظهر كيف أن تطوير صواريخ متنقلة وأرضية مضادة للسفن، ومسيرات رخيصة يحدث ثورة في الحرب البحرية، تماما كما أحدثت حاملات الطائرات ثورة في القرن الماضي. ولم يعد بإمكان سفن القتال السطحي، بما في ذلك حاملات الطائرات، التحكم بشكل كامل في البحار. ويجب على المنصات السطحية هذه، أن تراقب أنظمة الأسلحة الشاطئية التي يمكن أن تصل إليها الدول وحتى المتمردون. إن نجاح أوكرانيا في صد البحرية الروسية بالمسيرات والصواريخ في البحر الأسود، تمكن الحوثيون من نقله إلى البحر الأحمر، وهو شيء لم يكن من الممكن تصوره قبل أعوام قليلة.
ويرى ماركس أن الدرس الاستراتيجي الذي يمكن تعلمه من حملتي البحر الأسود والبحر الأحمر، هو أن إحصاء عدد السفن الحربية ربما لم يعد أفضل دليل لتقييم قدرة دولة على غلق الممرات البحرية أو السيطرة عليها . إن الصواريخ الشاطئية والمسيرات غير القابلة للغرق، القادرة على ضرب أهداف على بعد مئات وحتى آلاف الأميال في البحر، يمكن أن تشكل الآن نفس تهديد السفن الحربية السطحية أو تهديدا أكبر. وتمتلك الصين صواريخ متنقلة مضادة للسفن ومسيرات منتشرة بطول سواحلها (ومن بينها الجزر) والتي يبلغ طولها 19 ألف ميل. وستشكل مواجهة هذه الصواريخ الصينية الأرضية غير القابلة للغرق وأنظمة المسيرات تحديا أكبر للبحرية الأمريكية من قتال الحوثيين.
وقال ماركس إن العقوبات التي فرضها الغرب على موسكو بسبب أوكرانيا، دفعت روسيا بالفعل إلى الابتعاد عن أوروبا والتعامل بشكل أكبر مع الشرق. وخلال العامين اللذين شهدا قيام حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات، ارتفعت الواردات الروسية من الصين إلى مستويات، اتضح بما يثير الدهشة، أنها أكبر من الواردات من الاتحاد الأوروبي إلى روسيا قبل أن تدخل العقوبات الغربية حيز التنفيذ.
واستبعد ماركس أن تتمكن البحرية الأمريكية، والتي انضم إليها حلفاء أوروبيون في إطار العملية “أسبيدس” من التوصل إلى حل عسكري حاسم للقضاء على هجمات الصواريخ والمسيرات الحوثية. كما أن استمرار الجمود البحري مع الحوثيين لا يعد انتصارا. ومع إدراك أنه لا يمكن حل الأزمة عسكريا، بدأت واشنطن بالفعل في السعي إلى صيغة دبلوماسية، حتى أنها تواصلت مع طهران للمساعدة في إجراء مفاوضات عبر قنوات خلفية.
واختتم رامون ماركس تحليله بالقول إن إنهاء هجمات الحوثيين قد ينتظر حتى تحقيق السلام في غزة. وحتى عندما يأتي هذا اليوم، لن تنتهي التداعيات طويلة المدى لما حدث في البحر الأحمر. وستستمر شرايين النقل التجاري الجديدة في روسيا في الاندماج مما سيؤدي إلى تحويل اتحاه أنماط التجارة الدولية، كما سيستمر النقاش بشأن كيفية تكيف القوات البحرية الحديثة مع المسيرات الأرضية والصواريخ المضادة للسفن. وستستمر هذه التحديات أمام الغرب لفترة طويلة بعد توقف هجمات الحوثيين بشكل نهائي.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن جماعة الحوثي أمريكا البحر الأحمر هجمات فی البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
بعد استهدافها لـ8 مرات… حاملة الطائرات الأمريكية “ترومان” تغادر المنطقة
الثورة نت/
غادرت حاملةُ الطائرات الأمريكية (يو إس إس هاري ترومان) البحرَ الأحمر، جارَّةً خلفَها أذيالَ الهزيمة التي جرَّتها قبلَها ثلاث حاملات طائرات أرسلتها الولايات المتحدة لوقف العمليات اليمنية المساندة لغزة خلال معركة طوفان الأقصى، لكنها اصطدمت بتحدٍّ عملياتي وتكتيكي غير مسبوق جعلها عاجزة تمامًا عن إحداث أي تأثير، للمرة الأولى في تأريخها، بل ووجدت نفسها مطارَدةً بهجمات نوعية مباشرة، الأمر الذي أجبر كبار قادة البحرية الأمريكية على الاعتراف باستحالة ردع اليمن، وأشغل وسائل الإعلام ومراكز الدراسات الأمريكية والعالمية بالحديث عن دلالات وتداعيات هذا الفشل التاريخي.
ووفقًا لبيانٍ أصدرته البحرية الأمريكية، مساء الخميس، فَــإنَّ حاملة الطائرات (هاري ترومان) قد غادرت البحر الأحمر ووصلت إلى اليونان بعد قرابة شهرين من قدومها إلى المنطقة، لتكون رابع حاملة طائرات أمريكية تغادر المنطقة بدون تحقيق الهدف الرئيسي لإرسالها والمتمثل في ردع القوات المسلحة اليمنية وإضعاف قدراتها والتأثير على موقف القيادة اليمنية بواسطة القوة.
وعلى العكس من ذلك الهدف، فَــإنَّ مغادرة الحاملة ترومان يأتي تتويجًا لهزيمة تاريخية كبرى لحقت بالبحرية الأمريكية في مواجهة اليمن، حَيثُ لم تقف الأمور عند حَــدّ العجز عن وقف العمليات المساندة لغزة والفشل في حماية الملاحة الصهيونية، بل أصبحت حاملات الطائرات الأمريكية والسفن الحربية التابعة لها أهدافًا مباشرة للضربات اليمنية، الأمر الذي أجبرها على البقاء بعيدًا على مسافة مئات الأميال من منطقة العمليات اليمنية، قبل أن تهرُبَ من جهات مختلفة، حَيثُ فرَّت الحاملتان (أيزنهاور) و (ترومان) من شمال البحر الأحمر، فيما فرت الحاملتان (روزفلت) و(لينكولن) عبر المحيط الهادئ.
وكانت الحاملة (هاري ترومان) قد تعرضت قبل هروبها لست هجمات صاروخية وجوية يمنية في ظرف شهر واحد فقط، وكانت أقرب نقطة تمكّنت الحاملة من الوصول إليها تبعد عن اليمن أكثر من 600 كيلو متر، وسرعان ما اضطرت للتراجع عن تلك النقطة باتّجاه شمال البحر الأحمر بعد الهجوم الأول، في ديسمبر، لتتمركز على بُعد حوالي 1500 كيلو متر، قبل أن تحاول الاقتراب مجدّدًا وتتعرض لهجمات أُخرى، في مطاردة أثبتت القوات المسلحة خلالها تفوُّقًا عملياتيًّا وتكتيكيًّا كَبيرًا على البحرية الأمريكية، حَيثُ جاءت تلك الهجمات استباقية وتمكّنت من إفشال اعتداءات كبيرة كانت حاملة الطائرات تحضِّرُ لها في كُـلّ مرة.
وعلاوة على ذلك، فقد تعرضت الحاملة (ترومان) ومجموعتها من السفن الحربية لفضيحة في أول محاولة لها للاعتداء على اليمن بعد وصولها بأيام، حَيثُ تعرضت لهجوم استباقي كبير سبَّب حالة إرباك غير مسبوقة جعلت السفينة الحربية (جيتيسبيرج) تطلق صواريخَها على الطائرات الحربية الأمريكية، في محاولة لاعتراض الصواريخ والمسيَّرات اليمنية، ما أسفر عن إسقاطِ مقاتلة من نوع (إف-18)، فيما نجت مقاتلة أُخرى من نفس النوع بصعوبة؛ الأمر الذي سلط المزيد من الضوء على مدى التفوق التكتيكي والعملياتي للقوات المسلحة في مواجهة أحدث أنظمة وأساليب القتال الأمريكية، على عكس البحرية الأمريكية التي ظلت محشورة في مربع الصدمة منذ بداية المواجهة برغم محاولاتها الحثيثة لتعديل تكتيكاتها وأساليبها لمواكبة التحدي غير المسبوق الذي شكلته العمليات اليمنية.
هذا أَيْـضًا ما أكّـدته اعترافات جديدة بالهزيمة والفشل، ترافقت مع مغادرة حاملة الطائرات (هاري ترومان) وحدّدت بوضوح سياق هذه المغادرة التي ربما كانت ستحدث في وقت سابق لولا وقف إطلاق النار في غزة، حَيثُ قال نائب رئيس العمليات البحرية الأمريكية نائب الأدميرال دانيال دواير: إن “القتال في البحر الأحمر أظهر أن التكنولوجيا ليست نهائية الابتكار ولن ينحصر المستقبل عليها” مُشيرًا إلى أن “التدريب الجيد لا يكفي” في مواجهة “التقنيات الجديدة والمختلفة” التي استخدمتها القوات المسلحة في معركة البحر الأحمر.
وأضاف: “إذا نظرنا للتهديد في البحر الأحمر سنجده متعدد المجالات، إنه تحت البحر وعلى البحر وفوق البحر” مُشيرًا إلى أنه “بينما تُطَوِّرُ البحرية الأمريكية تكتيكاتها وإجراءاتها وتقنياتها، فَــإنَّ الخصوم يراقبون ويغيِّرون الطريقة التي يقاتلون بها”.
وتؤكّـد هذه التصريحات بوضوح فشَلَ البحرية الأمريكية في مواكبة المستجدات التقنية والتكتيكية والعملياتية التي فرضتها القوات المسلحة اليمنية في معركة البحر الأحمر، وهو ما يؤكّـد بدوره أن الهزيمة الأمريكية أمام اليمن لم تكن ناتجة عن “تردّد سياسي” لإدارة بايدن كما يروج البعض، بل كان ناتجة عن سقوط مدوٍّ لاستراتيجيات الردع الرئيسية.
وفي هذا السياق أَيْـضًا، أكّـد كليفورد ماي، رئيسُ ومؤسّسُ “مؤسّسة الدفاع عن الديمقراطيات” والتي تعتبر واحدةً من أبرز منظمات الضغط الأمريكية المؤيدة للكيان العدوّ، أنَّ “الاستجابةَ العسكرية الأمريكية” للوضع في البحر الأحمر كانت “مكلفة وغير فعَّالة استراتيجيا” حسب وصفه، مُشيرًا إلى أن “الولايات المتحدة أنفقت ما يُقدَّرُ بمليار دولار لاعتراض وتدمير الصواريخ الحوثية القادمة، وهو نهجٌ أشبهُ بإطلاق النار على السهام”.
واعتبر ماي أنه إذَا لم تتم هزيمة القوات المسلحة اليمنية فَــإنَّ “صورة الضعف الأمريكي سوف تتعزز، والأهم من ذلك أنها سوف تشكل سابقة” مُشيرًا إلى أن “تكلفة تحويل مسار السفن، للقيام برحلة طويلة حول الساحل الجنوبي لإفريقيا، تُقدَّر بأكثر من 40 مليار دولار خلال العام الماضي”.
وبالنظر إلى البُعد الاستراتيجي الواضح للهزيمة الأمريكية والذي يتعلق بمفهوم “الردع” مباشرة، فَــإنَّ إدارة ترامب -وبرغم محاولاتها الدعائية لحصر الهزيمة على الإدارة السابقة- تبدو عاجزة تمامًا عن تغيير الوضع؛ فحتى قرار التصنيف الجديد الذي حاولت من خلاله أن تظهر وجود “نهج مختلف” عن نهج إدارة بايدن، لا يمتلك أي أفق لإحداث تأثير حقيقي، وهو ما باتت مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام الأمريكية تقر به، حَيثُ أكّـد المعهد الأمريكي للسلام، أنه “من غير المرجح أن يغيّر أي تصنيف إرهابي أجنبي، أَو مزيج من الوصفات السياسية، الأهدافَ الاستراتيجية للحوثيين فيما يتصل بفلسطين” مُشيرًا إلى أن “تأثير التصنيف المحتمل على مسار الصراع ليس مؤكّـدًا على الإطلاق”.
وهذا ما أكّـده أَيْـضًا لجوءُ الولايات المتحدة مؤخّرًا لتحريكِ حكومة المرتزِقة واستخدامها كغطاء لتحقيق أهداف قرار التصنيف، من خلال التنسيق لتصعيدٍ جديدٍ ضد وسائل الإعلام الوطنية، حَيثُ كشفت هذه الخطوةُ بشكل واضح عن انعدامِ الخيارات الفعَّالة لدى الولايات المتحدة وعن المسافة الكبيرة التي باتت تفصلُ بين الأوراقَ المتاحة وبين هدف “الردع” الذي انهار في البحرِ الأحمر إلى غير رجعة.