إخضاع المجتمع بتفجير المنازل.. إرهاب حوثي على خطى الأئمة
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
أعادت حادثة تفجير منازل المواطنين في مدينة رداع محافظة البيضاء، التذكير بواحدة من أهم أدوات الإرهاب التي تستخدمها جماعة الحوثي لإخضاع المجتمع اليمني خلال السنوات الماضية.
وأقدمت مليشيات الحوثي الثلاثاء، على تفجير منازل أسرتي (ناقوس، الزيلعي) في حي "الحفرة" مدينة رداع ما أدى لتدمير عدد من المنازل الشعبية المجاورة وانهيارها فوق رؤوس ساكنيها.
ووفق تصريحات رسمية لوزير الإعلام بالحكومة اليمنية معمر الارياني، فقد أدى ذلك إلى سقوط (12) شهيدا غالبيتهم نساء وأطفال، فيما لا يزال (20) آخرون تحت الأنقاض.
وعقب موجة الغضب التي أشعلتها الفيديوهات المتداولة للجريمة، حاولت مليشيات الحوثي التخفيف من ذلك، بإقرارها بالجريمة وتبريرها بأنها كانت "نتيجة خطأ" من قبل بعض عناصرها، بحسب تصريح ناطق وزارة الداخلية التابعة لها.
محاولة المليشيات تصوير الجريمة بأنها خطأ فردي، يفضحه التصريح ذاته الذي يشير إلى السبب الحقيقي وراء الجريمة، حيث قال بأن عناصر المليشيات قاموا بتفجير المنازل "كردة فعل غير مسؤولة.. أثناء تنفيذ حملة أمنية لملاحقة متهمين بقتل اثنين منهم".
ويشير اعتراف المليشيات، إلى مقتل 2 من عناصر المليشيات أحدهم شقيق المشرف الأمني الحوثي المدعو "أبو حسين الهرمان" في كمين نصبه شاب من آل"الزيلعي" مساء الأحد، انتقاماً لمقتل شقيقه على يد المشرف الحوثي قبل نحو عام.
حيث يمثل إقرار مليشيات الحوثي، تذكيراً بسياستها المعتمدة لديها منذ ظهورها قبل نحو 20 عاماً بتفجير منازل خصومها ومن تتهمهم بقتل عناصرها، كوسيلة لإرهاب المجتمع وقمع أي محاولات تمرد أو مقاومة ضدها.
وتلجأ مليشيات الحوثي إلى هذه السياسة بشكل واضح في المناطق التي تتعرض فيها لمقاومة ورفض شعبي كمحافظة البيضاء التي خاضت مع أبنائها معارك دامية طيلة السنوات الماضية، وهو ما يفسر تصدر المحافظة المرتبة الأولى للمحافظات اليمنية في عدد المنازل التي فجرتها وفق تقرير حقوقي صدر أواخر العام الماضي.
وأصدر المركز الأميركي للعدالة، تقريراً تحت عنوان "دموع على الركام"، كشف عن مقتل وإصابة 51 مدنيًا جراء تفجير 713 منزلا خلال سنوات الحرب، 703 منها قامت بها مليشيات الحوثي في 15 محافظة، تصدرتها محافظة البيضاء بـ188 منزلاً تلتها تعز بعدد 110 منازل.
آخر جرائم تفجير المنازل من قبل المليشيات، كان مطلع يونيو من العام الماضي بتفجيرها لمنزل قيادي في المقاومة بمنطقة "الروضة" جنوبي محافظة مأرب، سبقه بشهرين تفجيرها لثلاثة منازل للمواطنين في قرية "الزور" التابعة لمديرية صرواح غرب المحافظة.
سياسية تفجير المنازل من قبل مليشيات الحوثي يراه اليمنيون امتداداً لنهج الأئمة الزيدية الذين حكموا اليمن لفترات متقطعة خلال الـ1200 عام الماضية، وتحديداً منذ قدوم الهادي الحسين الرسي إلى اليمن وتنصيب نفسه إماماً بقوة السيف أواخر القرن الثالث الهجري.
وهو ما يؤكد عليه رئيس فرع المكتب السياسي للمقاومة الوطنية محافظة إب كامل الخوداني في تعليق له على ما حدث في رداع، بأن تفجير المنازل ليست تصرفات فردية، بل منهجية إمامية متوارثة منذ مئات السنين.
مضيفاً بأن "تفجير المنازل على رؤوس ساكنيها ودفنهم أحياء تحت أنقاضها ونهب أملاكهم وحرق مزارعهم والإيغال بسفك الدم منهجية متوارثة لدى الجماعة منذ مئات السنين هدفها إرهاب الخصوم وإخضاع العامة وبث الهلع بالنفوس".
ويشير الخوداني إلى كتب السير والمؤرخين ومنها ما كتبه المؤرخ ابن سمرة الجعدي عن حقبة الهادي الرسي وعمليات الهدم والتدمير للمنازل والحرق للمزارع والقتل الجماعي البشع ونهب الممتلكات لدرجة هدمه لمنازل قرى ومدن كاملة.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: ملیشیات الحوثی تفجیر المنازل
إقرأ أيضاً:
تبرير المليشيات- منكر في ذهنية المثقف وسقوط أمام الحاضر
زهير عثمان
تبرير سلوك إباحة إقامة المليشيات هو أمر منكر في ذهنية المثقف، مهما كان رصيده الأخلاقي أو خلفيته الفكرية، سواء كان يسارياً عتيقاً أو أكاديمياً مرموقاً لا يُشق له غبار. فالكِبْر الفكري قد يخل بالطرح، ويتقزم أمام معطيات الحاضر، حيث تصبح المواكبة ضرورة، لكنها عصية على من يستسلم لتصوراته القديمة أو نزعاته الذاتية. وأقول هذا لك أيها الشيخ الحكيم، لأننا نعيش في عالم متغير، يفرض علينا تحليلاً عميقاً يتجاوز التأريخ المكرر إلى فهم واقعي وحاضر لما نعيشه اليوم.
رد على طرح "حق الجيوش في توظيف المليشيات": تفكيك وتحليل
التوظيف التاريخي للمليشيات من قبل الدول، بما فيها السودان، يتطلب فهماً عميقاً لسياقات الدولة الحديثة ووظائفها. هذا الفهم يُبرز الإشكالية في طرح فكرة "حق الجيوش في توظيف مليشيات"، حيث أنها تفتقر إلى التعليل القانوني والمؤسسي، وتدفع بتبريرات قد تبدو مقبولة تاريخيًا ولكنها تتعارض مع طبيعة الدولة الحديثة. فيما يلي تحليل للمحاور الرئيسية
الدولة الحديثة واحتكار العنف المشروع
وفقاً لماكس فيبر، الدولة الحديثة تحتكر استخدام العنف المشروع كأحد أسس وجودها. وهذا يعني أن أي تفويض باستخدام العنف لجهة غير رسمية (المليشيات) يقوض هذا الاحتكار ويضعف بنية الدولة. السودان، منذ الاستقلال، أظهر عجزًا عن بناء مؤسسات قوية للحفاظ على هذا الاحتكار، مما أتاح للمليشيات فرصة النمو والازدهار، وهو ما تجلى في أزمات متكررة.
التاريخ السوداني مثال واضح
عهد الإنقاذ والدعم السريع لقد كان تمكين مليشيا الدعم السريع لتصبح قوة مستقلة تحولاً خطيراً، حيث أضحت "شريكاً" في السلطة العسكرية، لا مجرد أداة مؤقتة.
حقبة ما بعد الاستقلال و حتى في عهود عبود أو نميري، كانت الدولة توظف القبائل كأدوات ضد خصومها في الجنوب أو الغرب. هذا النمط استمر مع تحولات أكثر خطورة في العقود اللاحقة.
المليشيات وأزمة الشرعية
الدولة التي تعتمد على المليشيات تفقد شرعيتها بين مواطنيها. هذا الاعتماد ينقل السلطة من مؤسسات الدولة إلى قوى قبلية أو فئوية ذات أجندات خاصة.
السودان نموذجاً كما أوضح بلين هاردن، حرب الدولة السودانية "الرخيصة" من خلال المليشيات القبلية خلقت صراعات ممتدة، وتركت أعباء طويلة الأمد على النسيج الاجتماعي.
المليشيات غالباً ما تشتغل خارج القانون، بما يعزز الفوضى ويُضعف إمكانية بناء سلام مستدام.
التوظيف التاريخي للمليشيات في السودان
التاريخ السوداني مليء بأمثلة لتوظيف الدولة لمليشيات قبلية، مما أدى إلى دوامات عنف وصراعات ممتدة
المهدية استخدمت القبائل المتحالفة لكسر ثورة الكبابيش.
الاستعمار الإنجليزي تحالف مع قبائل مثل الكبابيش لمواجهة السلطان علي دينار، مستغلاً عداءها التاريخي مع دارفور.
نظام عبود استخدم قبائل المورلي في الجنوب كأداة ضد الحركة المسلحة.
هذه الأنماط تؤكد أن توظيف المليشيات ليس جديداً، ولكنه ظل يؤدي إلى نتائج عكسية، إذ يُطيل أمد الصراعات ويؤسس لانقسامات أعمق.
أخطاء نظام الإنقاذ كنموذج الدعم السريع
نظام الإنقاذ انحرف بشكل غير مسبوق في استخدام المليشيات عبر تحويل الدعم السريع إلى قوة موازية للجيش.
هذا الوضع يُعتبر خرقاً للنظام العسكري للدولة الحديثة، حيث لا يجوز وجود جيشين متوازيين.
النتيجة كانت تآكل المؤسسات العسكرية التقليدية، مما أدى إلى هشاشة الدولة وأفضى إلى حرب 2023 الكارثية.
تفنيد الادعاء بأن الجيوش يحق لها توظيف المليشيات
أ. مخالفة القانون الدولي
الدولة الحديثة ملتزمة بالقوانين الدولية التي ترفض عسكرة المجموعات القبلية أو إنشاء مليشيات خارج سيطرة الدولة.
ب. تهديد السلم الاجتماعي
توظيف المليشيات يعزز الانقسامات الاجتماعية، ويزيد من احتمالات الحرب الأهلية.
ج. تقويض الجيش نفسه
مثلما حدث في السودان، يؤدي الاعتماد على المليشيات إلى إضعاف الجيش النظامي، حيث تتحول السلطة العسكرية إلى أدوات خاصة.
وعلينا أن نسعي نحو دولة قانونية مستقرة , السودان بحاجة إلى إعادة بناء جيشه الوطني كقوة موحدة تحت قيادة مدنية ديمقراطية. استخدام المليشيات، تاريخياً أو حالياً، ليس مبرراً، بل هو انحراف عن مسار بناء الدولة الحديثة.
تاريخ السودان مليء بالدروس التي تؤكد أن توظيف المليشيات يُفضي إلى صراعات طويلة الأمد ويُضعف الدولة، وهي تجربة يجب أن تكون عبرة لمن يريد سلاماً واستقراراً دائماً.
zuhair.osman@aol.com