سفير تونس: العلاقات مع مصر تشهد انتعاشة قصوى بفضل الروابط بين قائدي البلدين
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
أكد السفير محمد بن يوسف سفير الجمهورية التونسية لدى القاهرة ومندوبها لدى الجامعة العربية، أن العلاقات التونسية المصرية في أبهى مراحلها وأحسن فتراتها منذ الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس قيس سعيد إلى القاهرة، ولقاؤه أخيه الرئيس عبد الفتاح السيسي في أبريل 2021، والتي أحدثت نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين.
وقال السفير محمد بن يوسف - في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط أ ش أ؛ بمناسبة عيد استقلال تونس ـ إن العلاقات التونسية المصرية تشهد فترة انتعاشة قصوى بفضل الروابط المتميزة بين قائدي البلدين، وهناك تواصل مستمر بين زعيمي البلدين سواء بصفة مباشرة في المؤتمرات والقمم أو هاتفيا حول سبل دفع العلاقات الثنائية وبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وأضاف السفير أن الزخم الإيجابي للعلاقات المصرية التونسية والنسق المرتفع واللقاءات والاتصالات بين مسئولي البلدين يتواصل، وآخرها زيارة وزير الخارجية سامح شكري إلى تونس في أغسطس 2023، وانعقاد لجنة التشاور السياسي بمناسبة هذه الزيارة.
وقال: "إنه يجري التحضير والاستعداد لعقد الدورة 18 للجنة العليا التونسية المصرية المشتركة، والتي من المقرر عقدها في النصف الثاني من العام الحالي بالقاهرة برئاسة رئيس الحكومة التونسية ورئيس الوزراء المصري، وذلك في إطار تأكيد إرادة القيادة السياسية في البلدين للارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى أرفع المستويات".
وعن التعاون الاقتصادي بين مصر وتونس وحجم التبادل التجاري بين البلدين، قال السفير محمد بن يوسف، إن العلاقات السياسية المتميزة بين مصر وتونس والنقلة النوعية الحالية في العلاقات، لم تنعكس بالشكل الذي ننشده على التعاون الاقتصادي بين البلدين، حيث يقدر حجم التبادل التجاري التونسي المصري قرابة 350 مليون دولار عام 2023 مقابل 370 مليون دولار عام 2022 وهذا رقم ضعيف جدا ولا يتماشى مع إمكانيات البلدين، لذلك نسعى لزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين وتعزيز التعاون الاقتصادي وإزالة المعوقات من خلال عقد اللجنة التجارية المشتركة بتونس برئاسة وزيري التجارة في البلدين خلال المرحلة المقبلة.
وعن الأوضاع الحالية في تونس.. أوضح أن المشهد التونسي الآن يسير باتجاه تصحيح المسار الذي يقوم به الرئيس قيس سعيد، "فقد كنا في شبه فوضى في السابق باسم الديمقراطية وهي في الحقيقة بعيدة كل البعد عن الممارسة الديمقراطية الحقيقية، والآن تواصل تونس بكل ثبات مسارها الإصلاحي الذي شرعت فيه منذ 25 يوليو 2021 من أجل تركيز ديمقراطية تكرس الحقوق والحريات للجميع، وتستجيب لمطالب الشعب التونسي في الإصلاح وإخراج البلاد من أزماتها التي تردت فيها خلال العشرية المنقضية".
وقال إن في إطار تعزيز هذا المسار الإصلاحي تم تنظيم انتخابات تشريعية أسفرت عن انتخاب مجلس نواب جديد، علاوة على إجراء انتخابات للمجالس المحلية على دورتين بهدف تركيز المجلس الوطني للجهات والأقاليم.. كما يجري حاليا الاستعداد لتنظيم الانتخابات الرئاسية خلال عام ٢٠٢٤، وهناك عمل دؤوب حاليا لتأمين ظروف ومقومات النجاح لها بعيدا عن تدخل المال الفاسد حتى تكون الانتخابات تعبيرا صادقا عن إرادة الناخب بعيدا عن المال السياسي الذي أفسد الانتخابات في السنوات السابقة.
وأضاف "أما على المستوى الاقتصادي فهناك تحسن طفيف في المؤشرات الاقتصادية وتوقعات بتحقيق نسبة نمو معقولة ( في حدود 3%) في ظل الأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة على الصعيدين الجيوسياسي والمالي واعتماد سياسة نقدية متزنة قصد التقليص من اللجوء إلى الاقتراض الخارجي.
وحول ما إذا كان هناك خطة لاسترجاع الأموال المنهوبة.. قال سفير تونس، إن هناك مبادرة قامت بها الدولة في إطار دفع مسار استرجاع الأموال المنهوبة، والتي تقدر بمليارات الدولارات من خلال اعتماد قانون يتعلق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته، يُمكن من إبرام اتفاقيات صلح بين الدولة والأشخاص المتورطين في نهب الأموال بشرط تخصيص عائدات الصلح الجزائي لتمويل مشاريع تنموية في المناطق الأكثر فقرا.
وحول الوضع في غزة.. أوضح السفير محمد بن يوسف، أن ما يجري اليوم في قطاع غزة، فضيحة القرن، حيث ترتكب المجازر بحق المدنيين والشعب الفلسطيني الأعزل أمام مرأى ومسمع الجميع، وهناك غطاء من قوى نعرفها جميعا لإبادة الشعب في خرق واضح لكل القوانين الدولية والإنسانية.
وقال: "اليوم تجاوزنا 100 ألف بين شهداء وجرحى غالبيتهم من النساء والأطفال وهو موضوع شائك جدا، وللأسف الشديد الدول الداعمة لدولة الاحتلال تغطي على جرائم الحرب وانتهاك القانون الدولي، وللأسف الشديد نحن عاجزون عن إصدار قرار دولي لوقف إطلاق النار، وهذا أمر مخزٍ ومهين للإنسانية".
وجدد تأكيد دعم تونس الثابت واللامشروط لنضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال من أجل استعادة حقوقه التاريخية المشروعة وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على كامل أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، مشيرا إلى أن هذا الموقف عبر عنه الرئيس قيس سعيد مرارا وتكرارا في كل المنابر الدولية.
وطالب بالعمل على إلزام الاحتلال بالوقف النهائي لعدوانه الوحشي الغاشم، وإنهاء احتلاله المتواصل منذ ما يزيد على 75 عاما وحصاره لقطاع غزة وكل الأراضي الفلسطينية ومحاكمته ومحاسبته على جرائمه البشعة بحق الشعب الفلسطيني.
وأدان كذلك مخططات الاحتلال الرامية إلى تصفية الحق الفلسطيني من خلال الإمعان في ارتكاب جرائم الإبادة والتجويع والمحاولات اليائسة للتهجير القسري للشعب الفلسطيني.
كما أكد ضرورة أن تلزم المجموعة الدولية الاحتلال بتنفيذ القرار الذي أصدرته محكمة العدل الدولية حول التدابير المؤقتة الواجب اتخاذها في إطار الدعوى التي رفعتها أمامها جمهورية جنوب إفريقيا الشقيقة، والذي يدعو للامتناع الفوري عن كل جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين وتوفير المساعدات الإنسانية العاجلة في قطاع غزة.
وعن موقف المجتمع الدولي الصامت إزاء المجازر التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني.. قال السفير التونسي، إن هناك تغطية من قوى عظمى على خرق القانون الدولي والاحتلال العسكري، فما يجري الآن في قطاع غزة هو نتيجة طبيعية للاحتلال ولو لم تحدث أحداث "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر الماضي كان سيكون هناك انفجار في يوم ما وبالتالي المسئولية هنا تعود إلى الاحتلال وليس لفصائل المقاومة الفلسطينية، حيث نعلم جميعا أن غزة كانت محاصرة برا وبحرا وجوا.
وأضاف أن تونس قامت يوم 23 فبراير 2024 بمرافعة شفاهية أمام محكمة العدل الدولية في إطار الرأي الاستشاري، الذي طلبته منها الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الآثار القانونية الناشئة عن انتهاكات الاحتلال المستمرة بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.
وبشأن الأفق السياسي في ظل الوضع الكارثي الحالي.. أوضح أن موضوع الأفق السياسي أصبح بدون معنى ولا مضمون له بعد قتل هذا العدد من الشهداء، والمشكلة أن دولة الاحتلال الإسرائيلي عبر التاريخ أكدت أنها لا تريد السلام، وفشل اتفاقيات أوسلو في تحقيق الاستقلال الفلسطيني بسبب التعنت الإسرائيلي تؤكد ذلك اليوم، وحتى مبدأ حل الدولتين المطروح حاليا لا معنى له في ظل رفض إسرائيل لأي مبادرة للسلام ورفضها المطلق لإقامة دولة فلسطينية.
وحول جهود الدول العربية لوقف نزيف الدم الفلسطيني.. قال السفير التونسي إن من المهم جدا الدفع عربيا باتجاه الاعتراف بدولة فلسطين، لكن بالرغم من كل الجهود المبذولة إلا إننا لا زلنا غير قادرين على الضغط بالآليات والإجراءات اللازمة والفاعلة لوقف هذا العدوان والدمار.
وردا على سؤال حول الجهود التي تقوم بها مصر لوقف الحرب وإنفاذ المساعدات إلى غزة.. توجه السفير محمد بن يوسف بالشكر إلى مصر قيادة وحكومة على كل التسهيلات التي قدمت لتونس خلال إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة وإجلاء التونسيين العالقين بالقطاع، مؤكدا أنه بدون المساعدة المصرية لم يكن من الممكن إيصال تلك المساعدات التي يحتاجها الشعب الفلسطيني في هذا الظرف الدقيق، ومشيرا إلى أن هذا ليس غريبا على مصر التي سخرت كل الإمكانيات لتسهيل دخول المساعدات من مختلف الدول.
وشدد على دعم بلاده كل الجهود التي تقوم بها مصر، من أجل حل القضية الفلسطينية، كما أكد دعم بلاده موقف الرئيس السيسي الواضح والحازم بأن تهجير الفلسطينيين خط أحمر باعتبار أن ذلك مقدمة لتصفية القضية الفلسطينية.
وعن استضافة الجامعة العربية الأسبوع الماضي الأطراف الليبية الرئيسية في مبادرة لحلحلة الأزمة الليبية، قال السفير محمد بن يوسف، إننا تابعنا هذه الجلسة وهذا شيء مهم، نحن في تونس مع كل الأفكار التي توحد الشعب الليبي، ونأمل أن تتوافق مختلف الأطراف الليبية باتجاه السير نحو تنفيذ الاستحقاقات الانتخابية وإقامة المؤسسات الدائمة في ليبيا؛ لأن الوضع الأمني لا يمكن أن يستقر بدون إجراء الانتخابات وتشكيل حكومة تبسط سلطاتها على كافة الأراضي الليبية ويقبل بها الجميع، فالاستحقاق الانتخابي يخدم جميع الأطراف وخاصة الشعب الليبي.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: العلاقات التونسية المصرية الشعب الفلسطینی بین البلدین قال السفیر فی إطار
إقرأ أيضاً:
معرض الكتاب يسلط الضوء على العلاقات الثقافية بين مصر وتونس والسعودية.. صور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في قلب معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث يلتقي الفكر بالحوار، شهد الصالون الثقافي ندوة متميزة تناولت العلاقات الثقافية بين مصر وتونس والسعودية، وهي علاقات تمتد لعقود طويلة، قائمة على تبادل الفكر والفن والأدب. لم تكن هذه الروابط وليدة اللحظة، بل هي امتداد لتاريخ حافل من التفاعل الثقافي الذي شكّل الهوية العربية ورسّخ الوعي المشترك بين شعوب المنطقة.
مصر، التي طالما كانت منارة للفكر والإبداع، لم تبخل يوماً بعطائها الثقافي، فامتدت تأثيراتها إلى تونس والمملكة العربية السعودية،في حين أثرى المبدعون التونسيون والسعوديون المشهد الثقافي العربي بإسهاماتهم المتنوعة.
وفي ظل هذا التداخل العميق، تأتي فعاليات مثل معرض القاهرة الدولي للكتاب لتعزز هذا التقارب، من خلال ندوات وحوارات تجمع المفكرين والمثقفين من مختلف البلدان.
بدأت الجلسة بمداخلة الدكتورة فاطمة الأخضر، الأستاذة الجامعية بكلية الآداب في تونس، التي استعرضت التأثير اللغوي والثقافي العربي في تونس.
وأوضحت أن القيروان، تلك المدينة العريقة، لم تكن مجرد عاصمة سياسية، بل كانت منارة علمية وثقافية، نافست بغداد والبصرة في ازدهارها خلال القرن العاشر الميلادي، وجذبت طلاب العلم من مختلف بقاع العالم لدراسة الطب، الفلك، والعلوم الإنسانية.
لم تقتصر مساهمات تونس على حدودها، بل امتدت إلى مصر والمغرب، حيث انتقلت كتب "بيت الحكمة" إلى القاهرة في العصر الفاطمي، كما ساهمت جامعة القرويين في فاس، التي أسستها القيروانية فاطمة الفهرية، في تعزيز النهضة العلمية في المغرب العربي.
وتطرقت الدكتورة فاطمة إلى أسماء بارزة من الفلاسفة والعلماء الذين خرجوا من القيروان، مؤكدة أن تونس لم تكن فقط مركزًا ثقافيًا، بل محطة رئيسية في نقل العلوم والمعارف إلى بقية أنحاء العالم الإسلامي.
من تونس إلى السعودية، حيث سلطت الدكتورة آمنة بوخمسين، مديرة المعهد العالي "يعقلون"، الضوء على التحولات الثقافية التي شهدتها المملكة.
وأوضحت أن الثقافة السعودية لم تكن وليدة اليوم، بل تمتد جذورها إلى آلاف السنين، إذ كانت المملكة مهدًا لكبار العلماء والمفكرين منذ العصور الإسلامية المبكرة.
لكن المشهد الثقافي في السعودية شهد قفزة نوعية في العصر الحديث، مع إطلاق مشاريع ضخمة لدعم الفنون، الفلسفة، والموسيقى.
وأشارت الدكتورة آمنة إلى معهدها "يعقلون"، الذي يُعد أول مؤسسة سعودية متخصصة في تدريس الفلسفة والموسيقى والفنون، كدليل على التوجه الجديد الذي تتبناه المملكة نحو الثقافة والفكر الحر.
تطرقت أيضًا إلى المجالس الثقافية في الأحساء، التي ظلت لسنوات طويلة منابر للحوار والتبادل الثقافي، مؤكدة أن السعودية تشهد نهضة ثقافية غير مسبوقة، تتجلى في مشاريع مثل رؤية 2030، التي تسعى إلى تعزيز الفنون والآداب وحفظ التراث الوطني.
وخلال النقاش، طرح الناقد د. حسام نايل تساؤلًا حول دور التيار النسوي في الثقافة السعودية، لتوضح الدكتورة آمنة أن الحركات النسوية نشأت في بدايتها للمطالبة بحقوق لم تكن متاحة، لكن اليوم، بعد حصول المرأة السعودية على كافة حقوقها، أصبح مفهوم النسوية بحاجة إلى إعادة تعريف، مؤكدة أنه لا يوجد فرق جوهري بين الأدب الذي يكتبه الرجال أو النساء، فالمهم هو قيمة النص وليس جنس كاتبه.
أما المؤرخ السعودي الدكتور منصور الدعجاني، عضو اتحاد المؤرخين العرب بالقاهرة، فقد تناول الجذور الثقافية للمملكة العربية السعودية، مشيرًا إلى أن الخط العربي نشأ في المدينة المنورة تحت اسم "الخط المدني"، قبل أن يتطور لاحقًا إلى "الخط الكوفي" في العصر العباسي.
كما تحدث عن الرحلات العلمية من بلاد المغرب العربي، وتحديدًا تونس، التي ساهمت في تعزيز التبادل الثقافي بين المشرق والمغرب، مؤكدًا أن السعودية لم تكتفِ بالحفاظ على تراثها، بل تسعى اليوم لتوثيقه عالميًا. وأشار إلى أن وزارة الثقافة السعودية، التي تأسست عام 2018، أطلقت خططًا طموحة لتسجيل 9000 موقع تراثي ضمن هيئة التراث الوطنية، مما يعكس التزام المملكة بالحفاظ على هويتها الثقافية.
اختتمت الندوة بتأكيد المشاركين على أن التواصل الثقافي بين الدول العربية، ولا سيما بين تونس والسعودية، يمثل نموذجًا حقيقيًا لقدرة الثقافة على توحيد الشعوب. فالثقافة ليست مجرد كتب ومؤلفات، بل هي جسور تمتد عبر الزمن، تعبر الحدود الجغرافية، وتخلق فضاءً مشتركًا للحوار والإبداع.
وسط عالم سريع التغير، تبقى الثقافة العربية بمختلف تنوعاتها قادرة على مد الجسور بين الشعوب، ومثل هذه الندوات ليست إلا خطوة جديدة نحو مستقبل أكثر إشراقًا للحوار الثقافي العربي.