صادم.. مثير للغضب، والسخط، والنفور، والغثيان، ذلك "المشهد" الذي تضمنه المسلسل التلفزيوني المصري الرمضاني "لانش بوكس"، الموصوف بأنه، اجتماعي، كوميدي، سخريةً، واستهزاءً بآلام وعذابات أُسر الشهداء الفلسطينيين؛ بفعل الإبادة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي عليهم في قطاع غزة.

 الأم الغزّيّة الثكلى

المشهد المثير للاشمئزاز في المسلسل، تضمنته الحلقة المُذاعة أمس الأول (الإثنين)، ظهرت فيه الممثلة المصرية جميلة عوض، باحثة عن شاب في أحد المتاجر، قائلة: "لو سمحت أنا بسأل عن شاب "اسمه يوسف أو ياسين.

. أشقر وشعره كيرلي (مُجعد)، وحليوة"، وسط ضحكات رفيقاتها. كلمات جميلة عوض، في سؤالها، بدت سخرية مقيتة من الأم الغزّية المكلومة التي انتشر لها مقطع فيديو شهير (أكتوبر/ تشرين الأول الماضي)، وهي كالمذبوحة تبحث عن فِلذة كبدها يوسف (7 سنوات)، في المستشفى سائلة من حولها، مرددةً: "اسمه يوسف.. أبيضاني وشعره كيرلي وحلو".

سقوط وغياب الحس الخُلقي

مشهد الأم الفلسطينية الثكلى، ورعبها على صغيرها الشهيد يوسف، أثار تعاطف الملايين من العرب والأجانب؛ كونه مُفجعًا، يُدمي حتى القلوب المتحجرة، من شدة إيلامه للنفس.. كلماتها، اشُتهرت عالميًا، وتُرجمت إلى لغات أجنبية، من شدة تأثيرها على بني البشر. فكيف لصُناع "لانش بوكس"، التبجح باستغلال "مُصاب الأم الفلسطينية" المقهورة، مادةً للاستخفاف والسخرية، والكوميديا، وتوظيف أوجاع الفلسطينيين مادة للفكاهة السمجة!.

هذا "المشهد الغبي"، كاشف عن تردي بعض الأعمال الدرامية، وسقوطها في بئر سحيقة من البلادة، والتجرد من المعنى والرسالة. بل، وانعدام للإحساس، واضمحلال للثقافة، وغياب للحس الخلقي.. إلى حد التصادم مع مشاعر مليارات البشر الغاضبين لـ "الشعب الفلسطيني"، الذي يُباد في غزة، بموجات متلاحقة من القصف الإسرائيلي، ليلًا ونهارًا.

أسمر يرتدي نظارة

كاتب السيناريو والحوار للمسلسل (لانش بوكس) "عمرو مدحت"، تبرأ من السخرية من الأم الفلسطينية.. نُقل عنه أن اسم الشاب في السيناريو الأصلي، سيف، أو سليم، وأنه أسمر شوية ويرتدي نظارة، وأن يدًا امتدت للنص بالتغيير في هذا المشهد المستفز.

أما المخرج هشام الرشيدي، فقد نشر اعتذارًا على صفحاته الشخصية، بعدما انهالت التعليقات الغاضبة على المسلسل من روّاد منصات التواصل الاجتماعي، وتداوُل دعوات لمقاطعة المسلسل الرمضاني، بينما تعللت جميلة عوض بحجج واهية.

"لانش بوكس"، مكون من 30 حلقة.. يذاع على فضائيات مصرية.. يدور في إطار "كوميدي"، حول ثلاث سيدات هن: غادة عادل في دور ليلى، أرملة، وجميلة عوض (بطلة المشهد الصادم) في دور شقيقتها الطبيبة ندى، ولديها معاناة في حياتها الزوجية، وفدوى عابد في دور هدى، مُعلمة، تواجه صعوبات في تربية ابنها. النسوة الثلاث، يقررن، ويخططن لسرقة مبلغ مالي كبير، للتغلُب على الأزمات المالية التي يعانين منها، والخروج من مشكلاتهن.. الأمور لا تسير كما أردن لها، وتتوالى عليهن مواقف سيئة غير متوقعة.

نسخة مصرية من المسلسل الأميركي

"لانش بوكس"، من بطولة غادة عادل، وجميلة عوض، وفدوى عابد، ومغني الراب والممثل شاهين، وصدقي صخر، وآخرين. وهو نسخة مصرية من المسلسل الأميركي "Good Girls" أو بنات صالحات، ويدور حول شقيقتَين، وصديقة ثالثة لهما، يعانين صعوبات لتدبير نفقات الحياة، فيقررن السطو على متجر.

المسلسل الأميركي، ليس به سخرية من عذابات وأوجاع الفلسطينيين، فهو يقدم قصة مشوقة تجمع بين الكوميديا، والصداقة، والجريمة، والإثارة في قالب كوميدي، وهو مكوّن من 84 حلقة، من بطولة كريستينا هندريكس، وريتا، وماي ويتمان، ويُذاع على منصة نتفليكس، منذ عام 2018.

حفيدة فيلسوف الكوميديا

من المفارقات، أن "الممثلة جميلة عوض" بطلة المشهد المثير للغضب والاستهجان، الذي يخلو من الإنسانية، تنتمي لأسرة فنية، فهي حفيدة الفنان الكوميدي الشهير المُلقب بـ "فيلسوف الكوميديا" محمد عوض (1932- 1997م)، مؤسس فرقة "الكوميدي" المصرية عام 1968، الذي قدم أكثر من 150 عملًا فنيًا ما بين أفلام، ومسرحيات، ومسلسلات.

وهي ابنة المخرج عادل عوض (62) الذي أخرج الكثير من أغاني الفيديو كليب لكبار المطربين، والأفلام السينمائية، ووالدتها هي الممثلة المصرية من أصل لبناني راندا عوض (60 سنة). "جميلة عوض" بدأت رحلة التمثيل عام 2015، بالمشاركة في المسلسل التلفزيوني، "تحت السيطرة"، كما شاركت في عدد من المسلسلات منها "جريمة شغف"، و"إلا أنا"، كما شاركت  في عدد من الأفلام منها "بنات ثانوي".

دراما الزمن الرديء

في مسلسل "لازم أعيش"، قامت الممثلة جميلة عوض، بدور "الفتاة نور"، المصابة بمرض البُهاق، ونجحت في نقل معاناة مرضى البهاق من التنمر وسُخرية البعض، وعدم تقبل الناس لهم. تقمُّص دور مريضة البهاق، ومعاناتها من التنمر، كان كافيًا لردعها، وامتناعها عن السقوط بتأدية مشهد التنمر، والاستخفاف بعذابات الأم الفلسطينية، وقهرها، وحزنها على صغيرها، لكنها حتى لم تتعلم من أدوارها السابقة، ولا استفادت من تجربة جدها الذي كان فنانًا محبوبًا جماهيريًا.

للدراما رسالة اجتماعية، وإنسانية، فهي تعيد صياغة تجارب الإنسان في قالب فني جذاب؛ سعيًا لتغيير الواقع إلى الأفضل، والانتصار لقيم الخير، والعدالة، ونبذ العنف والعدوان والشر، والتماهي مع عواطف الجمهور، وتشكيل وعيه.

إن السخرية من الآخرين، والاستهزاء بمشاعرهم، سلوك بغيض، مقيت، مذموم أخلاقيًا، ودينيًا، وقانونيًا.. مرفوض إنسانيًا.. فما بالنا والمسلسل السخيف يتهكم على آلام وعذابات الأم الفلسطينية (والدة يوسف وغيرها الآلاف)، ولا يقيم وزنًا لمشاعر الفقد الموجعة. لكن، ماذا عسانا نفعل مع هذا التردي الأخلاقي؛ دراما الزمن الرديء.. زمن الانكسار والتراجع العربي.

ربَّنا لا تؤاخذنا بما فعلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الأم الفلسطینیة لانش بوکس جمیلة عوض

إقرأ أيضاً:

نيللي كريم تسحر برج إيفل وعدسات الإعلام ترصد المشهد

استطاعت النجمة نيللي كريم تعكس ذوقها الرفيع وذكائها في حسن اختيار إطلالاتها التي تتنافس بها أشهر عارضات الأزياء العالميات وتسحب البساط من تحت أقدام نجمات هوليوود وتتصدر المشهد من نافذة مهرجان الموضة بباريس.

وخضعت نيللي كريم لجلسة تصوير جديدة على خطى عارضات الأزياء العالميات بلمسة سحر مصرية خاصة بها، حيث ارتدت فستان طويل مجسم، بدون أكمام، مكشوف الظهر، صمم من قماش التل المطرز بالكامل بحبات الألماس مع اللؤلؤ وأكملت فخامة إطلالتها بكاب صمم من التل بطبقات الداربية لتشبه الزهرة في بستان الزهور بأسلوب عصري يتناغم مع ذوق ورقي المجتمع الفرنسي المفعم بالسحر والجمال للعالم أجمع.

 

نيللي كريم زهرة الأناقة في مهرجان الموضة بباريس 2024

 

وأكلمت النجمة المصرية فخامة إطلالتها بحقيبة يد صممت على هيئة برج إيفل المرصع بحبات الكريستال الذهبي والفضي الشفاف.

أما من الناحية الجمالية، اختارت تسريحة شعر مميزة سمحت لسحر ملامحها ان تظهر بقوة ووضعت مكياجًا ناعمًا مرتكزًا على الألوان الترابية لتتناغم مع لون بشرتها الخمرية مع تحديد عينيها بالكحل والماسكرا السوداء ولون البينك في الشفاه.

 

وعلقت على الصور، قائلة: شكرًا على حسن الضيافة الباريسية الرائعة وعلى جعل إقامتي في أسبوع الموضة في باريس مميزة جدًا".

 

وقد شاركت النجمة نيللي كريم، متابعيها وجمهورها بمجموعة صورة من مشاركتها في أسبوع الموضة الذي أقيم بباريس الشهر الماضي، ونشرت عبر حسابها الشخصي بموقع انستجرام الصور التي تألقت فيها وارتدت تصاميم باللون الأبيض والكثير من الإكسسوارت التي لفتت الانتباه لمتابعيها وجمهورها.

نيللي كريم

نيللي كريم من مواليد 18 ديسمبر 1974 هي ممثلة وعارضة أزياء وراقصة باليه مصرية. ظهرت لأول مرة على شاشات التلفزيون سنة (1995) كراقصة باليه في المسلسل المصري ألف ليلة وليلة الذي عرض في شهر رمضان آنذاك، بعدها بدأت بلعب أدوار هامة في العديد من الأعمال الدرامية والسينمائية، وكان أول عمل سينمائي لها فيلم سحر العيون إنتاج (2002)، وشاركها البطولة عامر منيب وحلا شيحة، ولعل أهم أعمالها السينمائية فيلم إنتاج (2004) غبي منه فيه مع هاني رمزي وآخر الدنيا (2006) والرجل الغامض بسلامته (2010) مع هاني رمزي وغيرهم من الأعمال.

 

كما أن نيللي كريم تحتل مكانة هامة في الأعمال التلفزيونية المصرية خصوصا أعمال شهر رمضان، ومن أهم أعمالها التلفزيونية مسلسل سجن النسا (2014) رفقة الفنانة التونسية درة، ومسلسل تحت السيطرة (2016) ومسلسل لأعلى سعر (2017) مع النجمة زينة. ومن أهم أعمالها الدرامية مسلسل اختفاء (2018).

 

عن حياتها

ولدت نيللي محمد السيد عطا الله في مدينة الإسكندرية، مصر، لأب مصري من مدينة الزقازيق، محافظة الشرقية وأم سوفيتية من روسيا. ذهبت مع والدها وهي في السادسة لتقيم في روسيا نحو عشرة أعوام حيث أنهت دراستها المدرسية هناك، ثم عادت مع عائلتها إلى مصر عام 1991، حيث اشتركت في دار الأوبرا المصرية و بدأت مشوارها في فن الباليه كراقصة باليه من أحد أفضل راقصات الباليه في دار الأوبرا المصرية.

 

بدايتها

لفتت نظر الفنانة المصرية فاتن حمامة عندما شاهدتها في فوازير رمضان عام 1999 الذي كانت فكرة للمخرج أشرف لولي كتجديد للفوازير الفنانة نيللي الذي اشتهرت بالفوازير الرمضانية، فقررت اختيارها للمشاركة في مسلسل وجه القمر في عام 2000 ليكون هذا أول ظهور لها كممثلة. أما أولى بطولاتها فكانت في مسلسل المستحي الذي توالت بعده تقديم عدة مسلسلات أقل شهرة. أما أول أعمالها في السينما فكانت عن طريق فيلم شباب على الهوا عام 2002، إلا إنها لم تحقق الشهرة السينمائية إلا مع المطرب عامر منيب في فيلم سحر العيون.

 

حياتها الأسرية

كانت متزوجة في تسعينات القرن العشرين من والد أبنائها «كريم» و«يوسف» لكنها انفصلت عنه بعد ذلك، وبعده تزوجت من رجل آخر وانفصلت بعد فترة قصيرة، وفي عام 2004 تزوجت من خبير التغذية «هاني أبو النجا» وأنجبت ابنتان هما «سيليا» و«كندة» وفي عام 2015 أعلنت عن انفصالهما. وفي 11 أغسطس 2021 تزوجت من لاعب الاسكواش هشام عاشور.وفي 31 مايو 2024 تم إعلان الانفصال بعد زواج استمر لمدة سنتين ونصف.

 

 النجمة نيللي كريم  النجمة نيللي كريم  النجمة نيللي كريم  النجمة نيللي كريم  النجمة نيللي كريم  النجمة نيللي كريم 

مقالات مشابهة

  • 60 مليون أخضر يز غللوا عين أي حد.. عمرو يوسف يروج لـ «ولاد رزق» بهذا المشهد | فيديو
  • نيللي كريم تسحر برج إيفل وعدسات الإعلام ترصد المشهد
  • بشير التابعي: الأهلي عنده أحسن 18 لاعب في مصر
  • فيرستابن ونوريس يتصالحان بعد «دراما التصادم»!
  • كيف يبدو المشهد السياسي في تونس بعد تحديد موعد الانتخابات الرئاسية؟
  • نجم الزمالك السابق: الأهلي عنده أحسن 18 لاعب في مصر
  • الأشاوس في الجزيرة وما عارفين يوسف أحمد المصطفي
  • المشهد المؤلم الذي يتكرر أمام العالم ولا يحرك ساكناً
  • أمي.. ظل لا يغيب
  • هل ينجح مسلسل فول آوت في إعادة اللعبة إلى الحياة؟