لانش بوكس دراما الزمن الرديء.. والأم الفلسطينية الثكلى
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
صادم.. مثير للغضب، والسخط، والنفور، والغثيان، ذلك "المشهد" الذي تضمنه المسلسل التلفزيوني المصري الرمضاني "لانش بوكس"، الموصوف بأنه، اجتماعي، كوميدي، سخريةً، واستهزاءً بآلام وعذابات أُسر الشهداء الفلسطينيين؛ بفعل الإبادة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي عليهم في قطاع غزة.
الأم الغزّيّة الثكلىالمشهد المثير للاشمئزاز في المسلسل، تضمنته الحلقة المُذاعة أمس الأول (الإثنين)، ظهرت فيه الممثلة المصرية جميلة عوض، باحثة عن شاب في أحد المتاجر، قائلة: "لو سمحت أنا بسأل عن شاب "اسمه يوسف أو ياسين.
مشهد الأم الفلسطينية الثكلى، ورعبها على صغيرها الشهيد يوسف، أثار تعاطف الملايين من العرب والأجانب؛ كونه مُفجعًا، يُدمي حتى القلوب المتحجرة، من شدة إيلامه للنفس.. كلماتها، اشُتهرت عالميًا، وتُرجمت إلى لغات أجنبية، من شدة تأثيرها على بني البشر. فكيف لصُناع "لانش بوكس"، التبجح باستغلال "مُصاب الأم الفلسطينية" المقهورة، مادةً للاستخفاف والسخرية، والكوميديا، وتوظيف أوجاع الفلسطينيين مادة للفكاهة السمجة!.
هذا "المشهد الغبي"، كاشف عن تردي بعض الأعمال الدرامية، وسقوطها في بئر سحيقة من البلادة، والتجرد من المعنى والرسالة. بل، وانعدام للإحساس، واضمحلال للثقافة، وغياب للحس الخلقي.. إلى حد التصادم مع مشاعر مليارات البشر الغاضبين لـ "الشعب الفلسطيني"، الذي يُباد في غزة، بموجات متلاحقة من القصف الإسرائيلي، ليلًا ونهارًا.
أسمر يرتدي نظارةكاتب السيناريو والحوار للمسلسل (لانش بوكس) "عمرو مدحت"، تبرأ من السخرية من الأم الفلسطينية.. نُقل عنه أن اسم الشاب في السيناريو الأصلي، سيف، أو سليم، وأنه أسمر شوية ويرتدي نظارة، وأن يدًا امتدت للنص بالتغيير في هذا المشهد المستفز.
أما المخرج هشام الرشيدي، فقد نشر اعتذارًا على صفحاته الشخصية، بعدما انهالت التعليقات الغاضبة على المسلسل من روّاد منصات التواصل الاجتماعي، وتداوُل دعوات لمقاطعة المسلسل الرمضاني، بينما تعللت جميلة عوض بحجج واهية.
"لانش بوكس"، مكون من 30 حلقة.. يذاع على فضائيات مصرية.. يدور في إطار "كوميدي"، حول ثلاث سيدات هن: غادة عادل في دور ليلى، أرملة، وجميلة عوض (بطلة المشهد الصادم) في دور شقيقتها الطبيبة ندى، ولديها معاناة في حياتها الزوجية، وفدوى عابد في دور هدى، مُعلمة، تواجه صعوبات في تربية ابنها. النسوة الثلاث، يقررن، ويخططن لسرقة مبلغ مالي كبير، للتغلُب على الأزمات المالية التي يعانين منها، والخروج من مشكلاتهن.. الأمور لا تسير كما أردن لها، وتتوالى عليهن مواقف سيئة غير متوقعة.
نسخة مصرية من المسلسل الأميركي"لانش بوكس"، من بطولة غادة عادل، وجميلة عوض، وفدوى عابد، ومغني الراب والممثل شاهين، وصدقي صخر، وآخرين. وهو نسخة مصرية من المسلسل الأميركي "Good Girls" أو بنات صالحات، ويدور حول شقيقتَين، وصديقة ثالثة لهما، يعانين صعوبات لتدبير نفقات الحياة، فيقررن السطو على متجر.
المسلسل الأميركي، ليس به سخرية من عذابات وأوجاع الفلسطينيين، فهو يقدم قصة مشوقة تجمع بين الكوميديا، والصداقة، والجريمة، والإثارة في قالب كوميدي، وهو مكوّن من 84 حلقة، من بطولة كريستينا هندريكس، وريتا، وماي ويتمان، ويُذاع على منصة نتفليكس، منذ عام 2018.
حفيدة فيلسوف الكوميديامن المفارقات، أن "الممثلة جميلة عوض" بطلة المشهد المثير للغضب والاستهجان، الذي يخلو من الإنسانية، تنتمي لأسرة فنية، فهي حفيدة الفنان الكوميدي الشهير المُلقب بـ "فيلسوف الكوميديا" محمد عوض (1932- 1997م)، مؤسس فرقة "الكوميدي" المصرية عام 1968، الذي قدم أكثر من 150 عملًا فنيًا ما بين أفلام، ومسرحيات، ومسلسلات.
وهي ابنة المخرج عادل عوض (62) الذي أخرج الكثير من أغاني الفيديو كليب لكبار المطربين، والأفلام السينمائية، ووالدتها هي الممثلة المصرية من أصل لبناني راندا عوض (60 سنة). "جميلة عوض" بدأت رحلة التمثيل عام 2015، بالمشاركة في المسلسل التلفزيوني، "تحت السيطرة"، كما شاركت في عدد من المسلسلات منها "جريمة شغف"، و"إلا أنا"، كما شاركت في عدد من الأفلام منها "بنات ثانوي".
دراما الزمن الرديءفي مسلسل "لازم أعيش"، قامت الممثلة جميلة عوض، بدور "الفتاة نور"، المصابة بمرض البُهاق، ونجحت في نقل معاناة مرضى البهاق من التنمر وسُخرية البعض، وعدم تقبل الناس لهم. تقمُّص دور مريضة البهاق، ومعاناتها من التنمر، كان كافيًا لردعها، وامتناعها عن السقوط بتأدية مشهد التنمر، والاستخفاف بعذابات الأم الفلسطينية، وقهرها، وحزنها على صغيرها، لكنها حتى لم تتعلم من أدوارها السابقة، ولا استفادت من تجربة جدها الذي كان فنانًا محبوبًا جماهيريًا.
للدراما رسالة اجتماعية، وإنسانية، فهي تعيد صياغة تجارب الإنسان في قالب فني جذاب؛ سعيًا لتغيير الواقع إلى الأفضل، والانتصار لقيم الخير، والعدالة، ونبذ العنف والعدوان والشر، والتماهي مع عواطف الجمهور، وتشكيل وعيه.
إن السخرية من الآخرين، والاستهزاء بمشاعرهم، سلوك بغيض، مقيت، مذموم أخلاقيًا، ودينيًا، وقانونيًا.. مرفوض إنسانيًا.. فما بالنا والمسلسل السخيف يتهكم على آلام وعذابات الأم الفلسطينية (والدة يوسف وغيرها الآلاف)، ولا يقيم وزنًا لمشاعر الفقد الموجعة. لكن، ماذا عسانا نفعل مع هذا التردي الأخلاقي؛ دراما الزمن الرديء.. زمن الانكسار والتراجع العربي.
ربَّنا لا تؤاخذنا بما فعلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الأم الفلسطینیة لانش بوکس جمیلة عوض
إقرأ أيضاً:
الروائي أمجد توفيق: لحظة الكتابة تشبه العلاقة مع إمرأة جميلة
نوفمبر 26, 2024آخر تحديث: نوفمبر 26, 2024
حامد شهاب
لم أجد مبدعا مهموما بالجمال مثلما أراه في الروائي والكاتب الكبير أمجد توفيق.
الجمال، والقيم العليا ، والصدق ، هي أسس فلسفة حياته ، وهو يعد الجمال المحرك الأول لكل التجارب..
ما أن تقرأ أي سطر من سطور ما يكتبه الروائي والكاتب والقاص والإعلامي أمجد توفيق حتى ترتشف من عبق الجمال ما يروي ظمأك، وستجد نفسك وأنت تخوض بحارا من عبر حكم بليغة، ورؤى فلسفية، صاغ حروفها بطريقة تسحر القلوب، وتبهر العقول وتطيب لها الأنفس والضمائر.
القيم العليا والجمال هو نهر الحب الذي تنساب بين ثنايا حروفه قيم فلسفية وأخلاقية ومعرفية لا يمكنك إلا وأن تخضع لشروطها، وإلا فأنت لست مبدعا، ةولم تعرف من الكتابة سوى كلماتها المتناثرة، التي ربما لم يسعف قلبك وعقلك في استيعاب مضمونها.
في كل سطر وفي كل جملة، صغيرة أو كبيرة، ستجد أن أمجد توفيق يدخلك في عالم رومانسي من الجمال والحب تطيب له القلوب والأنفس، وتجد نفسك في غاية الارتياح.
وطيب عطره وروعة عشقه للجمال والحب والصدق، لا يمكن أن يتصورها إنسان، إلا من غاص بعيدا في أعماق طروحاته، حتى تجد نفسك أنك أمام فيلسوف وحكيم ومبدع بارع في إختيار اللفظ والحرف والصورة البلاغية.
ولكي تبحر بين أمواج محيطاته، عليك أن تعرف سر تلك القيم وتلك الحكم ..من خلال حوار أجرته (غرام الربيعي) من قناة اتحاد الادباء ، التي بقيت طوال الحوار وهي حائرة في كل تلك السبائك الذهبية التي أعاد أمجد توفيق صياغة معادنها النفسية ، وقدمها لمحبيه من عمالقة الثقافة والأدب وكل متطلع للجمال والقيم العليا في أبهى صورها ..
هذا ما ستعرفه من خلال ما طرحه الروائي أمجد توفيق من أفكار ورؤى وإجابات تسر الخواطر وترتاح لها الأنفس وكل متذوق للجمال، في سرد حواري أطل به من خلال حضوره للدعوة التي وجهها له المركز الثقافي الفرنسي عبر اتحاد الأدباء، ليتحدث عن تجاربه الإبداعية الروائية فكانت له تلك الدرر الثمينة من كنوز المعرفة، التي لابد وأن تغترف من ذهبها وماسها وكل معادنها النفسية ما يشكل لك قيمة كبرى، تبهج الروح والنفس وتغريها لسماع المزيد .. تعال معي واستمع لما يقول الروائي أمجد توفيق:
فيما يتعلق بالرواية والرائي والموقف والروائي فإن هناك نظريات كاملة، بدأت وهي غير مرشحة للانتهاء في إطار صور أو تعريف، ودائما لا ينتهي هذا الأمر الى شيء محدد، فما دامت الحياة مستمرة فلا شيء ثابت، الا التغيير نفسه.
الاحساس بالجمال هو المحرك الاول لكل التجارب
قدر ما يتعلق الأمر بتجربتي ، يقول أمجد توفيق ، فإن الاحساس بالجمال هو المحرك الاول لكل التجارب، فلو أن أي إنسان يرى منظرا جميلا أو شيئا يثير المتعة في نفسه ، يتمنى لو يكون هناك شخص آخر الى جانبه كي يقول له تأمل هذا الجمال.
ولكي أكون دقيقا ولا أكرر ما قلته في ندوات وحوارات سابقة هذه فرصة للحديث عن المفاتيح الأساسية في تجربتي ..
لا أستطيع أن أتناول كل أعمالي فهي كثيرة، ولا أعتقد أن عملا من تلك العمال قادرا على التعبير عن نفسه، ولا يحتاج الى تعريف إضافي من عندي، ولكنني سأتحدث عن المفاتيح الاساسية التي تمنحها تجربة طويلة.
سأعرفه من خلال هذه الكلمات، وستكون الرؤيا واضحة تجاه نظرتي وموقفي في ما يتعلق بأعمالي أو رؤيتي للعمل الفني بشكل كامل، ومختلف أنواع الفنون:
كل عمل إبداعي مهموم بالجمال
أقول كل عمل إبداعي مهموم بالجمال ، وبغير القيم الجمالية لامعنى للقصيدة أو الرواية أو القصة أو الفيلم ، أو أي عمل يمكن أن ندرجه تحت عنوان الفنون الجميلة ، ومتى ما تخلى الإبداع عن قيمه الجمالية، فإنه يصبح أي شيء، سوى أن يكون إبداعا..
هذا ما أراه دون تطرف، فالتطرف دائما يخفي فضيحة.
قد نستمع الى قصيدة تتوفر على مبادئ وثوابت وطنية ومنطلقات لا اعتراض عليها، لكن متى ما تخلت هذه القصيدة عن قيمها الجمالية، والمتعة التي تمنحها، فيمكنني بهدوء شديد أن أهمس في ذهن كاتبها وأقول بأنه بأن مقالا قصيرا قد يوضح المعاني التي ذكرتها في القصيدة، بطريقة أوضح وأدق.
اللجوء الى الشعر لجوء الى الجمال، وإشادة علاقة تلقي، تمنح المتعة للمشاهد أو القارئ أو المستمع.. أكتب قصيدة عمودية أو قصيدة تفعيلة أو قصيدة نثر، أكتب ما شئت فإنني سأبحث عن الجمال، أينما يكون.
تعلمت أن الرواية يمكن أن تنفتح على كل شيء، يمكنها أن تنظم قصيدة تحت جنحها، ويمكنها الغناء في مساحة ليلها، ويمكنها الرسم إذا ما أرادت، ويمكنها أن تعزف لحنا آسرا، ويمكنها أيضا أن تكون صوت الجلاد وفعله، ويمكنها أن تتبع ساقية العهر والحقد.
علينا أن نفهم، لا أن نحكم، الفهم صعب، والحكم تسلية، فما أصعب الحب وما أسهل الكراهية.
لا بأس من الرجوع الى القاموس بهدف تهشيم المعنى القاموسي للكلمات، فهذا كما يقول أحدهم سر الجمال. فاللغة ليست سوى وسيلة أنها طريقة تفكير، وهي أكثر حياة من قواعدها.
فعندما تسيل فضة الفجر، وينكسر الندى على الأوراق الطرية، عندها لامعنى لها أن تتذكر اليوم أو التاريخ.
الجمال لا يعترف بأيام الأسبوع
الجمال لا يعترف بأيام الأسبوع، ولا بالتقويمين الهجري والميلادي، فله تقويمه الخاص وموجته الخاصة. موجة قوامها الإحساس، وسرها فيضان الحواس، فالمعنى لا يتحقق عبر البحث عن النقصان، إذ لامعنى للبحث عن اليوم الثامن من الأسبوع، ولا بالليلة الثانية بعد الألف من ليالي ألف ليلة وليلة، ولا بالساعة الخامسة والعشرين من اليوم، ولا برحلة السندباد الثامنة.
المعنى المكتمل لا يتحقق أبدا، ومن العبث أن يفترض المرأ وجود عين ثالثة خلف رأسه.
لا اكتمال النقصان سيد، ولا شيء يمكن أن يطفئ نار الأسئلة، فأسئلة الإنسان الفرد تطفأ بالموت.
ولأن الموت أعجز من أن يقضي على البشر جميعا دفعة واحدة، لذلك تنتقل الأسئلة، إن توالت من إنسان لآخر، وبذلك يتحقق خلودها. خلودها لم يستطع الموت أن يقهره.
هذا ما يفعله المبدع الحقيقي، وهذا هو التحدي الأكبر له.
بلا مخيلة لا تصنع ابداعا
بلا مخيلة عظيمة، وبلا قدرة على التأمل العميق، فإن الموهبة والقراءة لا تصنع إبداعا يمكن أن ينتصر على الموت. وكل ذلك يقود الى فضيلة الاستغناء عن كل ما يعرقل المسيرة الابداعية ويلبد سماءها بالسخام.
الاستغناء الذي يؤكد أنه لا يمكن ان تزحزح ثبات الحرية التي يمنحها.. الاستغناء إرادة ماسية الصلادة ، والاستغناء كرامة لا يطعنها تظاهر..إنه نابع من قلب حر لم يتلوث بثقافة الإسر.
وثمة شجاعة أن يكون المرأ لطيفا، وثمة شجاعة أن يكون كريما متعاونا، وثمة شجاعة بأن لايخلف، لكن شجاعة الإستغناء مختلفة.. إنها لحظة يشع فيها التاريخ، وتشع فيها التجربة، لتؤكد أن الرغبات والمصالح برغم كل جموحهما يمكن أن تروضان ، ويمكن للقلب النبيل أن ينتصر.
أيها ألأحبة..التاريخ البشري منذ آدم وحواء الى يومنا هذا تأريخ للاخفاق، فبرغم إكتشاف الخمر ليعطينا قناعته قبل إكتشاف الحرف الأول وصناعة العجلة، وطموح ملك الإتجاهات الأربعة، وبرغم الجهود الفذة للأديان والنظريات وكشوفات العباقرة والتطور العلمي وثورة الإتصالات الحديثة ، فإن كل ذلك لم يستطع أن يواجه النزعة التدميرية للإنسان، فآلاف الحروب الدينية والقومية، وما نتج عن إختلاف المصالح تؤكد أن البشرية ما زالت تحبو في طريق طويل من أجل إعلاء قيمة إنسانية تسمو عن المصالح.
الدول الحديثة قامت على أساس المصالح، وإستمرارها يتعلق بقدرتها على تواصل مصالحها، وكل مايقال عن مباديء الحق والقيم الإنسانية والأخلاقيات العصرية ليس أكثر من كذبة سمجة ليس لإنسان متحضر قبولها.
تاريخ الفشل هذا تاريخ مخجل، فمتى ننتصر للإنسان ضد ما فعله الإنسان.
الكتابة تمنحني ما ينقصني من حرية
في تجربتي الابداعية ، كما يقول الروائي أمجد توفيق ، شعرت أن الكتابة تمنحني ما ينقصني من حرية..الكتابة عاشقة كأنها قبلة تذوب، كأنها دمعة في جو ماطر، وتعلمت أن في لحظة المواجهة الأخيرة، سيتخلى عنك الجميع ، عندها لا أمل في الدعاء.
التجربة تعلمنا الكثير، وقيمة هذا الكثير لاتعني شيئا إن لم نستحضره في وقته المناسب ، فتقديم هدية ثمينة لرجل غني يفضح مصالحك..جرب تقديمها لرجل فقير ، وإقرأ الإحساس الذي تفضحه عيناه.
للكتابة صوت خافت، لكنه عميق ومؤثر ، وحين تصغي محبة الى صوتها ، وحين نصغي بمحبة الى صوتها، سنسمع ما يعيننا على الفهم ، فلا معنى للتحلق العالي ، حين لايكون لك هدف هناك.
القمر ينير ليل العشاق..وكذلك المجرمين
يتواصل همس الكتابة، فأسمع أن الزهرة تمنح عطرها للجميع.. إنها تفعل ذلك لأنها لاتنتظر شيئا بالمقابل، وعليك أن تعرف أن القمر ينير ليل العشاق ، وليل المجرمين أيضا، ولا تؤجر مساحة من عقلك لأحد ، ولا تستحضر قولا أو سلوكا لاينبع من قلبك .
قيد رغباتك بالسلاسل لن يذلك أحد ، فأنت حر، لامعنى للحكمة إذا ما أرادت إستحضارها أقوالا أو قصصا تجمل بها أحاديثك..الحكمة تتجلى في سلوكك أنت، ومواقفك أنت ، فهناك الكثير من الكلاب الجميلة والقطط الرائعة ، لكن كلبك أو قطتك قادرتان على إشادة علاقة بك، وهذه العلاقة أنت تحدد قيمتهما ، وليس أي شيء آخر.
الأمر يشبه أن معرفتك بأمك ليس أجمل إمرأة في العالم ، وأباك ليس أفضل رجل في العالم ، ولكنهما ينتميان اليك وتنتمي لهما ، وهذا ما يجعلها الأفضل والأجمل.
لحظة الكتابة تشبه العلاقة مع إمرأة جميلة
لحظة الكتابة تشبه هدف إشادة علاقة متصلة مع إمرأة جميلة، فسر تواصل العلاقة معها هو الإحترام ، فحين تصغي اليك وتتعاون مع أحاسيسها، ستكون فتى أحلامها بغير منازع ، وكل ما عدا ذلك ينتهي بأسرع مما تتصور.
من الخطأ أن تستمع الى كلام أحدب ، إهمله، وإذا ما كنت مضطرا للرد فليكن كلامك ذا حدبتين ، كل وإشرب جيدا، وإضحك كثيرا ، ولتكن قدرتك على النسيان عالية.
بإمكانك فعل ما تريد، فالمعيار الوحيد الذي ينبغي أن ينتظم كل فعل هو صدقك فيما تقول أو تفعل، وتأكد أن لاشيء يمنحك الكرامة والاحترام أكثر من ذلك.
الناس صدى محيطهم والحكم بأنهم سيئون حكم متعسف، المهم أن تتعلم الطريقة الصحيحة في الفهم، ومتى ما تعلمتها ستكون الأحكام تغيب عن كلامك، كن رجلا لاتكذب ، الا اذا أردت إدخال السعادة الى قلب أمك ، أو حجبت حزنا عن قلب من تحب.
لا تتخلى أبدا عن السخرية، فالعالم ليس مدرسة لرجل دين كئيب ، حياتك ملكك وانت المسؤول عنها، فالتذمر ليس طريقة للاصلاح.
عش حياتك بدلا من تأمل مسيرتها، فأنت لست بمشاهد..أنت الممثل الرئيس.
كن مع الله دائما،إنه ضميرك الحي..
هذا ما كنت إستمع اليه همسا وأنا أكتب، وهذا ما يقودني الى أن إختم كلماتي بالقول :ليس مهما أن أتحدث عن أعمالي فهب قادرة على التحدث عن نفسها..
مالذي سيبقى..لاشيء غير الفكر والقيم الجمالية ، وهذا ما يمنح الإبداع أهم شيء..إنه يمنحه المستقبل.