لماذا أكد البيت الأبيض مقتل الرجل الثاني في القسام مروان عيسى؟
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
واشنطن- خلال ظهوره في المؤتمر الصحفي اليومي للبيت الأبيض أول أمس الاثنين، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان مقتل القيادي بكتائب القسام مروان عيسى قبل أيام، على يد القوات الإسرائيلية في وسط قطاع غزة.
في حين لم يصدر عن حركة حماس أي إعلان يؤكد أو ينفي استشهاد مروان عيسى، كما لم يقدم الجانب الإسرائيلي دليلا على مقتل عيسى.
وعن سبب خروج هذا التأكيد من البيت الأبيض، رد مسؤول أميركي سابق للجزيرة نت، فضل عدم ذكر اسمه، أن "هذه الخطوة بمثابة رسالة قوية لعمق التنسيق الأمني والاستخباراتي بين إسرائيل والولايات المتحدة، في وقت يكثر فيه الحديث عن خلافات حادة تعصف بعلاقة الرئيس بايدن برئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو".
وتعهد البيت الأبيض بأن الولايات المتحدة ستساعد إسرائيل في مطاردتها المستمرة لكبار قادة حماس، وقال سوليفان إن "العدالة ستنالهم أيضا".
شغل مروان عيسى (59 عاما) منصب نائب قائد كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ويعتبر أحد أكثر الرجال المطلوبين في إسرائيل والولايات المتحدة، حيث أضافته وزارة الخارجية الأميركية إلى "قائمتها للإرهابيين العالميين المطلوبين" بشكل خاص منذ عام 2019، في حين وضع الاتحاد الأوروبي عيسى على "قائمته السوداء للإرهاب" بعد هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
سبق أن سجنت إسرائيل عيسى مدة 5 سنوات خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، واعتقلته السلطة الفلسطينية عام 1997 حتى بداية الانتفاضة الثانية في عام 2000، ولم يصدر بعد عن كتائب القسام ما يؤكد أو ينفي نبأ استشهاد مروان عيسى، وهو أحد أبرز قادة حركة حماس الذين أُعلن عن استشهادهم منذ بدء العدوان على قطاع غزة، عقب اندلاع معركة طوفان الأقصى.
واعتبر جو تروزمان، كبير الباحثين بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، المعروفة بقربها من الجانب الإسرائيلي، أن "القضاء على مروان عيسى يمثل إنجازا جديرا بالملاحظة لإسرائيل ونكسة لحماس"، وقال إن "وفاته تعتبر بمثابة تحذير واضح لقادة حماس، وخاصة أولئك الذين يختبئون في غزة، بأن مهندسي 7 أكتوبر سيخضعون للمساءلة، كما أن وفاة عيسى تقوض قدرة حماس على المساومة، مما يسمح لإسرائيل بإملاء شروط وقف إطلاق نار مؤقت محتمل".
تبادل استخباراتيوفي حديث مع الجزيرة نت، أشار السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأوسط، والذي سبق له العمل في قنصلية بلاده بالقدس، إلى أن "خروج تأكيد من البيت الأبيض بمقتل مروان عيسى يعني أن هناك تبادلات متكررة بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية"، إلا أنه عاد وأشار إلى أن ذلك "لا يعني أن الولايات المتحدة كان لها يد في قتل هذا الرجل".
وأشارت تقارير إلى أن المكالمة الهاتفية بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي جاءت قبل حديث سوليفان، تضمنت تأكيد موقف واشنطن لهدف إسرائيل المتمثل في "هزيمة حماس والقضاء عليها"، في حين ترفض واشنطن خطط نتنياهو لشن عملية اقتحام بري ضخمة لمدينة رفح، ومن المتوقع وصول وفد رفيع المستوى من المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين إلى واشنطن خلال الأسبوع المقبل، للاستماع إلى مخاوف البيت الأبيض بشأن خطة اقتحام رفح بريا.
وفي حديث للجزيرة نت، قال الأستاذ بقسم دراسات الاستخبارات والأمن القومي بجامعة كارولينا جوناثان أكوف إن إعلان البيت الأبيض لا يمثل دليلا على أي شيء، وأكد أن "أجهزة الاستخبارات الأميركية تتبادل المعلومات مع إسرائيل، سواء كان هذا هو الحال مع حالة قتل عيسى أم لا".
وأضاف أكوف "لطالما كان تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الولايات المتحدة وإسرائيل عبارة عن معاملات، قد يأخذ الإسرائيليون أو لا يأخذون مخاوف الولايات المتحدة على محمل الجد، وما زالوا يتوقعون من الولايات المتحدة مشاركة المعلومات التي لديها، مع مقايضة في تاريخ مستقبلي غير محدد".
وتابع "سوف يجادل الإسرائيليون بأن الولايات المتحدة يجب أن تشارك المعلومات حول حماس بغض النظر عما إذا كانت إسرائيل تأخذ مخاوف الولايات المتحدة على محمل الجد أم لا، لأن حماس منظمة إرهابية وسياسة الولايات المتحدة هي استخدام القوة ضد الإرهابيين".
عملية رفحوأكد البروفيسور أكوف أن لدى الاستخبارات الأميركية الحافز لمشاركة معلومات استهداف محددة مع إسرائيل، إذ إن سياسة الولايات المتحدة حاليا هي محاولة منع الجيش الإسرائيلي من مهاجمة رفح بنفس مستوى القوة الذي استخدمه في بقية غزة.
وقال أكوف "ربما تقدم واشنطن الحجة خلف الأبواب المغلقة، بأن الاستهداف الدقيق لقادة حماس يجعل من غير الضروري للجيش الإسرائيلي أن يهاجم رفح بنفس مستوى العنف الذي استخدمه في أماكن أخرى، ولسوء الحظ، لا أعتقد أن إسرائيل ترى الأمر بهذه الطريقة".
لا تنكر إدارة الرئيس الأميركي وجود حركة حماس في رفح، لكن بايدن يحبذ أن تقوم إسرائيل بدلا من الاقتحام البري بعمليات جراحية مستهدفة للغاية، للقضاء على قادة حركة حماس، بما لا يوقع المزيد من القتلى بين المدنيين الفلسطينيين.
وأكد سوليفان أن البيت الأبيض سيطرح "نهجا بديلا" من شأنه أن يستهدف عناصر حماس الرئيسية في رفح، وأضاف "لقد حققت إسرائيل تقدما كبيرا في معركتها ضد حماس، وقضت على عدد كبير من كتائب الحركة، وقتلت الآلاف من مقاتليها، منهم قادة كبار، وقد قتل الرجل الثالث في حماس مروان عيسى خلال عملية إسرائيلية الأسبوع الماضي، والقادة الكبار الآخرون مختبئون، وهم موجودون على الأرجح في مكان عميق من شبكة الأنفاق الخاصة بالحركة، هم أيضا سيواجهون العدالة، ونحن نعمل على ضمان حصول ذلك".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الولایات المتحدة البیت الأبیض مروان عیسى حرکة حماس
إقرأ أيضاً:
لماذا بثت القسام مقطع الأسيرين الإسرائليين الآن؟ وما أثره على الداخل؟
قال الخبير في الشأن الإسرائيلي شادي الشرفا إن بث كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- مقطع فيديو يظهر أسيرين إسرائيليين ينتقدان حكومة بنيامين نتنياهو لم يكن مجرد رسالة إعلامية، بل جاء في توقيت مدروس لاستثمار حالة التراجع في الاهتمام الإسرائيلي بملف الأسرى.
وأكد الشرفا أن الشريط نجح في إعادة هذا الملف إلى واجهة النقاش الداخلي، في ظل تصاعد الغضب الشعبي تجاه إدارة الحكومة لهذا الملف.
وكانت كتائب القسام بثت أمس الاثنين مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين انتقدا فيه بشدة استئناف الحكومة الإسرائيلية الحرب على قطاع غزة، وأكدا أن ذلك سيؤدي إلى مقتلهما، كما طالبا فيه الأسرى الذين أطلق سراحهم في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بكسر الصمت، والحديث عن حجم المعاناة التي يعيشها الأسرى الإسرائيليون.
وأوضح الشرفا، في حديثه للجزيرة، أن نتنياهو -على غير عادته- تولى بنفسه التعليق على الفيديو بدلا من ترك المهمة للمتحدث باسم الجيش، مما يعكس حالة من المأزق السياسي الذي يعيشه.
لكنه فشل، برأيه، في إقناع الشارع الإسرائيلي بجدية جهوده لاستعادة الأسرى، حيث جاء خطابه خاليا من التعاطف، مما عزز الانتقادات الموجهة إليه من عائلات الأسرى والمعارضة.
إعلانوعلق نتنياهو على مقطع الأسيرين بأنه حرب نفسية، وأن مشاهدته صعبة جدا، وفق تعبيره، واعتبره يعزز الإصرار على إعادة المحتجزين بالضغط العسكري والسياسي.
ليس عشوائيامن جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة أن توقيت بث الفيديو لم يكن عشوائيا، وإنما جاء في لحظة ضعف الحكومة الإسرائيلية واشتداد الضغط الشعبي عليها.
وأشار إلى أن كتائب القسام استغلت الفجوة العميقة بين الحكومة والجبهة الداخلية، مستفيدة من تزايد الأصوات التي ترى أن الحل الوحيد لاستعادة الأسرى هو العودة إلى طاولة المفاوضات، لا استمرار العمليات العسكرية.
ويرى عفيفة أن الرسالة الأبرز في الفيديو لم تكن موجهة للحكومة فحسب، بل للمجتمع الإسرائيلي الذي بدأ يدرك أن سياسة نتنياهو لا تحقق سوى مزيد من الأزمات.
وأضاف أن المشاهد المصورة مثلت صدمة للشارع الإسرائيلي، حيث ظهر الأسيران الإسرائيليان في وضع إنساني صعب، يتحدثان مباشرة إلى مواطنيهم، ويطلبان منهم الضغط على الحكومة لإبرام صفقة تبادل جديدة.
في حين أشار الشرفا إلى أن أحد أكثر الجوانب لفتا في الفيديو هو دعوة الأسرى الإسرائيليين المفرج عنهم إلى كسر صمتهم والتحدث عن ظروف احتجازهم.
تسريبات سابقةوقال إن هناك تعليمات واضحة من السلطات الإسرائيلية لهؤلاء الأسرى بعدم الإدلاء بأي تصريحات إعلامية، خاصة بعد تسريبات سابقة أظهرت تعامل المقاومة الفلسطينيَّة معهم بطرق تتعارض مع الرواية الرسمية الإسرائيلية.
وأضاف أن بعض الأسرى المفرج عنهم تحدثوا بالفعل عن ظروف إنسانية تلقوها خلال احتجازهم، مما أثار حفيظة المؤسسة العسكرية التي تسعى لتقديم صورة مغايرة للواقع.
وأكد أن هذه التسريبات دفعت الحكومة الإسرائيلية إلى فرض رقابة صارمة على أي شهادات قد تؤثر على الرواية الرسمية بشأن تعامل المقاومة مع الأسرى.
في هذا السياق، شدد عفيفة على أن القسام أرادت من خلال الفيديو توجيه رسالتين متوازيتين: الأولى داخلية لتعزيز حالة الغضب الشعبي ضد حكومة نتنياهو، والثانية للوسطاء الإقليميين والدوليين بأن استمرار الحرب لن يؤدي إلا إلى مزيد من التعقيد، وأن الحل الوحيد المتاح هو استئناف المفاوضات لإنجاز صفقة تبادل.
إعلانوبحسب عفيفة، فإن الفيديو أحدث صدى واسعا داخل إسرائيل، حيث احتل مساحة كبيرة في وسائل الإعلام العبرية، وأثار جدلا بين المحللين والسياسيين.
ويرى الشرفا أن نتنياهو يحاول استثمار ملف الأسرى للحفاظ على شرعية الحرب المستمرة على غزة، إذ يدرك أن بقاء الأسرى لدى المقاومة يعزز تبرير العمليات العسكرية، لكنه أشار إلى أن هذا النهج قد بدأ يفقد زخمه، خاصة مع تزايد المطالبات الداخلية بضرورة البحث عن حلول سياسية بديلة.
ولا يزال هناك 59 أسيرا إسرائيليا محتجزا بقطاع غزة، منهم 24 على قيد الحياة، وفق تقديرات إسرائيلية، في حين يقبع في سجون الاحتلال أكثر من 9500 فلسطيني، يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا أودى بحياة عديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.