ترك وصية تقشعر لها الأبدان.. منه هو الصحابي الجليل عباد بن الصامت
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
عبادة بن الصامت هو بن قيس بن أصرم من بني سالم بن عوف من الخزرج، ولد عبادة بن الصامت في المدينة قبل الهجرة بثمانٍ وثلاثين سنة، فهو أصغر من رسول الله بخمسة عشر عامًا، أبوه الصامت بن قيس لم يدرك الإسلام، وتُوفِّي على دين قومه، أما أُمُّه قرة العين بنت عبادة بن نضلة بن مالك من الخزرج، فقد أسلمت وبايعت رسول الله.
قصة إسلامه
كان عبادة بن الصامت من أوائل الذين أسلموا من الأنصار، وذلك في السنة العاشرة من بعثة الرسول، أي قبل الهجرة بثلاث سنوات.
ومنذ أن أسلم عبادة بن الصامت ارتبط برسول الله ارتباطًا وثيقًا، وتعلق به تعلقًا شديدًا، فلم يكن من مشهد من مشاهد الإسلام إلا وحضره، ولم يغزُ رسول الله غزوةً، ولم يسر إلى مكان إلا وكان معه، وقد رُوِي له عن رسول الله مائة وواحد وثمانون حديثًا.
أثر الرسول في تربيته
عبادة بن الصامت من الرعيل الأول الذي عاش خير حياته وأعظمها وأثراها مع الرسول الكريم ، الرعيل الذي صهره النضال وصقلته التضحية، وعانق الإسلام رغبًا لا رهبًا، وباع نفسه وماله. وقد استعمله رسول الله على الصدقات، وقال له: "اتقِ الله، ألا تأتي يوم القيامة ببعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة لها ثُؤَاج". فقال عبادة : فوالذي بعثك بالحق، لا أعمل عمل اثنين ،وبايع النبي على ألاَّ يخاف في الله لومة لائم.
بطولة بن الصامت
أما بطولته العسكرية فقد تجلت في مواطن كثيرة؛ فعندما طلب عمرو بن العاص مددًا من الخليفة لإتمام فتح مصر، أرسل إليه أربعة آلاف رجل، على رأس كل منهم قائد حكيم، وصفهم الخليفة قائلاً: "إني أمددتك بأربعة آلاف رجل، على كل ألف رجل منهم رجلٌ بألف رجل". وكان عبادة بن الصامت واحدًا من هؤلاء الأربعة الأبطال.
وفاة عبادة بن الصامت
لمّا حضرت عبادة الوفاة قال: "أخرجوا فراشي إلى الصحن ثم قال: "اجمعوا لي مَوَاليَّ وخدمي وجيراني، ومن كان يدخل عليَّ". فجُمِعوا له، فقال: "إنّ يومي هذا لا أراه إلا آخر يوم يأتي عليَّ من الدنيا، وأول ليلة من الآخرة، وإني لا أدري لعلّه قد فرط منّي إليكم بيدي أو بلساني شيء، وهو -والذي نفس عبادة بيده- القِصاص يوم القيامة، وأُحَرِّج على أحد منكم في نفسه شيء من ذلك إلا اقتصَّ مني قبل أن تخرج نفسي". فقالوا: بل كنت مؤدبًا. قال: "اللهم اشهد".
ثم قال: "أمّا لا، فاحفظوا وصيّتي: أُحَرِّج على إنسانٍ منكم يبكي عليَّ، فإذا خرجت نفسي فتوضئوا وأحسنوا الوضوء، ثم ليدخل كلّ إنسان منكم المسجد فيصلي ثم يستغفر (لعُبَادة) ولنفسه؛ فإن الله تبارك وتعالى قال: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ}. ثم أسرعوا بي إلى حفرتي، ولا تُتبِعُني نار، ولا تضعوا تحتي أرجوانًا.
وكانت وفاته سنة 34 من هجرة رسول الله بمدينة الرملة في فلسطين، وهو يناهز الاثنين وسبعين عامًا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رسول الله
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: ما ترك لنا رسول الله طريقا يؤدي الى النار إلا وحذرنا منه
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الله عز وجل ما ترك لنا طريقًا يبلغنا رضاه وجنته إلا وقد أرشدنا إليه، وحثنا عليه رسوله الكريم ﷺ ، وما ترك لنا طريقا يؤدي بنا إلى النار إلا وحذرنا منه وأحدث لنا منه ذكرا، وتركنا رسول الله ﷺ على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أنه لما زاغ الناس عن المحجة البيضاء شاع الفساد، وفشت الفتن من حولنا، تلك الفتن التي وصفها سيدنا رسول الله ﷺ فقال : (يخرج في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين، يلبسون للناس جلود الضأن من اللين، ألسنتهم أحلى من السكر، وقلوبهم قلوب الذئاب، يقول الله عز وجل : أبي يغترون ؟ أم علي يجترئون ؟ فبي حلفت، لأبعثن على أولئك منهم فتنة تدع الحليم منهم حيرانًا) [رواه الترمذي]. وفي ذلك تصديق لقوله تعالى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ) .
ذلك الحليم الذي يفكر فلا يعرف قابيل الفتن من دبيرها، يحاول أن يعلم أين هو منها، فإذ به وكأنه في ظلمات بعضها فوق بعض، كموج البحر، قال تعالى : (ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّور)ٍ ، فهي فتن يصبح الرجل فيها مؤمنًا، ويمسي كافرًا، ونحن إذ في هذه الحالة نريد أن نعتصم بحبل الله، ونتعلق بسفينة النجاة التي توصلنا إلى الله بإذنه تعالى.
لابد أن نحاول معرفة أسباب ما يجري من حولنا، فإن العصر اتسم بالإنجاز الذي قد سبق الأخلاق والقيم، وسبق النشاط الفكر والتفكر والتدبر، وقدمت المصلحة على الشريعة، وتقدمت اللذات على عبادة الله، فكان الناس في العصر على ثلاثة أنحاء : فاجر قوي، وعاجز تقي، ومؤمن كامل وفي.
أما الفاجر القوي فقد تمكن اليوم من العالم، وأراد أن يثبته فكره الذي يقدم الإنجاز على القيم والأخلاق، فهذا الرجل الذي كان يحكم أكبر دولة في العالم علم بفضائحه وسوء أخلاقه الكبير والصغير، ولكن عقلية شعبه لا ترى مع ذلك ضررًا خاصة طالما أنه ما زال ينجز وينجح في عمله، فماذا يتعلم أولادنا من هذه القصة من غير كلام، يتعلمون أن النجاح هو القوة والإنجاز حتى وإن كان فاجرًا.
وفي المقابل نرى تربية الله ورسوله لنا على غير هذا الشأن، فسيدنا رسول الله ﷺ يربينا أن نكون أقوياء، وأن نأخذ بيد العاجز منا ونصل به إلى القوة، فالعجز مذموم خاصة إن كان في عبادة الله وعمارة الأرض وتزكية النفس، غير أن المؤمن العاجز خير من الفاجر القوي عند الله، وينبغي أن يكون كذلك عند الناس، فالمؤمن يمتلك القيم والأخلاق، والإصلاح الطهر الذي يكون به الحضارة الإنسانية الحقيقية.