عظم فخذ الإنسان يميزه عن الحيوانات
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
إحدى الإجابات المدهشة عن السمة الرئيسة التي تميز البشر عن غيرهم، صاحبته العالمة في مجال الجنس البشري، مارغريت ميد.. العالمة قالت إن الفرق يتجلى في عظمة فخذ الإنسان.
إقرأ المزيد 5 أشخاص و5 مفاتيح .. أين اختفى كنز أفغانستان الأسطوري؟القصة تقول إن طالبا سأل ذات مرة مارغريت ميد عن مميزات الحضارة. وكان يتوقع أن الأستاذة والباحثة الكبيرة ستحدثه عن الأواني الفخارية أو لوازم الصيد وما شابه، إلا أنها لم لم تتطرق إلى مثل هذه الإنجازات المادية بتاتا، بل تحدثت عن عظم الفخذ، العظم الأكبر في جسم الإنسان والذي يربط الورك بالركبة، مشيرة إلى أن الشفاء من كسر في هذه المنطقة يتطلب ما بين 3 إلى 6 أشهر.
مارغريت تيد قالت في معرض إجابتها: "في المملكة الحيوانية، إذا كسرت ساق الحيوان، فإنه يموت لأنه لا يستطيع الصيد أو الهرب من الخطر أو العثور على الماء. الحيوان الجريح هو فريسة أولى للحيوانات الضارية"، مضيفا في هذا السياق أن "الورك البشري الذي تم شفاؤه يشير إلى أن الشخص المصاب كان بجانبه لفترة طويلة شخص قام بتضميد جراحه، ونقله إلى مكان آمن، وأطعمه وسقاه. شخص اعتنى به وقام بحراسته إلى أن يتحسن. عظم الفخذ المتحجر هو دليل على أن إنسانا ساعد جاره، ولم يتخل عنه، وأنقذ حياته. مساعدة شخص ما في فترة صعبة هو الفعل الذي تبدأ منه الحضارة".
مارغريت ميد التي ولدت في عام 1901 في أسرة مهاجرين إيطاليين، تعتبر واحدة من أشهر علماء الجنس البشري في القرن الـ20.
هذه العالمة ذاع صيتها بأبحاثها في مجال التنشئة الاجتماعية للأطفال والمراهقين في بولينيزيا، وأنجزت كتابها الشهير "نشأ في ساموا"، وتم الاعتراف بها في الأوساط العلمية والاجتماعية على نطاق واسع بما في ذلك لقوة شخصيتها، وصراحتها غير المسبوقة في تقديم الحقائق ووصف دقائق الأمور من دون مواربة بما في ذلك حول "الجنس" بين القبائل البدائية.
لم يكن طارئا افتتان مارغريت ميد بـ"الأنثروبولوجيا" الذي يعرف بأنه "علم الإنسان والحضارات والمجتمعات البشرية، وسلوكيات الإنسان وأعماله"، فقد كانت والدتها عالمة اجتماعية مختصة بشؤون المهاجرين الإيطاليين، كما ان والدها كان أستاذا في كلية إدارة الأعمال بجامعة بنسلفانيا، وكان كلاهما نشطا وصاحب آراء متحررة وتقدمية.
ميد لم تتخصص في علم الإنسان فحسب، بل كانت فيلسوفة وعالمة نفسانية، وقد حصلت على شهادة البكالوريوس في علم النفس في سن 22، وعلى الماجستير في سن 23، والدكتوراه في الفلسفة في سن الثلاثين.
ميد أجرت بحثا ميدانيا لأطروحة الدكتوراه في جزيرة ساموا الواقعة جنوبي المحيط الهادئ، حيث جمعت معلومات مكثفة عن نمو الأطفال والمراهقين وتنشئتهم الاجتماعية في الثقافة المحلية.
هذا البحث كان أساس كتابها "نشأ في ساموا"، والذي سرعان ما حظي بشهرة واسعة. في المجمل تركت هذه العالمة ست كتب علمية شهيرة في مجال الأنثروبولوجيا، لكن هذه القصة عن عظم فخذ الإنسان لا توجد في أي منها.
أول ذكر للحوار السابق عن الميزة الرئيسة للحضارة ورد في كتاب المؤلفين، بول براند وفيليب يانسي، "تم بشكل مخيف ورائع".
بول براند وهو طبيب وجراح بريطاني شهير كان صرّح بأنه شهد تلك المحاضرة التي دار فيها الحوار مع مارغريت ميد، وكان في ذلك الوقت طالبا.
الحديث حول عظم فخذ الإنسان ذُكر في العديد من الصحف ووسائل الإعلام واستشهدت به عدة كتب، واشتهر على نطاق واسع لبساطته ودقته وحجته القوية.
الأهم أن عظم فخذ الإنسان الملتئم بعد كسره، الذي بدأت به الحضارة الإنسانية يذكر بأن البشر لا فرو لهم ولا مخالب ولا أنياب قاطعة مثل الحيوانات الكاسرة، لكنهم الأقوى على الأرض لأنهم "عقلاء". العقل والقدرة على التجريد والعاطفة والتعاون، هي ما يميز الإنسان عن غيره.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف المحيط الهادي الإنسان
إقرأ أيضاً:
الخاسر الذي ربح الملايين !
رغم مرور أيام على النزال الذي أقيم فـي تكساس بالولايات المتحدة بين الملاكم الشهير مايك تايسون ومنافسه الملاكم واليوتوبر، جيك بول، إلّا أنّ تداعياته ما زالت تشغل وسائل الإعلام، وقد تعرّض تايسون لانتقادات كونه دخل نزالًا خاسرًا سلفًا، فقد بلغ من الكبر عتيّا، بينما منافسه يصغره بأكثر من «31» عامًا، وجيك بول صانع محتوى وممثل، والأمر بالنسبة له زيادة أعداد متابعين، وشهرة وثراء، وخوض هذا اليوتوبر النزال يعني أنّ صنّاع المحتوى قادرون على دخول مختلف المجالات، لِمَ لا؟ وسلطة الإعلام الجديد بأيديهم! النزال، وها هو يوتوبر يعيد بطلًا من أبطال العالم للملاكمة لحلبة النزال بعد انقطاع بلغ «19» سنة! والواضح أن تايسون دخل ليس بنيّة الفوز، بل لكسب المال، بعد أن مرّ بأزمات عديدة، وتراكمت عليه الديون، خصوصا أن هذه النزالات تدرّ على المتبارين مبالغ طائلة، يجنونها من أرباحها، ويكفـي أنّ سعر تذكرة كبار الزوار بلغت مليوني دولار، ولنا أن نتخيّل الأموال التي كسبها القائمون على هذا النزال الذي أعاد إلينا أمجاد الملاكم محمد علي كلاي وهناك عدّة نقاط تشابه، بين كلاي وتايسون، فكلاهما من ذوي البشرة السمراء ونشآ فـي ظروف صعبة بمجتمع عنصري، وكلاهما أعلن إسلامه وانتماءه لقضايا كبرى، فكلاي رفض انضمامه للجيش الأمريكي أيام حرب فـيتنام عام 1967م ودفع ثمن موقفه غاليا، فقد أُنتزع منه لقب بطل العالم للوزن الثقيل، وكان نجمه قد لمع بدءًا من عام 1960 عندما حصل على ذهبية الوزن الثقيل فـي دورة روما الأولمبية 1960، فـيما لف تايسون جسمه بعلم فلسطين، وكلاهما عاد ليجرب حظّه بعد توقف، مع اختلاف النتيجة، فكلاي عاد للملاكمة فـي 30 أكتوبر 1974، فـي زائير (جمهورية الكونغو) بعد انقطاع عن خوض النزالات والتدريب استمرّ سنوات، ليخوض نزالًا أمام جورج فورمان الذي يصغره بسبع سنوات (فورمان ولد عام 1949م فـيما ولد كلاي عام 1942م)، وصار النزال حديث الناس، فأسمته وسائل الإعلام «قتال فـي الغابة»، وُعدّ أعظم حدث رياضي فـي القرن العشرين، شاهده حوالي مليار مشاهد، فـي وقت لم تكن به فضائيات ولا وسائل تواصل اجتماعي، وحقّق إيرادات بلغت 100 مليون دولار فـي ذلك الوقت، لكن نهاية النزالين كانت مختلفة، فقد انتهت مباراة مايك تايسون (58 عامًا) مع جيك بول الملاكم واليوتوبر (27 عامًا)، بهزيمة تايسون بالنقاط، فـي الجولة الثامنة، فـيما تمكّن محمد علي كلاي من إلحاق الهزيمة بفورمان بالضربة القاضية فـي الجولة الثامنة، فـي مباراة أبهرت العالم، يقول فورمان: إنه كاد أن يحقّق الفوز لولا أن كلاي همس بأذنه «أهذا كل ما لديك؟» فأثار فـي نفسه الرعب، وتغيّرت موازين المعادلة، فقد هزمه نفسيا قبل أن يهزمه على حلبة النزال، فكسب القتال، واستعاد اللقب وصار حديث الناس ومنهم الشعراء، ومن بينهم الشاعر محمد مهدي الجواهري الذي كتب فـي عام 1976 م قصيدة عنوانها «رسالة إلى محمد علي كلاي»: شِسْع لنعلِك كلُّ موهبةٍ وفداء زندك كلُّ موهوبِ كم عبقرياتٍ مشت ضرمًا فـي جُنح داجي الجنْحِ غِربيب! يا سالبًا بجماع راحتيه أغنى الغنى، وأعزَّ مسلوبِ شِسْعٌ لنعلِكَ كلُّ قافـيةٍ دوّت بتشريق وتغريبِ وشدا بها السُّمار ماثلةً ما يُفرغُ النَّدمان مِن كوبِ وفـيها سخرية من العالم الذي يمجّد القوّة، ولا يرعى الموهوبين، فالجواهري، كما يقول الباحث رواء الجصاني: كان يحسب ألف حساب فـي كيفـية تسديد إيجار شقة صغيرة فـي أثينا، وكان لا يملك الكثير لتسديد الإيجار وفجأة يقرأ أن كلاي ربح الملايين من الدولارات لأنه أدمى خصمه»! أمّا تايسون، فقد عاش سنوات المجد، فـي شبابه، وحمل لقب «الرجل الأكثر شراسة فـي التاريخ، الذي لا يهزم «كما وصفه زملاؤه الملاكمون، وحين عاد، عاد كهلا حتى أن منافسه أشفق عليه وصرّح أنه كان يستطيع أن يوجّه إليه لكمات موجعة لكنه خشي أن يوجّه إليه مثلها ويحتدم الصراع! وهذا يعني وجود اتفاق ضمني بأن يستمر النزال ثماني جولات وتحسم نقاط الفوز. وإذا كان العالم قد تذكّر كلاي بعد أن اعتزل الملاكمة، وأصيب بمرض باركنسون (الشلل الرعاش)، فأسند إليه إيقاد الشعلة الأولمبية فـي دورة أتلانتا 1996 وعاد ثانية ليحمل العلم الأولمبي فـي دورة لندن 2012م، فقد كاد أن ينسى تايسون، فعاد لحلبة النزال ليذكّر العالم بنفسه، ولو بهزيمة وخسارة ثقيلة فـي نزال استمرّ لدقائق ربح خلالها (20) مليون دولار، وبذلك بطل العجب. |